باب الميم - محمد بن علي بن عمر

محمد بن علي بن عمر

أبو منصور بن الجبان، أحد حسنات الري وعلمائها الأعيان، جيد المعرفة باللغة، باقعة الوقت وفرد الدهر، وبحر العلم وروضة الأدب، تصانيفه سائرة في الآفاق، كان من ندماء الصاحب بن عباد ثم استوحش منه، وصنف أبنية الأفعال، وشرح الفصيح والشامل في اللغة، قرئ عليه في سنة ست عشرة وأربعمائة.

قال ابن مندة، قدم أصبهان فتكلم فيه من قبل مذهبه، وقرأ عليه مسند الروياني بسماعه من جعفر بن فناكي، وابتلى بحب غلام يقال له البركاني، فاتفق أن الغلام حج فلم يجد بداً من مرافقته، فلما أحرم قال: اللهم لبيك اللهم لبيك، والبركاني ساقني إليك، وأبتلى بفراقه وبرح به فكتب إليه:

يا وحشتي لفراقـكـم

 

أترى يدوم على هذا؟

ألموت والأجل المتـا

 

ح وكل معضلة ولاذا

ومن كلامه: قياسات النحو تتوقف ولا تطرد كقميص له جربانات، فصاحبه كل ساعة يخرج رأسه من جربانة، ومن تصانيفه أيضاً: كتاب سماه انتهاز الفرص في تفسير المقلوب من كلام العرب، قرأه عليه عبد الواحد بن برهان، ومن شعره يمدح الصاحب بن عباد:

ليهنك الأهنآن الملك والـعـمـر

 

ما سير الأسيران الشعر والسمر

وطال عمر سناك المستضاء بـه

 

ما عمر الأبقيان الكتب والسـير

يفدي الورى كلهم كافي الكفاة فقد

 

صفا به الأفضلان العدل والنظر

له مكارم لا تحصى محاسنـهـا

 

أيحسب الأكثران الرمل والشجر؟

لكيده النصر من دون الحسام وإن

 

تمرد الأشجعان الترك والخـزر

ما سار موكـبـه إلا ويخـدمـه

 

في سيره الأسنيان الفتح والظفر

 

وإن أمر على طـرس أنـامـلـه

 

أغضى له الأبهجان الوشي والزهر

دامت تقبلها صيد الملـوك كـمـا

 

يقبل الأكرمان الركن والحـجـر