باب الميم - منصور بن اسماعيل بن عمر

منصور بن اسماعيل بن عمر

أبو الحسن التميمي المصري الضرير، كان إماماً في فقه مذهبه، أديباً شاعراً مجيداً متفنناً، له حظ من كل علم، أصله من رأس العين المشهورة بالجزيرة، وقدم مصر وبها توفي، ولم يكن في زمانه مثله فيها، وكانت له منزلة جليلة عند أبي عبيد القاضي، وكان من خواصه الذين يخلو بهم للمذاكرة والمحادثة، وكان بينهما مناظرات في الفروع أدت إلى الخصام، فتعصب الأمير ذلك وجماعة من الجند لمنصور، وتعصب للقاضي أبي عبيد جماعة منهم ابن الربيع الجيري، ثم شهد ابن الربيع علي منصور بكلام زعم أنه سمعه منه فقال القاضي: إن شهد عليه آخر بمثل ماشهد به عليه ابن الربيع ضربت عنقه، فخاف على نفسه ومات. وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة، وله مصنفات في الفقه منها: كتاب الواجب، وكتاب المستعمل، وزاد المسافر وغير ذلك. ومن شعره:

من كان يخشى زحـلاً

 

أو كان يرجو المشتري

فإنـنـي مـنـه و إن

 

كان أبي منـه بـري

وقال:

الناس بحر عمـيق

 

والبعد عنهم سفينة

وقد نصحتك فانظر

 

لنفسك السكـينـه

وقال:

لي حـيلة فـيمـن ينـم

 

م وليس في الكذاب حيلة

من كان يخلق مـايقـو

 

ل فحيلتي فيه قـلـيلة

وقال:

إذا كنت تزعم أن النجوم

 

تضر وتنفع من تحتهـا

فلا تنكرن على من يقول

 

بأنك بالله أشركـتـهـا

وقال يمدح يموت بن المزرع بن أخت الجاحظ:

أنت يحيى والـذي يك

 

ره أن تحـيا يمـوت

أنت صون النفس بل أن

 

ت لروح النفس قوت

أنت للحـكـمة بـيت

 

لاخلت منك الـبـيوت

وقال:

ألكلب أحسـن عـشـره

 

وهو النهاية في الخساسه

ممن ينازع فـي الـريا

 

سة قبل أوقات الرياسـه

وقال:

لولا بناتـي وسـيئاتـي

 

لطرت شوقاً إلى الممات

لأنني فـي جـوار قـوم

 

بغضني قربهم حـياتـي

وقال:

ليس للنجم إلى ض

 

ر ولا نفع سبـيل

إنما النجم على الأو

 

قات والسمت دليل

وقال:

سررت بهجرك لما علمـت

 

بأن لقلبـك فـيه سـرورا

ولولا سرورك ماسـرنـي

 

وما كنت يوماً عليه صبورا

لأني أرى كل مـاسـاءنـي

 

إذا كان يرضيك سهلاً يسيرا

وقال:

لولا صدود الصديق عني

 

مانال واش مناه مـنـي

ولا أدمت البكاء حـتـى

 

قرح فيض الدموع جفني

وما جفاء الـصـديق إلا

 

هجوم خوف عقيب آمن

وقال:

إذا رأيت أمراً في حال عشرته

 

بادي الصداقة ما في وده دغل

فلا تمن له حـالاً يسـر لـه

 

فإنه بانتقال الحال ينـتـقـل

وقال:

ليس هذا زمان قولك ما الحك

 

م على من يقول أنت حـرام

والحقي بائناً بأهـلـك أو أن

 

ت عتيق مـحـرر ياغـلام

أو متى تنكح المصابة في العد

 

دة عن شبهة وكيف الكلام؟

في حرام أصاب سن غـزال

 

فتولى وللـغـزال بـغـام

إنما ذا زمان كدح إلى المـو

 

ت وقوت مبلـغ والـسـلام

وقال:

قد قلت إذ مدحوا الحياة فاكثروا

 

للموت ألف فضيلة لاتعـرف

منها أمان بـقـائه بـلـقـائه

 

وفراق كل معاشر لاينصـف

وقال:

كل مذكور من النـا

 

س إذا ما فـقـدوه

صار في حكم حديث

 

حفظوه فـنـسـوه

وقال:  

إذا تخلفت عن صديق

 

ولم يعاتبك في التخلف

فلا تعد بعدهـا إلـيه

 

فإنما وده تـكـلـف

وقال:

من كفاه من مساعي

 

ه رغيف يغـتـذيه

ولـه بـيت يواري

 

ه وثوب يكتـسـيه

فعلام يبـذل الـوج

 

ه الذي كبر وتـيه؟

وعلام يبذل الـعـر

 

ض لمخلوق سفيه؟

وقال:

قد قلت لما أن شكت

 

تركي زيارتها خلوب

إن التباعـد لايضـر

 

ر إذا تقاربت القلوب

وقال:

منذ ثلاث لـم نـرك

 

فقل لنا مـاأخـرك

أعـلة فـنـعـذرك

 

أم دهر سوء غيرك؟

وقال في مرضه معرضا بأبي عبيد القاضي:

ياشامتاً بي إذا هلـكـت

 

لكل حي مدىً ووقـت

وأنت في غفلة المنـايا

 

تخاف منها الذي آمنت

والكأس ملأى وعن قليل

 

تشرب منها كما شربت

وأنشد عند موته معرضاً به أيضاً:

قضيت نحبي فسرقوم

 

حمقى بهم غفلة ونوم

كأن يومي علي حتـم

 

وليس للشامتـين يوم