باب الميم - موهوب بن أحمد بن الحسن

موهوب بن أحمد بن الحسن

بن الخضر الجواليقي البغدادي، كان من كبارأهل اللغة، اماما في فنون الأدب ثقة صدوقا،أخذالادب عن أبي زكريا يحيى الخطيب التبريزي ولازمه، وسمع الحديث من أبيالقاسم ابن اليسري وأبي طاهر بن أبي الصقر، وروى عنه الكنديوابو الفرج بن الجوزي، واخذ عنه أبو البركات عبد الرحمن ابن محمد الانباري، ودرس الأدب في النظامية بعد شيخه التبريزي، واختص بامامة المقتفي لامر الله، وكان منأهل السنة طويل الصمت لايقول شيئا الا بعد التحقين، ويكثر من قول لا أدري، وكان مليح الخط يتنافس الناس في تحصيله والمغالاة به، وكان في بعض مسائل النحو مذاهب غريبة.

قال ابن الانباري: كان يذهب إلى ان الاسم بعد لولا يرتفع بها على مايذهب اليه الكوفيون، والى ان الالف واللام في نعم الرجل للعهد، خلاف ماذهب اليه الجماعة من انها للجنس. قال: وحضرت حلقته يوما وهو يرا عليه كتاب الجمهرة لابن دريد، وقد حكى عن بعض النحويين انه قال: اصل ليس لاأيس. فقلت: هذا الكلام كانه من كلام الصوفية، فكان الشيخ انكر على ذلك ولم يقل في تلك الحال شيئا، فلما كان بعد ايام وقد حضرنا الدرس على العادة قال: اين ذلك الذي أنكر ان يكون أصل ليس لا أيس؟ أليس لا تكون بمعنى ليس؟ فقلت ولم إذا كانت لا بمعنى ليس يكون أصل ليس لا أيس؟ فلم يذكر شيئا وسكت. قال: وكان الشيخ - رحمه الله - في اللغة أمثل منه في النحو. وحكى ولد الجواليقي أبو محمد اسماعيل قال: كنت في حلقة والدي يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع القصر والناس وقوف يقرءون عليه فوقف عليه شاب وقال: يا سيدي، قد سمعت بيتين من الشعر ولم أفهم معناهما وأريد أن تسمعهما مني وتعرفني معناها، فقال قل فأنشد:

وصل الحبيب جنان الخلد أسكنهـا

 

وهجره النار يصليني به الـنـارا

فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة

 

إن لم يزرني وبالجـوزاء إن زار

قال اسماعيل: فلما سمعها والي قال: يابني هذا معنى من علم النجوم وسيرها لا من صنعة أهل الادب، فانصرف الشاب من غير فائدة واستحي والدي من ان يسأل عنشيء ليس عنده منه علم، فالى على نفسه الايجلس في حلقته حتى ينظر في علم النجوم ويعرف تسيير الشمس والقمر، فنظر في ذلك ثم جلس للناس. ومعنى البيت: ان الشمس إذا كانت في القوس كان الليل طويلا فجعل ليالي الهجر فيها، وذ كانت في الجوزاء كان الليل قصيرا فجعل ليالي الوصل فيها. وللجواليقي من التصانيف: شرح ادب الكاتب، كتاب العروض، التكملة فيما يلحن فيه العامة اكمل به درة الغواص للحريري، المعرب من الكلام الاعجمي وغير ذلك. وكانت ولادته سنة ست وستين واربعمائة، توفى يوم الاحد خامس عشر المحرم سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.