باب الياء - يونس بن حبيب

يونس بن حبيب

أو عبد الرحمن الضبي وقيل الليثي بالولاء، إمام نحاة البصرة في عصره ومرجع الأدباء والنحويين في المشكلات، كانت حلقته مجمع فصحاء الأعراب وأهل العلم والأدب، سمع من العرب كما سمع من قبله وأخذ الأدب عن أبيعمرو ابن العلاء، وأخذ عنه سيبوية وروى عنه في كتابه وأخذ عنه أيضاً أبو الحسن الكسائي وأبو زكريا الفراء وأبو عبيدة معمر بن المثني وخلف الأحمر وأبو زيد الأنصاري وغيرهم من الأئمة، وكان له في العربية مذاهب وأقيسبة يتفرد بها.

قال أبو عبيدة: اختلفت إلى يونس أربعين سنة أملأ كل يوم ألواحي من حفظه. وقال أبو زيد الأنصاري: جلست إلى يونس بن حبيب عشر سنين وجلس إليه قبلي خلف الأحمر عشرين سنة، وكان يونس عالما بالشعر نافذ البصر في تمييز جيده من رديئه، عارفا بطبقات شعراء العرب حافظا لأشعارهم يرجع إليه في ذلك كله.

حدث محمد بن سلام قال: سأل ت يونس النحوي عن أشعر الناس فقال: لا أومي إلى رجل بعينه ولكني أقول: امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، والأعشى إذا طرب. وكان يونس يفضل الأخطل على جرير والفرزدق وقد انفرد بذلك.

قال أبو عبيدة: سئل يونس النحوي عن جرير والفرزدق والأخطل: أيهم أشعر؟ فقال: أجمعت العلماء على الأخطل. قال أبو عبيدة: فقلت لرجل إلى جنبه: سله ومن هؤلاء العلماء؟ قسأل ه فقال من شئت: ابن أبيإسحاق، وأبو عمرو ابن العلاء، وعيسى بن عمر الثقفي، وعنبسة الفيل، وميمون الأقرن، هؤلاء طرقوا الكلام وماثوه لاكمن تحكون عنه لا بدويين ولا نحويين. فقلت للرجل سله: فبأي شيء فضل عليهم؟ قال: بأنه كان أكثرهم عدد قصائد طوال جياد ليس فيها فحش ولا سقط. ومن نقد يونس للشعر: ما حكاه الأصمعي قال: جاء مروان بن أبي حفصة الشاعر إلى حلقة يونس فسلم ثم قال: أيكم يونس؟ فأومأنا إليه فقال له: أصلحك الله إني أرى قوما يقولون الشعر لأن يكشف أحدهم سوءته ثم يمشي كذلك في الطريق أحسن له من أن يظهر مثل ذلك الشعر، وقد قلت شعرا أعرضه عليك، فإن كان جيدا أظهرته، وإن كان رديئا سترته، فأنشده قوله: طرقتك زائرة فحي خيالها فقال له يونس يا هذا: اذهب فأظهر هذا الشعر، فأنت والله فيه أشعر من الأعشى في قوله: رحلت سمية غدوة أجمالها فقال له مروان: سررتني وسؤتني، سررتني بارتضائك شعري، وساءني تقديمك إياي على الأعشى وأنت تعرف محله فقال له يونس: إنما قدمتك عليه في تلك القصيدة لأفي شعره كله، لأنه قال فيها: فأصاب حبة قلبها وطحالها والطحال لا يدخل في شيء إلا أفسده، وقصيدتك سليمة من هذا وشبهه، وليونس أخبار كثيرة يطول ذكرها ومن تصانيفه: كتاب معاني القرآن الكبير، كتاب معاني القرآن الصغير، كتاب اللغات، كتاب النوادر، كتاب الأمثال. وكان مولده سنة ثمانين، ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة عن مائة عن مائة سنة واثنتين.