حرف الهمزة والألف: باب الهمزة والجيم وما يليهما

باب الهمزة والجيم وما يليهما

أجأ: بوزن فعل بالتحريك مهموز مقصور والنسب إليه أجائي لا لوزن أجعي وهو علم مرتجل لاسم رجل سُمي الجبل به كما نذكره ويجوز أن يكون منقولاً ومعناه الفرار كما حكاه ابن الأعرابي يقال أجأ الرجل إذا فرّ، وقال الزمخشري: أجأ وسلمى. جبلان عن يسار سُميراء وقد رأيتهما شاهقان ولم يقل عن يسار القاصد إلى مكة أو المنصرف عنها، وقال أبو عبيد السكوني: أجأ أحد جبلي طيىءِ وهو غربي فيد وبينهما مسيرة ليلتين وفيه قرى كثيرة. قال ومنازل طيىء في الجبلين عشر ليال من دون فيد إلى أقصى أجأ إلى القرَيات من ناحية الشام وبين المدينة والجبلين على غير الجادة ثلاث مراحل وبين الجبلين وتَيماءَ جبال ذكرت في مواضعها من هذا الكتاب منها دَبر وغريّان وغسَل وبين كل جبلين يوم وبين الجبلين وفدَك ليلة وبينهما وبين خَيبرَ خمس ليال. وذكر العلماء بأخبار العرب أن أجأَ سُمي باسم رجل وسمي سلمى باسم امرأة وكان من خبرهما أن رجلاً من العماليق يقال له أجأ بن عبد الحي عشقَ امرأةً من قومه يقال لها سلمى وكانت لها حاضنة يقال لها العوجاءُ وكانا يجتمعان في منزلها حتى نذر بهما إخوةُ سلمى وهم الغميم والمضل وفدكُ وفائد والحدثا نُ وزوجُها فخافت سلمى وهربت هي وأجأ والعوجاء وتبعهم زوجُها وإخوتها فلحقوا سلمى على الجبل المسمى سلمى فقتلوها هناك فسميَ الجبل باسمها ولحقوا العوجاء على هضبة بين الجبلين فقتلوها هناك فسمي المكان بها ولحقوا أجأ بالجبل المسمى بأجأ فقتلوه فيه فسمي به وأنفوا أن يرجعوا إلى قومهم فسار كل واحد إلى مكان فأقام به فسمي ذلك المكان باسمه. قال عبيد اللّه الفقير إليه وهذا أحد ما استدللنا به على بُطلان ما ذكره النحويون من أن أجأ مؤنثة غير مصروفة لأنه جبل مذكر سمي باسم رجل وهو مذكرٌ وكأنّ غاية ما التزموا به قول امرىء القيس:

أبت أجأٌ أن تُسلم العامَ جارَهـا

 

فمن شاء فلينهض لهامن مقاتل

 

 وهذا لا حجة لهم فيه لأن الجبل بنفسه لا يُسلم أحداَ إنما يمنعُ مَن فيه من الرجال فالمراد أبت قبائلُ أجأ أو سكان أجأ وما اشبهه فحذ فَ المضا فَ وأقام المضاف إليه مقامه يدل على ذلك عجزُ البيت وهو قوله. فمن شاء فلينهض لها من مقاتل. والجبل نفسه لا يقاتل والمقاتلة مُفاعلة ولا تكون من واحد ووقف على هذا من كلامنا نحويّ من أصدقائنا وأراد الاحتجاج والانتصار لقولهم فكان غاية ما قاله أن المقاتلة في التذ كير والتأنيث مع الظاهر وأنت تراه قال أبت أجأ فالتأنيث لهذا الظاهر ولا يجوز أن يكون للقبائل المحذوفة بزعمك فقلت له هذا خلاف لكلام العرب ألا ترى إلى قول حسان بن ثابت:

يَسقوُن من وَرَد البريصَ عليهم

 

بردَى يصفق بالرحيق السلسل

 

لم يرو أحد قط يصفقُ إلابالياء اّخر الحروف لأنه يريد يصفق ماء برَدَى فرده إلى المحذوف وهو الماء ولم يرُدة إلى الظاهر وهو بردى ولو كان الأمر على ما ذكرت لقال نصفق لأن بردى مؤنث لم يجىء على وزنه مذكر قط وقد جاء الرد على المحذوف تارة وعلى الظاهر أخرى في قول الله عز وجل:" أوكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسُنا بياتاً أو هم قائلون،" 1لأعراف: 4، ألأ تراه قال فجاءها فرد على الظاهر وهو القرية ثم قال أو هم قائلون فرد على أهل القرية وهو محذوف وهذا ظاهر لا إشكال فيه وبعد فليس هنا ما يُتأول به التأنيث إلا أن يقال إنه أراد البقعة فيصير من التحكم لأن تأويله بالمذكر ضروري لأنه جبل والجبل مذكر وأنه سمي باسم رجل بإجماع كما ذكرنا وكما نذكره بعد في رواية أخرى وهو مكان وموضع ومنزل وموطن ومحل ومسكن ولو سألت كل عربي عن أجأ لم يقل إلا أنه جبل ولم يقل بقعة ولا مستندَ إذاً للقائل بتأنيثه ألبتة ومع هذا فإنني إلى هذه الغاية لم أقف للعرب على شعر جاء فيه ذكر أجأ غير مصروف مع كثرة استعمالهم لترك صرف ما ينصرف في الشعر حتى أن أكثر النحويين قد رجحوا أقوال الكوفيين في هذه المسألة وأنا أورِدُ في ذلك من أشعارهم ما بلغني منها البيت الذي احتجوا به وقد مرّ وهو قول امرىء القيس أبت أجأ، ومنها قول عارقِ الطائي:

ومن مُبلغ عمروبن هـنـد رسـالةً

 

إذا استحقبتها العيسُ تنضى من ا لبعد

أبو عدني والرمل بـينـي وبـينـه

 

تأمل رُويداً ما أمـامةُ مـن هـنـدٍِ

ومن أجأ حولـي رعـانُُ كـأنّـهـا

 

قنابل خيل من كُـمـيت ومـن وردِ

 

وقال العِيزار بن الأخفش الطائي وكان خارجياً.

ألاحي رَسم الدار أصبـحَ بَـالـيا

 

وحي وإ ن شاب القَذال الغَوَانـيا

تحملنَ من سلمى فوَجّهن بالضحى

 

إلى إجإٍ تفطعنَ بـيدا مَـهـاويا

 

وقال زيد بن مهلهل الطائي:

جَلبنا الخيلَ من أجأ وسلمى

 

تَخب نَزَائعاَ خَبَبَ الرًكـاب

جَلبنَا كل طرفٍ أعـوَجـيًّ

 

وسلهبَةٍ كخافية الـغـراب

نَسوفٍ للحِزَام بمرفقَـيهَـا

 

شنُونِ الصلب صماءالكعاب

 

وقال لبيد يصف كتيبة النعمان:

أوتْ للشباح واهتدت بصليلها

 

كتائبُ خضرُُ ليس فيهن ناكل

كأركان سلمى إذ بدت أو كأنها

 

ذُرَى أجإ إذ لاح فيه مواسلُ

 

فقال فيه ولم يقل فيها ومواسل قُنة في أجإ، وأنشد قاسم بن ثابت لبعض الأعراب:

إلى نَضَدٍ من عبدشمس كأنهـم

 

هضاب أجاً أركانه لم تُقَصّف

قلامسة ساسوا الأمور فأحكموا

 

سياستها حتى أقرت لمـردف

 

وهذا كما ترأه مذكر مصروف لا تأويل فيه لتأنينه فإنه لو أنث لقال أركانها فإن قيل هذا لا حجة فيه لأن الوزن يقوم بالتأنيث قيل قول امرىء القيس أيضاً لا يجوزلكم الاحتجاج به لأن الوزن يقوم بالتذ كير فيقول أبى أجأُُ لكنا صدقناكم فاحتججنا ولا تأويل فيها، وقول الحيص بيصِ:

أجأ وسلمى أم بـلاد الـزاب

 

وأبو المظفر أم غَضنفَرُ غاب

ثم إني وقفت بعد ما سطرته آنفاً على جامع شعر امرىء القيس وقد نص الأ صمعي على ما قلتُه وهو أن أجأ موضع وهو أحد جبلي طيىء والآخرسلمى وإنما أراد أهل أجأ كقول الله عز وجل: :"واسأل القرية " يوسف: 82، يريد أهل القرية هذا لفظُه بعينه ثم وقفت على نسخة أخرى من جامع شعره قيل فيه:  

أ رَى أجأً لن يُسلم العامَ جارَه

 

ئم قال تفسير الرواية الأولى والمعنى أصحاب الجبل لم يُسلموا جارَهم، وقال أبو العرماس حدثني أبو محمد أن أجأً سمي برجل كان يقال له أجأ وسميت سلمى بامرأة كان يقال لها سلمى وكانا يلتقيان عند العوجاء وهو جبل بين أجأ وسلمى فسميت هذه الجبال بأسمائهم ألا تراه قال سمي أجأ برجل وسميت سلمى بامرأة فأنثَ المؤنت وذكر المذكر وهذا إن شاء الله كاف في قطع حجاج من خالفَ وأراد الانتصار بالتقليد، وقد جاء أجا مقصوراً غير مهموز في الشعر وقد تقدم له شاهد في البيتين اللذين على الفاء قال العجاج:

والأمر ما رامَقته َمُلـهـوَجَـا

 

يَضوِيك مالم تَخي منه منضَجا

فإن تَصر ليلى بسلمى أو أجَـا

 

أو باللوى أو ذي حساً أو يأجَجَا

 

وأم سبب نزول طيىء الجبلين واختصاصهم بسُكناهما دون غيرهم من العرب فقد اختلف الرراة فيه. قال ابن الكلي وجماعة سواه: لما تفرق بنو سبأ أيام سَيل العرم سار جابر وحرملة ابنا أ دَد بن زيد بن الهميسع قلت لا أعرف جابراَ وحرملة وفوق كل ذي عِلم عليم وتبعهما ابن أخيهما طيىء واسمه جُلهمة قلت وهذا أيضأ لا أعرفه لأن طيئاً عند ابن الكلبي هو جُلهمةُ بن أدَد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان والحكاية عنه وكان أبو عبيدة قال زيد بن الهميسع فساروا نحو تهامة وكانوا فيما بينها وبين اليمن ثم وقع بين طيىء وعمومته ملاحاة ففارقهم وسار نحو الحجاز بأهله وماله يتتبع مواقع القطر فسمي طيئاً لطيهِ المنازل وقيل إنه سمي طيئا لغير ذلك وأوغل طيىء بأرض الحجاز وكان له بعير يشرد في كل سنة عن إ بله ويغيب ثلاتة أشهر ثم يعود إليه وقد عَبُلَ وسمن واّثار الخضرة بادية في شدقيه فقال لابنه عمرو تفقد يا يني هذا البعير فإذا شرَد فاتبع أثره حتى تنظر إلى أين يتتهي فلما كانت أيام الربيع وشرد البعير تبعه على ناقة له فلم يزل يقفر أثره حتى صار إلى جبل طيىء فأقام هنالك ونظر عمرو إلى بلاد واسعة كثيرة المياه والشجر والنخيل والريف فرجع إلى أبيه وأخبره بذلك فسار طيىء بإبله وولده حتى نزل الجبلين فراَهما أرضاً لها شأن ورأى فيها شيخاً عظيماً جسيماً مديد القامة على خلق العادِّيين ومعه امرأة على خلقه يقال لها سلمى وهي امرأته وقد اقتسما الجبلين بينهما نصفين فأجأ في أحد النصفين وسلمى في الآخر فسألهما طيىء عن أمرهما فقال الشيخ نحن من بقايا صُحار غنينا بهذين الجبلين عصراً بعد عصر أفنانا كرُّ الليل والنهار فقال له طيىء هل لك في مشاركتي إياك في هذا المكان فأكون لك مؤانساً وخلاً فقال الشيخ إن لي في ذلك رأياً فأقم فإن المكان واسع والشجر يانعُُ والماءُ ظاهر والكَلأ غامر فأقام معه طيىء بإبله وولده بالجبلين فلم يلبَث الشيخ والعجوز إلا قليلاً حتى هلكا وخلص المكان لطيىء فولده به إلى هذه الغاية قالوا وسألت العجوز طيئاً ممن هوفقال طيىء:

إنا من القوم اليمانّـيينـا

 

إِن كنت عن ذلك تسألينا

وقد ضربنا في البلاد حينا

 

ثمّتَ أقبلنا مهاجـرينـا

إذا سامنا الضيمَ بنو أبينـا

 

وقد وقعنا اليوم فيما شينا

ريفاً وماءَ واسعاً معينا

 

 

 

ويقال إن لغة طيىء هي لغة هذا الشيخ الصحَاري والعجوز امرأته، وقال أبو المنذر: هشام بن محمد في كتاب افتراق العرب لما خرجت طيىء من أرضهم من الشجر ونزلوا بالجبلين أجإٍٍ وسلمى ولم يكن بهما أحد وإذا التمر قد غطى كرانيف النخل فزعموا أن الجن كانت تلقح لهم النخل في ذلك الزمان وكان في ذلك التمر خنافس فأقبلوا يأكلون التمر والخنافس فجعل  بعضهم يقول ويلكم الميت أطيبُ من الحي وقال أبو محمد الأعرابي أ كتبَنَا أبو الندى قال بينما طيىء ذات يوم جالس مع ولده بالجبلين إذ أقبل رجل من بقايا جديس ممتد القامة عاري الجِبلةِ كاد يسد الأفق طولاً ويفرعهم باعاً وإذا هو الأسود بن غِفار بن الصبور الجديسي وكان قد نَجا من حسان تبع اليمامة ولحق بالجبلين فقال لطيىء من أدخلكم بلادي و إرثي عن آبائي أخرجوا عنها وإلافعلتُ وفعلت فقال طيىء البلاد بلادُنا وملكُنا وفي أيدينا وإنما ادّعيتَهَا حيث وجدتها خلاء فقال الأسود اضربوا بيننا وبينكم وقتاً نقتتل فيه فأينا غلب استحق البلد فاتعَدا ا لوقت فقال طيىء لجندب بن خارجة بن سعدبن فُطرة بن طيىء وأمه جديلة بنت سُبيع بن عمرو بن حمير وبها يعرنون وهم جديلة طييء وكان طييء لها مؤثراً فقال لجندب قاتل عن مَكرُمَتك فقالت أمه و الله لتتركن بنيك وتعرضن ابني للقتل فقال طييء ويحكِ إنما خصصتُه بذلك فأبت فقال طيىءٌ لعمروبن الغوث بن طييءٍ فعليك يا عمرو الرجل فقاتله فقال عمرو لا أفعل وأنشأ يقول وهو أول من قال الشعر في طيىء بعد طيىء:

ياطيىء أخبرني ولستَ بـكـاذب

 

وأخوك صادقك الذي لا يكـذب

أ مِنَ القضية أن إذا استغـنـيتـمُ

 

وأمنتم فأنا البـعـيدُ الأجـنـبُ

و إذا الشدائدُ بـالـشـدائد مـرّة

 

أشجتكم فأنا الحبـيبُ الأقـربُ

عجب لتلك قضيةً و إقـامـتـي

 

فيكم على تلك القضية أعجـبُ

ألكم معاً طيبُ البلاد ورَعـيهـا

 

ولي الثِمادُ ورَعيهُن المجـد بُ

وإذا تكون كريهة أدعـى لـهـا

 

وإذا يحا سُ الحيسُ يدعى جُند بُ

هذا لعمرُ كم الصغارُ بـعـينـه

 

لا أم لي إن كـان ذاك ولا أ بُ

 

فقال طيىء يا بني إنها أ كرم دار في العرب فقال عمرو لن أفعل إلا على شرط أن لا يكون لبني جديلة في الجبلين نصيب فقال له طييء لك شرطك فأقبل الأسود بن غِفار الجديسي للميعاد ومعه قوس من حديد ونشاب من حديد فقال يا عمرو إن شئت صارعتك وإن شئت ناضلتك و إلاسايفك. فقال عمرو الصرَاع أحب إليّ فاكسر قوصك لأسرها أيضاً ونصطرع وكانت لعمروبن الغوث بن طيىء قوس موصولة بزرَافين إذا شاء خلعها فأهوى بها عها فانفتحت عن الزرافين واعترض الأسود بقوسه ونشابه فكسرهما فلما رأى عمرو ذلك أخذ قوسه فركبها وأوترها وناداه يا أسود استعن بقوسك فالرميُ أحب إلي فقال الأسود خدعتني فقال عمرو الحرب خدعة فصارت مثلاً فرماه عمرو ففلقَ قلبَه وخلصَ الجبلان لطييء فنزلهما بنو الغوث ونزلت جديلة السهل منهما لذلك. قال عبيد الله الفقير إليه في هذا الخبر نظرمن وجوه. منها أن جندباً هو الرابع من ولد طييء فكيف يكون رجلاً يصلح لمثل هذا الأمر ثم الشعر الذي أنشده وزعم أنه لعمرو بن الغوث وقد رواه أبو اليقظان وأحمد بن يحيى ثعلب و غيرهما من الرواة الثقاة لهانىء بن أحمد الكناني شاعرجاهلئ، ثم كيف تكون القوس حديداَ وهي لا تنفذ السهم إلا برُجوعها والحديد إذا اعوَج لا يرجع ألبتة ثم كيف يصح العقل أن قوساَ بزرافين هذا بعيد في العقل إلى غير ذلك من النظر، وقد روى بعض أهل السير من خبر الأسود بن غفار ما هو أقرب إلى القبول من هذا وهو الأسود لما أفلَتَ من حسان تتبع كما نذكره إن شاء تعالى في خبر اليمامة أفضى به الهربُ حتى لحق بالجبلين قبل أن ينزلهماطييء وكانت طييءوكانت طييءتنزل ا لجوف من أرض اليمن وهي اليوم محلة همدان ومراد وكان سيدهم يومئذٍ أسامةَ بن لؤَي بن الغوث بن طييء وكان الوادي مَسبعةً وهم قليل عددهم فجعل يَتتابهم بعير في زمن الخريف يضرب في إبلهم ولا يدرون أين يذهب إلا أنهم لا يرونه إلى قابل وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام سيل العرم فاستوحشت لذلك وقالت قد ظعن إخواننا وساروا إلى الأرياف فلما هموا بالظعن قالوا لأسامة إن هذا البعير الذي يأتينا إنما يأتينا من بلد ريف وخِصب وإنا لنرَى في بعره النوَى فلو أنا نتعهده عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيبُ مكانا خيراً من مكاننا فلما كان الخريف جاء البعير فضرب إبلهم فلما انصرف تبعه أسامة بن لؤَى بن الغوث وحبةُ بن الحارث بن فطرة بن طيىء فجعلا يسيران بسير الجمل وينزلان بنزوله حتى أدخلهما باب أجإ فوقفا من الخصب والخير على ما أعجبهما فرجعا إلى قومهما فأخبراهم به فارتحلت طيء بجملتها إلى الجبلين وجعل أسامة بن لؤي يقول:

اجعل ظُرَيباً كحبيب يُنسى

 

لكل قوم مُصبَح وممُسى

 

وظريب اسم الموضع الذي كانوا ينزلون فيه قبل الجبلين قال فهجمَت طيء على النخل بالشعاب على مواش كثيرة وإذا هم برجل في شعب من تلك الشعاب وهو الأسود بن غفار فنهاهم ما رأوا من عظم خلقه وتخوفوه فنزلوا ناحية من الأرض فسبَرُوها فلم يروا بها أحداَ غيره فقال أسامة بن لؤي لابن له يقال له الغوث يا بني إن قومك قد عرفوا فضلك في الجلد والبأس والرمي فاكفنا أمر هذا الرجل فإن كَفَيتنَا أمرُه فقد سُدت قومك اّخر الدهر وكنت الذي أنزلتنا هذا البلد فانطلَقَ الغوثُ حتى أتى الرجل فسأله فعجب الأسود من صغر خلق الغوث فقال له من أين أقبلتم فقال له من اليمن وأخبره خبر البعير ومجيئهم معه وأنهم رهبوا ما رأوا من عظم خلقه وصغرهم عنه فأخبرهم باسمه ونسبه ثم شَغَلَهُ الغوث ورماه بسهم فقتله وأقامت طييء بالجبلين وهم بهما إلى الآن، وأما أسامة بن لؤي وابنه الغوث هذا فدرجا ولا عقب لهما.


الأجاءَة: أجاءَة بدربن عِقال فيها بيوت من متن الجبل ومنازل في أعلاه عن نصر والله سبجانه وتعالى أعلم.


أجاردُ: بفتح أوله كأنه جمع أجرد. قال أبو محمد الأَعرابي. أجارد بفتح أوله لا بضمه في بلاد تميم. قال اللعين المِنْقري:

دعاني ابن أرض يبتغي الزا دَ بعد ما

 

تَرامـي حُـلامـاتُُـبـه وأجـاردُ

ومن ذات أصفاءٍ سُهوبٌ كـأنـهـا

 

مَزَاحف هَزلى بينُها مـتـبـاعـدُ

 

وذكر أبيتاً وقصةً ذُكرت في حُلامات.


أجارِدُ: بالضم أفاعل من جرَدتُ الشيىءَ فأنا أجارد ومثله ضربتُ بين القوم فأنا أضارب. اسمِ موضع في بلاد عبد القيس عن أبي محمد الأسود، وفي كتاب نصر أجارد وا دِ ينحد ر من السراة على قرية مُطار لبني نصر. وأجارد أيضاً واد من أودية كلب وهي أودية كثيرة تنشلَ من الملحاءِ وهي رابية منقادة مستطيلة ما شرّق منها هو الأوداة وما غزب فهو البياض.


أجانُ: بضم الهمزة وتخفيف الجيم واخره نون. بليدة بأذربيجان ببنها وبين تبريز عشرة فراسخ في طريق الرّي رأيتها وعليها صور وبهاسوق إلا أن الخراب غالب عليها.


الأجاوِلُ: بالفتح بلفظ الجمع جالاَ البئر جانباها والجمع أجوال والأجاول جمع الجمع. وهو موضع قرب وَدا ن فيه روضة ذ كرت في الرياض، وقال ابن السكيت الأجاول أبارق بجانب الرمل عن يمين كلفى من شماليها. قال كثير:

عَفَا ميتُ كلُفى بعدنا فالأجاول

 

الأجا بَين: بالفتح وبعد الألف يا آن تحت كل واحدة منهما نقطتان بلفظ التثنية. اسم موضع كان لهم فيه يوم من أيامهم.


الأجبَابُ: جمع جبّ وهو البير. قيل وادٍ وقيل مياه بحِمى ضَرِيه معروفة تلي مهبّ الشمال من حمى ضرِية، وقال الأصمعي: الأجباب من مياه بني ضبينة وربما قيل له الجب، وفيه يقول الشاعر:

أبني كلاب كيف يُنْفى جعفرُُ

 

وبنو ضبينة حاضرو الأجباب

 

أجبَالُ صُبح: أجبال جمع جبل وصُبح بضم الصاد المهملة ضدّ المساء موضع بأرض الجناب لبني حِصن بن حُذَيفة وهَرِم بن قُطبة وصُبح رجَل من عاد كان ينزلها على وجه الدهر. قال الشاعر :

ألا هل إلى أجبال صُبح بذي الغَضَا

 

غَضا الاثل من قبل الممات مَعَادُ

بلاد بها كنّا وكـنّـا نُـحـبّـهـا

 

إذ الأهل أهـلُُ والـبـلادُ بـلادُ

 

أجدَا بِية: بالفتح ثم السكون ودال مهملة وبعد الألف باءَ موحدة وياء خفيفة وهاة يجوز أن يكون إن كان عربياً جمع جدب جمع قلة ثم نزلوه منزلة المفرد لكونه علماً فنسبوا إليه ثم خففوا ياء النسبة لكثرة الاستعمال والأظهر أنه عجميُُ. وهو بلد بين برقة وطرابلس  المغرب بينه وبين زويلة نحو شهر سيراَ على ما قاله ابن حوقل، وقال أبو عبيد البكري أجدابية مدينة كبيرة في صحراءَ أرضُها صفا وآبارها منقورة فى الصفا طيبة الماء بها عين ماءِ عذب وبها بساتين لطافُُ ونخل يسير وليس بها من الأشجار إلا الأراك وبها جامع حسن البناء بناه أبوالقاسم المسمى بالقائم بن عبيد الله المسمى بالمهدي له صومعة مثمّنة بديعة العمل وحمامات وفنادق كثيرة وأسواق حا فلة مقصودة وأهلها ذوو يسار وأ كثرهم أنباط وبها نُبذ من صُرَحاء لواتة ولها مرسى على البحر يعرف بالمادور له ثلاثة قصور بينه وبينها ثمانية عشر ميلاً وليس بإجدابية لدُورهم سقوف خشب إنما هي أقباء طوب لكثرة رياحها ودوام هبوبها وهي رخية الأسعار كئيرة التمر يأتيها من مدينة أؤجَلة أصناف التمور، وقال غيره أجدابية مد ينة كثيرة النخل والتمور وبين غربيها وجنوبيها مدينة أؤجَلة وهي من أعمالها وهي كثر بلاد المغرب نخلاً وأجودها تمراً. وأجدا بية في الإقليم الرا بع وعرضها سبع وثلاثون درجة وهي من فتوح عمرو بن العاص فتحها مع برقة صلحاَ على خمسة آلاف د ينار وأسلم كثير من بربرها. ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الطرابلسي يعرف بأبن الأجدابي كان أديباَ فاضلاَ له تصانيف حسنة منها كفاية المتحفظ وهو مختصر في اللغة مشهور مستعمل جيد وكتاب الأنواء وغير ذلك.


أجدَادُ:. بلفظ جمع الجَد أبي الأب وهو في الأصل جمع جُد بضم الجيم وهو البير. وهو اسم موضع بنجد في بلاد غطفَان فيه روضة. قال النابغة:

أرسما جديد اً من سُعاد تجـنْـب

 

عَفَتْ روضةُ الأجداد منها فيثْقبُ

 

وقال أبو زياد الأجداد مياه بالسماوة لكلب، وأنشد يقول:

نحن جَلَبنَا الخيل من مَرادهـا

 

من جانبي لُبنى إلى أنضادهـا

يفرِي لها الأخماس من مزادها

 

فصبّحت كلباً على أجدادهـا

طَحمَة وِرد ليس من أورادها

 

 

 

أجد ثُ: بالفتح ثم السكون وضم الدال المهملة والثا مثلثة جمع جَدَث جمع قلة وهو القبر. قال الشُكري أحدُث وأجدُث بالحاء والجيم. موضعان. قا ل المنخّل:

عرفتُ بأجد ثِ فنعافِ عِرق

 

علاماتٍ كتحبير النِـمّـاط

 

الأجدَلان: بالدال المهلمة. أبرقان من ديار عوف بن كعب بن سعد من أطراق الستار. وهو واد ِ لامرى القيس بن زيد مناة بن تميم حيث التقى هو وبيضاء الخط.


أجذال: بالفتح ثم السكون والذال معجمة وألف ولام كأنه جمع جذْل النخلة وهو البريد الخامس من المدينة لمن يريد بدراً.


أجرَاد: بالدال المهملة جمع جَرَد وهي الأرض التي لا نبات بها. وهو موضع بعينه. قال الراجز:

لا رِي للعِيسِ بذي الأجرَاد

 

أجرَاذ: مثل الذي قبله إلا أن ذاله معجمة، موضع بنجد قال الراجز:

أتعرفُ الدار بذي أجرَاذ

 

داراً لسُعدَى وابنتي مُعاذِ

لم تُبق منهم رِهَمُ الرذاذ

 

غير أثافي مرجلٍ جَوَاذِ

 

وأمُ أجراذ بثر قديمة في مكة وقيل هي بالدا ل المهملة.


أجرَاف: كأنه جمع جُرف وهو جانب الوادي المنتصب موضع. قال الفضل بن العباس اللهبي:

يا دار أقوَت بالجِزع ذي الأخياف

 

بين حزم الجُـزَيزِ والأجـرَاف

 

أجرَبُ: بالفتح ثم السكون يقال رجل جَرِبُُوأجرَب وليس من باب أفعَلُ من كذا أي إن هذا الموضع أشدّ جرباً من غيره لأنه من العيوب ولكنه مثل أحمر، وهم اسم موضع يذكر مع الأشعر من منازل جهينة بناحية المدينة، وأجربُ موضع آخر بنجد. قال أوس بر قتادة بن عمرو بن الأحوص.

أفدِي ابن فاختةَ المقيمَ بأجرَبِ

 

بعد الظِعان وكثرة الترحـال

خَفِيَت مَنيتُهُ ولو ظهرت لـه

 

لوجِد تَ صاحبَ جُرأةٍ وقتال

 

الأجْرَدُ: بوزن الذي قبله وهو الموضع الذي لا نبات فيه. اسم جبل من جبال القبلية عن أيي القاسم محمود عن السيد عُلَي العَلَوي له ذكر في حد يث الهجرة عن محمد بن إسحاق، وقال نصر الأشعر والأجرَد جبلا جهينة بين المدينة والشام.


 أجَرُ: بالتحريك. قال أبو عبيد يخرج القاصد من القيروان إلى بونة فيأخذ من القيروان إلى جَلولاء ومنها إلى أ جَر. وهي قرية لها حصن وقنطرة وهي موضع وعرُُكثير الحجارة صعب المسلك لا يكاد يخلو من الأسد دائم الريح العاصفة ولذلك يقال إذا جئت أ جَرَ فعجل فإن فيه حجراً يبرِي وأسد اً يبرِي وريحاً تذري، وحول أجر قبائل من العرب والبربر.


الأجرَعَين: بلفظ التثنية. علم لموضع باليمامة عن محمد بن إدريس بن أبي حفصة هكذا حكاه مبتدئاً به. أجزَلُ: بالزاي واللام. قال قيس بن الضراع العِجلي:

سقى جَدَثاً بالأجزل الفرد فالنّقا

 

رِهامُ الغَوَادي مزنَةَ فاستهلت

 

أجشدُ: بالفتح ثم السكون وضم الشين المعجمة ودال مهملة وهو علم مرتجل لم تجيء فيما علمتُ هذه الثلاثة الأحرف مجتمعة في كلمة واحدة على وجوهها الستة في شيء من كلام العرب. وهو اسم جبل في بلاد قيس عَيلان وهو في كتاب نصر أجشُر بالراء والله أعلم با لصواب.


أجَشّ: بالتحريك وتشديد الشين المعجمة وهو في اللغة الغليظ الصوت. قال أبو ذؤيب الهُذَلي:

وتميمة من قانصٍ متلبـب

 

في كفه جشًّ أجشُ وأقطعُ

 

- الحبش- القوس الخفيفة يصف صائد اً. وأجش اسم أطم من آطام المدينة والأطم والأجم القصرُبهان لبني أ نَيف البلويين عند البير التي يقال لها لاوَة.


الأجفُرُ: بضم الفاء جمع جفر وهو البير الواسحة لم تُطوَ. موضعٍ بين فيد والخُزَيمية بينه وبين فيد ستة وثلاثون فرسخًا نحو مكة، وقال الزمخشري الأجفر: ماء لبني يربوع انتزَعته منهم بنو جَذيمة.


إجلةُ: بالكسر ثم السكون من قرى اليمامة عن الحفصي. أ جَلَى: بفتح أوله وثانيه وثالثه بوزن جَمَزَى محرك وآخره سُال وهذا البناءُ يختص بالمؤنث اسمأ وصفةً فالا اسم نحو أ جَلَى ودقَرَى وبَرَدى والصفة بَشَكى ومرَطى وجَمَزَى، وهو اسم جبل في شرقي ذات الأصاد أرض من الشرَّبة، وقال ابن السكيت أ جَلَى هضبات ثلاث على مبدأة النعم من الثعل بشاطىء الجريب الذي يلقى الثّعل وهو مرعى لهم معروف. قال:

حلت سُليمى جانب الجريب

 

بأجلى محـلةَ الـغـريب

محل لادَانٍ ولا قـريب

 

 

 

وقال الأ صمعي أ جَلى بلاد طيبة مريئة تنبتُ الحلي والصِليان وأنشد. حلت سُليمى. وقال السكري في شرح قول القتّال الكلابي.

عَفَت أ جَلى من أهلها فقليبُها

 

إلى الدوم فالرنْقاء قفراً كثيبُها

 

أجلى هضبة بأعلا نجد. وقال محمد بن زياد الأعرابي ُسئلت بنت الخس أي البلاد أفضل مرعى وأسمنُ. فقالت خياشيمُ الحزن وأجواءُُ الصّمان قيل لها ثم ماذا فقالت أراها أجلى أني شئت أي متى شئتَ بعد هذا. قال ويقال إن أجلى موضع في طريق البصرة إلى مكة.


أجَمٌ : بالتحريك. موضع بالشام قرب الفراد يس من نواحي حلب. قال المتنبي:

الراجعُ الخيل مُحفَاةً مُقـوَّدَة

 

من كل مثلِ وبا رِ شكلُها إرَمُ

كتلّ بطريقِ ألمغرور ساكنها

 

بأن دا رَك قنسرين والأجَـمُ

 

أجُمٌ : بضم أوله وثانيه، وهو واحد آجام المدينة وهو بمعنى الأطمُ وآجام المدينة واطامها حصونها وقصورها وهي كثيرة لها ذكر في الأخبار، وقال ابن السكيت أجُم حصن بناه أهل المدينة من حجارة وقال كل بيت مربع مسطح فهو أ جُم. قال امرؤ القيس:

وتَيماءلم يترك بهاجذْعَ نخلة

 

ولا أ جُمَا إلا مَشِيدأ بجندل

 

أجَمَةُ بُرس: بالفتح والتحريك وبُرس بضم الباء الموحدة وسكون الراء والسين مهملة. ناحية بأرض بابل. قال البلاذري في كتاب الفتوح يقال أن علي رضي الله عنه ألزمٍ أهل أجمَة بُرس أربعةَ ألاف درهم وكتب لهم بذلك كتابا في قطعة أ دَم. وأجَمَةُ برس بحضرة الصّرح صرح نمروذ بن كنعان بأرض بابل وفي هذه الأجمة هؤة بعيد ه القعر يقال إن منها عُمل آجر الصرح ويقال إنها خسفت والله أعلم. أجنَادُ الشام: جمع جُند. وهي خمسة جندُ فلسطين وجند الأردُن وجند دمشق وجند حمص وجند قنسرين. قال أحمدبن يحيى بن جابر اختلفوا في الأجناد فقيل سَمى المسلمون فلسطين جند اً لأنه جمع كوراً والتجند التجمع وجندت جند ًاَ أي جمعت جمعاً وكذلك بقية الأجناد وقيل سُميت كل ناحية بجند كانوا يقبضون أعطياتهم فيه، وذكروا أن الجزيرة كانت مع قنسرين جند اً واحدأ فأفردها عبد الملك بن مروان وجعلها جند اً برأسه ولم تزل قنسرين وكورها مضمومةً إلى حمص حتى كان ليزيد بن معاوية فجعل قنسرين و إنطاكية ومنبج جند اً برأسه فلما استخلف الرشيد أفرد قنسرين بكورها فجعلها جند اَ وأفرد العواصم كما نذكره في العواصم إن شاء اللّه، وقال الفرزدق:

فقلت ما هو إلا الشامُ تركبُـهُ

 

كأنما الموتُ في أجناده البغَرُ

 

- والبغرُ- داء يصيب الإبل تشرب الماء فلا تروَى.


أجنادَين: بالفتح ثم السكون ونون وألف وتُفتح الدا لُ فتكسر معها النون فيصير بلفظ التثنية وتكسر الدال وتُفتح النون بلفظ الجمع وأكثر أصحاب الحد يث يقولون إنه بلفظ التثنية ومن المحصلين من يقوله بلفظ الجمع. وهو موضع معروف بالشام من نواحي فلسطين، وفي كتاب أبي حذيفة إسحاق بن بشر بخط أبي عامر العبدري أن أجناد ين من الرملة من كورة بيت جبرين كانت به وقعة بين المسلمين والروم مشهورة، وقالت العلماء بأخبار الفتوح شهد يوم أجنادين مائة ألف من الروم سرّب هرقل أكثرهم وتجمع الباقي من النواحي وهرقل يومئذٍ بحمص فقاتلوا المسلمين قتالأ شديد اَ ثم إن الله تعالى هزمهم وفرًقهم وقتل المسلمون منهم خلقاً، واستُشهد من المسلمين طائفة منهم عبد اللّه بن الزبيربن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف وعِكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وأبلى خالد بن الوليد يومئذٍ بلاءً مشهوراً وانتهى خبر الوقعة إلى هرقل فنخب قلبه ومُلىء رعباً فهرب من حمص إلى إنطاكية وكانت لاثتتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة قبل وفاة أبي بكررضي الله عنه بنحو شهر. فقال زياد بن حنظلة:

ونحن تركنا أرطبـون مـطـرداً

 

إلى المسجد الأقصى وفيه حُسُورُ

عشيّة أجنادين لمـا تـتـابـعـوا

 

وقامت عليهم بالعراء نُـسـورُ

عَطفنا له تحت العَجاج بطـعـنة

 

لها نشجُُ نائي الشهـيق غـزيرُ

فطمنا به الروم العريضة بـعـده

 

عن الشام أدنى ما هناك شطـيرُ

تولت جموعُ الروم تتـبـع إثـره

 

تكاد من الذعر الشـديد تـطـيرُ

وغُود رَ صرعى في المَكَرّ كثيرة

 

وعاد إليه الفلُّ وهـو حـسـيرُ

 

وقال كُثير بن عبد الرحمن:

إلى خير أحياء الـبـريّة كـلـهـا

 

لذِي رُحُـم أو خُـلةٍ مـتـأسّـن

له عـهـدُ وُدّ لـم يكـدرَ بـريبة

 

وقوال معروفٍ حديث ومـزمِـن

وليس امرو من لم ينل ذاك كأمرىءٍ

 

بدَا نصحه فاستوجب الرفد محسن

فإن لم تكن بالشـام داري مـقـيمةً

 

فإن بأجنادين كني ومـسـكـنـي

منازل صد ق لم تغير رسومُـهـا

 

وأخرى بميّا فارقـين فـمـوزن

 

أجنِقانُ: بالفتح ثم السكون وكسر النون وقاف وألف ونون ويروى بمد أوله وقد ذكر قبل. وهي من قرى سرخس ويقال له أجنكان بلسانهم أيضاً.


أجوَلُ: يجوز أن يكون أفعَلَ من جال يجول وأن يكون منقولاَ من الفَرس الأجولى وهو السريع والأصل أن الأجول واحد الأجاول. وهي هضبات متجاورات بحذاء هضبة من سلمى وأجإ فيها ماءُُ وقيل أجول واد أو جبل في ديار غطفان عن نصر.


أجوِيةُ: كأنه جمع جواءٍ وقد ذُكر الجوَاءُ في موضعه من هذا الكتاب. هو ماء لبني نُمَير بنا حَية اليمامة.


أجيَاد: بفتح أوله وسكون ثانية كأنه جمع جيدٍ وهو العنق وأجياد أيضاَ جمع جواد من الخيل يقال للذكر والأنثى وجيَاد وأجاويد حكاه أبو نصر إسماعيل بن حمّاد وقد قيلَ في اسم هذا. الموضع جياد أيضاً وقد ذكر في موضعه، وقال الأعشى مَيمون بن قيس :

فما أنت من أهل الحجون ولا الصفا

 

ولا لك حق الشرب من ماءِ زمزم

ولا جَعَلَ الرحمنُ بيتَكَ في الـعَـلا

 

بأجيادَ غربي الصفا والـمـحـرم

 

وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة:

هيهات من أمَة الوهاب منـزلُـنـا

 

لما نَزَلنا بِسيف البحـر مـن عـدن

وجاورت أهل أجياد فـلـيس لـنـا

 

منها سوى الشوق أو حظ من الحَزَن

 

وذكرُهُ في الشعر كثير.، واختلف في سبب تسميته بهذا الاسم فقيل سُمي بذلك لأن تتبعاً لما قدم مكة رَبطَ خيله فيه فسمي بذلك وهما أجيادان أجياد الكبير وأجياد الصغير. وقال أبوالقاسم الخوارزمي أجياد موضع بمكة يلي الصفا. وقال أبو سعيد السيرافي في كتاب جزيرة العرب من تأليفه هو موضع خروج دابة الارض وقرأت فيما أملاه أبو الحسين أحمد بن فارس على بديع بن عبد الله الهمذاني بإ سناد له أن الخيل العِتاق كانت محرّمة كسائر الوحش لا يَطمعُ في ركوبها طامع ولا يخطرُ ارتباطها للناس على بال ولم تكن ترى إلا في أرض العرب وكانت مكرُمة ادخرها الله لنبيه وابن خليله إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام وكان اسم اسماعيل أول من ذُلًلت له الخيل العِتاق وأول من ركبها وارتبطها فذكر أهل العلم أن الله عز وجل أوحى إلى اسماعيل عليه السلام إنيِ ادخرت لك كَنزأ لم أعطِه أحداً قبلك فاخرج فنا دِ بالكنز فأتى أجيادًا فألهمهُ الله تعالى الدعاء بالخيل فلم يبقَ في بلاد الله فرسىُُ إلا أتاه فارتبطها بأجياد فبذلك سمي المكان أجياداً ويؤيدَ هذا ما قاله الأصمعي في تفسير قول بشر بن أبي خازم:

حلفت برب الداميات نُـحُـورهـا

 

وما ضم أجيا دُ المصلى ومذهبُ

لئن شبّنت الحربُ العوان التي أرى

 

وقد طال أبعاد بهـا وتـرهـبُ

لنَحتملن بالليل منـكـم ظـعـينة

 

إلى غير موثوق من العز تهرَبُ

 

قال أبو عبيدة المصلى المسجد والمذهب بيت الله الحرام وأجياد. قال الأصمعي هو الموضع الذي كانت به الخيل التي سخرها الله لإسماعيل عليه السلام وقال ابن إسحاق لما وقعت الحرب بين الحارث بن مضاض الجرزهمي وبين السميدع بن حَوثر بالثاء المثلثة خرج ابن مضاض من قعيقعان فتقعقع سلاحه فسمي قعيقعان وخرج السميدع ومعه الخيل والرجال من أجياد فيقال إنه ما سمي أجياد أجياد ا إلا بخروج الخيل الجياد منه مع السميدع، وقال السهيلي وأما أجياد فلم يُسم بأجياد الخيل كما ذكر ابن إسحاق لأن جياد الخيل لا يقال فيها أجياد وإنما أجياد جمع جيد، وذكر أصحاب الأخبار أن مضاضا ضرب في ذلك الموضع أجياد مائة رجل من العمالقة فسمي ذلك الموضع بأجياد لذلك قال وكذا ذكر ابن إسحاق في غير كتاب السيرة. قلت أنا وقد قدمنا أن الجوهري حكى أن العرب تجمع الجواد من الخيل على أجياد ولا شك أن ذلك لم يبلغ السهيلي فأنكره ومما يؤيد أن هذا الموضع مُسمى بالخيل أنه يقال فيه أجواد وجياد ثم اتفاق الرواة أنها سميت بجياد الخيل لا تدفعه الرواية المحمولة من جهة السهيلي، وحد ث أبو المنذر قال كَثرَت إياد بتهامة وبنو مَعد بها حلول ولم يتفرقوا عنها فبغوا على بني نِزار وكانت منازلهم بأجياد من مكة وذلك قول الأعش:

وبَيداءَ تحسبُ اَرامَها

 

رِجالَ إيا دٍ بأجيادها

 

الأجيَادَان: تثنية الذي قبله وهما أجياد الكبير وأجياد الصغير وهما محلتان بمكة وربما قيل لهما أجيادين اسم اَ واحداَ بالياء في جميع أحواله.


الاجيرَافُ: كأنه تصغير أجراف. واد لطييءٍ فيه تين ونخل عن نصر.


أجَيرَةُ: كأنه تصغير أجرة. روي عن أعش همدان أنه قال: خرج مالك بن حريم الهَمَدَاني في الجاهلية ومعه نفز من قومه يريدون عكاظ فاصطادوا ظَبياً في طريقهم وكان قد أصابهم عطشٌ كثير فانتهوا إلى مكان يقال له أجيرَة فجعلوا يفصِدون دَمَ الظبي ويشربونه من العطش حتى أنفدَ دَمُه فذبحوه ثم تفرقوا في طلب الحطب ونام مالك في الخباءِ فأثار أصحابه شجاعاً فانساب حتى دخل خباءَ مالك فأقبلوا فقالوا يا مالك عندك الشجاعُ فاقتلهُ فاستيقظ مالك وقال أقسمتُ عليكم إلا كففتم عنه فكفُوا فانساب الشجاع فذهب. فأنشأ مالك يقول:

وأوصاني الحريمُ بعز جاري

 

وأمنعه وليس به امتـنـاعُ

وأدفعُ ضيمه وأذود عـنـه

 

وأمنعه إذا امتنع المـنـاعُ

فِدًى لكم أبي عنه تَنـحـوا

 

لأمر ما استجار بي الشجاعُ

ولا تتحملوا دَمَ مستجيرٍ

 

تضمنه أجيرَةُ فالتّـلاعُ

فإن لما ترَونَ خفيّ أمر

 

له من دون أمركم قناعُ

 

ثم ارتحلوا وقد أجهدهم العطش فإذا هاتف يهتف بهم يقول:

يا أيها القوم لا مـاء أمـامَـكـم

 

حتى تسوموا المطايا يَومها التّعبا

ثم اعدِلوا شامةَ فالماء عن كَثَـب

 

عين رواءُُ وماءُُ يذهب اللـغـا

حتى إذا ما أ صَحبتم منه ريِّكـم

 

فاسقوا المطايا ومنه فاملؤا القربا

 

قال فعدَلوا شامةً فأذاهم بحين خرّارة فشربوا وَسقوا إبلَهم وحملوا منه في قرَبهم ثم أتوا عُكاظ فضوا أ رَبهم ورجعوا فانتهوا إلى موضع العين فلم يرَوا شيئاً وإاذا بهاتف يقول:

يا ما لِ عني جزاك الـلّـه صـالـحةً

 

هذا وَداعٌ لكـم مـنـي وتـسـلـيم

لا تزهدَق في اصطناع العرف عن أحد

 

إن الذي يحرمُ المعـروف مـحـرومُ

أنا الشجاع الذي أنجـيتَ مـن رَهـق

 

شكرتُ ذلك إن الشكـرَ مـقـسـومُ

من يفعل الخير لا يَعـدم مـغـبـتـه

 

ما عاش والكفر بعد العرف مـذمـومُ

 

الأجيفِرُ: هو جمع أجفر لأن جمع القلة يشبه الواحد فيصغر على بنائه فيقال في أكلُب أكيليبُ وفي أجربة أجيرِبة وفي أحمال أحيماالُ، وهو موضع في أرض السبُعان من بلاد قيس، والأصمعي يقول هو لبني أسد وأنشد لمرّة بن عيّاش ابن عم معاوية بن خليل النصري يَنوحُ بني جذيمة بن مالك بن نصر بن قُعَين يقول:

ولقد أرى الثلَبوتَ يألف بيته

 

حتى كأنهم أولو سُلـطـان

ولهم بلادُُ طال ما عُرفت لهم

 

صحن الملا ومدافع السبُعان

ومن الحوادث لا أبا لأبيكـم

 

أن الأجيفِر ماؤه شطـران

فإن كان الأجيفركله لهم فصار نصفه لبني سواءَة ه من بني أسد.