حرف الهمزة والألف: باب الهمزة والصاد وما يليهما

باب الهمزة والصاد وما يليهما

الإصادُ: بالكسر. اسم الماء الذي لُطِمَ عليه داحس فرسُ قيس بن زهير العبسي وكان قد أجراه مع الغبراءِ فرس لحذيفة بن بدر الفزاري كان قد أوقَف له قوماً في الطريق فلما جاءَ داحس مسابقاً لُطِمَ وجهه حتى سُبق فكان في ذلك حرب داحسٍ والغبراء أربعين عاماً وآخر ذلك قتلوا أولاد بدر الفزاري قتلهم أولاد مالك بن زهير وعشيرتهم. قال بدر بن مالك بن زهير يرثي أباه وكان قد اغتاله أولاد بدر في الليل وقتلوه في جملة هذه الفتنة التي وقعت بينهم. فقال:

ولله عينا من رأى مثلَ مالـك

 

عقيرةَ قومٍ أن جرَى فرَسَـانِ

فإن الرباطَ النكدَ من آل داحس

 

أبين فما يُفلِجـنَ يومَ رِهَـانِ

جَلَبنَ بإذن الله مَقتـلَ مـالـك

 

وطرحن قيساً من وراء عمان

لُطِمنَ على ذات الإصادِ وجمعُكم

 

يَرَونَ الأذى مـن ذِلةٍ وهـوَانِ

سيمنعُ عنك السبقُ إن كنتَ سابقاً

 

وتُقتلُ إن زَلتْ بك القَـدَمـان

فليتهما لم يَشرَبَـا قـط شـربَة

 

وليتهما لـم يُرسَـلاَ لِـرِهـان

أحل به أمسِ جـنـيدِبُ نَـذْرَهُ

 

فأيُ قتيلٍ كان في غَـطَـفـانِ

إذا سَجَعَتْ بالرقْمتين حمـامـه

 

أو الرسِ تَبكي فارس الكتِفَـانِ

 

- الكتفان - اسم فرسه، وقال قيس بن زهير:

ألم يبلغكَ والأنباءُ تنـمـي

 

بما لاقت لبُونُ بنـي زياد

كما لاقيتُ من حَمَلِ بن بدر

 

وإخوته على ذات الإصاد

 

وقال أبو عبيد. ذات الإصاد ردهة في ديار عبس وَسط هضب القليب وهضب القليب علم أحمرُ فيه شعاب كثيرة في أرض الشرَبةِ، وقال الأصمعي: هضب القليب بنجد جبال صغار والقليب في وسط هذا الموضع يقال له ذات الإصاد وهو اسم من أسمائها - والردهة - نُقَيرة في حجر يجتمع فيها الماء، وذكر ابن الفقيه في أودية العَلاَة من أرض اليمامة ذو الإصاد ولا أدري أهو المذكور آنفاً أم غيره.


الأصَاغِي: بالغين المعجمة. موضع في شعر ساعدةَ بن جُؤَيةَ الهُذَلي. قال:

ولو أنه إذ كان ما حُم واقعـاً

 

بجانِبِ مَن يخفى ومَن يَتَـوَدد

لهُن بما بين الأصاغِي ومِنْصَحِ

 

تعاوٍ كما عج الحجيج الملبـدُ

 

الأصافرُ: جمعُ أصفرَ محمول على أحوصَ وأحاوص وقد تقدم، وهي ثنايا سلكها النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى بدر، وقيل الأصافر: جبال مجموعة تسمى بهذا الاسم ويجوز أن تكون سميت بذلك لصَفَرها أي خُلوها، وقد ذكرها كُثَير في شعره. فقال:

عَفَا رابع من أهله فالـظـواهـرُ

 

فأكْنَافُ هَرشَى قد عَفَت فالأصافرُ

مَعَانٍ يُهيجْنَ الحليم إلى الـصـبـا

 

وهُن قديماتُ الـعـهـود دواثـرُ

لليلَى وجاراتٍ للـيلَـى كـأنـهـا

 

نِعاجُ المَلاَ تُحدَى بهن الأبـاعـرُ

 

إصبَع: بلفظ الإصبع من اليد بكسر الهمزة وسكون الصاد وفتح الباء، وفي إصبع اليد ثلاث لُغات جيدة مستعملة وهن إصبع ونظائره قليلة جاء من إبرَمَ نبت وإبَين اسم رجل نسبت إليه عَدَنُ إبين وإشفى وهو المخصف وإنْفَحَة وإصبع نحو إثمِد وأصبُع نحو أبلُم، وحكى النحويون لغة رابعة ردية وهي أصبع بفتح الهمزة ثم السكون ثم الكسر وليس في كلام العرب على كل الوزن غيره. إصبَعُ خَفان بناء عظيم قربَ الكوفة من أبنية الفرس وأظنهم بَنوه مَنظَرَةً هناك على عادتهم في مثله، وإصبَعُ أيضاً جبل بنجد. وذات الإصبع رُضيمة لبني أبي بكر بن كلاب عن الأصمعي، وقيل هي في ديار غَطفَان- والرِضام - صخور كبار يرضم بعضها على بعض.


أصبَغُ: بالفتح وآخره غين معجمة. اسم واد من ناحية البحرين.


أصبهانات: جمع أصبهانة. وهي مدينة بأرض فارس.


إصبَهَانَكَ: بكسر أوله ويفتح وهو تصغير أصبهان بلغةُ الفرس وهم إذا أرادوا التصغير في شيء زادوا في آخره كافاً. وهي بليدة في طريق أصبهان.


 أصبَهَانُ: منهم من يفتح الهمزة وهم الأكثر وكسره آخرون منهم السمعاني وأبو عبيد البكري الأندلسي وهي مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها ويسرفون في وصف عظمها حتى يتجاوزوا حد الاقتصاد إلى غاية الإسراف وأصبهان اسم للإقليم بأسره وكانت مدينتها أولاً جياً ثم صارت اليهودية وهي من نواحي الجبل في آخر الإقليم الرابع طول ست وثمانون درجة وعرضها ست وثلاثون درجة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي بيت مُلكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان. طول أصبهان أربع وسبعون درجة وثلثان وعرضها أربع وثلاثون درجة ونصف، ولهم في تسميتها بهذا الاسم خلاف. قال أصحاب السير: سميت بأصبهان بن فَلوج بن لنطي بن يونان بن يافث، وقال ابن الكلبي سميت بأصبهان بن فَلوج بن سام بن نوح عليه السلام. قال ابن دريد أصبهان اسم مركب لأن الاصب البَلَدُ بلسان الفرس وهان اسم الفارس فكأنه يقال بلاد الفُرسان. قال عبيد الله المستجيرُ بعَفْوه المعروف أن الأصب بلُغة الفرس هو الفرَس وهان كأنه دليل الجمع فمعناه الفرسان والأصبهانيُ الفارسُ، وقال حمزة بن الحسن أصبهان اسم مشتق من الجندية وذلك أن لفظ أصبهان إذا رد إلى اسمه بالفارسية كان أصباهان وهي جمع أسباه وأسباه اسم للجند والكلب وكذلك سك اسم للجند والكلب وإنما لزمهما هذان الإسمان واشتركا فيهما لأن أفعالهما لفقت لأسمائهما وذلك أن أفعالهما الحراسة فالكلب يسمى في لغة سك وفي لغة أسباه وتخفف فيقال أسبه فعلَى هذا جمعوا هذين الاسمين وسموا بهما بلدين كان معدن الجند الأساورة فقالوا لأصبهان أسباهان ولسجستان سكان وسكستان. قال وذكر ابن حمزة: في اشتقاق أصبهان حديثاً يَلْهجُ به عوائم الناس وهوامهم قال أصله أسباه آن أي هم جند الله قال وما أشبه قوله هذا إلا باشتقاق عبد الأعلى القاص حين قيل له لم سمي العُصفور قال لأنه عصى وفَر قيل له فالطفشيل قال لأنه طَفَا وشال. قالوا ولم يكن يَحمل لواءَ ملوك الفرس من اَل ساسان إلا أهل أصبهان. قلت: ولذلك سبب ربما خَفِيَ عن كثير من أهل هذا الشأن وهو أن الضحاك المسمى بالازدهاق ويعرف ببيوراسب وذي الحيتين لما كثر جورُه على أهل مملكته من توظيفه عليهم في كل يوم رجُلين يُذبحان وتُطعمُ أدمغتهما للحيتين اللتين كانتا نبتتا في كتفيه فيما تزعم الفرس فانتهت النوبة إلى رجل حداد عن أهل أصبهان يقال له كابي فلما علم أنه لا بد من ذبح نفسه أخذ الجلدة التي يجعلها على رُكبتيه ويقي النار بها عن نفسه وثيابه وقت شغله ثم إنه رفعها على عصاً وجعلها مثل البيرَق ودعا الناس إلى قتل الضحاك وإخراج فريدون جد بني ساسان من مكمنه وإظهاره أمره فأجابه الناس إلى ما دعاهم إليه من قتل الضحاك حتى قتله وأزال مُلكه ومَلَكَ فريدون وذلك في قصة طويلة ذات تهاويل وخُرافات فتبركوا بذلك اللواء إذ انتصروا به وجعلوا حمل اللواء إلى أهل أصبهان من يومئذٍ لهذا السبب. قال مسعر بن مُهلهل وأصبهان صحيحة الهواء نفيسة الجو خالية من جميع الهوام لا تَبلَى الموتى في تربتها ولا تتغير فيها رائحة اللحم ولو بقيت القدرُ بعد أن تُطبخ شهراً وربما حفر الإنسان بها حفيرة فيَهجِمُ على قبر له ألوف سنين والميت فيه على حاله لم يتغير وتُربتها أصح تراب الأرض ويبقى التفاح فيها غضاً سبع سنين ولا تسوس بها الحنطة كما تسوس في غيرها. قلت أنا وسألت جماعة من عقلاء أهل أصبهان عما يُحكى من بقاءِ جُثَّهَ الميت بها في مدفنها فذكروا لي أن ذلك بموضع منها مخصوص وهو في مدفن المصلى لا في جميع أرضها. قال الهيثم بن عدي: لم يكن لفارس أقوَى من كورتَين واحدة سهلية والأخرى جبلية أما السهلية فكَسكَر وأما الجبلية فأصبهان وكان خراج كورة اثني عشر ألف ألف مثقال ذهب وكانت مساحة أصبهان ثمانين فرسخاً في مثلها وهي ستة عشر رستاقاً كل رستاق ثلاثمائة وستون قرية قديمة سوى المحدثة وهي جي وماربانان والنَجان والبراآن وبَزخُوار ورُوَيدشت وأردستان وكروان وبُرزاباذان ورازان وفريدين وقهستان وقامندار وجرم قاشان والتيمُرة الكبرى والتيمرة الصغرى ومكاهِن الداخلة وزاد حمزة رستاقَ جابلَق ورستاق التيمرة ورستاق أردستان ورستاق أنارباذ ورستاق ورانقان، ونهر أصبهان المعروف بزَنْدروذ غاية في الطيب والصحة والعذوبة، وقد ذُكر في  موضعه وقد وصفَتهُ الشعراءُ. فقال بعضهم:

لسـتُ آسـىَ مـن أصـبـهـان عـلـى شـــي

 

ء سِـوَى مـاءِهـا الـــرحـــيقِ الـــزلاَلِ

ونسيم الصبا ومُنخرَق الريح وجو صاف على كل حالِ

 

 

ولها الزعفران والعسل الما

 

ذي والـصـافـنـات تـحــت الـــجـــلاَلِ

 

وكذلك قال الحجاج لبعض من ولاه أَصبهان قد وَليتك بلدة حجرُها الكحل وذبابها النحلُ وحشيشها الزعفران، وقال آخر:

لستُ آسَى من أصبهان على شي

 

ء أنا أبكي عليه عند رحـيلـي

غير ماءٍ يكون بالمسجد الـجـا

 

مع صافِ مُـروق مـبـذول

 

وأرض أصبهان حَرة صُلبَة فلذلك تحتاج إلى الطعم فليس بها شيء أنفقُ من الحشوش فإن قيمتها عندهم وافرة، وحدثني بعض التجار قال رأيت بأصبهان رجلاً من الثناء يطعم قوماً ويشرُط عليهم أن يتبرزوا في خربة له. قال ولقد اجتزتُ به مرة وهو يخاصم رجلاً ويقول له كيف تستجيز أن تأكل طعامي وتفعلَ كذا عند غيري ولا يكنى وقد ذكر ذلك شاعر. فقال:

بأصبـهـان نـفـر

 

خشسوا وخاسوا نفرَا

إذا رأى كريمـهـم

 

غرة ضَيفٍ نـفـرَا

فليس للناظـر فـي

 

أرجائها إن نَظَـرَا

من نُزْهة تحيي القلو

 

ب غير أوقار الخرا

 

ووُجد في غرفة بعض الخانات التي بطريق أصبهان مكتوب هذه الأبيات:

قُبح السالكون في طلَبِ الرزْ

 

قِ على أيذَج إلى أصبهـان

ليت من زارها فعاد إليهـا

 

قد رماه الإله بالـخـذلان

 

ودخل رجل على الحسن البصري فقال له من أين أنت فقال له من أهل أصبهان فقال: الهرب من بين يهودي ومجوسي واَكل رباً، وأنشد بعضهم لمنصور بن باذان الأصبهاني:

فما أنا من مدينة أهل جَي

 

ولا من قرية القوم اليهود

وما أنا عن رجالهم براضٍ

 

ولا لنسائهم بالمسـتـريد

 

وقال آخر في ذلك:

لعن اللـه أصـبـهـان بـلـداً

 

ورماها بالسيل والـطـاعـون

بِعتُ في الصيف قبة الخَيش فيها

 

ورهنت الكانون في الكـانـون

وكانت مدينة أصبهان بالموضع المعروف بجي وِهو الآن يعرف بشهرستان وبالمدينة فلما سار بُختَ نصر وأخذ بيت المقدس وسبى أهلها حمل معه يهودها وأنزلهم أصبهان فبنَوا لهم في طرف مدينة جي محلة ونزلوها وسُميت اليهودية ومَضَتْ على ذلك الأيام والأعوام فخربت جَي وما بقي منها إلا القليل وعُمرت اليهودية فمدينة أصبهان اليوم هي اليهودية هذا قول منصور بن باذان. ثم قال: إنك لو فتشت نسب أجل من فيهم من الثناء والتجار لم يكن بد من أن تجد أصل نسبه حائكاً أويهودياً، وقال بعض من جال البلدان إنه لم ير مدينة أكثر زانِ وزانية من أهل أصبهان قالوا ومن كيموس هوائها وخاصيتها أنها تبخل فلا تر بها كريماً. وحكى عن الصاحب أبي القاسم بن عباد أنه كان إذا أراد الدخول إلى أصبهان قال من له حاجة. فليسألنيها قبل دخولي إلى أصبهان فإنني إذا دخلت وجدت بها في نفسي شحاً لا أجده في غيرها، وفي بعض الأخبار أن الدجال يخرج من أصبهان. قال: و خرج من أصبهان من العلماء والأئمة في كل فن ما يخرج من مدينة من المدن وعلى الخصوص علو الإسناد فإن أعمار أهلها تطول ولهم مع ذلك عناية وافرة بسماع الحديث وبها من الحفاظ خلق لا يحصر ولها عدة تواريخ وقد فشا فيها الخراب في هذا الوقت وقبله في نواحيها لكثرة الفتن والتعصب بين الشافعية والحنفية والحروب المتصلة بين الحِربَين فكلما ظهرا طائفة نهبت محلة الأخرى وأحرقتها وخربت لا يأخذهم في ذلك إل ولا ذمة ومع ذلك فقل أن تدوم بها دولة سلطان أو يقيم بها فيصلح فاسدها وكذلك الأمر في رساتيقها وقُراها التي كل واحدة من كالمدينة، وأما فتحها فإن عمر بن الخطاب رضي عنه في سنة 19 للهجرة المباركة بعد فتح نهاوند بعث عبد الله بن عبد الله بن عتبان وعلى مقدمته عبد الله بن ورقاء الرياحي وعلى مجنبته عبد الله! ورقاء الأسدي. قال سيف الدين: لا يعلمون يرون أحدهما عبد الله بن بُدَيل بن ورقاهَ الخزاعي لذكر ورقاءَ فطنوا أنه نُسب إلى جده وكان عبد الله بن بديل بن ورقاءَ قُتل بصفين وهو ابن أربعة وعشرين سنة فهو أيم صبي، وسار عبد الله بن عتبان إلى جَي والملك يومئذِ بأصبهان القاذوسقان ونزل بالناس على جَي فخرجوا إليه بعد ما شاء الله من زَحف فلما التقوا قال القاذوسقان لعبد الله لا تَقتلُ أصحابي ولا أصحابك ولكن ابرزْ لي فإن قتلتك رجع أصحابك وإن قتلتني سالمتك أصحابي فبرز له عبد الله فقال له إما أن تحمل علي وإما أن أحمل عليك فقال أنا أحمل عليك فأثبت لي فوقف له عبد الله وحمل عليه القاذوسقان فطعنه فأصاب قَرَبُوسَ السرج فكسره وقطع اللبب والحزام فأزال اللبب والسرج فوقف عبد الله قائماً ثم استوى على فرسه عرياناً فقال له أثبت فحاجزه وقال له ما أحب أن أقاتلك فإني رأيتك رجلاً كاملاَ ولكني أرجع معك إلى عسكرك فأصالحك وأدفع المدينه إليك على أن من شاء أقام وأدى الجزية وأقام على ماله وعلى أن يجري من أخذتم أرضه مجراهم ومن أبى أن يدخل في ذلك ذهب حيث شاء ولكم أرضه قال ذلك لك، وقدم عليه أبو موسى الأشعري من ناحية الأهواز وكان عبد الله قد صالح القاذوسقان فخرج القوم من جي ودخلوا في الذمة إلا ثلاثين رجلاً من أصبهان لحقوا بكرمان ودخل عبد الله وأبو موسى جيا وجي مدينة أصبهان، وكتب عبد الله بالفتح إلى عمر رضي الله عنه فرجع إليه الجواب يأمره أن يلحق بكرمان مدداً للسهَيل بن عدي لقتال أهلها فاستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع ومضى، وكان نسخة كتاب صلح أصبهان بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من عبد الله للقاذوسقان وأهل أصبهان وحواليها إنكم آمنون ما أديتم الجزية وعليكم من الجزية على قدر طاقتكم كل سنة تؤدُونها إلى من يلي بلدكم من كل حاكم ودلالة المسلم وإصلاح طريقه وقِراه يومه وليلته وحملان الراجل إلى رحله لا تسلطوا على مسلم وللمسلمين نصحكم وأداءُ ما عليهم ولكن الأمان بما فعلتم فإن غيرتم شيئاً أو غيره منكم مغير ولم تسلموه فلا أمان لكم ومن سب مسلماً بلغ منه فإن ضربه قتلناه وكتب وشهد عبد الله بن قيس وعبد الله بن ورقاءَ وعِصمة بن عبد الله، وقال عبد الله بن عتبان في ذلك.

ألم تسمع وقد أوذي ذميمـاً

 

بمُنعَرَج السراة من اصبهان

عميد القوم إذ ساروا إلـينـا

 

بشَيخ غير مسترخي العنان

وقال أيضاً:

من مبلغ الأحياء عنـي فـإنـنـي      نزلت على جَي وفيهـا تـفـاقـمُ

حصرناهم حتى انسروا ثمت انتزوا   فصدهم عتا القنـا والـصـوارمُ

وحادَلَها القاذوسقـان بـنـفـسـه      وقد دهدهَت بين الصفوف الجماجمُ

فثاوَرتُه حتـى إذا مـا عَـلـوتُـه     تَفَادَى وقد صارت إليه الـحـزائمُ

وعادت لقوحا أصبهان بأسـرهـا  يدرُ لنا منها القِـرَى والـدراهـمُ

وإني على عمد قبلـت جـزاءهـم    غداة تفادوا والعـجـاج فـواقـمُ

ليزكوا لنا عند الحروب جهـادنـا    إذا انتطحت في المأزمين الهماهمُ

هذا قول أهل الكوفة يرون أن فتح أصبهان كان لهم، وأما أهل البصرة وكثير من أهل السير فيرون أن أبا موسى الأشعري لما انصرف من وقعة نهاوند إلى الأهواز فاستقراها ثم أتى قُمَ فأقام عليها أياماً ثم افتتحها ووجه الأحنف بن قيس إلى قاشاق ففتحها عنوة ويقال بل كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري يأمره بتوجيه عبد الله بن بديل الرياحي إلى أصبهان في جيش فوجهه ففتح عبد الله بن بديل جَيا صلحاً على أن يؤدي أهلها الخراج والجزية وعلى أن يؤمنوا على أنفسهم وأموالهم خلا ما في أيديهم من السلاح ونزل الأحنف بن قيس على اليهودية فصالحه أهلها على مثل صلح أهل جي. قال البلاذري وكان فتح أصبهان ورساتيقها في بعض سنة 23 وبعض 24 في خلافة عمر رضي الله عنه، ومن نسب إلى أصبهان من العلماء لا يحصون إلا إنني أذكر من أعيان أئمتهم جماعة غلبت على نسبهم فلا يعرفون إلا بالأصبهاني. منهم الحافظ الامام أبو نَعَيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مِهران سبط محمد بن موسى البناء الحافظ المشهور صاحب التصانيف منها حلية الأولياء وغير ذلك مات يوم الاثنين لعشرين من محرم سنة 430 ودفن بمردبان ومولده في رجب سنة 330 قاله ابن مندة يحيى.

أصبهبذَان: بسكون الهاء وضم الباء الثانية وذال معجمة وألف ونون، والأصبهبذان في أصل كلام الفُرس لغة لكل من ملك طبرستان كما نُعِتَ ملك الفُرس بكسرى وملك الترك بخاقان وملك الروم بقَيصر، وهي مدينة في بلاد الديلم كان يسكنها ملك تلك الناحية وبينها وبين البحر ميلان.

الأصدَارُ: كأنه جمع الصدر ضد الورد. مواضع بنَعمان الأراك قرب مكة يجلَب منها العسل والمراد بها صدور الوادي عن الأصمعي.

أصطاذنة: ناحية بالمغرب غزاها عابس بن سعد وجّهه مسلَمة بن مَخلَد أمير مصر من قبل معاوية إليها قبيل سنة 57 إصطَخر: بالكسر وسكون الخاء المعجمة والنسبة إليها إصطخري وإصطخرزي بزيادة الزاي. بلدة بفارس من الإقليم الثالث طولها تسع وسبعون درجة وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وهي من أعيان حصون فارس ومُدنها وكُوَرها. قيل كان أول من أنشأها اصطخر بن طهمورث ملك الفرس وطهمورث عند الفرس بمنزلة آدم. قال جرير بن الخَطَفي يذكر أن فارس والروم والعرب من ولد إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام

ويجمَعنا والـغُـرَ أبـنـاءَ سـارة

 

أب لا نبالي بعـده مـن تَـعَـذرَا

وأبناءُ إسحاق اللُـيُوثُ إذا ارتَـدَوا

 

حمائلَ موت لابسين الـسـنَـورا

إذا افتخروا عَدُوا الصبهبَذَ منـهـم

 

وكسرى وعَدّوا الهُرمُزان وقَيصَرَا

وكان كـتـاب فـيهـم ونـبـوةٌ

 

وكانوا باصطخر الملوكَ وتُستَـرَا

 

 قال الإصطخري، وأما إصطخر فمدينة وَسطَة وسعتها مقدار ميل وهي من أقدم مدن فارس وأشهرها وبها كان مسكن ملك فارس حتى تحول اردشير إلى جُور، وفي بعض الأخبار أن سليمان بن داود عليه السلام كان يسير من طبرية إليها من غدوة إلى عشية، وبها مسجد يعرف بمسجد سليمان عليه السلام وزعم قوم من عوامّ الفرس أن جم الملك الذي كان قبل الضحاك سليمان بن داود قال وكان في قديم الأيام على مدينة إصطخر سورٌ فتهدم وبناؤه من الطين والحجارة والجص على قدر يسار الباني وقنطرة خراسان خارجة عن المدينة على بابها مما يلي خراسان ووراءَ القنطرة أبنية ومساكن ليست بقديمة ولازال باصطخر وباء، إلا أن خارج المدينة صحيح الهواء وبين اصطخر وشيراز اثنا عشر فرسخاً قال ويرتفع من جبال اصطخر حديد وبقرية من كورة إصطخر تعرف بدار أبجرد معدن الزيبق ويقولون أن كُوَرَ فارس خمس وقيل سبع أكبرها وأجلها كورة إصطخر وبها كانت قبل الإسلام خزائن الملوك، وكان إدريس بن عمران يقول أهل اصطخر أكرم الناس أحساباً ملوك وأبناءُ ملوك، ومن مشهور مدن كورتها البيضاءُ ومائين ونَيريز وابرقويه وَيزد وغير ذلك وطول ولايتها اثنا عشر فرسخاً في مثلها والمنسوب إليها جماعة وافرة من أهل العلم. منهم أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى المفضل الإصطخري القاضي أحد الأئمة الشافعية وصاحب قول فيهم مولده سنة 244 ووفاته في جمادى الآخرة سنة 328، وأبو سعيد عبد الكريم بن ثابت الإصطخري ثم الجَزَري مولى بني أمية وهو ابن حصيف أصلُه من اصطخر سكن حَران، وأحمد الحسين بن داناج أبو العباس الزاهد الإصطخري سكن مصر وسمع إبراهيم بن دُحَيم ومحمد بن صالح عِصمة بدمشق وعبد الله بن محمد بن سلام المقدسي ومحمد بن عبيد الله بن فُضَيل الحمصي وعبدان أحمد الأهوازي وجعفر الفريابي وعبد الله بن أحمد حنبل والحسن بن سهل بن عبد العزيز المجوز بالبصرة و علي بن عبد العزيز البغوي بمكة وأبا علي الحسن أحمد بن المسلم الطبيب بصنعاء وغيرهم روى أبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن جابر التنيسي وأبو محمد بن النحاس وغيرهما ومات بمصر لعشرين ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة 336.


أصطَفَانوس: بالفتح والفاء وألف ونون مضمومة وواو ساكنة وسين مهملة. محلة بالبصرة مسماة باسم كاتب نصراني قديم كان في أيام زياد أو ما قاربها.


اصطَنبُول: بسكون النون وضم الباء الموحدة وسكون الواو ولام. هو اسم لمدينة القسطنطينية وهناك يبسَط القول فيها إن شاء الله تعالى.


أصفُون: بضم الفاء وسكون الواو ونون. قرية بالصعيد الأعلى على شاطىء غربي النيل تحت إشنِي وهي على تل عالٍ مشرف.


إصمِت: بالكسر وكسر الميم وتاء مثناة. اسم علم لبرية بعَينها. قال الراعي:

أشلَى سَلُوقيةً باتَـت وبـاتَ بـهـا

 

من وحشٍ إصمِتَ في أصلابها أوَدُ

وقال بعضهم العَلَمُ هو وحشُ إصمِتَ الكلمتان معاً، وقال أبو زيد يقال لَقِيتُه بوحش إصمِتَ وببلدةِ اصمتَ أي بمكان قَفرٍ وإصمتُ منقول من فِعلِ الأمر مجرداً عن الضمير وقطعت همزته ليَجري على غالب الأسماء وهكذا جميع ما يسمى به من فعل الأمر وكسر الهمزة من إصمت إما لغة لم تَبلُغنا وإما أن يكون غُير في التسمية به عن أصمُت بالضم الذي هو منقول في مضارع هذا الفعل وإما أن يكون مجرداَ مرتجلاً وافق لفظ الأمر الذي بمعنى أسكُتُ وربما كان تسمية هذه الصحراء بهذا الفعل للغلبة لكثرة ما يقول الرجلُ لصاحبه إذا سلكها اصمتْ لئلا تسمَعَ فنهلكَ لشدة الخَوف بها.


أصم: بفتحتين وتشديد الميم ضد السميع، أصَمُ بالجلحاء وأصم السمُرة في ديار بني عامر بن صعصعة ثم لبني كلاب منهم خاصة ويقال لهما الأصَمان عن نصر.


الأصنامُ: جمع صنم. إقليم الأصنام بالأندلس من أعمال شدونة وفيه حصن يعرف بُطبيل في أسفله عين غزيرة الماء عذبة اجتلب الأوائل منها الماء إلى جزيرة قادس في خرز الصخر المجوف أنثى وذكر وشقوا به الجبال فإذا صاروا إلى موضع المنخفضة والسباخ بُنيَتْ له فيه قناطر على جنايا كذلك حتى وصلوا إلى البحر ثم دخلوا به في البحر الملح ستة أميال في خرَز من الحجارة كما ذكرنا حتى أخرج إلى جزيرة قادس وقيل إن أعلامها إلى اليوم باقية وقد ذكر السبب الداعي إلي هذا الفعل في ترجمة قادس. الأصهَبيات: بفتح الهاء وكسر الباء الموحدة وياءٍ مشددة وألفَ وتاءِ كأنه جمع الأصهبية وهو الأشقر ماء وأنشد:

دعَاهُن من ثاج فأزمَعنَ وِردَهُ

 

أو الأصهَبيات العيون السوافح

الأضيغُ: ياءٌ مفتوحة وغين معجمة. هو واد وقيل ماء.

أصيل: ياء ساكنة ولام. بلد بالأندلس. قال سعد الخير: ربما كان من أعمال طليطلة. ينسب إليه أبومحمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي محدّث مُتقن فاضل معتبر تفقْه بالأندلس فانتهَتْ إليه الرياسة وصنْف كتاب الآثار، والدلائل في الخلاف ثم مات بالأندلس في نحر سنة395، وذكر أبو الوليد بن الفرضي في الغُرباء الطارئين على الأندلس قال ومن الغرباء في هذا الباب عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأصيلي من أصيلة يكنْى أبا محمد سمعته يقول قدمتُ قرطبة سنة 342 فسمعت بها من أحمد بن مطرف وأحمد بن سعيد ومحمد بن معاوية القُرَشي وأبي بكر اللؤلؤي وإبراهيم ورحلتُ إلى وادي الحجارة إلى وهب بن مسرة فسمعت منه وأقمتُ عنده سبعة أشهر وكانت رحلتي إلى المشرق في محرم سنة 351 ودخلت بغداد وصاحب الدولة بها أحمد بن بُويه الأقطَعُ فسمعت بها من أبي بكر الشافعي وأبي علي بن الصواف وأبي بكر الأبهري وآخرين وتفقه هناك لمالك بن أنس ثم وصل إلى الأندلس في آخر أيام المستنصر فشُووِرَ وقرأ عليه الناسُ كتاب البخاري رواية أبى زيد المروزي وغير ذلك وكان حَرِجَ الصدر ضَيق الخُلق وكان عالماً بالكلام والنظر منسوباً إلى معرفة الحديث وقد حُفِظَت عنه أشياءُ ووقف عليها أصحابُنا وعرفوها وتوفي لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة 392، ويحقق قولَ أبي الوليد أن الأصيلي من الغرباء لا من الأندلس كما زعم سعد الخير ما ذكره أبو عبيد البكري في كتابه في المسالك عند ذكره بلاد البربر بالعُدوة بالبر الأعظم فقال ومدينة أصيلة أول مدينة العدوة مما يلي الغرب وهى في سهلة من الأرض حولها رواب لطاف والبحر بغربيها وجنوبيها وكان عليها سور ولها خمسة أبواب فإذا ارتج البحر بلغ الموج حائط الجامع وسوقها حافلة يوم الجمعة وماءُ آبار المدينة شروب وبخارجها آبار عذبة وهي الاَن خراب وهي بغربي طنجة بينهما مرحلة، وكان والد أبي محمد الأصيلي إبراهيم أديباً شاعراً له شعر في أهل فاس ذكر في ترجمة فاس.

الأصَيهِبُ: بلفظ تصغير الأصهب وهو الأشقرُ. ماء قرب المروت في ديار بني تميم ثم لبني حِتان أقطَعَه النبي صلى الله عليه وسلم حُصَين بن مُشَئت لما وفد إليه مسلماً مع مياه آخَرَ.