حـرف البـاء: باب الباء والحاء وما يليهما

باب الباء والحاء وما يليهما

بحَار: بكسر أوله كأنه جمع بَحر، قال الأصمعي، البحَار كل أرض سهلة تحفها جبال، وأنشد للنمر بن تولَب:

كأنها دقَرَى تخيلَ نبـتُـهـا

 

أنف يَغم الضالُ نبتَ بحَارِها

 

الدقرَى: الروضة الكثيرة الماء والندى، وذو بحار جبلان في ظهر حرة بني سُليم قاله إسماعيل بن حماد، وقال نصر، ذو بحار ماء لغنْي في شرقي النير وقيل في بلاد اليمن، وأنشد غيره للنابغة الجعدي في يوم شعب جَبلَةَ.

ونحن حبسنا الحي عبساً وعـامـرأ

 

بحَسان وأبي الجون إذ قيل أقـبـلا

وقد صَعدَت عن ذي بحار نساؤهـم

 

كأصعاد نسرِ لا يَرُومون مـنـزِلا

عَطَفنا لهم عَطفَ الضروس فصادفوا

 

من الهضبة الحمراء عزا ومعقـلا

 

وقال أبو زياد: ذو بحار واد بأعلى التسرير يَصب في التسرير لعمرو بن كلاب، وأنشد.

عفا ذو بحار من أميمةَ فالهضب

 

وأقفرَ إلا أن يلـم بـه ركـبُ

 

ورواه الغُوري بفتح الباء، وأنشد لبشر بن أبي خازم.

لليلَى على بُعد المزَار تـذكُـرُ

 

ومن دون لَيلَى ذو بحار فمنْوَرُ

 

بُحار: بالضم، كذا رواه السكري في قول البُرَيق الهُذَلي:

ومر على القرائن من بُحار

 

فكاد الوبلُ لا يُبقي بُحـاراَ

 

وقال بشامة بن الغدير:

لمن الديارُ عَفونَ بالجـزع

 

بالدوم بين بُحار فالشـرعِ

دَرَسَت وقد بقيَت على حِجَج

 

بعد الأنيس عفونها سَـبـعِ

إلا بقـايا خَـيمة درَسـت

 

دارت قواعدها على الربعِ

 

بحت: بالضم ثمِ السكون والتاء مثناة، وادي البُحت قريب من العُذيب يطؤه الطريق بين الكوفة والبصرة، قال الحازمي :ولا أحقه.


بُحتُرُ: بالضم، روضة في وسط أجإ أحد جَبَلي طيء قرب جَو كأنها مسماة بالقبيلة وهو بُحتُر بن عَتُود بن عُنين بن سلامان بن ثُعل بن عمرو بن الغوث بن طييءٍ.


بُحرَانُ: بالضم، موضع بناحية الفُرع، قال الواقدي: بين الفُرع والمدينة ثمانية بُرُد، وقال ابن إسحاق: هو معدن بالحجاز في ناحية الفُرع وذلك المعدن للحجاج بن علاط البُهزي، قال ابن إسحاق: في سيرة عبد الله بن جحش فسلك على طريق الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له: بَحرَان أضَل سعد بن أبي وقاص وعُتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه وذكر القصة، كذا قيده ابن الفرات بفتح الباء ههنا وقد قيده في مواضع بضمها وهو المشهور وذكره العمراني والزمخشري وضبطاه بالفتح والله أعلم.


بُحثُرُ: بلد باليمن كانت لَسبأ بن سليمان الخولاني، سكن بها الفقيه أحمد بن مقبل الدثَني صنف كتاباً في شرح اللمع لأبي إسحاق سماه المِصباح وهو من مخلاف جعفر.


ذكر البحار أما اشتقاق البحر فقال صاحب كتاب العين: سُمي البحر بحراً لاستبحاره وهو سَعتُه وانبساطه ويقال: استبحرَ فلان في العلم وتبحر الراعي في رِعي كثير وتبحرَ في المال إذا كثُرَ مالهُ، والماء البحرُ هو الملح وقد أبحرَ الماءُ إذا صار ملحاً، قال نُصيب:

 

وقد عاد ماءُ البحر مِلحـاً فـزادنـي

 

إلى مرَضي أن أبحر المشرَبُ العذبُ

 

وأما ماءُ البحر فذكر مُقاتل أنه فضلةُ ماء السماء المنهمر منها في الطوفان واحتج بقوله تعالى: "وقيل يا أرض ابلعي ماءَك ويا سماءُ أقلعي وغبض الماءُ وقضى الأمر واستوت على الجُودى "هود 440، فلما بلعت الأرض ماءها بقي ماءُ السماء على وجهها وهو ماءُ البحر قال: وإنما كان ملحاً لأنه ماءُ سَخَطِ كذا نزل ولم يذكر أحد عن المفسرين في هذا شيئاً وهو قول حسن يتقبله القلبُ وكذا قيل في الماء الذي تُبديه الأرضُ إلينا وهو نبع من ماء السماء أيضاَ واحتج بقوله تعالى: "وأنزلنا من السماء ماءَ بقدر فأسكناه في الأرض" المؤمنون: 18، وقوله تعالى:" ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض "الزمر: 21، واذكر ما يضاف إليه على حروف المعجم.


 بحرُ بنطَس: كذا وجدته بخط أبي الريحان بالباء الموحدة ثم النون الساكنة وضم الطاء والسين مهملة، قال: وفي وسط المعمورة بأرض الصقالبة والروس، بحر يعرف ببنطُس عند اليونانيين ويرف عندنا ببحر طرابُزندة لأنها فُرضة عليه يخرج منه خليج يمزُ بسور القسطنطينية ولا يزال مضايقاً حتى يقع في بحر الشام الذي في ساحله الجنوبي بلاد الشام ومصر والاسكندرية لإفريقية.


بَحرُ تُولية: من البحار العظام وأظنه يستمد من المحيط، قال الكندي: في طرف العمارة من ناحية الشمال، بحر عظيم تحت قطب الشمالي وبقربها مدينة يقال لها: تُولية ليس بعدها عمارة وأهلها أشقى خلق الله ولم تقرب منها سفينة.


بَخرُ الخزَر: بالتحريك، وهو بحر طبرستان وجُرجان وآبسكون كلها واحد، وهو بحر واسع عظيم لا اتصال له بغيره ويسمى أيضاً الخراساني والجيلي وربما سماه بعضهم الدوارة الخرسانية، وقال حمزة: اسمه بالفارسية زَراه أكفُودَة ويسمى أيضاَ أكفودة َدرياو وسماه أرسطاطاليس أرقانيا وربما سماه بعضهم الخوارزمي وليس به لأن بحيرة خوارزم غير هذا تُذْكر في موضعها إن شاء الله وعليه باب الأبواب وهو الدربند كما وصفناه في موضعه وعليه من جهة الشرق جبال مُوقان وطبرستان وجبل جرجان ويمتد إلى قُبالة دهستان وهناك آبسكون ثم يدور مشرقاً إلى بلاد الترك وكذلك في جهة شماله إلى بلاد الخزَر وتصُب إليه أنهار كثيرة عظام منها الكُر والرس وإتل، وقال: الإصطخري وأما بحر الخزر ففي شرقيه بعض الديلم وطبرستان وجرجان وبعض المفازة التي بين جرجان وخوارزم وفي غربيه اللان من جبال القبق إلى حدود السرير وبلاد الخزر وبعض المفازة الغزية وشماليه مفازة الغزية وهم صنف من الترك بناحية سياه كوه، وجنوبيه الجيل وبعض الديلم، قال: وبحر الخزر ليس له اتصال بشيء من البحور على وجه الأرض فلو أن رجلاً طاف بهذا البحر لرجع إلى الموضع الذي ابتدأ منه لا يمنعه مانع إلا أن يكون نهر يصب فيه، وهو بحر ملح لا مد فيه ولا جَزرَ وهو بحر مظلم قعره طينٌ بخلاف بحر القُلزُم وبحر فارس فإن في بعض المواضع من بحر فارس ربما يُرى قعرُه لصفاء ما تحته من الحجارة البيض ولا يرتفع من هذا البحر شيء من الجواهر لا لؤلؤ ولا مرجان ولا غيرهما ولا ينتفع بشيء مما يُخرج منه سوى السمك ويركب فيه التجار من أراضي المسلمين إلى أرض الخزر وما بين أران والجيل وجرجان وطبرستان وليس في هذا البحر جزيرة مسكونة فيها عمارة كما في بحر فارس والروم و غيرهما بل فيه جزائر فيها غياض ومياه وأشجار وليس بها أنيس ، منها جزيرة سياه كوه وقد ذكرت وبحذاء نهر الكر جزيرة أخرى بها غياض وأشجار ومياه يرتفع منها الفوه. ويحملون إليها في السفن دواب فتسرَحُ فيها حتى تسمَن وجزيرة تُعرف بجزيرة الروسية وجزائر صغار وليس من آبسكون إلى الخزر للآخذ على يُمنى يديه على شاطىء البحر قرية ولا مدينة سوى موضع من آبسكون على نحو خمسين فرسخاَ يسمى دهستان وبناءً داخل البحر تستتر فيه المراكب في هيجان البحر ويقصدُ هذا الموضع خلق كثير من النواحي فيقيمون به للصيد وبه مياه ولا أعلم غير ذلك، فأما عن يسار آبسكون إلى الخزر فإنه عمارة متصلة لأنك إذا أخذت من آبسكون يساراً مررت على حدود جرجان وطبرستان والديلم والجيل وموقان وشروان والمسقط وباب الأبواب ثم إلى سمندر أربعة أيام ومن سمندر إلى نهر أتل سبعة أيام مفاوز ولهذا البحر من ناحية سياه كوه رنقة يخاف على المراكب إذا أخذتها الريح إليها أن تنكسر فإذا انكسرت هناك لم يتهيأ جمع شيء منها من الأتراك لأنهم يأخذونه ويحيلون بين صاحبه وبينه ويقال: إن دوران هذا البحر ألف وخمسمائة فرسخ وقُطره مائة فرسخ والله أعلم.


 بحر الزنج: هو بحر الهند بعينه وبلاد الزنج منه في نحو الجنوب تحت سُهيل وله بر وجزائر كثيرة كبار واسعة فيها غياض كثيرة وأشجار لكنها غير ذات أثمار وإنما هي نحو شجر الاَبنوس والصندل والساج والقَنا ومن سواِحلهم يلتقط العنبر ولا يوجد في غير سواحلهم ،وهم أضيق الناس عيشاً وحدثني غير واحد ممن شاهد تلك البلاد أنهم يرون القُطب الجنوبي عالياً يقارب أن يتوسط السماء وسهيِل كذلك ولا يرون الجديَ قط ولا القطب الشمالي أبدا ً ولا بنات نَعش وإنهم يرون في السماء شينا فيِ مقدار جرم القمر كأنه طاقة في السماء أو شبه قطعة غيم بيضاء لايَغيب قط ولا يَبرح مكانه وسألت عنه غير واحد فاتفقوا على ما حكيته بلفظه ومعناه وله عندهم اسم لم يحضُرني الآن وأنهم لا يدرون إيش هو ولهم هناك مُدُن أجلها مَقدشو وسكانها غرباء واستوطنوا تلك البلاد وهم مسلمون طوائف لا سلطان لهم لكل طائفة شيخ يأتمرون له وهي على بر البربر وهم طائفة من العربان غير الذين هم في المغرب بلادهم بين الحبشة والزنج وسنذكرهم بعد إن شاء الله تعالى ثم يمتد بر البربر على ساحل بحر الزنج إلى قُرابة عَدَن وأقصى هذا البحر يتصل بالبحر المحيط.

 

بحرُ فارس

 

هو شعبة من بحر الهند الأعظم واسمه بالفارسية كما ذكره حمزة زراه كامسير وحده من التيز من نواحي مكران على سواحل بحر فارس إلى عبادان وهو فُوهُ دجلة التي تصب فيه، وأول سواحله من جهة البصرة وعبادان أنك تنحدر في دجلة من البصرة إلى بليدة تسمى المحرزَة في طرف جريرة عبادان تتفرق دجلة عنده فرقتين إحداهما تأخذ ذات اليمين فتصب في هذا البحر عند سواحل أرض البحرين وفيه تسافر المراكب إلى البحرين وبر العرب وتمتد سواحله نحو الجنوب إلى قَطَر وعُمَان والشحر ومرباط إلى حضرموت إلى عَدَن وتأخذ الفرقة الأخرى ذات الشمال وتصب في البحر من جهة بر فارس وتصير عبادان لانصباب هاتين الشعبتين في البحر جزيرة بينهما وعلى سواحل بحر فارس من جهة عبادان من مشهورات المدن مهروبان، قال حمزة: وههنا يسمى هذا البحر بالفارسية زراه أفرنك قال: وهو خليج منخلج من بحر فارس متوجهاً من جهة الجنوب صعُداً إلى جهة الشمال حتى يجاوز جانب الأبلة فيمتزج بماء البطيحة آخر كلامه، ثم يمر من مهروبان نحو الجنوب إلى جنابة بلدة القرامطة ومقابلها في وسط البحر جزيرة خارك ثم يمر في سواحل فارس بسينيز وبوشهر ونجيرم وسيراف ثم بجزيرة اللار إلى قلعة هُزُو ومقابلها في البحر جزيرة قيس بن عُميرة تظهر من بر فارس وهي في أيامنا هذه أعمر موضع في بحر فارس وبها مقام سلطان البحر والملك المستولي على تلك النواحي ثم هرموز في بر فارس ومقابلها في اللجة جزيرة عظيمة تعرف بجزيرة الجاسك ثم تيز مُكران على الساحل فبحر فارس وبحر البحرين وعمان واحد على ساحله الشرقي بلاد الفرس وعلى ساحله الغربي بلاد العرب وطوله من الشمال إلى الجنوب.

بحرَ القلزُم

 

وهو أيضاً شعبة من بحر الهند أوله من بلاد البربر والسودان الذين ذكرنا في بحر الزنج وعَدَن ثم يمتد مغرباً وفي أقصاه مدينة القلزم قرب مصر وبذلك سمي بحر القلزم ويسمى في كل موضع يمر به باسم ذلك الموضع فعلى ساحله الجنوبي بلاد البربر والحبش وعلى ساحله الشرقي بلاد العرب فالداخل إليه يكون على يساره أواخر بلاد البربر ثم الزيلع ثم الحبشة ومنتهاه من هذه الجهة بلاد البجاءِ الذي قدمنا ذكرهم وعلى يمينه عَدنُ ثم المَنْدَب وهو مضيق في جبل كان في أرض اليمن يحول بين البحر وامتداده في أرض اليمن فيقال: إن بعض الملوك القدماء قد ذلك الجبل بالمعاول ليدخل منه خليجاً صغيراً يهلك به بعض أعدائه فقد من ذلك الجبل نحو رَمية سهمين أو ثلاث ثم أطلق البحر في أراضي اليمن فطفا ولم يكن تدارُكُهُ فأهلك أمماً كثيرة واستولى على بُلدان لا تحصى وصار بحراَ عظيماً فهو يمرُ بساحله الشرقي على بلاد اليمن وجدة والجار ويَنبُع ومَدَين مدينة شَعيب النبي صلى الله عليه وسلم وأيلة إلى القلزم في منتهاه وهو الموضع الذي غرق فيه قوم فرعون وفرعون أيضاً. وبين هذا الموضع وفُسطاط مصر سبعة أيام، ثم يدور تلقاء الجنوب إلى القُصَير وهو مرسى للمراكب مقابل قوص بينهما خمسة أيام ثم يدور في شِبه الدائرة إلى عَيذاب وأرض البجاء ثم يتصل ببلاد الحبش، فإذا تُخُيل الخليج الضارب إلى البصرة والخليج الداخل إلى القلزم كانت جزيرة العرب بين الخليجين يُحيطان بثلاثة أرباع بلاد العرب.

البحرُ المُحيطُ

 

ومنها مادة سائر البحور المذكورة ها هنا غير بحر الخزَر وقد سماه أرسطاطاليس في رسالته الموسومة ببيت الذهب، أوقيانوس وسماه آخرون البحر الأخضر وهو محيط بالدنيا جميعها كإحاطة الهالة بالقمر ويخرج منه شعبتان إحداهما بالمغرب والأخرى بالمشرق فأما التي بالشرق فهي بحر الهند والصين وفارس واليمن والزنج وقد مر ذكر ذلك. والشعبة الأخرى في المغرب تخرج من عند سَلاَ فيمر بالزقاق الذي بين البر الأعظم من بلاد بربر المغرب وجزيرة الأندلس ويمر بإفريقية إلى أرض مصر والشام إلى القسطنطينية كما نذكره، وهذا البحر المحيط لا يُسلَك شرقاً ولا غرباً إنما المسلَكُ في خليجيه فقط، واختلفوا هل الخليجان ينصبان في المحيط أم يستمدان منه فالأكثر أن الخليجين يستمدان من المحيط وليس في الأرض نهر إلا وفضلته تصب إما في الشرقي أو في الغربي إلا في مواضع تصب في بُحيرات منقطعة نحو جَيحون وسَيحُون فإنهما يصبان في بحرية تخصهما والأردُن يصب في البحيرة المنتنة كما نذكره إن شاء الله تعالى.

بَحرُ المغرِب

 

وهو بحر الشامٍ والقسطنطينية مأخَذُه من البحر المحيط ثم يمتد مشرقا ًفيمر من شماليه بالأندلس كما ذكرنا ثم ببلاد الأفرنج إلى القسطنطينية فيمر ببنطس المذكور آنفاً ويمتد من جهة الجنوب على بلاد كثيرة أولها سلاَ ثم سَبتة وطَنجة وبجَاية ومَهدية وتونس وطرابلس والإسكندرية ثم سواحل الشام إلى أنطاكية حتى يتصل بالقسطنطينية وفيه من الجزائر المذكورة الأندلس وميورقة وصقلية وأقريطش وقبرص ورودس وغير ذلك كثيرة، وقرأت في غير كتاب من أخبار مصر والمغرب أنه ملك بعد هلاك الفراعنة ملوك بني دَلُوكة. منهم دركون بن مَلُوطِس وزَمِطرة وكانا من ذوي الرأي والكيد والسحر والقوة فأراد الروم مغالبتهم على أرضهم وانتزاع الملك منهم فاحتالا أن فتقا البحر المحيط من المغرب وهو بحر الظلمات فغلب على كثير من البلدان العامرة والممالك العظيمة وامتد إلى الشام وبلاد الروم وصار حاجزاً بين بلاد الروم وبلاد مصر وهذا هو البحر الذي وصفناه قبل، وعلى هذا فبحر الأندلس وبحر المغرب وبحر الاسكندرية وبحر الشام وبحر القسطنطينية وبحر الأفرنج وبحر الروم جميعه واحد ليس لهذا اتصال ببحر الهند إلا أن يكون من جهة المحيط وأقربُ موضع بين البحر الهندي وهذا البحر عند الفَرَما وهي على ساحل بحر المغرب والقلزُم وهو على ساحل بحر اليمن سوى أربعة أيام، ولو أراد مريد أن يسير من سلاَ إلى إفريقية ثم سواحل مصر  والشام ثم الثغور إلى طرابزندة ويقطع جبل القبق ويدير من أطراف بلاد الترك إلى القسطنطينة فيصير البحر على جهته الجنوبية بعد أن كان من جهته الشمالية ويمر بسواحل الأفرنج حتى يدخل الأندلس فيقابل سَلا التي بدأ بها من غير أن يقطع بحراَ أو يركب مركباً ويمكنه ذلك إلا أن المسافة بعيدة والمشقة في سلوكه صَعبة ولمروره بين أمم مختلفة الأديان والألسنة وجبال مشقة وبَواد موحشة.

بحرُ الهندُ

 

وهو أعظم هذه البحار وأوسعها وأكثرها جزائر وأبسطها على سواحله مُدُن ولا علم لأحد بموضع اتصاله المحيط محدوداً لعظم اتصاله به وسعته وامتزاجه به وليس كالمغربي لأن اتصال المغربي من المحيط ظاهر في موضع يقال له: الزقاق بين ساحله الجنوبي الذي عليه بلاد البربر وساحله الشمالي الذي هو بلاد الأندلس أربعة فراسخ بين كل ساحل من الآخر وليس كذلك الهندي ويتشعب من الهندي خلجان كثيرة إلا أن أكبرها وأعظمها بحر فارس والقلزم اللذين تقدم ذكرهما ، وقد كنا ذكرنا أن أول بحر فارس التيز آخذًا نحو الشمال فأما أخذه نحو الجنوب في بلاد الزنج وينعطف من تيز الساحل مشرقاً متسعاً فتمر سواحله بالديبل والقس وسومنات وهو أعظم بيوت العبادات التي بالهند جميعه وهو عندهم بمنزلة مكة عند المسلين ثم كنباية ثم خور تدخل منه إلى بروَص وهي من أعظم مدنهم ثم ينعطف أشد من ذلك حتى يمر ببلاد مَليبار التي يجلب منها الفُلفُل، ومن أشهر مدنهم منجَرُور وفاكنور ثم خور فوفَل ثم المعبر وهو آخر بلاد الهند ثم بلاد الصين فأولها الجَاوة يركب إليها من بحرٍ صَعب المسلَك سريع المهلك ثم إلى صريح بلاد الصينَ، وقد أكثر الناس في وصف هذا البحر وطوله وعرضه وقالوا فيه أقوالا ًمفاوتة يقدَح في عقلِ ذاكِرِها، وفيه من الجزائر العظام مالا يُحصيه إلا الله، ومن أعظمها وأشهرها جزيرة سيَلاَن وفيها مُدُن كثيرة وجزيرة الزانج كذلك وجزيرة سَرَنْديب كذلك وجزيرة سُقطرَى، وجزيرة كولَم وغير ذلك وإنما أرسُمُ لك صورة المحيط وكيف تشعب البحار منه في الصورة السادسة المقابلة لتعرَفه إن شاء الله تعالى.


بحرة: موضع من أعمال الطائف قرب لية. قال ابن إسحاق: انصرف رسول الله من حَنين على نخلة اليمانية ثم على قرن ثم على الملَيح ثم على بحرة الرغاء من لية فابتنَى بها مسجداً فصلى فيه فأقاد ببحرة الرغاء بدم وهو أول دمِ أقيد به في الإسلام رجلٌ من بني لَيث قتل رجلاً من هُذيل فقتله به، والبحرة أيضاَ من أسماء مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، والبحَيرة أيضاً من أسمائها، والبحرة أيضاَ من قرى البحرين لعبد القَيس واشتقاقها يذكر في البحيرة.

البحرَين

هكذا يتلفظ بها في حال الرفع والنصب والجر ولم يُسمع على لفظ المرفوع من أحد منهم إلا أن الزمخشري قد حكى أنه بلفظ التثنية فيقولون هذه البحران وانتهينا إلى البحرَين ولم يبلُغنيمن جهة أخرى، وقال صاحب الزيج: البحرَين في الاقليم الثاني وطولها أربع وسبعون درجة وعشرون دقيقة من المغرب وعرضها أربع وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وقال قوم: هي من الإقليم الثالث وعرضها أربع وثلاثون درجة، وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان قيل هي قصبَةُ هَجَر وقيل هَجَرُ قصبة البحرين وقد عدها قوم من اليمن وجعلها آخرون قصبةً برأسها، وفيها عيون ومياه وبلاد واسعة وربما عد بعضهم اليمامة من أعمالها والصحيح أن اليمامة عَمَل برأسه في وسط الطريق بين مكة والبحرين روى ابن عباس: البحرين من أعمال العراق وحده من عُمان ناحية جرفار واليمامة على جبالها  وربما ضُمت اليمامة إلى المدينة وربما أفردت هذا كان في أيام بني أمية فلما ولى بنو العباس صيروا عمان والبحرين واليمامة عملاً واحداً قاله ابن الفقيه، وقال أبو عُبيدة: بين البحرين واليمامة مسيرة عشرة أيام وبينِ هَجَر مدينة البحرين والبصرة مسيرة خمسة عشر يوماً على الإبل وبينها وبين عمان مسيرة شهر. قال: والبحرين هي الخط والقطيف والآرة وهجرُ وبينونة والزارة وجُواثا والسابور ودارين والغابة قال: وقصبة هجر الضفا والمُشقر، وقال أبو بكر محمد بن القاسم: في اشتقاق البحرين وجهان يجوز أن يكون مأخوذاً من قول العرب بحرُت الناقة إذا شقفتَ أذُنها والبحيرة المشقوقة الأذن من قول الله تعالى: "ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام"، المائدة: 103، والسائبة معناها أن الرجل فى الجاهلية كان يسيب من ماله فيذهب به إلى سدنة الآلهة ويقال: السائبة الناقة التي كانت إذا ولدت عشرة أبطن كلهن أناث سُيبت فلم تركب ولم يُجز لها وَبر وبُحرت أذن ابنتها أي خُرقت، والبحيرة هي ابنة السائبة وهي تجري عندهم مَجرى أمها في التحريم، قال: ويجوز أن يكون البحرين من قول العرب قد بحرَ البعيرُ بحراَ إذا أولعَ بالماء فأصابه منه داء ويقال: قد أبحرَت الروضة إبحاراً إذا كثر إنقاع الماء فيها فأنبت النبات ويقال للروضة: البحرة ويقال: الذي ليست فيه صُفرة دم باحرِي وبحراني. قلت هذا كله تعسف لا يشبه أن يكون اشتقاقاً للبحرين والصحيح عندنا ما ذكره أبو منصور الأزهري قال: إنما سموا البحرين لأن في ناحية قُراها بحَيرة على باب الأحساءِ وقرى هجر بينها وبين البحر الأخضر عشرة فراسخ قال: وقدرت هذه البحيرة ثلاثة أميال في مثلها ولا يَفيض ماؤها وماؤها راكد زُعاق، وقال أبو محمد اليزيدي: سألني المهدي وسأل الكسائي عن النسبة الى البحرين وإلى حصنين لم قالوا حصني وبحراني فقال الكسائي: كرهوا أن يقولوا حصناني لاجتماع النونَين وإنما قلتُ كرهوا أن يقولوا بَحري فتشبه النسبة إلي البحر، وفي قصتها طول ذكرتها في أخبار اليزيدي من كتابي في أخبار الأدباء، وينسب إلى البحرين قوم من أهل العلم، منهم محمد بن معمر البحراني بَصري ثقة حدث عنه البخاري، والعباس بن يزيد بن أبي حبيب البحراني يعرف بعباسُويه حدث عن خالد بن الحارث وابن عيينة ويزيد بن زُريع وغيرهم، روى عنه الباغندي وابن صاعد وابن مخلد وهو من الثقات مات سنة 258، وزكرياءُ بن عطية والبحيراني وغيرهم، وأما فتحها فإنها كانت في مملكة الفرس وكان بها خلق كثير من عبد القيس وبكربن وائل وتميم مقيمين في باديتها وكان بها من قبل الفرس المنذر بن ساوي بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وعبد الله بن زيد هذا هو الأسبذي، نُسب إلى قرية بهَجَرَ وقد ذكر في موضعه فلما كانت سنة ثمان للهجرة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي حليف بني عبد شمس إلى البحرين ليدعو أهلها إلى الاسلام أو إلى الجزية وكتب معه إلى المنذر بن ساوي وإلى سِيبُخْت مرزبان هجر يدعوهما إلى الإسلام أو إلى الجزية فأسلما وأسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم فأما أهل الأرض من المجوس واليهود والنصارى فإنهم صالحوا العلاءَ وكتب بينهم وبينه كتاباَ نسخته "بسم الله الرحمن الرحيم" هذا ما صالح عليه العلاء بن الحضرمي أهل البحرين صالحهم على أن يَكفونا العَمَلَ ويقاسمونا الثمر فمن لا يَفي بهذا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأما جزية الرؤوس فإنه أخذ لها من كل حالم ديناراً، وقد قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه العلاء حين وجه رُسلَه إلى الملوك في سنة ست وروي عن العلاء أنه قال: بعثني رسول الله إلى البحرين أو قال: هجر وكنت آتي الحائط بين الإخوة قد أسلم بعضهم فآخذ من المسلم العشرَ ومن المشرك الخراج وقال قتادة: لم يكن بالبحرين قتال ولكن بعضهم أسلم وبعضهم صالح العلاء على أنصاف الحب والتمر وقال سعيد بن المسيب: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر وأخذها عمر من مجوس فارس وأخذها عثمان من بربر، وبعث العلاء بن الحضرمىِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالاً من البحرين يكون ثمانين ألفا ما أتاه أكثر منه قبله ولا بعده أعطى منه العباس عمه، قالوا  وعزل رسول الله العلاء وولى البحرين أبان بن سعيد بن العاصي بن أمية وقيل أن العلاء كان على ناحية من البحرين منها القطيف وأبان على ناحية فيها الخط والأول أثبت، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج أبان من البحرين فأتى المدينة فسأل أهل البحرين أبا بكر أن يرد العلاء عليهم ففعل فيقال: إن العلاء لم يزل والياَ عليهم حتى توفي سنة 20 فولى عمر مكانه أبا هريرة الدوسي ويقال: أن عمر ولى أبا هريرة قبل موت العلاء فأتى العلاء توجَ من أرض فارس وعزم على المقام بها ثم رجع إلى البحرين فأقام هناك حتى مات فكان أبو هريرة يقول دفنا العلاء ثم احتجنا إلى رفْع لبنةٍ فرفعناها فلم نجد العلاء في اللحد، وقال أبو مِخْنَف: كتب عمر بن الخطاب إلى العلاء بن الحضرمي يستقدمه وولى عثمان بن أبي العاصي البحرين مكانه وعمان فلما قدم العلاء المدينة ولاه البصرة مكان عتبة بن غزوان فلم يصل إليها حتى مات ودفن في طريق البصرة في سنة 14 أو في أول سنة15 ثم إن عمر ولى قُدامة بن مظعون الجمحي جباية البحرين وولى أبا هريرة الصلاة والاحداث ثم عزل قدامة وحده على شرب الخمر وولي أبا هريرة الجباية مع الأحداث ثم عزله وقاسمه ماله ثم ولى عثمان بن أبي العاصي عمان والبحرين فمات عمر وهو واليها وسار عثمان إلى فارس ففتحها وكان خليفته على عمان والبحرين وهو بفارس أخاه مغيرة بن أبي العاصي وروى محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: استعملني عمر بن الخطاب على البحرين فاجتمعت لي اثنا عنسر ألفاً فلما قدمت على عمر قال لي: ياعدو الله والمسلمين أو قال: عدو كتابه سرقتَ مال الله قال: قلت: لستُ بعدو الله ولا المسلمين أو قال لكتابه. ولكني عدو من عاداهما قال: فمن أين اجتمعت لك هذه الأموال قلت خيل لك تناتجت وسهام اجتمعت قال: فأخذ مني اثني عشر ألفا فلما صليت الغداة قلت اللهم اغفر لعمر قال: وكان يأخذ منهم ويعطيهم أفضلَ من ذلك حتى إذا كان بعد ذلك قال : ألا تعمل يا أبا هريرة قلت لا، قال: ولمَ وقد عمل من هو خير منك يوسف :"قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم" يوسف: 55، قلت: يوسف نبي ابن نبي وأنا أبو هريرة بن أميمة وأخاف منكم ثلاثاً واثنتين فقال: هلا قلتَ خمساً قلتُ أخشى أن تضربوا ظهري وتشتموا عرضي وتأخذوا مالي وأكره أن أقول بغير عِلم وأحكم بغير حِلم، ومات المنذر بن ساوي بعد وفاة النبي بقليل وارتد مَن بالبحرين من ولد قيس بن ثعلبة بن عُكابة مع الحطم وهو شريح بن ضبيعة بن عمرو بن مَرثد أحد بني قيس بن ثعلبة وارتد كل من بالبحرين من ربيعة خلا الجارود بن بشر العبدي ومن تابعه من قومه وأمرُوا عليهم ابناً للنعمانَ بن المنذر يقال له: المنذر فسار الحَطَمُ حتى لحق بربيعة فانضمت إليه ربيعة فخرج العلاء عليهم بمن انضم إليه من العرب والعجم فقاتلهم قتالاً شديداً ثم إن المسلمين لجؤا إلى حصن جواثا فحاصرهم فيه عدوهم ففي ذلك، يقول عبد الله بن حَدَفَ الكلابي:

ألا أبلغ أبا بـكـر ألـوكـاً

 

وفَتيان المدينة أجمـعـينـا

فهل لك في شباب منك أمسوا

 

أسارَى في جُوَاثَ مُحاصرينا

 

ثم إن العلاء عني بالحطم ومن معه وصابَره وهما متناصفان فسمع في ليلة في عسكر الحطم ضوضَاءَ فأرسل إليه من يأتيه بالخبر فرجع الرسول فأخبره أن القوم قد شربوا وثمِلوا فخرج بالمسلمين فبيتَ ربيعة فقاتلوا قتالأ شديداً فقُتل الحطم، قالوا وكان المنذر بن النعمان يسمى الغرور فلما ظهر المسلمون قال: لست بالغرور ولكني المغرور ولحق هو وفل ربيعة بالخط فأتاها العلاء وفتحها وقُتل المنذر معه وقيل: بل قُتل المنذر يوم جُوَاثأ وقيل بل استأمن ثم هرب فلحق فقتل وكان العلاء كتب إلى أبي بكر يستمده فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهما باليمامة يأمره بالنهوض إليه فقدم عليه وقد قتل الحطم ثم أتاه كتاب أبي بكر بالشخوص إلى العراق فشخص من البحرين وذلك في سنة 12 فقالوا وتحصن المكَعبر الفارسي صاحب كسرى الذي وجهه لقتل بني تميم حين عرضوا لعيرِه بالزارة وانضم إليه مجُوس كانوا تجمعوا بالقطيف وامتنعوا من أداء الجزية فأقام العلاء على الزارة فلم يفتحها في خلافة أبي بكر وفتحها في خلافة عمر وقتل المكعبر وإنما سمي المكعبر لأنه كان يكعبر الأيدي فلما قتل قيل مازال يكعبر حتى كُغبِرَ فسمي المكعبر بفتح الباء وكان الذي قتله البراء بن مالك الأنصارى أخو أنس بن مالك وفتح العلاء السابورَ ودَارِينَ في خلافة عمر عنوة.


بحطيطُ: بالفتح ثم السكون وكسر الطاء، قرية في جوف مصر بها قبة يقال: إن فيها ذُبحت بقرة بني إسرائيل التي أمروا بذبحها.


بُحير: بلفظ تصغير بحر، قال أبو الأشعث الكندي: في أسماء جبال تهامة البُحيَر، عين غزيرة في يليَل وادي يَنبع تخرج من جوف رمل من أغزر ما يكون من العيون وأشدها جرياً تجري في رمل ولا يمكن الزارعين عليها إلا في مواضع يسيرة بين أحناء الرمل فيها نخيل يُزرع عليها البقولُ والبطيخَ، قال: ومنها شرب أهل الجار، والجار مدينة على ساحل بحر القلزم، قال كثير:

رمتكَ ابنة الضمري عزةُ بعد ما

 

أمت الصبا مما تريش بأقـطـع

فإنك عمرِي هل أريكَ ظعـائنـا

 

غدَونَ افتراعاً بالخليط المـودع

رَكبنَ اتضاعاً فوق كل عُـذافـر

 

من العِيس نضاج المعدَ بن مُرفِع

جَعلن أراحي البُحَير مـكـانَـه

 

إلى كل قر يستطـيل مـقـتـع

 

بَحير: بالفتح ثم الكسر، جبل.


بَحِير أباذُ: من قُرى مرو، ينسب إليها أبو المظفر عبد الكريم بن عبد الوهاب البحيراباذي، حدثنا عنه أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني عن أبي العباس الفضل بن عبد الواحد بن الفضل بن عبد الصمد المَليحي التاجر.


بُحَيَراباذ: بالضم ثم الفتح، من قرى جُوَين من نواحي نيسابور، منها أبو الحسن علي بن محمد بن حمويه الجويني روى عن عمر بن أبي الحسن الروَاسي الحافظ سمع منه أبو سعد السمعاني ومات سنة 530في نيسابور وحُمل إلى جُوَين فدفنَ بها وهم أهل بيت فضل وتصوف ولهم عقب بمصر كالملوك يُعرف أبوهم بشيخ الشيوخ.


ذكر البحيرات مرتباً ما أضيفت البحيرة إليه على حروف المعجم  والبحيرة تصغير بَحرة وهو المتسع من الأرض قال الأمَوي: البحرة الأرض والبلدة ويقال: هذه بحرتنا ومنه الحديث المروي لما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عُبادة في مرضه فوقف في مجلس فيه عبد الله بن أبي بن سَلول فلما غشِيَت عجاجة الدابة خَمرَ عبد الله بن أبي أنفَهُ ثم قال: لا تغبروا علينا فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وقرأ القرآن فقال له عبد الله: أيها المرء إن كان ما تقول حقاً فلا تؤذنا في مجلسنا وارجع إلى أهلك فمن جاءك منا فقص عليه ثم ركب دابته حتى وقف على سعد بن عبادة فقال: أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب قال: كذا قال سعد: اعفُ عنه واصفح فو الله لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البُحَيرة على أن يُتوجوه يعني يملكوه فيعصبوه بالعصابة فلما رد الله ذلك بالحق الذي جئت به شرق لذلك فذلك فعل به ما رأيت فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فبُحيرة ليس بتصغير بحر ولوكان تصغيره لكان بُحيراً ولكنهم أرادوا بالتصغير حقيقة الصغر ثم ألحقوا به التأنيث على معنى أن المؤنث أقل قدراً من المذكر أو شبهوه بالمتسع من الأرض والله أعلم، والمراد به كل مجتمع ماءٍ عظيم لا اتصال له بالبحر الأعظم ويكون ملحاً وعذباً.

بُحَيرَةُ أرجيشَ

 

وهي بحيرة خِلاَطَ التي يكون فيها الطِرًيخ، قال ابن الكلبي: من عجائب أرمينية بحيرة خلاط فإنها عشرة أشهر لا يُرَى فيها ضفدع ولا سمكة وشهران في السنة يظهر بها حتى يقبض باليد ويحمل إلى جميع البلاد حتى إنه ليحمل إلى بلاد الهند وقيل إن قُباذ الأكبر لما أرسل بليناس يطلسم بلاده طلسم هذه البحيرة فهي إلى الآن عشرة أشهر لا تظهر فيها سمكة، قلت وهذا من هَذَيان العجم وإنما هناك سر خفي، وفي كتاب الفتوح سار حبيب بن مسلَمة الفِهري من قبل عثمان بن عفان حتى نزل بأرجيش وأنْفذَ مَن غلب على نواحيها وجَبَى جزية رؤوس أهلها وقاطعهم على خراج أرضها وأما بُحيرة الطريخ فلم يعرض لها ولم تزل مُباحةً حتى ولي محمد بن مروان بن الحكم الجزيرة وأرمينية فحوى صَيدَها وأباحَهُ.

بُحَيرَةُ أرمِية

 

أما أرمية فقد ذكرت وبينها وبين بُحيرتها نحو فرسخين، وهو بحيرة مُرة مُنتنة الرائحة لا يعيش فيها حيوان ولا سمك ولا غيره وفي وسطها جبل يقال له: كبوذان وجزيرة فيها أربع قرى أو نحو ذلك يسكنها مَلأحُو سُفُن هذا البحر وربما زرعوا في الجزيرة زرعاً ضعيفاً وفي جبلها قلعة حصينة مشهورة أهلها عُصاة على ولاة أذربيجان في أكثر أوقاتها وربما خرجوا في سُفُنهم وقطعوا على السابلة وعادوا إلى حصنهم فلا يكون عليهم سبيل ولا لأحد إليهم طريق، وقد رأيت هذه القلعة من بُعد عند اجتيازي بهذه البحيرة قاصداً إلى خراسان في سنة 617 وقيل إن استدارتها خمسون فرسخاً وربما قُطع عرضها في المراكب في ليلة، ويخرج منها ملح يشبه التوتيا بجلو وعلى ساحلها مما يلي الشرق عيون تنبع ويستحجر ماؤها إذا أصابه الهواء قال مسعَر.

بُحَيرَةُ أريغ

 

بوزن أحمد بالراء وياءِ وغين معجمة. هذه تستمد من بحر المغرب وهي صغيرة ترسي فيها المراكب الواردة من الأندلس وغيرها. ومنها على مرحلة من جهة الجنوب وادي فاس ومن ورائه إلى ناحية المشرق برغْوَاطة وعلى بريد منها وادي سَلة.

بحَيرَةُ الاسكَندرِيةِ

 

هذه ليست بحيرة ماءٍ إنما هي كورة معروفة من نواحي الاسكندرية بمصر تشتمل على قُرى كثيرة ودخل وا سع.

بُحَيرَةُ أنطاكيةَ

 

هذه بحيرة عذبة الماء بينها وبين أنطاكية ثلاثة أميال وطولها نحو عشرين ميلا في عرض سبعة أميال في موضع يعرَف بالعمق.

بُحَيرَةُ الحدَثِ

 

قرب مرعش من أطراف بلاد الروم أولها عند قرية تعرف بابن الشيعي على اثني عشر ميلا من الحدَثِ نحو مَلَطية ثم تمتد إلى الحدث. والحدث قلعة حصينة هناك.

بُحَيرَةُ خُوَارزمَ

 

إليها يصب ماءُ جيحونَ في موضع يسكنه صيادون ليس فيه قرية ولا بناء وشئى هذا الموضع خلجان وعلى شطه من مقابل خلجان أرض الغُزية من الترك ودور هذه البحيرة فيما بلَغني نحو من مائة فرسخ وماؤها ملح وليس لها مَغيض ظاهر وينصبُّ إليها نهر جيحون وسيحون وبين الموضع الذي يقع فيه جيحون والموضع الذي يقع فيه سيحون سرَى عدة أيام هذه البحيرة ويصب فيها أنهار أخر كثيرة ومع ذلك فماؤها ملح لا يعذب ولا يزيد فيها على صغرها ويشبه والله أعلم أن يكون بينها وبين بحر الخزَر خُرُوق ونزوز ويستمد ماؤها وبين البحرين نحو من عشر مراحل على السمت دونهما رمال وسيع لا يمنع من النز.


بُحَيرَةُ زَره: بالزاي وراء خفيفة. بأرض سجستان وهي بحيرة يتسع الماءُ فيها وينقصُ علىٍ تلر زيادة الماء ونُقصانه وطولها نحو ثلاثين فرسخا من ناحية كُرِين على طريق قوهستان إلى قنطرة كَرِيهان على طريق فارس وعرضها مقدار مرحلة وهي حلوة الماء يرتفع منها سمك كثير وقَصب وحواليها قرى إلا الوجه الذي يلي المفازة فليس فيه شيءٌ.


بُحَيرَةُ طَبَرية: قال الأزهري. هي نحو من عشرة أميال في ستة أميال وغورُ مائها علامة لخروج الدجال. ورُوي أن عيسى عليه السلام إذا نزل بالبيت المقدس ليقتل الدجال عندها يظهر يأجوج ومأجوج وهم أربعة وعشرون أمة لا يجتازون بحي ولا ميت من إنسان إلا أكلوه ولا ماء إلا شربوه فيجتاز أولهم ببُحَيرة طبرية فيشربون جميع ما فيها ثم يجتاز بها الأخير منهم وهي ناشفة فيقول أظنُ أنه قد كان ههنا ماءٌ ثم يجتمون بالبيت المقدس فيفزَعُ عيسى ومن معه من المؤمنين فيعلو على الصخرة ويقوم فيهم خطيباً فيحمد الله ويثني عليه ثم يقول اللهُم انصر القليل في طاعتك على الكثير في معصيتك فهل من مُنتدب فينتدب رجل من جرهُم ورجل من غَسان لقتالهم ومع كل واحد خلق من عشيرته فينصرهم الله عليهم حتى يُبيدوهم، ولهذا الخبر مع استحالته في العقل نظائر جمة في كُتُب الناس والله أعلم. وأما بحيرة طبرية فقد رأيتُها مراراً وهي كالبركة يُحيط بها الجبل ويصب فيها فضلات أنهُر كثيرة تجيءُ من جهة بانياس والساحل والأردُن الأكبر وينفصل منها نهر عظيم فيسقي أرض الأردن الأصغر وهو بلاد الغور ويصب في البحيرة المنتنة قرب أريحا ومدينة طبرية في لحفِ الجبل مشرفة على البحيرة ماؤها عذب شروب ليس بصادق الحلاوة ثقيل وفي وسط هذه البحيرة حجر ناتيء يزعمون أنه قبر سليمان بن داود وبين البحيرة والبيت المقدس نحو من خمسين ميلاً، وقد ذكرتُ من وصفها في الأردن أكثر من هذا، وإياها أراد المتنبي يصف الأسدَ:

أمُعفر الليث الهِزبر بسـوطـه

 

لمن ادخرت الصارمَ المصقُولا

وَقَعَت على الأردُن منه بـلـية

 

نَضَدَت لها هام الرفاق تلُـولا

ورد إذا وَرَدَ البحيرةَ شـاربـاً

 

وَرَدَ الفرَاتَ زَنيرُهُ والـنـيلا

بُحَيرَةُ قدَس

 

بفتح القاف والدال المهملة وسين مهملة أيضاً. قرب حمص طولها اثنا عشر ميلاً في عرض أربعة أميال وهي بين حمص وجبل لبنان تنصب إليها مياه تلك الجبال ثم تخرج منها فتصير نهراً عظيماً وهو العاصي الذي عليه مدينة حَمَاة وشَيزَر ثم يصب في البحر قرب أنطاكية.


بُحَيرة المرج: بسكون الراء والجيم. هي في شرقي النُوطة. تنسب إلى مرج راهط بينها وبين دمشق خمسة فراسخ تنصب إليها فضلات مياه دمشق.

البُحَيرَةُ المنتنهُ

 

وهي بحيرة زُغَرَ ويقال لها المقلوبة أيضاَ وهيِ غربي الأردُن قربَ أريحا وهي بحيرة ملعونة لا ينتفع بها في شيءٍ ولا يتولد فيها حيوان ورائحتها في غاية النتن وقد تهيج في بعض الأعوام فيهلك كل من يقاربها من الحيوان الإنسي وغيره حتي تخلو القُرى المجاورة لها زماناً إلى أن يجيئها قومٌ آخرون لا رَغبةَ لهم في الحياة فيسكنوها. وإن وقع في هذه البحيرة شيء: لم يُتتفَغ به كائنأ ما كان فإنها تفسده حتى الحطب فإن الرياح تلقيه على ساحلها فيؤخذ ويُشعَل فلاتعمَل النار فيه. وذكر ابن الفقيه أن الغريق فيها لا يغوص ولكنه لا يزال طافياً حتى يموت.

بُحَيرَة هَجَرَ

 

قد ذكرت في البحرين، وفيها يقول الفرَزدقُ:

كأن دياراً بين أسنُمة الحمـى

 

وبين هَذَا ليل البحيرة مصحَف

 وأسنُمة كما ذكرنا. موضع بنجد قرب اليمامة وفيه تأييد لقول الأزهري في البحرين.
بُحَيرَةُ اليغرَا: ياء مفتوحة وغين معجمة ساكنة وراءٌ مقصور. بين أنطاكية والثغر تجتمع إليها مياه العاصي ونهر عِفرين والنهر الأسود ومجيئهما من ناحية مرعش وتُعرف ببحيرة السلور وهو السمك الجري لكثرة هذا النوع من السمك فيها.

البَحِيرَةُ

موضع من ناحية اليمامة عن الحفصي بالفتح ثم الكسر.