باب الباء والضاد وما يليهما
بُضَاعَةُ: بالضم وقد كسره بعضهم والأول أكثر، وهي دار بني ساعدة بالمدينة وبئرها معروفة، فيها أفتى النبي صلى الله عليه وسلم بأن الماءَ طهور ما لم يتغير وبها مال لأهل المدينةمن أموالهم، وفي كتاب البُخاري تفسير القعنيي لبُضاعة نخل بالمدينة وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بئر بضاعة فتوضأ من الدلو وردها إلى البئر وبَصقَ فيها وشربمن مائها وكان إذا مرض المريض في أيامه يقول اغسلوني، من ماء لضاعة فيغسل، فكأنما نشط من عقَال، وقالت أسماء بنت أبي بكر: كَنا نغسل المَرضى من بئربُضاعة ثلاثة أيام فيعافون، وقال أبو الحسن الماوردي في كتاب الحاوي: من تصنيفه ومن الدليل على أبي حنيفة مارواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن سُفَيط بن أبي أيوب عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدري أن النيي صلى الله عليه وسلم قيل له: إنك تتوضأ من بئر بضاعة وهي تُطرَح فيها المحائض ولحوم الكلاب وما يُنحى الناسُ فقال: الماءُ لايُنَجسه شيء فلم يَجعل لاختلاط النجاسة بالماءِ تأثيراً في نجاسته وهذا نص يدفع قول أبي حنيفة، اعترضوا على هذا الحديث بسؤالين، أحدهما أن بئر بضاعة عين جارية إلى بساتين يثرب منها والماء الجاري لا تثبُتُ فيه النجاسة، والجواب عنه أن بئر بضاعة أشهَرُ حالاً من أن يعترضوا عليها بهذا السؤال وهي بئر في بني ساعدة، قال أبو داود في سننه: قَدرت بئر بضاعة بردائي مددتُهُ عليها ثم ذرعتُهُ فإذا عرضه ستة أذرع وسألتُ الذي فتح لي البستان فأدخلني إليها هل غير بناؤها عما كانت عليه فقال:لا ورأيتُ فيها ماءً متغير اللون ومعلومٌ أن الماء الجاري لا يبقى متغير اللون، قال أبو داود: وسمعت قتيبة بن سعيد يقول سألت قَيمَ بئر بضاعة عن عُمقها فقال: أكثر ما يكون الماء فيها إلى العانة قلتُ إذا نقص قال: دون العَورة، والسؤال الثاني إن قالوا لا يجوز أن يُضاف إلى الصحابة أن يلقوا في بئر ماءٍ يتوضأ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المحائض ولحوم الكلاب بل ذلك مستحيل عليهم وِذلك بصيانة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى فدل على ضغف هذا الحديث ووهائه، والجواب عنه أن الصحابة لا يصحُ إضافة ذلك إليهم ولا رَوَينا أنهم فعلوا وإنما كانت بئر بضاعة قربَ مواضع الجيَفِ والأنجاس وكانت تحت الريح وكانت الريحُ تلقي ذَلك فيها، قال: ثم الدليل عليه من طريق المعنى أنه ماءَ كثير فَوَجبَ أن لا ينجس بوقوع نجاسة لا تغيره قياساً على البَعرة.
بَضة:: بالفتح والتشديد، من أسماء زمزم، قال الأصمعي: البض الرخصُ الجسد وليس من البياض خاصة ولكن من الرخوصة والمرأة بَضة وبَض الماءُ يبض بضيضاً إذا سال قليلاً قليلاً والبضضُ الماءُ القليل وركية بضوض قليلة الماء.
البُضَيض:: بلفظ التصغير والبَضيض الماءُ القليل كما ذكر قبل هذه الترجمة وأظنُه، موضعاً في أرض طيئ، قال زيد الخيل الطائي:
عَفتَ أبضَة من أهلها فالأجاولُ |
|
فَجنبا بُضيض فالصعيد المقابلُ |
فبُرقة أفْعَى قد تقادَمَ عهدُهـا |
|
فليس بها إلا النعاجُ المطافـلُ |
يُذَكرُنيها بعد ما قد نَسـيتُـهـا |
|
رَمَاد وَرَسم بالثتـانة مـاثـلُ |
وقال النبهاني:
أرادوا جَلاَئِي يوم فيد وقَربـوا |
|
لِحى ورؤُوساً للشهادة ترعَسُ |
سَيَعلَمُ مَن يَنْوِي جلائي أنـنـي |
|
أرِيبٌ بأكناف البُضَيضَ حَبلْبَسُ |
الحبلبَسُ: المقيم الذي لا يكاد يبرَحُ المنزل: البُضيعُ: مصغر، وُيروَى بالفتح في شعر حسان بن ثابت:
أسَألتَ رَسمَ الدار أم لم تسألِ |
|
بين الجوَابي فالبَضيع فحَومَلِ |
ورواه الأثرَمُ البصيع بالصاد المهملة، وقال: هو جبل بالشم أسوَد عن سعيد بن عبد العزيز عن يونس بن ميسرة بن حَلبس قال: إن عيسى ابن مريم عليه السلام أشرف من جبل البضيع يعني جبل الكسوة على الغُوطة فلما رآها قال عيسى للغوطة: إن يَعجز الغني أن يجمع بها كنزاً فلن يعجز المسكين أن يشبعَ فيها خبزاً، قال سعيد بن عبد العزيز: فليس يموت أحد في الغوطة من الجوع، وقال السكري في شرح قول كثير:
منازل من أسماء لم يَعفُ رسمُها |
|
رياحُ الثريا خِلفَةً فضريبـهـا |
تَلُوحُ بأطراف البضيع كأنـهـا |
|
كتابُ زَبور خُط لَدناً عسيبهـا |
قال البضيع: ظُرَيب عن يسار الجار أسفل من عين الغِفاريين و اسم العين النجح.
البَضيعُ: بالفتح ثم الكسر، جزيرة في البحر، قال ساعدة بن جُوية الهُذَلي
يصف سحاباً:
أفعنك لا بَرق كأن وَمِيضَهُ |
|
غاب تشيبه ضرام مثقـب |
سادٍ تخرم في البضيع ثمانيا |
|
يَلوِي بعَيقات البحار ويَجنِبُ |
قال الأزهري: - ساد - أي مُهمَل: وقال أبو عمرو السادي: الذي يبيت حيث يمسي - تخرم - أي قطع ثمانيا بالبضيع وهي جزيرة في البحر يلوي بماء البحر أي يحمله ليمطره ببلد.