حـرف التـاء: باب التاء والألف وما يليهما

حرف التاء

باب التاء والألف وما يليهما

 التاج:ُاسم لدار مشهورة جليلة المقدار واسعة الأقطار ببغداد من دور الخلافة المعظمة كان أول من وضع أساسه وسماه بهذه التسمية أمير المؤمنين المعتضد ولم يتم في أيامه فأتمه ابنه المكتفي وأنا أذكر ها هنا خبر الدار العزيزة وسبب اختصاصها بهذا الاسم بعد أن كانت دور الخلافة بمدينة المنصور إلى أن أذكر قصة التاج وما يضامه من الدور المعمورة المعظمة، كان أول ما وُضع من الأبنية بهذا المكان قصر جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك وكان السبب في ذلك أن جعفراً كان شديد الشغف بالرب والغناء والتهتك فنهاه أبوه يحيى فلم ينته فقال إن كنت لا تستطيع الاستتار فاتخذ لنفسك قصراً بالجانب الشرقي واجمع فيه ندماءك وقيانك وقضً فيه معهم زمانك وابعد عن عين من يكره ذلك منك، فعمد جعفر فبنى بالجانب الشرقي قصراَ موضع دار الخلافة المعظمة اليوم وأتقنَ بناءه وأنفق عليه الأموال الجمة فلما قارب فراغه سار إليه في أصحابه وفيهم مؤنس بن عمران وكان عاقلاً فطاف به واستحسنه وقال كل من حضر في وصفه ومدحه وتقريظه ما أمكنه وتهيأ له هذا ومؤنس ساكت فقال له جعفر: مالك ساكِت لا تتكلم وتدخل معنا في حديثنا فقال: حسبي ما قالوا: فعلم أن تحت قول مؤنس شيئاً فقال: وأنت إذأ فنك فقد أقسمت لتقولن فقال: أما إذا أبيتَ الا أن أقول فيصير علي الحق قال نعم واختصر فقال: أسألك بالله إن مررت الساعة بدار بعض أصحابك وهي خير من دارك هذه ما كنتَ صانعاً قال حسبك فقد فهمت فما الرأي قال إذا صرتَ إلى أمير المؤمنين وسَألَك عن تأخرك فقل سرت إلى القصر الذي بنيته لمولاي المأمون فأقام جعفر في القصر بقية ذلك اليوم ثم دخل على الرشيد فقال له: من أين أقبلت وما الذي أخْرك إلى الآن فقال: كنت في القصر الذي بنيته لمولاي المأمون بالجانب الشرقي على دجلة فقال له الرشيد وللمأمون بنيته؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين لأنه في ليلة ولادته جعل في حجري قبل أن يجعل في حجرك واستخدمني أبي له فدعاني ذلك إلى أن أتخذت له بالجانب الشرقي قصراً لما بلغني من صحة هوائه ليصح مزاجه ويقوى ذهنه ويصفو وقد كتبت إلى النواحي باتخاذ فرش لهذا الموضع وقد بقي شيءٌ لم يتهيأ اتخاذه وقد عولنا على خزائن أمير المؤمنين إما عارية أو هبةً قال: بل هبة وأسفر إليه بوجهه ووقع منه بموقع وقال أبى الله أن يقال عنك إلا ما هو لك، أو يطعن عليك إلا يرفعك ووالله لا سكنه أحد سواك ولم تمم ما يعوزه من الفرش إلا من خزائننا وزال من نفس الرشيد ما كان خامره وظفر بالقصر بطمأنينة فلم يزل جعفر يتردد إليه أيام فرحه ومتنزْهاته إلى أن أوقع بهم الرشيد وكان إلى ذلك الوقت يسمى القصر الجعفري ثم انتقل إلى المأمون فكان من أحب المواضع إليه وأشهاها لديه واقتطع جملة من البرية عملها ميداناً لركض الخيل واللعب بالصوالجة وحيزاً لجميع الوحوش وفتح له باباً شرقياً إلى جانب البرية وأجرى فيه نهرأ ساقه من نهر المُعلى وابتنى مثله قريياً منه منازل برسم خاصته وأصحابه سميت المأمونية وهي إلى الآن الشارع الأعظم فيما بين عقدي المصطنع والزرادين وكان قد أسكن فيه الفضل والحسن ابني سهل ثم توفي المأمون والياً بخراسان والمقام بها وفي صحبته الفضل والحسن ثم كان الذي كان من إنفاذ العساكر ومقتل الأمين على يد طاهر بن الحسين ومصير الأمر إلي المأمون فأنفذ الحسن بن سهل خليفة له على العراق فَوَرَدها في سنة 198 ونزل في القصر المذكور وكان يعرَف بالمأموني وشفع ذلك أن تزوج المأمون ببُورَانَ بنت الحسن بن سهل بمروَ بولاية عمها الفضل فلما قدم المأمون من خراسان في سنة 203 دخل إلى قصور الخلافة بالخلد وبقي الحسن مقيماً في القصر المأموني إلى أن عمل على عرس بورَانَ بفم الصلح ونقلت إلى بغداد وأنزلت بالقصر وطلبه الحسن من المأمون فوَهبه له وكتبه باسمه وأضاف إليه ما حوله وكتب عليه اسم الحسن فعُرف به مدة وكان يقال له القصر الحسني، فلما طوت العصور ملك المأمون والقصور وصار الحسن بن سهل من أهل القبور بقي القصر لابنته بوران إلى أيام المعتمد على الله فاستنزلها المعتمد عنه وأمر بتعويضها منه فاستمهلته ريثما تفرغ من شغلها وتنقل مالها وأهلها وأخذت في إصلاحه وتجديده ورمه وأعادت ما دثر منه وفرشته بالفرش المذهبة والنمارق المقصبة وزخرفت أبوابه بالستور وملأت خزائنه بأنواع الطرف  مما يحسن موقعه عند الخلفاءِ ورتبت في خزائنه ما يحتاج إليه من الجواري والخدم الخصيان ثم انتقلت إلى غيره وراسلت المعتمد باعتماد أمره فأتاه فرأى ما أعجبه وأرضاه واستحسنه واشتهاه وصار من أحبٌ البقاع إليه وكان يتردد فيما بينه وبين سر من رأى فيقيم هنا تارة وهناك أخرى، ثم توفي المعتمد وهو أبو العباس أحمد بن المتوكل على الله بالقصر الحسني سنة 279 وكانت خلافته ثلاثأ وعشرين سنة وثلاثة أيام وحمل إلى سامراء فدفن بها ثم استولاه المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفق الناصر لدين الله أبي أحمد بن المتوكل فاستضاف إلى القصر الحسني ما جاوره فوسعه وكبره وأدار عليه سوراً واتخذ حوله منازل كثيرة ودوراً واقتطع من البرية قطعة فعملها ميداناً عوضاً من الميدان الذي أدخله في العمارة وابتدأ في بناء، التاجِ وجمع الرجال لحفر الأساسات ثم اتفق خروجه إلى آمد فلما عاد رأى الدخان يرتفع إلى الدار فكرهه وابتنى على نحو ميلين منه الموضع المعروف بالثرَيا ووصل بناء الثريا بالقصر الحسني وابتنى تحت القصر آزاجاً من القصر إلى الثريا تمشي جواريه فيها وحرمه وسراريه وما زال باقياً إلى الغرق الأول الذي صار ببغداد فعفا أثره، ثم مك المعتضد ب الله في سنة 289 وتولى ابنه المكتفي بالله فآتَم عمارة التاج الذي كان المعتضد وضع أساسه بما نقضه من القصر المعروف بالكامل ومن القصر الأبيض الكسروي الذي لم يبقى منه الآن بالمدائن سوى الايوان ورد أمر بنائه إلى أبي عبد الله النقري وأمره بنقض ما بقي من قصر كسرى فكان الاَجر ينقض من شرف قصر كسرى وحيطانه فيوضع في مُسَناة التاج وهي طاعنة إلى وسط دجلة وفي قرارها ثم حمل ما كان في أساسات قصر كسرى فبنى به أعالي التاج وشرفاته فبكى أبو عبد الله النقري وقال إن فيما نراه لمعتبراً نقضنا شرفات القصر الأبيض وجعلناها في مسناة التاج ونقضنا أساساته فجعلناها شرفات قصرآخر فسبحان من بيده كل شيء حتى الآجر، وبذَيل منه أكلدت حوله الأبنية والدور من جملتها قبة الحمار وإنما سميت بذلك لأنه كان يصعد إليها في مدرج حولها على حمار لطيف وهي عالية مثل نصف الدائرة، وأما صفة التاج فكان وجهه مبنياً على خمسة عقود كل عقد على عشرة أساطين خمسة أذرع ووقعت في أيام المقتفي سنة 549 صاعقة فتأججت فيها وفي القبة وفي دارها التي كانت القبة إحدى مرافقها وبقيت النار تعمل فيه تسعة أيام ثم أطفئت وقد صيرته كالفحمَة وكانت آية عظيمة ثم أعاد المقتفي بناءَ القبة على الصورة الأولى ولكن بالجص والآجر دون الأساطين الرخام وأهمل إتمامه حتى مات وبقي كذلك إلى سنة 574فتقدم أمير المؤمنين المستضيءُ بنقضه وإبراز المسناة التي بين يديه إلى أن تحاذى به مسناة التاج فشق أساسها ووضع البناءَ فيه على خط مستقيم من مسناة التاج واستعملت أنقاض التاج مع ما كان أعد من الآلات من عمل هذه المسناة ووضع موضع الصحن الذي تجلس فيه الأثمة للمبايعة وهو الذي يُدعى اليوم التاج. تَاجرفت: بتشديد الجيم وكسر الراء وسكون الفاء وتاءٍ مثناة مثل التي في أوله، اسم مدينة آهلة في طرف إفريقية بين ودان وزويلة وبينها وبين كل واحدة منهما أحد عشر يوماً متوسطة بينهما زويلة غربتها ووَدان شرقيها وبين تاجرفت وفسطاط مصر نحو شهر.

تَاجَرَةُ: بفتح الجيم والراء. بلدة صغيرة بالمغرب من ناحية هُنين من سواحل تلمسان بها كان مولد عبد المؤمن بن علي صاحب المعرب.

تَاجنة: بفتح الجيم وتشديد النون، مدينة صغيرة بإفريقية بينها وبين تنسِ مرحلة وبين سوق إبراهيم مرحلة.

تَاجُونس: بضم الجيم وسكون الواو وكسر النون، اسم قصر على البحر بين برقة وطرابلس، ينسب إليها أبو محمد عبد المعطي مسافر بن يونس التاجونسي الخناعي ثم القودي روى عنه السلفي، وقال: كان من الصالحين وكان سمع بمصر على أبي إسحاق الموطأ رواية القعنبي وصحب الفقيه أبا بكر الحنفي قال: وأصله من ثغر رشيد وكان حنفي المذهب وسألته عن مولده فقال: سنة 460 تخميناً لا يقيناً.

التاجية: منسوبة، اسم مدرسة ببغداد ملاصق قبر الشيخ أَبي إسحاق الفيروزآبادي نسبت إليها محلة هناك ومقبرة والمدرسة منسوبة إلى تاج الملك أبي الغنائم المرزبان بن خسرو فيررز المتولًي لتدبير دولة ملكشاه بعد الوزير نظام الملك، والتاج أيضأ نهر عليه كور بناحية الكوفة.

تَادَلَة: بفتح الدال واللام، من جبال البربر بالمغرب قرب تلمسان وفاس، منها أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي التادَلي كان شاعراً أديباً له مدح في أبي القاسم الزمخشري.

تادَن: بالدال والذال وهي، من قرى بخارى، منها أبو محمد الحسن بن جعفر بن غزوان السلمي التادني يروي عن مالك بن أنس وجماعة سواه روى عنه أبو بكر محمد بن عبد الله َبن إبراهيم البنجيكَتي وحاشد بن مالك البخاري وغيرهما.

تَادِيزَة: بكسر الدال المهملة وياءٍ ساكنة وزاي، من قرى بخارى منها أبو علي الحسن بن الضحاك بن مطر بن هناد التاديزي البخاري يروي عن أسباط بن اليسع وروى عنه أبو بكر محمد بن الحسن المقري توفي في شعبان سنة 326.

تَاذفُ: بالذال المعجمة مكسورة وفاءٍ ، قرية بين حلب وبينها أربعة فراسخ من وادي بُطنان من ناحية بُزاعة، ذكره امرؤ القيس في شعره، فقال:

ويا رب يوم صالح قد شـهـدتـه

 

بتاذف ذات التل من فوق طَرطَرَا

 

ينسب إليها أبو الماضي خليفة بن مدرك بن خليفة التميمي التاذفي كتب عنه السلفي بالرحبة شعراَ وكان من أهل الأدب.


تَارَاءُ: بالراء، قال ابن إسحاق وهو يذكر مساجد النبي صلى الله عليه وسلم بين المدينة وتبوك فقال ومسجد الشق شق تاراء قال نصر تاراءُ، موضع بالشام.


تَارَانُ: جزيرة في بحر القلزم بين القلزم وأيلة يسكنها قوم من الأشقياء يقال لهم بنو جدان يستطعمون الخبز ممم يجتاز بهم ومعاشهم السمك وليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماءٌ عذب وبيوتهم السفن المكسرة ويستعذبون الماء ممن يمرُ بهم في الديمة وربما أقاموا السنين الكثيرة ولا يمر بهم إنسانٌ وإذا قيل لهم ماذا يقيمكم في هذا البلد قالوا: البطن البطن أي الوطن الوطن، قال أبو زيد في بحر القلزم ما بين أيلة والقلزم مكان يعرف بتاران وهو أخبث مكان في هذا البحر وذاك أن به دَوَرَان ماء في سفح جبل إذا وقع الريح على ذروته انقطعت الريح قسمين فتلقي المركب بين شعبتين في هذا الجبل متقابلتين فتخرج الريح من كليهما كل واحدة مقابلة للاخرى فيثور البحر على كل سفينة تقع في ذلك الدوران باختلاف الريحين فتنقلب ولا تسلم أبداَ وإذا كان الجنوب أدنى مهب فلا مبيل إلى سلوكه مقدار طوله نحو ستة أميال وهو الموضع الذي غرق فيه فرعون وجنوده.


تَارَمُ: بفتح الراء، كورة واسعة في الجبال بين قزوين وجيلان فيها قرى كثيرة وجبال وَعرة وليس فيها مدينة مشهورة، ينسب إليها أحمد بن يحيى التارمي المقري ذكره أحمد بن الفضل الباطِرقاني في طبقات القراء، وتارم أيضاً بليدة أخرى وهي آخر حدود فارس من جهة كرمان وأهل شيراز يقولون تَارم بسكون الألف والراء تعمل فيها أكسية خز يبلغ ثمن الكساء قيمة وافرة وبين تارم وشيراز اثنان وثمانون فرسخاَ.


تَاسَن: السين مهملة مفتوحة ونون، من قرى غزنة، نسب إليها بعض العلماء.


تَاشكُوط: بسكون الألف والشين المعجمة والكاف والواو ساكنة وطاء، بلد بالمغرب. تَاكرنى: بفتح الكاف وسكون الراء وضبطه السمعاني بضم الكاف والراء وتشديد النون وهو الصحيح، وهي كورة كبيرة بالأندلس ذات جبال حصينة يخرج منها عدة أنهار ولا تدخلها وفيها معقل رُندة، ينسب إليها جماعة، منهم أبو عامر محمد بن سعد التاكُرُني الكاتب الأندلسي كان من الشعراء البلغاء ذكره ابن ماكولا عن الحميدي عن ابن عامر بن شهيد.


تَاكَرُونَة: بالواو الساكنة، ناحية من أعمال شَذُونة بالأندلس متصلة بإقليم مغيلة.


تَاكِيَانُ: بعد الكاف المكسورة ياء. بلد بالسند.


تَاكِيسُ: بالسين المهملة، قلعة في بلاد الروم في الثغور غزاها سيف الدولة، فقال أبو العباس الصفري:

فما عَصمَت تاكيسُ طالبَ عِصـمة

 

ولا طمرت مطمورة شخص هارب

 

تَالَشَانُ: باللام المفتوحة والشين المعجمة، من أعمال جيلان.


تَامدفُوسُ: اسم مرسى وجزيرة ومدينة خربة بالمغرب قرب جزائر بني مَزْغناي.


تَامَدلت: بلد من بلاد المغرب شرقي لمطة، وقيل تامدنت بالنون، مدينة في مضيق بين جبلين في سند وعر ولها مزارع واسعة وحنطة موصوفة من نواحي إفريقية ولعلهما واحد والله أعلم.


تَامرا: بفتح الميم وتشديد الراء والقصر وليس في أوزان العرب له مثال وهو طسوج من سواد بغداد بالجانب الشرقي وله نهر واسع يحمل السفُنَ في أيام المدود ومخرج هذا النهر من جبال شهرزور والجبال المجاورة لها وكان في مبدأ عمله خِيفَ أن ينزل من الأرض الصخرية إلى الترابية فيحفرها ففُرش سبعة فراسخ وسيق على ذلك الفرش سبعة أنهار كل نهر منها لكورة من كور بغداد وهي جلولاء، مهروذ طابقَ، برزى، براز الروز، النهروان، الذنب، وهو نهر الخالص وقال هشام بن محمد تامرا والنهروان ابنا جوخي حفرا هذين النهرين فنسبا إليهما، وقال عبيد الله بن الحر:

ويوماَ بتَامَرا ولو كنتَ شـاهـداً

 

رأيتَ بتامرا دماءهم تـجـري

أَحفيتُ بشراً يوم ذلـك طـعـنة

 

دوين التراقي فاستهلوا على بشر

 

وتامرا وديالى اسم لنهر واحد.


تَامركيدا: بلد بالمغرب بينه وبين المسيلة مرحلتان.


تَامست: قرية لكتامة وزناتة قرب المسيلة وأشير بالمغرب.


تَامَكَنت: بعد الكاف نون، بلد قرب بَرقة بالمغرب وكل هذه الألفاظ بربرية.


تَامُورُ: اسم رمل بين اليمامة والبحرين والتامور في اللغة الدم وأكلنا الشاة فما تركنا منها تاموراً أي شيئاَ.


تَانكرت: بسكون النون، بلدة بالمغرب بينها وبين تلمسان مرحلتان.


تَاهَرت: بفتح الهاء وسكون الراء وتاء فوقها نقطتان، اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب يقال لاحداهما: تاهرت القديمة وللأخرى تاهرت المحدثة بينهما وبين المسيلة ست مراحل وهي بين تلمسان وقلعة بني حماد وهي كثيرة الأنداء والضباب والأمطار حتى أن الشمس بها قل أن تُرَى ودخلها أعرابي من أهل اليمن يقال له: أبو هلال ثم خرج إلى أرض السودان فأتى عليه يوم له وهج وحَر شديد وسموم في تلك الرمال فنظر إلى الشمس مُضحية راكدة على قمم الرؤوس وقد صهرَت الناسَ فقال مشيرأ إلى الشمس: أما و الله لئن عَزَزتِ في هذا المكان لطالما رأيتك ذليلة بتاهرت. وأنشد:

ما خَلَقَ الرحمنُ من طرفة

 

أشهى من الشمس بتاهرت

وذكر صاحب جغرافيا أن تاهرت في الإقليم الرابع وأن عرضها ثمان وثلاثون درجة وهي مدينة جليلة وكانت قديماً تسمى عراق المغرب ولم تكن في طاعة صاحب إفريقية ولا بلغت عساكر المسودة إليها قط ولا دخلت في سلطان بني الأغلب وإنما كان آخر ما في طاعتهم مُدن الزاب، وقال أبو عبيد: مدينة تاهرت مدينة مسورة لها أربعة أبواب باب الصفا وباب المنازل وباب الأندلس وباب المطاحن وهي في سفح جبل يقال له جزول ولها قصبة مشرفة على السوق تسمى المعصومة وهي على نهر يأتيها من جهة القبلة يسمى مينة وهو في قبلتها ونهر آخر يجري من عيون تجتمع يسمى تاتش ومنه شرب أهلها وأرضها وهو في شرقيها وفيها جميع الثمار يفوق سفرجلها الآفاق حسناً وطعماً وهي شديدة البرد كثيرة الغيوم والثلج وقال بكر بن حماد أبو عبد الرحمن: وكان بتاهرت من حفاظ الحديث وثقات المحدثين المأمونين سمع بالشرق ابن مسدد وعمرو بن مرزوق وبشر بن حجر وبإفريقية ابن سحنون وغيرهم وسكن تاهرت. وبها توفي، وهو القائل:  

ما أخشَنَ البردَ وريعـانَـهُ

 

وأطرفَ الشمسَ بتاهـرت

تَبدو من الغيم إذا ما بَـدَت

 

كأنها تنشر مـن تـخـت

فنحن في بحر بـلا لـجة

 

تجري بنا الريح على سمت

نفرح بالشمس إذا ما بـدت

 

كفرحة الذمي بالسـبـت

قال ونظر رجل إلى توقد الشمس بالحجاز فقال احرقي ما شئتِ و الله إنك بتاهرت لذليلة، قال: وهذه تاهرت الحديثة وهي على خمسة أميال من تاهرت القديمة وهي حصن ابن بخاثة وهي شرقي الحديثة ويقال: إنهم لما أرادوا بناء تاهرت القديمة كانوا يبنون بالنهار فإذا جن الليل وأصبحوا وجدوا بنيانهم قد تهدم فبنوا حينئذ تاهرت السفلى وهي الحديثة وفي قبلتها لواتة وهوارة في قرارات وفي غربيها زواغة وبجنوبيها مطماطة وزناتة ومكناسة، وكان صاحب تاهرت ميمون بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم بن بهرام وبهرام هو مولى عثمان بن عفان وهو بهرام بن بهرام جور بن شابور بن باذكان بن شابور ذي الأكتاف ملك الفرس وكان ميمون هذا رأس الاباضية وإمامهم ورأس الصفرية والواصلية وكان يسلم عليه بالخلافة وكان مجمع الواصلية قريباً من تاهرت وكان عددهم نحو ثلاثين ألفاً في بيوت كبيوت الأعراب يحملونها وتعاقب مملكة تاهرت بنو ميمون وإخوته ثم بعث إليهم أبو العباس عبد الله بن إبراهيم بنٍ الأغلب أخاه الأغلب ثم قتل من الرُستمية عدداً كثيرا وبعث برؤسهم إلى أبي العباس أخيه وطِيفَ بها في القيروان ونُصبت على باب رقادة وملك بنو رستم تاهرت مائة وثلاثين سنة، وذكر محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم وكان خليفة لأبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح بن عبيد بن حرملة المعافري أيام تغلبه على إفريقية بالقيروان فلما قتل محمد بن الأشعث أبا الخطاب في صفر سنة 144، هرب عبد الرحمن بأهله وما خف من ماله وترك القيروان فاجتمعت إلي الإباضية واتفقوا على تقديمه وبنيان مدينة تجمعهم فنزلوا موضع تاهرت اليوم وهو غَيضة أشِبَة ونزل عبد الرحمن منه موضعاً مربعأ لا شَعراء فيه فقالت البربر: نزل تاهرت تفسيره الدف لتربيعه وأدركتهم صلاة الجمعة فصلى بهم هناك فلما فرغ من الصلاة ثارت صيحة شديدة على أسد ظهر في الشعراء فأخذ حيا واتي به إلى الموضع الذي صلى فيه وقُتل فيه فقال عبد الرحمن بن رستم: هذا بلد لا يفارقه سفك دم ولا حرب أبدأ وابتدأوا من تلك الساعة وبنوا في ذلك الموضع مسجداَ وقطعوا خشبة من تلك الشعراءِ وكل على ذلك إلى الآن وهو مسجد جامعها وكان موض تاهرت ملكاً لقوم مستضعفين من مراسة وصنهاجة فأرادهم عبد الرحمن على البيع فأبوا فوافقهم على أن يؤدوا إليهم الخراج من الأسواق ويبيحوا لهم أن يبنوا المساكن فاختطوا وبنوا وسموا الموضع معسكر عبد الرحمن بن رُستم إلى اليوم، وقال المهلبي: بين أشير وتاهرت أربع مراحل وهما تاهرتان القديمة والحديثة ويقال للقديمة: تاهرت عبد الخالق، ومن ملوكها بنو محمد بن أفلح بن عبد الرحمن بن رستم وممن ينسب إليها أبو الفضل أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله التيمي البزاز التاهرتي روى عن قاسم بن أصبع وأبي عبد الملك بن أبي دكيم وأبي أحمد بن الفضل الدينوري وأبي بكر محمد بن معاوية القرضي ومحمد بن عيسى بن رفاعة روى عنه أبو عمر بن عبد البر وغيره.

تَايَاباذ: بعد الألف الثانية باء موحدة وألف وذال معجه من قرى، بوشنج من أعمال هراة، ينسب إلي أبو العلاءِ إبراهيم بن محمد التاياباذي فقيه الكرامية ومقدمهم روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي وغيره.