باب التاء والسين وما يليهما
تَسَارَس: بالفتح والسينان مهملتان. خبرني الحافظ أبو عبد الله بن النجار قال ذكر لي أبو البركات محمد بن أبي الحسن علي بن عبد الوهاب بن حليف أن تَسَارَس قصر ببَرقة وأن أصل أجداده منه روى أبو البركات عن السلفي وكان أبوه أبو الحسن من الأعيان مدحه ابن قَلاقس وله أيضاً شعر وهو الذي جمع شعر ابن قلاقس و اسمه أبو الفتح نصر الله بن قلاقس، ومن هذا القصر أيضاً أبو الحسين زيد بن علي التسارسي كان فقيهاً فاضلاً، وابنه أبو الرضا علي بن زيد بن علي الخياط التسارسي روى عن السلفي أبي طاهر روى عنه جماعة منهم الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي قال وقال لي كان جدي من تسارَس وولد أبي بالاسكندرية، ولابن قلاقس الاسكندري في زيد أهاج منها:
رقق نجل التسارسي الـمـعـانـي |
|
في الحديث الـذي يضـاف إلـيه |
صار يجري على الجواري الجواري |
|
ويعاني اقـتـضـاخـهـا بـيدَيه |
تُستَر: بالضم ثم السكون وفتح التاءِ الأخرى وراء. أعظم مدينة بخوزستان اليوم وهو تعريب شُوشتر، وقال الزجاجي سميت بذلك لأن رجلاً من بني عجْل يقال له تُستَر بن نون افتتحها فسميت به وليس بشيءِ والصحيح ما ذكره حمزة الأصبهاني. قال الشوشتر مدينة بخوزستان تعريب شوش- بإعجام الشينين قال ومعناه النزه والحسن والطيب واللطيف فبأي الأسماء وسمتها من هذه جاز قال وشوشتر معناه معنى أفعل فكأنه قالوا أنزهُ وأطيبُ وأحسن يعني أن زيادة التاء والراء بمعنى أفعل فإنهم يقولون للكبير بُزُرك فإذا أرادوا أكبر قالوا بُزُركتر مطرد. قال والسوس مختطة على شكل باز وتُستَر مختطة شكل فرس وجندي سابور مختطة على شكل رُقعة الشطرنج، وبخوزستان أنهار كثيرة وأعظمها نهر تُستَر وهو الذي بَنى عليه سابور الملك شافروان بباب تستَر حتى ارتفع ماؤه إلى المدينة لأن تُستر على مكان مرتفع من الأرض وهذا الشاذروان من عجائب الأبنية يكون طوله نحو الميل مبني بالحجارة المحكمة والصخر وأعمدة الحديد وبلاطه بالرصاص وقيل إنه ليس في الدنيا بناة أحكم منه. قال أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي كتبتُ إلى أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين السكري وهو بتُستَر أتشوقه:
ريح الصباء إذا مررتِ بتُستَر |
|
والطيب خُصيها بألف سـلام |
وتعرفي خبرَ الحسين فـإنـه |
|
مذ غاب أودَعني لهيب ضرام |
قولي له مذ غِبتَ عني لم أذُق |
|
شوقاً إلى لقياك طيبَ منـام |
واللـه مـا يومً يمـر ولـيلة |
|
إلا وأنت تزور في الأحلام |
قال فأجابني من تُستَر:
مَرت بنا بالطيب ثم بتُـسـتَـر |
|
ريح روائحها كنـشـر مُـدَام |
فَتَوقفت حُسنَى إلي وَبَلـغَـت |
|
أضعافَ ألف تحـية وسـلام |
وسألتُ عن بغداد كيف تركتِها |
|
قالت كمثل الروض غب غمام |
فلكِدتُ من فرَح أطير صبـابةً |
|
وأصُولُ من جَذَلٍ علـى الأيام |
ونسيتُ كل عظـيمة وشـديدة |
|
وظننتُها حلمـاً بـن الأحـلام |
وبتُستَر قبرُ البراء بن مالك الأنصاري وكان يُعمل بها ثياب وعمائم فائقة، ولبس يوماً الصاحب بن عباد فَي عمامة بطِراز عريض من عمل تُستر فجعل بعض جلسائه يتأملها ويطيل النظر إليها فقال الصاحب ما عملت بتُستر لتُسترَ. قلت وهذا من نوادر الصاحب وقال ابن المققع أول سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وسور تُستر ولا يُدرَى من بناهما والأبلة وتفرد بعض الناس بجعل تُستر مع الأهواز وبعضهم يجعلها مع البصرة، وعن ابن عون مولى المسوَر قال حضرت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد اختصم إليه أهل الكوفة والبصرة في تُستر وكانوا حضروا فتحها فقال أهل الكوفة هي من أرضنا وقال أهل البصرة هي من أرضنا فجعلها عمر بن الخطاب أرض البصرة لقربها منها، وأما فتحها فذكر البلافرذري أن أبا موسى الأشعري لما فتح سرّقَ سار منها إلى تستر وبها شوكة العدو وحَدهم فكتب إلى عمر رضي الله عنه يستمده فكتب عمر إلى عمار بن ياسر يأمر بالمسير إليه في أهل الكوفة فقدم عمار جرير بن عبد الله البجلي وسار حتى أتى تُستر وكان على ميمنة أبي موسى البراءُ بن مالك أخو أنس بن مالك رضي الله عنه وكان على ميسرته مجزَأة بن ثور السدُوسي وعلى الخيل أنس بن مالك وعلى ميمنة عمار البراءُ بن عازب الأنصاري وعلى ميسرته حذيفة بن اليمان العبسي وعلى خيله قَرَظَة بن كعب الأنصاري وعلى رجاله النعمان بن مقرن المُزَني فقاتلهم أهل تُستر قتالاً شديداً وحمل أهل البصرة وأهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر فضاربهم البراءُ بن مالك على الباب حتى استشهد ودخل الهرمَزان وأصحابه إلى المدينة بشر حال وقد قُتل منهم في المعركة تسعمائة وأسر ستمائة ضُربت أعناقهم بعد وكان الهرمزان من أهل مِهرجان قَذَق وقد حضر وقعة جلولاء مع الأعاجم ثم إن رجلاً من الأعاجم استأمَنِ إلى المسلمين فأسلم واشترط أن لا يعرض له ولوَلده ليدلهم على عَورة العجم فعاقده أبو موسى على ذلك ووجه معه رجلاً من بني شيبان يقال له أشرَس بن عوف فخاض به على عرق من حجارة حتى علا به المدينة وأراه الهرمزان ثم رده إلى المعسكر فندَبَ أبو موسى أربعين رجلاً مع مَجزأة بن ثور واتبعهم مائتي رجل وذلك في الليل والمستأمن تقدمهم حتى أدخلهم المدينة فقتلوا الحرس وكبروا على سور المدينة فلما سمع الهرمزان ذلك هرب إلى قلعته وكانت موضع خزائنه وأمواله وعبر أبو موسى حين أصبح حتى دخل المدينة واحتوى عليها وجعل الرجل من الأعاجم يقتل أهله وولده ويلقيهم في دُجَيل خوفاً من أن تظفر بهم العرب وطلب الهرمزان الأمان فأبى أبو موسى أن يعطيه ذلك إلا.على حكم عمر رضي الله عنه فنزل على ذلك فقتل أبو موسى من كان في القلعة جهراً ممن لا أمان له وحمل الهرمزان إلى عمر فاستحياه إلى أن قتله عبيد الله بن عمر إذ اتهمه بموافقة أبي لُؤلُؤة على قتل أبيه، وينسب إلى تُستر جماعة منهم سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله التستري شيخ الصوفية صحب ذا النون المصري وكان له كرامات وسَكن البصرة ومات سنة 283 وقيل سنة 273 وأما أحمد بن عيسى بن حتان أبو عبد الله المصري يعرف بالتستري قيل إنه كان يتجر في الثياب التسترية وقيل كان يسافر إلى تستر حدث عن مفضل بن فضالة المصري ورشيد بن سعيد المهري روى عنه مسلم بن الحجاج النيسابوري لإبراهيم الحربي وابن أبي الدنيا وعبد اللَّه بن محمد البغوي وسمع يحيى بن معين يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه كذاب وذكره أبو عبد الرحمن النسائي في شيوخه وقال لا بأس به ومات بسامزا سنة 243. التستَرِيون: جمع نسبة الذي قبله. محلة كانت ببغداد في الجانب الغربي بين دجلة وباب البصرة عن ابن نُقطة يسكنها أهل تُستر وتعمل بها الثياب التسترية، ينسب إليها أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري التُستري المقري سمع أبا طالب العُشَاري وأبا إسحاق البرمكي وغيرهما وانفرد بالرواية عن ابن شيخ الحَرَوري روى عنه خلق كثير اَخرهم أبو اليمن الكندي مولده سنة435، وشجاع بن علي الملاح التستري حدث عن أبي القاسم الحريري سمع منه محمد بن مشق، وعبد الرزاق بن أحمد بن محمد البقال التستري كان ورعاً صالحاً توفي في شهر رمضان سنة 468 حَدثا، وبركة بن نزار بن عبد الواحد أبو الحسين التستري حدث عن أبي القاسم الحريري وغيره وتوفي سنة 600، وأخوه عبد الواحد بن نزار أبو نزار حدث عن عمر بن عبد الله الحريي وأبي الحسن علي بن محمد بن أبي عمر البزاز بالمجلس الأول من أهالي طراد سمع منه الإمام الحافظ ابن نقطة وذكر ذلك من شُجاع إلى هنا.
التسرير: بالفتح ثم السكون وكسر الراءِ وياءٍ ساكنة وراء. قاَل أبو زياد
الكلابي. التسرير ذو بحار وأسفله حيث انتهت سيوله سمي الشر. قال وقال
أعرابي طاح في بعض القرى لمرض أصابه فسأله من يأتيه أي شيء تشتهي. فقال:
إذا يقولون ما يشفيك قلت لهـم |
|
دخانُ رِمثٍ من التسرير يشفيني |
مما يَضُمُ إلى عُمران حاطـبُـه |
|
من الجُنينة جَزْلاً غير مـوزون |
الرمث وَقُود وحَطَب حار ودخانه ينفع من الزكام، وقال أبو زياد في موضع آخر ذو بحار واد يصب أعلاه في بلاد بني كلاب ثم يسلك نحو مهب الصبا ويسلك بين الشرَيف شُرَيف بني نمير وبين جَبلَة في بلاد بنى تميم حتى ينتهي إلى مكان يقال له التسرير من بلاد عُكل. قال وفي التسرير أثناء وهي المعاطف فيه منها ثِنْيٌ لغَني بن أعصر وثنيُ نُمَير بن عامر وفيه ماء يقال له الغِزيمة وجبل يقال له الغِزيف وثن لبني ضبة لهم فيه مياه ودار واسعة ثم سائر التسرير إلى أن ينتهي في بلاد تميم. قال الراعي:
حي الـديار ديار أم بـشـير |
|
بنُوَيعتين فشاطى التسـرير |
لعِبت بها صفة، النعامة بعدما |
|
زُوارها من شَمأل ودَبـور |