حـرف الـثـاء: باب الثاء والغين وما يليهما

باب الثاء والغين وما يليهما

الثغْر: بالفتح ثم السكون وراء. كل موضع قريب من أرض العدو يسمى ثَغراً كأنه مأخوذ من الثغرة وهي الفرجة في الحائط. وهو في مواضع كثيرة منها ثَغرُ الشام وجمعه ثغور وهذا الاسم يشمل بلاداًَ كثيرة وهي البلاد المعروفة اليوم ببلاد ابن لاون ولا قصبة لها لأن أكثر بلادها متساوية وكل بلد منها كان أهله يرون أنه أحق باسم القصبة فمن مدنها بياس ومنها إلى الإسكندرية مرحلة ومن بياس إلى المصيصة مرحلتان ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن المصيصة إلى أذنة مرحلة ومن أذنة إلى طرسوس يوم ومن طرسوس إلى الجوزات يومان ومن طرسوس إلى أولاس على بحر الروم يومان ومن بياس إلى الكنيسة السوداءِ وهي مدينة أقل من يوم ومن بياس إلى الهارونية مثله ومن الهارونية إلى مرعش وهي من ثغور الجزيرة أقل من يوم ومن مشهور مدن هذا الثغر أنطاكية وبغراس وغير ذلك إلا أن هذا الذي ذكرنا أشهر مدنها، وقال أحمد بن يحيى بن جابر كانت الثغور الشامية أيام عمر وعثمان  وبعد نلك أنطاكية وغيرها المدعوة بالعواصم وكان المسلمون يغزون ماوراءها كغزوهم اليوم وراء طرسوس وكانت فيما بين الإسكندرية وطرسوس حصون ومسالح للروم كالحصون والمسالح التي يمر بها المسلمون اليوم وكان هرقل نقل أهل تلك الحصون معه وشعثها فكان المسلمون إذا غزوها لم يجدها فيها أحداً وربما كمنَ عندها قوم من الروم فأصابها غرة المسلمين المنقطعين عن عساكرهم فكان وُلاة الشواتي والصوائف إذا دخلها بلاد الروم خلفها بها جنداً كثيفاً إلى خروجهم، وقد اختلفها في أول من قطع الحرب وهو درب بَغراس فقيل قطعه ميسرة بن مسروق العبسي وجهه أبو عبيدة فلقي جمعاً للروم ومعهم مستعربة من غسان وتنوخ يريدون اللحاق بِهرَقل فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ثم لحق به مالك الأشتر التخعي مدداً من قبل أبي عبيدة وهو بأنطاكية، وقال بعضهم أول من قطع الحرب عُمَير بن سعد الأنصاري حين توجه في أمر جبلة بن الأيهم، وقال أبو الخطاب الأزدي بلغني أن أبا عبيدة بنفسه غزا الصائفة فمر بالمصيصة وطرسوس وقد جلا أهلها وأهل الحصون التي تليها فأدرب فبلغ في غزاته زَندةَ، وقال غيره إنما وجه ميسرة بن مسروق فبلغ زندة، وقال أبو صالح لمّا غزا معاوية عمصرية سنة 25 وجد الحصون فيما بين أنطاكية وطرسومس خالية فوقف عندها جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنسرين حتى انصرف من غزواته ثم أغزا بعد ذلك بسنة أو سنتين يزيد بن الحر العبسي الصائفة وأمره معاوية أن يفعل مثل فعله. قال وغزا معاوية سنة 31 من ناحية المصيصة فبلغ درَوَلية فلمارجع جعل لا يمرُ بحصن فيما بينه وبين أنطاكية إلاهدمه. قال المؤلف رحمه الله ثم لم يزل هذا الثغر وهو طرسوس وأنَنة والمصيصة وما ينضاف إليها بأيدي المسلمين والخلفاء مهتمين بأمرها لا يلونها إلا. شجعان القواد والراغبين منهم في الجهاد والحروب بين أهلها والروم مستمرة والأمصر على مثل هذه الحال مستقرة حتى ولي العواصم والثغور الأمير سيف الدولة علي بن أبي الهيْجَاء بن حمدان فصمد للغزو وأمعن في بلادهم واتفق أن قابله من الروم ملوك أجلاد ورجال أولها بأس وجلاد وبصيرة بالحرب والدين شداد فكانت الحرب بينهم سجالا إلى أن كان من وقعة مغارة الكحل في سنة 349 ومن ظفر الروم بعسكر سيف الدولة ورجوعه إلى حلب في خمسة فرسان على ما قيل، ثم تلا ذلك هجومُ الروم على حلب في سنة 351 وقتل كل من قدرها عليه من أهلها ما كان عجز سيف الدولة وضعف فترك الشامٍ شاغراَ ورجع إلى ميافارقين والثغر من الحماة فارغاً فجاءهم نقفور الدمستق فحاصر المصيصة ففتحها ثم طرسوس ثم سائر الثغور وذلك في سنة 354 كما ذكرناه ني طرسوس فهو في أيديهم إلى هذه الغاية وتولاها لاون الأرمني ملك الأرمن يومئذ في في عقبه إلى الآن، وقد نسبها إلى هذا الثغر جماعة كثيرة من الزُواة والزهاد والعباد. منهم أبو أمَنة محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الطرسوسي الثغري كذا نسبه غير واحد من المحدثين وهو بغدادي المولد سكن طرسوس وسمع يوسف بن عمر اليمامي وعمربن حبيب القاضي ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وأبا عاصم النبيل ومكي بن إبراهيم والفضل بن دكين وقبيصة بن عقبة وإسحاق بن منصور السلولي وأسوَد بن عامر شادن وغيرهم روى عنه أبو حاتم الرازي ومحمد بن خلف وكيع ويحيه بن صاعد والحسين بن إبراهيم المحاملي وغيرهم وسُئل عنه أبو !اود سليمان بن الأشعث فقال ثقة، وأما ثَغْرُ أسفيجاب فلم يزل ثغراً من جهته وقد ذكر أسفيجاب في موضعه. نُسب إليه هكذا طالب بن القاسم الفقيه الثغري الأسفيجابي كان من فقهاء ما وراءَ النهر، وثَغْرُ فُرَاوَة قرب بلاد الديلم. ينسب إليه محمد بن أحمد بن الحسين الغِطْرِيفي الجرجاني الثغري وكان الإسماعيلي يدلس به في الرواية عنه هكذا يقول حدثنا محمد بن أحمد الثغري. وأما ثغر الأندلس، فينسب إليه أبو محمد عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزْم بن خلف الثغري من أهل قلعة أيوب سمع بنُطيلة من ابن شِبل وأحمد بن يوسف بن عباس بمدينة الفرَج من وهب بن مَسرة ورحل الى المشرق سنة 350 فسمع ببغداد من أبي علي الصواف وأبي بكر بن حمدان سمع منه مسند أحمد بن حنبل والتاريخ دخل البصرة والكوفة وسمع بها وسمع بالشام ومصر وغيرهما من جماعة يكثر تعدادهم وانصرف إلى الأندلس ولزم العبادة والجهاد واستقضاه الحكم المنتصر بموضعه ثم استعفاه  منه فأعفاه وقدم قرطبة في سنة375 وقرأ عليه الناس. قال ابن الفرَضي وقرأت عليه علماً كثيراً فعاد إلى الثغر فأقام إلى أن مات وكان يعد من الفرسان وتوفي سنة 383 بالثغر من مشرق الأندلس.

ثُغْرَةُ: بالضم ثم التسكين. ناحية من أعراض المدينة.

الثغُورُ: بالفتح ثم الضم. حصن باليمن لِحِمْيرَ.

الثغد: تصغير ثغد وهو مهمل في كلامهم فيكون مرتجلاً. ماء لبني عُقَيل بنجد.