حـرف الـجـيـم: باب الجيم والعين وما يليهما

باب الجيم والعين وما يليهما

جَعْبَرٌ : بالفتح ثم السكون وباءِ موحدة مفتوحة وراءٍ والجَعبَرُ في اللغة الغليظ القصير. قال رؤبة:

لاجَعْبَـريات ولاطَـهَـامـلا

 

يَمسين عن قس الأذى غوافلا

 

قلعةُ جَغبَر على الفرات بين بالس والرقة قرب صفين وكانت قديماً تسمى دوسر فملكها رجل من بني قشير أعمى يقال له جَعبَربن مالك وكان يخيف السبيل ويلتجىء إليها ولما قصد السلطان جلال الدين ملك شاه بن أرملان ديار ربيعة ومُضر نازلها وأخذها من جعبر ونفى عنها بني قشير وسار إلى حلب وقلعتها بتملك سالم بن مالك بن بدران بن مقلد العُقَيلي وكان شرف الدولة مسلم بن قُرَيش بن بدران بن مقلد ابن عمه قد استخلف فيها ثم قُتل مسلم وسلم حلب إلى ملك شاه في شهر رمضان سنة 499 ودخلها وعوض سالم بن مالك عن حلب قلعة جعبر وسلمها إليه فأقام بها سنين كثيرة ومات ووليها ولده إلى أن أخذها نور الدين محمود بن زنكي من شهاب الدين مالك بن علي بن مالك بن سالم لأنه كان نزل يتصيد فأسره بنو كلب وحملوه إلى نور الدين وجرت له معه خطوبٌ حتى عوضه عنها سَرُوجَ وأعمالها وملاحة حلب وباب بزاعة وعشرين ألف دينار وقيل لصاحبها أيما أحب إليك القلعة أم هذا العوض فقال هذا أكثر مالاً وأما العز ففقدناه بمفارقة القلعة، ثم انتقلتِ إلى بني أيوب فهي الاَن للملك الحافظ بن العادل أبي بكر بن أيوب.


جعرَانُ: فعلاَنُ من الجعر وهو نجو كل ذات مِخلَب من السباع، وجَعرانُ. موضع.


 الجعرانة: بكسر أوله إجماعاً ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءَه وأهل الإتقان والأدب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء، وقد حُكي عن الشافعي أنه قال المحدثون يخطئون في تشديد الجعرانة وتخفيف الحدَيبية إلى هذا مما نقلته، والذي عندنا أنهما روايتان جيدتان. حكى إسماعيل بن القاضي عن علي بن المديني أنه قال أهل المدينة يثقلونه وينقلون الحديبية وأهل العراق يخففونهما ومذهب الشافعي تخفيف الجعرانة وسمع من العرب من قد يثقلها وبالتخفيف قيدها الخطابي، وهي ماءَ بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أقرب نزلها النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هَوَازن مرجعه من غزاة حُنين وأحرم منه صلى الله عليه وسلم وله فيه مسجد وبه بثار متقاربة، وأما في الشعر فلم نسمعها إلا مخففة. قال:

فياليت في الجعرانة اليوم دارهـا

 

وداري ما بين الشام فكـبـكَـب

فكنتُ أراها في الملبـين سـاعة

 

ببطن مِنًى ترمي جمار المحصب

 

وقال آخر:

أشاقَك بالجعرانة الركبُ ضحوَةً

 

يؤمون بيتاً بالنذور السـوامـر

فظلت كمقمصر بها ضل سعيه

 

فجيءَ بعَنس مُشمَخر مسامـر

 

وهذا شعر أثر التوليد والضعفُ عليه ظاهر كُتب كما وُجد، وقال أبو العباس: القاضي أفضلُ العُمرة لأهل مكة ومن جاورها من الجعرانة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر منها وهي من مكة على بريد من طريق العراق فإن أخطأ ذلك فمن التنعيم، وذكر سيف بن عمر في كتاب الفتوح ونقلته من خط ابن الخاضبة قال: أول من قدم أرض فارس حرملة بن مُرَيطة وسلمى بن القين وكانا من المهاجرين ومن صالحي الصحابة فنزلا أطَدَ ونَعمانَ والجعرانة في أربعة آلاف من بني تميم والرباب وكان بإزائهما النوشجان والفيومان بالوركاء فزحفها إليهما فغلبوهما على الوركاءِ. قلت: إن صح هذا فبالعراق نعمان والجعرانة متقاربتان كما بالحجاز نعمان والجعرانة متقاربتان.


الجعفَريُ: هذا اسم قصر بناه أمير المومنين جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بالله قرب سامراءَ بموضع يسمى الماحوزة فاستحدث عنده مدينة وانتقل إليها وأقطَع القُوادَ منها قطائع فصارت أكبر من سامراء وشق إليها نهراً فوهتهُ على عشرة فراسخ من الجعفري يعرف بجبة دجلة وفي !هذا القصر قُتل المتوكل في شوال سنة 247 فعاد الناس إلى سامراء وكانت النفقة عليه عشرة آلاف درهم. كذا ذكر بعضهم في كتاب أبي عبد الله بن عَبدوس وفي سنة245 بَنَى المتوكل الجعفريَ وأنفق عليه ألفَي ألف دينار وكان المتولي لذلك دليل بن يعقوب النصراني كاتب بُغا الشرابي قلت: وهذا الذي ذكره ابن عبدوس أضعافُ ما تقدم لأن الدراهم كانت في أيام المتوكل كل خمسة وعشرين درهماً بدينار فيكون عن ألفي ألف دينار خمسون ألف ألف درهم. قال ولما عزم المتوكل على بناء الجعفري تقدم إلى أحمد بن إسرائيل باختيار رجل يتقلد المستَغلات بالجعفري من قبل أن يُبنى وإخراج فضول ما بناه الناس من المنازل فسمى له أبا الخطاب الحسن بن محمد الكاتب فكتب الحسن بن محمد إلى أبي عون لما دعِيَ إلى هذا العمل:

 

إني خرجتُ إليك من أعجوبة

 

مما سمعتَ به ولما تسمـع

سُميتُ للاسواق قبل بنـائهـا

 

ووليت فضل قطائع لم تُقطعِ

 

ولما انتقل المتوكل من سامرَاء إلى الجعفري انتقل معه عامة أهل سامرًاء حتى كادت تخلو، فقال في ذلك أبو علي البصير هذه الأبيات:

إن الحقـيقة غـير مـا يتـوهـم

 

فاختَر لنفسك أي أمـر تَـعـزِمُ

أتكون في القوم الـذين تـأخـروا

 

عن خطهم أم في الذين تقـدمـوا

لاتقعدن تلوم نـفـسـك حـين لا

 

يُجدِي عـلـيك تـلـومٌ وتـنـدمُ

أضحت قِفاراَ سر من راما بـهـا

 

إلا لمنـقـطـع بـه مـتـلـومُ

تبكي بظاهر وَحـشة وكـأنـهـا

 

إن لم تكن تبكي بعَين تَـسـجُـمُ

كانت تظـلـم كـل أرض مـرة

 

منهم فصارت بعدهـن تـظـلـمُ

رحل الإمام فأصبحَت وكـأنـهـا

 

عَرَصات مكة حين يمضي المَوسِمُ

وكأنما تلك الشوارع بـعـض مـا

 

أخلَتْ أيادُ من البـلاد وجُـرهُـمُ

كانت معاداً للعيون فأصبحـت

 

عِظَةً ومعتبراً لمـن يتـوسـمُ

وكأن مسجدها المشيد بـنـاؤه

 

ربع أحَالَ ومنزلٌ مـتـرسـمُ

وإذا مررتَ بسوقها لم تُثنَ عن

 

سنن الطريق ولم تجد من يزحمُ

وترى الذراري والنساء كأنهـم

 

خلف أقام وغاب عنه الـقـيمُ

فارحل إلى الأرض التي يحتلُها

 

خير البـرية إن ذاك الأحـزَمُ

وانزل مجاوره بأكرم مـنـزل

 

وتَيمم الجهةَ الـتـي يتـيمـم

أرض تسالمَ صيفَها وشتـاؤهـا

 

فالجسمُ بينهما يصحُ ويَسـلَـمُ

وصفت مشاربُها وراق هواؤها

 

والتَذ بردَ نسيمها المتـنـسـمُ

سهلية جبـلـية لا تـحـتـوِي

 

حراً ولا قراً ولا تُسـتـوخَـمُ

 

وللشعراء في ذكر الجعفري أشعار كثيرة، و أحسن ما قيل فيه قول البُحتُري:

قد تمَ حسنُ الجعفـري ولـم يكـن

 

ليتم إلا بالـخـلـيفة جـعـفـر

في رأس مشرفةِ حصاها لـؤلـؤ

 

وترابها مسك يشاب بـعـنـبـر

مخضزةٍ والغَيث ليس بـسـاكـب

 

ومُضيئة والليل ليس بـمُـقـمـرِ

ملأت جوانبَها الفضاءَ وعانَـقـت

 

شُرُفاتُها قطعَ السحاب الممـطـر

أزْرى على هِمَم الملوك وغض عن

 

بُنيان كسرى في الزمان وقيصـر

عالٍ على لحظ العـيون كـأنـمـا

 

ينظرن منه إلى بياض المشتـري

وتسير دجلة تـحـتـه فـفـنـاؤه

 

من لجةِ غمرٍ وروضٍ أخـضـر

شجر تلاعبه الرياحُ فتـنـثـنـي

 

أعطافه في سـائح مـتـفـجـر

أعطيتَه محضَ الهوى وخصصتَـه

 

بصفاء ود مـنـك غـيرمـكـدر

واسم شققتَ له من اسمك فاكتسـى

 

شرف العلو به وفضل المفـخـر

الجعفَرية: منسوبة إلى جعفر. محلة كبيرة مشهورة في الجانب الشرقي من بغداد، والجعفرية يقال لي جعفرية دبشُو قرية من كورة الغربية بمصر، والجعفرية تعرف بجعفرية الباذنجانية قرية بمصر أيضاً من كورة جزيرة قُوَسِنيا.

جعفي: بالضم ثم السكون والفاءُ مكسورة وياء مشددة. مخلاف جُعفِي باليمن. ينسب إلى قبيلة من مذحج وهو جُعفي بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد بن يَشجُب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يَعرُب بن قحطان بينه وبين صنعاءَ اثنان وأربعون فرسخاً.

الجعموسَةُ: ماء لبني ضَبينة من غني قرب جبلة.