حـرف الـحـاء: باب الحاء واللام وما يليهما

باب الحاء واللام وما يليهما

حُلاَحِلُ: بضم الحاءِ الأولى وكسر الثانية. موضع يروى في بيت ذي الرمة:

هَيا ظبيَة الوعساء بين حُلاَحل

 

وبين النقا آأنت أم أمُ سـالـم

 

بالجيم والحاءِ وقد تقدم ذكره والحُلاَحل السيد الركين والجمع الحلاَحل بالفتح.


حلاَل: بالفتح بلفظ ضد الحرام. اسم صنم لبني فزازة، والحلال أيضاً جبل في طريق مصر من الشام دون العريش إلى الشام وكان من منازل بني راشدة فلما قصد عمرو بن العاص فتح مصر نفرت منه بنو راشدة جبل الحلال.


حِلاَلٌ : بالكسر وتخفيف اللام. من نواحي اليمن والحلال جماعة بيوت الناس واحدتها حلة وهي حِلال أي كثيرة والحلال متاع الرجل.


حُلاَمات: بالضم. قال أبو محمد الآعرابي ونزل باللعين المِنقري ابن أرض المري فذبح له كلباً فقال:

دعاني ابنُ أرض يَبتغي الزاد بعدما

 

تَرَامى حُلامـات بـه وأجـارد

ومن ذات أصفاءٍ سُهوب كأنـهـا

 

مزاحف هَزْلى بَيتها متـبـاعـد

رأى ضوء نار من بعيد فأمـهـا

 

تلوح كما لاحت نجومُ الفـراقـد

فقلت لعبدي اقتـلا داء بـطـنـه

 

وأعفاجه العظمى ذوات الـزوائد

فجاءَا بخرشاوَي شعيرعلـيهـمـا

 

كراديسُ من أوصال أكدر سافـد

فما نام حتى نازع الشحـم أنـفَـهُ

 

وبِتنا نعلي أسـتَـهُ بـالـوسـائد

فبات بشر غير ضـر وبـطـنُـهُ

 

تعج عجيج المعصرات الرواعـد

 

الحُلاَوَةُ: بلفظ ضد الحموضة. موضع عن ابن دريد.


الحِلاَءَةُ: بالكسر ويروى بالفتح وبعد الألف همزة، يجوز أن يكون من حلات الأديم إذا قشرتَه. قال الأزهري والخارزنجي الحلاءَة.

 

 موضع شديد البرد. وأنشدا لصخر الغي الهذلي:

كأني أراه بالحِلاءَة شاتياً

 

تُقشر على أنفه أم مرزم

 

وأم مرزم: الريح البارد بلغة هذيل، فأجابه أبو المثلم:

أعيرتَني قر الحِلاءة شـاتـياً

 

وأنت بأرض قرها غير مُنجِم

 

وقال عرام يقابل مَيطان من جبال المدينة جبل يَقال له السن وجبال كبار شواهق يقال لها الحلاءة واحدها حلاء لا تنبت شياً ولا ينفع بها إلا ما يقطع للأرحاء ويحمل إلى المدينة وما حواليها، وأنشد الزمخشري لعدي بن الرقاع:

كانت تحل إذا ما الغيث أصبحها

 

بطنَ الحَلاءَة فالأمرارَ فالسرَرَا

كذا أنشده بفتح الحاء، وقال طفَيل الغَنَوي:

لو سئلت عنا فزارةُ نـبـأت

 

بطعنِ لنا يوم الحلاَءة صائب

الحلاءة: بتشديد اللام والفتح. موضع عن ابن دريد.

الحلائق: كأنه جمع حليقة أو حالق في غزاة ذي العُشيرة.قال ابن إسحاق ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن بطحاءِ ابن أزهر فنزل الحلائق يساراً ورواه بعضهم الخلائق بالخاء المعجمة وهي أبار معلومة وفسرها من رواها بالخاء المعجمة أنها جمع خليقة وهي البئر التي لاماء فيها.

حلبان بالتحريك. موضع باليمن قرب نجران. قالجرير:  

لله درُ يزيد يومَ دعـاكـم

 

والخيل مُحلبة على حلَبان

 

والمحلب: بالحاء المهملة الناصر. قال لا يأتيه للنصر مُحلب، وقال زياد من مياه بني قُشَير حَلَبان وفيه مثل من أمثال العرب وهو قولهم ترو فإِنك وارد حَلبان وذلك أن حلبان قليل الماء خبيثه وهو لبني معاوية بن قشير.


حلب: بالتحريك. مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات بة الهواء صحيحة الأديم والماء وهي قصبة جند قنسرين في أيامنا هذه والحلب في اللغة مصدر قولك حلبتُ أحلبُ حلباً وهربتُ هرباً وطربت طرباً والحلب أيضاً اللبن الحليب يقال: حلبنا وشربنا لبناً حليباً وحلباً والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها. قال الزجاجي سميت حلب لأن إبراهيم عليه السلام كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدق به فيقول: الفقراءُ حلبَ حلبَ فسمي به. قلت: أنا وهذا فيه نظر لأن إبراهيم عليه السلام وأهل الشام في أيامه لم يكونها عرباً إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل عليه السلام وقحطان على أن لإبراهيم في قلعة حلب مقامان يزاران إلى الآن فإن كان لهذه اللفظة أعني حلب أصل في العبرانية أو السريانبة لجاز ذلك لأن كثيراً من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم كهنم في جهنم. وقال قوم: إن حلب وحمص وبرذعة كانها إخوة من بني عمليق فبنى كل واحد منهم مدينة فسميت به وهم بنو مهربن حيص بن جان بن مكتف، وقال الدرقي عمليق بن يلمع بن عائذ بن إسليخ بن لوذ بن . ويقال غيره عمليق بن لوذ بن سام وكانت العرب تسميه غريباً وتقول في مثل مَن يطِعْ غريباً يمس غريباً يعنون عمليق بن لوذ ويقال إن لهم بقية في العرب لأنهم كأنها قد اختلطها بهم ومنهم الزباء فعلى هذا يصحُ أن يكون أهل هذه المدينة كانها يتكلمون بالعربية فيقولون حلب إذا حلب إبراهيم عليه السلام. قال بطليموس: طول مدينة حلب تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة داخلة في الإقليم الرابع طالعها العقرب وبيت حياتها إحدى وعشرون درجة من القوس لها شركة في النسر الطائر تحت إحدى عشرة درجة من السرطان وخمس وثلاثون دقيقة يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان. قال أبوعون في زيجه طول حلب ثلاث وستون درجة وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث وهي في الإقليم الرابع، وذكر أبو نصر يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في كتاب ألفه أن سلوقوس الموصلي ملك خمساً وأربعين سنة وأول ملكه كان في سنة ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسع وخمسين لآدم عليه السلام. قال وفي سنة تسع وخمسين من مملكته وهي سنة أربعة آلاف وثماني عشرة لآدم ملك طوسا المسماة سميرم مع  أبيها وهو الذي بني حلب بعد دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنه. وقال في موضع آخر كان الملك على سوريا وبابل والبلاد العليا سلوقوس نيقطور وهو سريانس وملك في السنة الثالثة عشرة لبطليموس بن لاغوس بعد ممات الإسكندر وفي السنة الثالثة عشر من مملكته بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وأفامية وبارَها وهي حلب وأداسا وهي الرها وكمل بناء أنطاكية وكان بناها قبله يعني أنطاكية أنطيقوس في السنة السادسة من موت الإسكندر، وذكر آخرون في سبب عمارة حلب أن العماليق لما استولها على البلاد الشامية وتقاسموها بينهم استوطن ملوكهم مدينة عمان ومدينة أريحا الغور ودعاهم الناس الجبارين وكانت قنّسرين مدينة عامرة ولم يكن يومئذ اسمها قنسرين وإنما كان اسمها صُوبا وكان هذا الجبل المعروف الآن بِسمعان يعرف بجبل بني صنم وبنو صنم كانها يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبها والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم وقيل إن بلعام بن باعورا البالسي إنما بعثه الله إلى عباد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره ولما ملك بلقوس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذٍ نينوى كان المستولي على خطة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنف من العماليق فاختط مدينة سميت به وكان ذلك على مُضيْ ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاماً وكان بناها بعد ورود إبراهيم عليه السلام إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه واسمه راميس وهو الرابع من ملوك أثورا ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة ومدة ما بينه وبين أَدم عليه السلام ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة وفي السنة الرابعة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حران ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس وكانت عمارتها بعد خروج موسى عليه السلام من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاءِ موسى و ذلك أن يوشع بن نون عليه السلام لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمان وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صُوبا وهي قنسرين وبنها حلب وجعلوها حصناً لأنفسهم وأموالهم ثم اختطها بعد ذلك العواصم ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود عليه السلام فانتزعهم عنها، وقرأت في رسالة كتبها ابن بُطلان المتطبب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة 440 في دولة بني مرداس فقال: دخلنا من الرصافة إلى حلب في أربع مراحل وحلب بلد مسور بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قزب عليه إبراهيم عليه السلام وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبأ بها غنمه وكان إذا حلبها أضاف الناسَ بلبنها فكأنها يقولون حَلَبَ أمٍ لا ويسأل بعضهم بعضاً عن ذلك فسميت لذلك حَلَباً وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير والفقهاءُ يفتون على مذهب الإمامية وشرب أهل البلد من صهاريج مملوءة بماءِ المطر وعلى بابه نهر يعرف بقُوَيق يمد في الشتاءِ ويَنْضب في الصيف وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البُحتُري وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم، وفيها من الشعراء جماعة منهم شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة ومن جملة شعره قوله:

ولما التقينا لـلـوداع ودمـعـهـا

 

ودمعي يفيضان الصبابة والوجـدا

بكت لؤلؤ رَطْباً ففاضت مدامعـي

 

عقيقاً فصار الكل في نحرها عِقدا

 

وفيها كاتب نصراني له قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شَمامة:

خافت صوارم أيدي المازجين لها

 

فألبَسَتْ جسمها درْعاً من الحبب

 

وفيها حدث يعرف بأبي محمد بن سنان قد ناهز العشرين وعلا في الشعر طبقة المحنكين فمن قوله:

إذا هجوتكم لم أخش صَولـتـكـم

 

وإذا مدحت فكيف الريُ باللهَـب

فحين لم ألق لا خوفاً ولأطـمـعـاً

 

رغبت في الهجو إشفاقاً من الكذب

 

 وفيها شاعر يعرف بأبي العباس يكنا بأبي المشكور مليح الشعر سريع الجواب حلو الشمائل له في المجون بضاعة قوية وفي الخلاعة يد باسطة وله أبيات إلى والده:

يا أبا العباس والفضـل

 

أبا العبـاس تـكـنـا

أنت مع أمي بلا شَـك

 

تحاكى الكـركـدَنَـا

أنبت في كل مَجـرى

 

شعرة في الرأس قرنا

فأجابه أبوه:

أنت أولى بأبي المذمو

 

م بين الناس تكـنـا

ليت لي بنتاً ولا أنـت

 

ولو بـنـت يحـنـا

بنتُ يحنا: مغنية بأنطاكية تحن إلى القرباء وتضيف الغرباءَ مشهورة بالعهر. قال ومن عجائب حلب أن في قَيسارية البزعشرين دكاناً للوُكلاء. يبيعون فيها كل يوم متاعاً قدره عشرون ألف دينار مستمرً ذلك منذ عشرين سنة والى الآن وما في حلب موضع خراب أصلاً وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية وبينها وبين حلب يوم وليلة آخر ما ذكر ابن بطلان. وقلعة حلب مقام إبراهيم الخليل وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى بن زكرياءَ عليه السلام ظهرت سنة435 وعند باب الجنان مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه رؤي فيه في النوم وداخل باب العراق مسجد غَوث فيه حجر عليه كتابة زعمها أنه خط علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفي غربي البلد في سفح جبل جَوْشَن قبر المحسن بن الحسين يزعمون أنه سقط لما جيء بالسبي من العراق ليُحمَل إلى دمشق أوطفل كان معهم جلب فدفن هنالك وبالقرب منه مشهد مليح العمارة تعصب الحلبيون وبنوه أحكم بناءٍ وانفقها عليه أموالاً يزعمون أنهم رأها علياً رضي الله عنه في المنام في ذلك المكان وفي قبلي الجبل جبّانة واحدة يسمونها المقام  بها مقام لإبراهييم عليه السلام وبظاهر باب اليهود حجر على الطريق يُنذر له ويصب عليه ماءُ الورد والطيب ويشترك المسلمون واليهود والنصارى في زيارته يقال إن تحته قبر بعض الأنبياء، وأما المسافات فمنها إلى قنسرين يوم وإلى المَعرة يومان وإلى أنطاكية ثلاثة أيام والى الرفة أربعة أيام وإلى الأثارب يوم وإلى توزين يوم وإلى مَنبج يومان وإلى بالس يومان وإلى خناصرة يومان وإلى حماة ثلاثة أيام وإلى حمص أربعة أيام وإلى حران خمسة أيام وإلى اللاذقية ثلاثة أيام وإلى جبلة ثلاثة أيام وإلى طرابلس أربعة أيام وإلى دمشق تسعة أيام. قال المؤلف رحمة الله عليه وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصها بالبركة وفضلها على جميع البلاد فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذياً لا يسقى إلا بما المطر ويجيءُ مع ذلك رخصاً غضاً روياً يفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد وهذا لم أره فيما طوفت من البلاد في غبر أرضها، ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبر دولته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طُغرُل وهو خدم رومي زاهد متعبّد حسن العدل والرأفة برعيته لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر بن الناصر لدين الله فإن كرمه وعدله ورأفته قد تجاوزت الحد فالله بكرمه يرحم رعيتهما بطول بقائهما من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام ومن الجنوب إلى الشمال مثل ذلك وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة ونحو مائتين ونيف قرية مشتركة بين الرعية والسلطان وقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي أدام اللّه تعالى أيامه وختم بالصالحات أعماله وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها على الجريدة بذلك وأسماءِ القرى وأسماء ملاكها وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مُراخي الغلة موسع عليهم قال لى الوزير الأكرم أدام الله تعالى عَلوة لو لم يقع إسراف في خواص الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام من عشرة آلاف درهم إلى خمسة عشر ألف درهم ويمكن أن يستخدم من فضلات خواص الأمراءِ ألف فارس: في أعمالها إحدى وعشرون قلعة يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها خارجاً عن جميع ما ذكرناه وهو جملة آخرى كثيرة ثم يرتفع بعد ذلك كله من فضلات الإقطاعات الخاصة بالسلطان من سائر الجبايات إلى قلعتها عنباً وحبوباً ما يقارب في كل يوم عشرة اَلاف درهم وقد ارتفع إليها في العام الماضي وهو سنة625 من جهة واحدة وهي دار الزكاة التي يُجبى فيها العُشُورُ من الأفرنج والزكاة من المسلمين وحق البيع سبعمائة ألف درهم وهذا مع العدل الكامل والرفق الشامل بحيث لا يُرَى فيها متظلم ولا متهضْم ولا مهتَضَم وهذا من بركة العمل وحسن النية. وأما فتحها فذكر البلاذُري أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري وكان أبوه يسمَى عبد غنم فلما أسلم عياض كره أن يقال له ابن عبد غنم فقال أنا عياض بن غنم فوجد أهلها قد تحصنها فنزل عليها فلم يلبثها أن طلبها الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها فأعطها ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد وكان الذي صالحهم عياض فأنفذ أبو عبيدة صلحه وقيل بل صالحها على حقن دمائهم وأن يقاسمها أنصاف منازلهم وكنائسهم وقيل إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحداً لأن أهلها انتقلها إلى أنطاكية وأنهم إنما صالحها على مدينتهم بها ثم رجعها إليها. وأما قلعتها فبها يضرب المثل في الحسن والحصانة لأن مدينة حلب في وطإ من الأرض وفي وسط ذلك الوطإ جبل عال مدوَر صحيح التدوير مهندم بتراب صح به تدويره والقلعة مبنية في رأسه ولها خندق عظيم وصل بحفره إلى الماء وفي وسط هذه القلعة مصانع تصلى إلى الماء المعين وفيها جامع وميدان وبساتين ودور كثيرة وكان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب قد اعتنى بها بهمته العالية  فعمرها بعمارة عادية وحفر خندقها وبَنَى رصيفها بالحجارة المهندمة فجاءَت عجباً للناظرين إليها لكن المنية حالت بينه وبين تتمتها، ولها في أيامنا هذه ثمانية أبواب باب الأربعين وباب اليهود وكان الملك الظاهر قد جدد عمارته وسماه باب النصر وباب الجنان وباب أنطاكية وباب قنسرين وباب العراق وباب السر وما زال فيها على قديم الزمان وحديثه أدباء وشعراءُ ولأهلها عناية بإصلاح أنفسهم وتثمير الأموال فقَل ما ترى من نشئها من لم يتقبل أخلاق أبائه في مثل ذلك فلذلك فيها بيوتات قديمة معروفة بالثروةَ ويتوارثونها ويحافظون على حفظ قديمهم بخلاف سائر البلدان وقد أكثر الشعراءُ من ذكرها ووصفها والحنين إليها وأنا أقتنع عن ذلك بقصيدة لأبي بكر محمد بن الحسن بن مرار الصنوبري وقد أجاد فيها ووصف متنزهاتها وقراها القريبة منها فقال:

احبسا العيسىَ احبسـاهـا

 

وأسلاَ الـدارا سَـلاهـا

واسـألا أين ظـبـاءُ ال

 

دار أم أين مـهـاهــا

أين قُـطـان مـحـاهـم

 

رَيبُ دهر ومـحـاهـا

صمت الدار عن الـسـا

 

ئل لا صـم صـداهــا

بَلِـيَتْ بـعـدهـم الـدا

 

رُ وأبـلانـي بـلاهـا

أية شـطـت نـوى الأظ

 

عان لاشطـت نـواهـا

من بدور مـن دُجـاهـا

 

وشموس من ضُحَـاهـا

ليس ينهى النـفـس نـاهٍ

 

ما أطاعت من عصاهـا

بأبي من عرسـهـا سـخ

 

طي ومن عرسي رِضاها

دمـية إن جـلـيَت كـا

 

نت حُلَى الحسن حُلاهـا

دمـية ألـقـت إلـيهـا

 

راية الحسـن دمـاهـا

دمية تسقـيسـك عَـينَـا

 

ها كما تسقـي مـداهـا

أعطيَتْ لوناً مـن الـور

 

د وزيدت وَجـنـتـاهـا

حبـذا الـبـآات بــاءَت

 

وقُـوَيق وَرُبَـاهـــا

بَانَقُوسـاهـا بـهـا بـا

 

هَى المباهي حين باهـا

وبـبـا صَـفْـرَا وبـاب

 

لا ربا مثـلـي وتـاهـا

لا قلى صحـراء نـافـر

 

قل شوقـي لا قـلاهـا

لا سلا أجـبـال بـاسـل

 

ين قلبـي لا سـلاهـا

وبـبـاسـلـين فـلـيب

 

غ ركابي من بـغـاهـا

وإلـى بـاشـقـلـيشـا

 

ذو التناهـي يتـنـاهـى

وبـعـاذين فـواهـــا

 

لبـعــاذين وواهـــا

بين نـهـر وقـنـــاة

 

قد تَـلَـتـه وتَـلاهــا

ومجاري بـرك يجـلـو

 

همومي مـجـتـلاهـا

ورياض تـلـتـقــي آ

 

ملنا في مـلـتـقـاهـا

زاد أعـلاهـا عـلــوا

 

جَوشَناَ لـمـا عـلاهـا

وازْدهَتْ برج أبي الحـا

 

رث حسناً وازدهـاهـا

واطبت مستشرف الحص

 

ن اشتياقـاً واطـبـاهـا

وأرى الـمـنـية فـازت

 

كلّ نفـس بـمـنـاهـا

إذ هواي العوّجان الـسـا

 

لبُ النـفـس هـواهـا

ومَقـيلـي بـركة الـت

 

ل وسـيبـاتُ رحـاهـا

بركة تربَـتـهـا الـكـا

 

فور والدر حـصـاهـا

كم غراني طربي حـي

 

تَانها لـمـا غـراهـا

إذ تلى مطبـخ الـحـي

 

تان منها مشـتـواهـا

بمُرُوج اللهـو ألـقـت

 

عِير لذاتي عصـاهـا

وبمَغْنى الكامـلـي اس

 

تكملت نفسي منـاهـا

وغرت ذا الجوهري ال

 

مزن غَيثـاً وغَـرَاهـا

كلأ الراموسةَ الـحـس

 

ناء ربـي وكـلاهــا

وجَزَى الجتات بـالـس

 

عدى بنعمى وجزاهـا

وفدا البستـان مـن فـا

 

رس صـب وفـداهـا

وغرت ذا الجوهري ال

 

مزنُ محلولاً عُـراهـا

وآذكرا دار السـلَـيمـا

 

نية الـيوم اذكـراهـا

حيث عُخنا نحوها العـي

 

سىَ تَبارى في براهـا

وصفا العافـية الـمَـو

 

سُومة الوصف صفاها

فهي في مَغنَى اسمها حَذْ

 

و بحـذْوٍ وكـفـاهـا

وصِلا سَطحـي وأحـوَا

 

ضي خليلي صـلاهـا

وردا ساحة صَـهـري

 

جي على سوق رِداهـا

وأمزُجا الـراحَ بـمـاءِ

 

منه أولاً تَمـزجـاهـا

حلـت بَـدرُ دَجــاً أن

 

جُمها الزهرُ قُـرَاهـا

حبذا جامعـهـا الـجـا

 

مع للنفـس تُـقـاهـا

مَوطَن مرسي دور الب

 

ر بمرسـاة حـبـاهـا

شهوات الطـرف فـيه

 

فوق ما كان اشتهاهـا

قبـلة كـرَمـهـا الـل

 

ه بـنـور وحـبـاهـا

ورآهـا ذهَـبـاً فــي

 

لاَزُوَزدٍ مـن راَهــا

ومَرَاقـي مـنـبـر أع

 

ظَمُ شيءٍ مرتـقـاهـا

وذُرَى مِـئذنة طـــا

 

لت ذُرَى النجم ذراهـا

والـنـوَارية مـــا لا

 

تَرَيَاه لـسـواهـــا

قصعة ما عدَت الـكـع

 

بَ ولا الكعبُ عداهـا

أبداً يستقـبـل الـسُـح

 

ب بسُحب مِن حشاهـا

فهي تسقي الغيث إن لم

 

يسقها أو إن سقـاهـا

كنـفـتـهـا قـبة يض

 

حك عنها كَـنَـفَـاهـا

قُبة أبـدع بــانـــي

 

ها بنـاءً إذ بـنـاهـا

ضاهت الوَشيَ نُقُـوشـاً

 

فحكَتـه وحـكـاهـا

لو رآها مبتَـنـي قـب

 

ة كسرى ما ابتنـاهـا

فبذا الـجـامـع سَـرْو

 

يتباهى مَـن تـبـاهـا

جَنبا السارية الـخـض

 

راء منه جـنـبـاهـا

قبلة المستـشـرف الأع

 

لى إذا قابلـتـمـاهـا

حيث يأتي خـلـفـه الاَ

 

داب منها من أتـاهـا

من رجالات حبـى لـم

 

يحلُل الجهل حـبـاهـا

من راَهم مـن سـفـيه

 

باع بالعلم السـفـاهـا

وعلـى ذاك سـرور ال

 

نفس منـي وأسـاهـا

شجوُ نفسي باب قـنـس

 

رينَ وهن وشجـاهـا

حدث أبكى التـي فـي

 

ه ومثلى من بـكـاهـا

أنا أحمـي حَـلَـبـاً دا

 

راً وأحمي من حماهـا

أيَ حسن مـا حَـوَتـه

 

حلب أو مـا حـواهـا

سَرْوها الداني كمـا تـد

 

نو فتاة مـن فـتـاهـا

آسها الثاني الـقـدُودَ ال

 

هيفَ لما أن ثـنـاهـا

نخلهـا زيتـونـهـا أو

 

لا فأرطاها عصـاهـا

قَبجـهـا دراجـهـا أو

 

فحباراهـا قَـطَـاهـا

ضَحِكَت دُبـسـيتـاهـا

 

وبكت قُـمـريتـاهـا

بين أفنـان تـنـاجـى

 

طائرَيهـا طـائراهـا

تدرُجاها حُبْـرُجـاهـا

 

صُلصلاها بـابـلاهـا

رُب مَلقى الرَحل منهـا

 

حيث تَلقى بيعـتـاهـا

طَيرَت عنه الكرَى طـا

 

ئرة طـار كـراهــا

ود إذ فـاه بـشَـجــو

 

أنـه قـبـل فـاهــا

صبَّة تنتـدُبُ صـبـاً

 

قد شجته وشجـاهـا

زينت حتى انتـهـت

 

في زينة في منتهاها

فهي مرجان شواهـا

 

لازُوَزدً دفـتـاهـا

وهي تِبر منتهـاهـا

 

فِضة قِرطِمَتـاهـا

قلدت بالجزْع لـمـا

 

قلدت سالفـتـاهـا

حَلَب أكـرَمُ مـأوىً

 

وكريم مـن أواهـا

بسط الغيث علـيهـا

 

بُسط نور ما طَوَاها

وكساها حُـلَـلاَ أب

 

دعَ فيها إذ كسـاهـا

حُلَلاً لُحْمَتُها الـسـو

 

سَنُ والوَردُ سَمَاهـا

إجْنِ خَيرِياتها بـالـل

 

حظ لا تحرم جَناهـا

وعيون النرجس المن

 

هل كالدمع نـداهـا

وخدوداً من شـقـيق

 

كاللظى الحمر لَظَاها

وثنـايا أقـحـوانـا

 

ت سنا الدر سناهـا

ضاع آذريونـهـا إذ

 

ضاء من تبر ثراهـا

وطَلَى الطّل خُزَامـا

 

ها بمسك إذ طلاهـا

وانتشى النيْلُوفَرُ الشو

 

قَ قلوباً وافتضاهـا

بحواش قد حشـاهـا

 

كل طيب إذ حشاهـا

وبأوساط علـى حَـذ

 

وِ الزنابير حـذاهـا

فاخري يا حلب المـد

 

نَ يزد جاهُكِ جاهـاً

إنه إن لم تك الـمـد

 

نُ رَخاخاً كنت شاها

وقال كُشاجم:

أرَتك ندى الغيث آثـارهـا

 

وأخرجت الأرض أزهارها

وما أمتَعت جارهـا بـلـدة

 

كما أمتعت حلبٌ جـارهـا

هي الخلد يجمع ماتشتهـي

 

فزُزها فطوبى لمن زارها

 

وكفر حلب من قرى حلب وحلب الساجور في نواحي حلب ذكرها في نواحي الفتوح.


قال وأتى أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه حلب الساجور بعد فتح حلب وقدم عياض بن غنم الى منبج. وحلب أيضاً محلة كبيرة في شارع القاهرة بينها وبين الفسطاط رأيتها غير مرة.


حُلبَةُ: حصن في جبل بُرَعَ من أعمال زبيد باليمن.


حَلبَةُ: بالفتح وهي في أصل اللغة الخيلُ تجتمع للسباق من كل أوب، وحلبةُ واد بتهامة أعلاه لهذيل وأسفله لكنانة كذا ضبطه الحازمي وهو سهو وغلط إنما هو حلية بالياءِ تحتها نقطتان وقد ذكر في موضعه. والحَلب محلة كبيرِة واسعة في شرقي بغداد عند باب الأزَج وفي مواضع آخر.


حَلحَلُ: بفتح الحاءين وسكون اللام. جبل من جبال عُمَان وهو في شعر الأخطل مصغر. قال:

قبحَ الإلهُ من اليهود عصابةً

 

بالجزع بين حليحل وصحار

 

حَلحُولُ: بالفتح ثم السكون وضم الحاء الثانية وسكون الواو ولام. قرية بين البيت المقدس وقبر إبراهيم الخليل وبها قبر يونس بن متى عليهما السلام، وإليها ينسب عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن الحلحولي الجعدي محدث زاهد وُلد بحلب ونشأ بها وسار الى الإفاق وكان آخر أمره أنه انقطع بمسجد في ظاهر دمشق ففي سنة 543نزل الأفرنج على دمشق محاصرين فخرج هذا الشيخ في جماعة فقُتل رحمه الله وإيانا.


حَلِفٌ : بالفتح ثم الكسر والفاءِ وهو اليمين. موضع. قال أبو وجزة:

فذي حَلِفٍ فالروض روض فِلاَجةٍ

 

فأجزاعه من كل عِيص وغيطل

 

وقد الحق ابن هَرمة الهاء فقال:

عُوجا نُقض الدموعَ بالوَقَفَه

 

على رُسوم كالبرد مُنتسَفَهُ

بادت كما باد منزل خَلَـق

 

بين رُبَى أريمِ فذي الحَلِفَه

 

حَلْفَبلْتَا: من قرى دمشق. بالقرب منها قبر كنَاز أحد الصحابة وهو أبو مَرثد بن الحصين وقيل مات بالمدينة.


الحَلَمَتَان: بالتحريك والتثنية. موضع كانت به وقعة للعرب. حُلوَان: بالضم ثم السكون والحلوان في اللغة الهبة يقال حَلَوت فلانا كذا ما لا أحلوه حَلواً وحلواناً إذا وهبتَ له شياً على شيءٍ يفعله غير الأجر وفي الحديث نهي عن حُلهانِ الكاهنِ والحلوانُ أن يأخذَ الرجل من مهر ابنته لنفسه، وحُلوان في عدة مواضع. حلوان العراق وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد وقيل أنها سميت بحلوان بن عمران بن الحاف بن قُضاعة كان بعض الملوك أقطعه إياها فسميت به. وفي كتاب "الملحمة"، المنسوب إلى بطليموس حلوان طولها إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة وعرضها أربع وثلاثون درجة بيت حياتها أود درجة من الأسد طالعها الذراع اليماني تحت عشر درج من السرطان يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان وهي في الإقليم الرابع وكانت مدينة كبيرة عامرة. قال أبو زيد: أما حلوان فإنها مدينة عامرة ليس بأرض العراق بعد الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وسرَ من رأى كبر منها وأكثر ثمارها التين وهي بقرب الجبل وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها وربما يسقط بها الثلج وأما أعلا جبلها فإن الثلج يسقط به دئماً وهي وبئة ردية الماء وكبريتية ينبت الدفلى على مياهها وبها رمان ليس في الدنيا مثله وتين في غاية من الجودة ويسمونه لجودته شاه أنجير أي ملك التين وحوإليها عدة عيون كبريتية ينتفع بها من عمة أدواءٍ، وأما فتحها فإن المسلمين لما فرغها من جَلُولاء ضم هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وكان عمه سعد قد سيره على مقدمته الى جرير بن عبد الله في خيل ورتبه بجلولاء فنهض الى حلوان فهرب يزدجرد الى أصبهان وفتح جرير حلوان صلحاً على أن كف عنهم وآمنهم على ديارهم وأموالهم ثم مضى نحو اللدينور فلم يفتحها وفتح قرميسين على مثل ما فتح عليه حلوان وعاد الى حلوان فأقام بها والياً إلى أن قدم عمار بن ياسر فكتب إليه من الكوفة أن عمر قد أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري بالأهواز فسار حتى لحق بأبي موسى في سنة 19. قال الواقدي بحلوان عقد لجرير بن عبد الله البجلي وكان قد فتح حلوان في سنة 19 وفي كتاب سيف في سنة 16، وقال القعمَاع بن عمرو التميمي:

وهل تذكرون إذ نزلنـا وأنـتـمُ

 

منازلَ كسرى والأمور حـوائْلُ

فصرنا لكم رِداً بحلوان بعـد مـا

 

نزلنا جميعاً والجـمـيع نـوازلُ

فنحن الأولى فزنا بحلوان بعد مـا

 

أرنّتْ على كسرى الإمَا والحلائلُ

 

وقال بعض المتأخرين يذم أهل حُلوان:

ما إن رأيت جواميساً مقـرَنَةً

 

إلا ذكرت ثناءً عند حـلـوان

قوم إذا ما أتى الأضياف دارهمُ

 

لم يُنزلوهم ودلوهم على الخان

 

وينسب إلى حلوان هذه خلق كثير من أهل العلم. منهم أبو محمد الحسن بن علي الخلال الحلواني يروي عن يزيد بن هارون وعبد الرزاق وغيرهما روى عنه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" توفي سنة 242، وقال أعرابي:

تلفت من حلوان والدمـعُ غـالـب

 

إلى روض نجد أين حلوانُ من نجد

لحصباءُ نجد حين يضربها الـنـدى

 

ألذ وأشفى للعلـيل مـن الـورد

ألا ليت شعري هل أناس بكيتـهـم

 

لفقدهم هل يبكـينـهُـمُ فـقـدي

أداوِي ببرد المـاءِ حـرَ صـبـابةٍ

 

وما للحشَا والقلب غيرك من بـرد

 

وأما نخلتا حلوانَ فأول من ذكرهما في شعره فيما علمنا مُطيع بن إياس الليثي وكان من أهل فلسطين من أصحاب الحجاج بن يوسف ذكر أبو الفرج عن أبي الحسن الأسدي حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن سعيد بن سَلَم قال: أخبرني مطيع بن إياس أنه كان مع سلم بن قتيبة بالري فلما خرج إبراهيم بن الحسن كتب إليه المنصور يأمره باستخلاف رجل على عمله والقدوم عليه في خاصته على البريد قال مطيع بن إياس وكانت لي جارية يقال لها: جُوذابة كنت أحبها فأمرني سلم بالخروج معه فاضطررت إلى بيع الجارية فبعتها وندمت على ذلك بعد خروجي وتتبعتْها نفسي فنزلنا حلوان فجلست على العقبة أنتظر ثقلي وعنان دابتي في يدي وأنا مستند إلى نخلة على العقبة و إلى جانبها نخلة آخرى فتذكرت الجارية واشتقت اليها فأنشدت، أقول:

أسعِدَاني يا نخلَتـي حـلـوان

 

وابكياني من ريب هذا الزمان

واعلمـا أن ريبَـه لـم يزل يف

 

رق بـين الألاف والـجـيران

ولعَمري لو ذقتمـا ألـم الـفـر

 

قة أبكاكمـا الـذي أبـكـانـي

أسعداني وأيقـنـا أن نـحـسـاً

 

سوف يأتيكما فـتـفـتـرقـان

كم رمتني صروف هذي الليالي

 

بفراق الأحـبـاب والـخـلان

غيرأني لم تلق نفسي كـمـا لا

 

قيت مـن فـرقة الـدهـقـان

جارة لي بالري تذهب هـمـي

 

ويسلـي دُنُـوهـا أحـزانـي

فجعتني الأيام أغبـطَ مـا كـن

 

ت بصدع للبـين غـير مُـدان

وبزعمي أن أصبحت لا تراها ال

 

عين مني وأصبحت لا ترانـي

 

وعن سعيد بن سلم عن مطيع قال كانت لي بالري جارية أيام مقامي بها مع سلم بن قتيبة فكنت أتستر بها وأتعشق امرأة من بنات الدهاقين وكنتنازلاً إلى جنبها في دار لها فلما خرجنا بعت الجارية وبقيت في نفسي علاقة من المرأة فلما نزلنا بعقبة حلوان جلست مستنداً إلى إحدى النخلتين اللتين على العقبة وقلت وذكر الأبيات فقال لي سلم: فيمن هذه الأبيات أفي جاريتك فاستحييت أن أصدقه فقلت: نعم فكتب من وقته إلى خليفته أن يبتاعها لي فلم يلبث أن ورد كتابه بأني قد وجدتها وقد تداوَلها الرجال وقد بلغت خمسة آلاف درهم فإن أمرتَ أن أشتريها فأخبرني بذلك سلم وقال: أيما أحب اليك هي أم خمسة آلاف درهم فقلت: أما إن كانت قد تداولها الرجال فقد عَزَفَتْ نفسي عنها فأمر لي بخمسة آلاف درهم فقلت: والله ما كان في نفسي منها شيء ولو كنت أحبها لم أبال إذا رجعت إلي بمن تداولها ولا أبالي لو ناكَها أهلُ مِنىَ كلهم، وذكر المدائني أن المنصور اجتاز بنخلتي حلوان وكانت إحداهما على الطريق وكانت تضيقه وتزدحم الأثقال عليه فأمر بقطعها فأنشد قول مطيع:

واعلما إن بقيتما أن نحساً

 

سوف يلقاكما فتفترقان

 

فقال: لا والله لا كنت ذلك النحس الذي يفرق بينهما فانصرف وتركهما. وذكر أحمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده إسماعيل بن داود أن المهدي قال: أكثر الشعراءُ في ذكر نخلتيْ حلوان ولَهَمَمت بقطعهما فبلغ قولي المنصور فكتب إلي بلغني أنك هممت بقطع نخلتي حلوان ولا فائدة لك في قطعهما ولا ضرر عليك في بقائهما وأنا أعينك بالله أن تكون النحس الذي يلقاهما فيفرق بينهما يريد بيت مطيع، وعن أبي نمير عبد الله بن أيوب قال لما خرج المهدي فصار بعقبة حلوان استطاب الموضع فتغدى به ودعا بحسنة فقال لها: ما ترين طيب هذا الموضع غنيني بحياتي حتى أشرب ههنا أقداحاً فأخذت محكة كانت في يده فأوقعت على فخذه وغنته فقالت:

أيا نخلتي وادي بوانَةَ حبـذا

 

إذا نام حرَاس النخيل جناكما

 

فقال: أحسنت لقد هممت بقطع هاتين النخلتين يعني نخلتي حلوان فمنعني منهما هذا الصوت فقالت له حسنة: أعينك بالله أن تكون النحس المفرق بينهما وأنشدته بيت مطيع فقال: أحسنتِ والله فيما فعلت إذ نبهتيني على هذا والله لا أقطعهما أبداً ولأوكلن بهما من يحفظهما ويسقيهما أينما حييت ثم أمر بأن يفعل ذلك فلم تزالا في حياته على ما رسمه إلى أن مات. وذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد للّه بن أبي سعد عن محمد بن المفضل الهاشمي عن سلام الأبرش قال: لما خرج الرشيد إلى طوس هاج به الدم بولهان فأشار عليه الطبيب بأكل جمار فأحضر دهقان حلوان وطلب منه فأعلمه أن بلادهم ليس بها نخل ولكن على العقبة نخلتان فأمر بقطع إحداهما فلما نظر إلى النخلتين بعد أن انتهى إليهما فوجد إحداهما مقطوعة والآخرى قائمة وعلى القائمة مكتوب وذكر البيت فأعلم الرشيد وقال: لقد عز علي أن كنت نحسكما ولوكنت سمعت هذا البيت ما قطعت هذه النخلة ولو قتلني الدم، ومما قيل في نخلتي حلوان من الشعر. قول حماد عجرد:

جعل الله سِدْرَتي قصر شي

 

رين فداءً لنخلتي حلـوان

جئتُ مستسعداً فلم تسعداني

 

ومُطيع بكت له النخلتـان

 

وروى حماد عن أبيه لبعض الشعراءِ في نخلتي حلوان:

أيها العاذلان لا تعذلانـي

 

ودعاني من الملام دعاني

وابكيا لي فإنني مستحـق

 

منكما بالبكاءِ أن تسعداني

إنني منكما بذلـك أولـى

 

من مطيع بنخلتي حلوان

فهما تجهلان ما كان يشكو

 

من هواه وأنتما تعلمـان

 

وقال فيهما أحمد بن إبراهيم الكاتب من قصيمة:

وكذاك الزمان ليس وإإن أل

 

ف يبقى عليه مؤتلـفـان

سَلَبَت كفُه العـزيز أخـاه

 

ثم دنى بنخلتـى حـلـوان

فكأن العزيز مذ كان فـرداً

 

وكأن لم تجاور النخلتـان

 

وحلوان أيضاً قرية من أعمال مصر بينها وبين الفسطاط نحو فرسخين من جهة الصعيد مشرفة على النيل وبها ديرَ ذكر في الديرة وكان أول من اختطها عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر وضرب بها الدنانير وكان له كل يوم ألف جَفنة للناس حول داره ولذلك، قال الشاعر:

كل يوم كأنه عيد أضـحـى

 

عند عبد العزيز أو يوم فطر

وله ألف جَفنة متـرعـات

 

كل يوم يمدهما ألف قـدر

 

وكان قد وقع بمصر طاعون في سنة75 وواليها عبد العزيز فخرج هارباً من مصر فلما وصلٍ حلوان هذه استحسن موضعها فبنى بها دوراَ وقصوراً واستوطنها وزرع بها بساتين وغرس كروماً ونخلاً فلذلك، يقول عبيد الله بن قيس الرُقَيات:

سَقياَ لحلوان في الكروم وما

 

صَنف من تينه ومن عنبه

نخل مواقيرُ بألفنا مـن ال

 

برني يهتز ثم في سربـه

أسوَد سُكانه الحمام فـمـا

 

تَنفك غِربَانه على رطبـه

وقال سعد بن شريح مولى نجيب يهجو حفص بن الوليد الحضرمي والي مصر ويمدح زبان بن عبد العزيز بن مروان:

يا باعث الخيل تردي في أعِنتهـا

 

من المقطم في أكناف حـلـوان

لا زالُ بُغضيَ يَنمى في صدوركم

 

إن كان ذلك من حي لـزبـان

 

وحلوان أيضاً بليدة بقوهسشان نيسابور وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان.
حُلوَة: بالضم ثم السكون وفتح الواو. ماء بأسفل الثلَبوت لبني نعامة و ذلك حيث يدفع الثلبوت في الزمّة على الطريق، وحُلوة أيضاً بئر بين سَميراء والحاجر على سبعة أميال من العباسية عذبة الماء ورشاؤها عشرة أذرع ثم الحاجر والحامضة تناوحها، وعين حلوَة بوادي الستارعن الأزهري، وحلوة أيضاً موضع بمصر نزل فيه عمرو بن العاص أيام الفتوح.
الحِلةُ: بالكسر ثم التشديد وهو في اللغة القوم النزول وفيهم كثرة. قال الأعشى:

لقد كان في شيبان لو كنت عالماً

 

قِباب وحـي حِـلة وذَرَاهـم

والحلة أيضاً شجرة شاكة أصغر من العوسج. قال:

يأكل من خَصب سَيال وسَلَم

 

وحِلةٍ لما يوطئها النـعـم

والحِلة علم لعدة مواضع وأشهرها. حِلةُ بني مريدٍ مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمَى الجامعين طولها سبع وستون درجة وسُدس وعرضها اثنتان وثلاثون درجة تعديل نهارها خمس عشرة درجة وأطول نهارها أربع عشرة ساعة وربع وكان أول من عمرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دُبيس بن علي بن مريد الأسدي وكانت منازل أبائه الدور من النيل فلما قوي أمره واشتد أزرُه وأكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية بركياروق ومحمد وسنجر أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما توَاترَ بينهم من الحروب انتقل إلى الجامعين موضع في غربي الفرات ليبعد عن الطالب وذلك في محرم سنة495 وكانتَ أجمة تأوي إليها السباع فنزل بها بأهله وعساكره وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة وتأنق أصحابه في مثل ذلك فصارت ملجأً وقد قصدها التجار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدة حياة سيف الدولة فلما قُتل بقيت على عمارتها في اليوم قصبة تلك الكورة، وللشعراءِ فيها أشعار كثيرة منها قول إبراهيم بن عثمان الغزي وكان قدمها فلم يحمدها:

أنا في الحلة الـغـداةَ كـأنـي

 

علوي في قبضة الـحـجـاج

بين عُرب لا يعرفون كـلامـاً

 

طبعُهم خارج عن المـنـهـاج

وصدور لا يشرَحـون صـدوراً

 

شَغلَتهم عنها صدور الـدجـاج

والمليك الذي يخاطـبـه الـنـا

 

س بسيفٍ ماضي وفخر وتـاج

ماله ناصح ولا يعلـم الـغـب

 

ب وقد طال في مقامي لجاجي

قصة ما وجدت غير ابن فخر ال

 

دين طباً لها لطـيف الـعِـلاَج

وإذا سلّطت صروف اللـيالـي

 

كسرت صخر تَدمر كالزجـاج

 والحِلةُ أيضاً حِلة بني قَيلة بدارع مَيسان بين واسط والبصرة، والحلة أيضاً حلة بني دبيس بن عفيف الأسمي قرب الحوَيزة من مَيسان بين واسط والبصرة والأهواز في موضع آخر.
الحَلةُ: بالفتح وهو في اللغة المرة الواحدة من الحلول، وهو اسم قُف من الشُرَيف بناحية أضاخ بين ضرية واليمامة، وفي شعر عُوَيف القَوَافي حَلة الشَوك، والحلة أيضاً قرية مشهورة في طرَف دُجَيل بغداد من ناحية البرية بينها وبين بغداد ثلاثة فراسخ تنزلها القفول.
حِليتُ: بالكسر وتشديد ثانيه وكسره أيضاً وياء ساكنة وتاءٍ فوقها نقطتان يجوز أن يكون من حَلَت الصوف عن الشاة إذا أنزلتَه وهذا من أبنية الملازمة للتكثير نحو سِكير وشريب وخِمير لتكثير السكر والشرب ومدمن الخمر. قال الأصمعي حِليت بوزن خِريت. معدن وقرية، وقال نصر حِليت جبال من أخيلة حمى ضرية عظيمة كثيرة القَنان كان فيه معدن ذهب وهو من ديار بني كلاب، وقال أبو زياد حِليت ماءٌ بالحمس للضباب وبحليت معدن حليت كذا في كتابه، وقال الراعي:

بحليت أقوَت منهم وتبدلت

ويروى بحلْيَةَ.
حُلَيت: بالتصغير والحلتُ لزوم ظهر الخيل. قال الأصمعي في قول أبي ضَب الهذلي:

هل لا علمت أبا إياس مشهدي

 

أيام أنت إلى الموالي تَصخَدُ

وأخذتُ بزي واتبعت عمركم

 

والقوم دونهم الحُلَيتُ فأرثـدُ

قال لا يقال الحليت إلا بالتصغير.
الحُلَيسية: بالتصغير. ماء لبني الحُليس قوم من بَجيلة يجاورون بني سَلول.
الحُلَيفَات: بالتصغير. موضع عن علي بن عيسى بن حمزة بن وهاس الحسنى العلوي.
الحُلَيف: تصغير الحلف. موضع بنجد. قال أبو زياد يخرج عامل بني كلاب من المدينة فأول منزل يصدق عليه الأريكة ثم العَناقة ثم مدعا ثم المصلوق ثم الزَنية ثم يرد الحَليف لبني أبي بكر بن كلاب ثم الدخول ثم الحصاءَ ثم يرد الحوأب ثم سَجى ثم الليلة ثم ينصرف إلى المدبنة ويصدق على الحليف بطوناً من بطون أبي بكر بن عبد الله بن كلاب وسَلول وعمرو بن كلاب.
الحُلَيفَةُ: بالتصغير أيضاً والفاءِ ذو الحُليفة. قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ومنها ميقات أهل المدينة وهو من مياه جُشمِ بينهم وبين بني خفاجة من عُقَيل. وذو الحُلَيفة أيضاً الذي في حديث رافع بن خديج قال كذا مع رسول الله بذي الحليفة من تهامة فأصبنا نهبَ غنم فهو موضع بين حاذَةَ وذات عرق من أرض تهامة وليس بالمهد الذي قرب المدينة .
الحُلَيقَةُ: مثل الذي قبله إلا أنه بالقاف كأنه تصغير حلقة. موضع عند مدفع الملحاءِ، وقال أبو زياد من مياه بني العَجلان الحليقة يرها طريق اليمامة إلى مكة وعليها نخل وهي من أرض القعاقع المذكورة في موضعها وقرأت بخط الأزعي بن المعلى في شعر تميم بن أبَي بن مُقبل العَجلاني وصيغته وجمعه:

إن الحليفة ماءٌ لست قـاربـه

 

مع الثناءِ الذي خُبًرت يأتيهـا

لا لين الله للمعروف حاضرها

 

ولا يزل مفلساً ما عاش باديها

قال الحليفة ماء لا أقربه ولا أغتر بالثناءِ عليه فكتب في الموضعين بالفاءِ.
الحُلَيلُ: تصغير حل. موضع في ديار بني سُلَيم لهم فيه وقائع ذكره في أيام العرب.
حُلَيمات: تصغير جمع حَلمة الثدي وهي أكمَات ببطن فلج. قال الزمخشري حُليمات أنقاء بالدهناءِ، وأنشد:

دعاني ابن أرض يبتغي الزاد بعدما

 

تَرَامَي حُلـيمـات بـه وأجـارد

ومن ذات أصفاءٍ سُهوب كأنـهـا

 

مزاحف هَزْلى بَيتها متـبـاعـدُ

ويروى حلامات وقد تقدم، وأنشد ابن الأعرابي يقول:

كأن أعناق الجمال البزل

 

بين حُليمات وبين الجَبل

من آخر الليل جذوع النخل  حلِيمَةُ: بالفتح ثم الكسر. قال العمراني: وهو بوضع كانت فيه وقعة ومنه ما يومُ حليمة بسِر وهذا غلط إنما حليمة اسم امرأة بنت الحارث الغساني نائب قيصر بدمشق وهو يوم صار فيه المنذر بن المنذر بعرب العراق إلى الحارث الأعرج الغساني وهو الأكبر وسار الحارث في عرب الشام فالتقوا بعين أباغ وهو عن أشهر أيام العرب فيقال إن الغبار يوم حليمة سد عين الشمس فظهرت الكواكب المتباعدة من مطلع الشمس، وقيل بل كان الضجَاعمة وهم عرب من قضاعة عمالاً للروم بالشام فلما خرجت غسان من مأرب كما ذكرناه في مأرب نزلت الشام وكانت الضجاعمة يأخذون من كل رجل ديناراً فأتى العامل جذعاَ وهو رجل من غسان وطالبه بدينار فاستمهَلهُ فلمَ يفعل فقتله فدارت الحرب بين غسان والضجاعم فضربت العرب جذعاً مثلاً وقالها خذ من جذع ما أعطاك، وكان لرئيس غسان ابنة جميلة يقال لها: حًليمة فأعطاها تَوراً فيه خَلوق وقال لها خَلقي به قومك فلما خلقتهم تناوحها وأجْلها الضجاعم وملكوا الشام فقالها ما يوم حليمة بسر، وقيل: إن يوم حليمة هو اليوم الذي قتل فيه الحارث بن أبي شمر الغساني المنذر بن ماءِ السماء، وجعلت حليمة بنت الحارث تخلق قومها وتحرضهم على القتال فمر بها شاب فلما خلقتهُ تناولها وقبلها فصاحت وشكت ذلك إلى أبويها فقالا لها: اسكتي فما في القوم أجلد منه حين اجترأ وفعل هذا بك فإنا أن يبل غداً بلاءًحسناً فأنت امرأته لاما أن يقتل فتنالي الذي تريدين منه فأبلى الفتى بلاءً عظيماً ورجع سالماً فزوجوه حليمة، وقال النابغة:

تُخُيرنَ من أزمان يوم حـلـيمة

 

إلى اليوم قد جُزبنَ كل التجارب

حلية: بالفتح ثم السكون وياءٍ خفيفة وهإءِ. مَأسدة بناحية اليمن. قال بعضهم:

نأنهمُ يَخشَونَ منـك مـدرَبـاً

 

بحَليَةَ مشبوحَ الذراعينَ مِهزَعا

وقيل حَلية واد بين ديار وعُلَيب يفرغ في السرين - قيل هو من أرض اليمن وقيل: حلْية موضع بنواحي الطائف، وقال الزمخشري حلية واد بتهامة أعلاه لهذيل أسفله لكنانة، وقال أبو المنذر ظعنت بجيلة وخثعم جبال السراة فنزلوها وسكنها فيها فنزلت قَسرُ بن عبقَر بن أنمار بن أراش جبال حَلية وأسالم وما صاقبها أهلها يومئذٍ من العاربة الأولى يقال لهم بنو ثابر فأجلوهم عنها وحَقُها مساكنهم ثم قاتلوهم فغلبوهم على السراة ونفَوهم وقاتلها بعد ذلك خثعم فنفَوهم عن بلادهم، فقال سُوَيد بن جُذعة أحد بني أفصى بن صير بن قَسْر:

ونحن أزَحنا ثابراً عـن بـلادهـم

 

بحَليَةَ أغناماً ونـحـن أسُـودهـا

إذا سَنَة طالت وطال طـوالـهـا

 

وأقحط عنها القَطرُ وابيض عُودها

وجِدْنا سَرَاةً لا يُحَـولُ ضـيفُـنـا

 

إذا خُالَةْ تَعيَا بـقَـوْم نـكـيدهـا

ونحن نَفَينا خثعماً عـن بـلادهـم

 

تُقَتل حتى عاد مولىَ سـنـيدهـا

فريقَين فرق باليمـامة مـنـهـم

 

وفرق يخيف الخيل تترَى حُدودها

وَحلْيَةُ أيضاً حصن من حصون تَعِز في جبل صَبِر من أرض اليمن أيضاً.
حلية: بالضم ثم الفتح وياءِ مشددة. ماء بضريَة لغَنيّ وعندها كان اجتماع غني للخصومة في عين نفي. قال أمية بن أبي عائذ الهذلي.

وكأنها وَسط النساء غمـامة

 

فَرَعَتْ برَيقِها نَشِيءَ نَشَاصِ

أومُغْزِل بالخل أو بحـلَـية

 

تقرُو السلامَ بشادِنٍ مخمَاصِ

وأنشد أبو عمرو الشيباني فى نوادره:

فقلت أسقياني من حُلَيةَ شـربةً

 

بحسي سقَته حين سال سِجالهـا

وسلم على الأظبي الأولف بطنها

 

وعُبرِيها أجنى لهن وضالـهـا

أجني: أي أثمر والعُبرِيُ: العِظام من السِدر.
حَلْيٌ : بالفتح ثم السكون بوزن ظبي. قال عُمارة اليمَني حَلي. مدينة باليمن على ساحل البحر بينها وبين السرين يوم واحد وبينها وبين مكة ثمانية أيام وهي حَليَة المقدم ذكرها. قال أعرابي:

خليلي حبي سِدرَ حَـلْـيَةَ مـوردي

 

حياض المنايا أو مقـيدي الأعـاديا

خليلي إن أسعدتما فهـمـمـتـمـا

 

بأدنى ظِلاَلُ السدرِ فاستتبـعـانـيا

فوالله ما أحببتُ سدنـراً بـبـلـدة

 

من الأرض حتى سدنر حَلي اليمانيا