حـرف الـراء: باب الراء والحاء وما يليهما

باب الراء والحاء وما يليهما

رَحاً: بلفظ الرحا التي يطحن فيها جبل بين كاظمة والسيدان عن يمين الطريق من اليمامة إلى البصرة قال حُميد بن ثور:

وكنت رفعت الصوت بالأمر رفعة

 

بجنب الرَحا لما آتلأَب كؤودهـا

 

ونزل بالراعي النميري رجل من بني عمرو بن كلاب ليلاً في سنة مجدبة وقد عزبَتْ عن الراعي إبلُهُ فنحر لهم ناباً من رواحلهم وصبحت الراعي إبلُهُ فأعطي رب الناب ناباً مثلها وزاده ناقة ثنية وقال:

عجبت من السارين والـريحُ قَـرِة

 

إلى ضوءٍ نار بين فرْدَة فالرُحـا

إلى ضوء نار يشتوي القِدّ أهلُـهـا

 

وقد يكرم الأضياف والِقدُ يُشتـوى

فلما أتونا واشـتـكـينـا إلـيهـم

 

بكَوا وكلا الحيين مما به بـكـى

بكى مُعْوز مـن أن يلامَ وطـارق

 

يشدُ من الجوع الإزار على الحشا

فأرسلت عيني هل أرى من سمينة

 

تدارك فيها ني عامين والصـرَى

فأبصرتها كَـوْمـاءَ ذات عـريكة

 

هجاناً من اللاتي تمتعن بالصُـوا

فأومأت إيماءً خفـياً لـحَـبـتـر

 

وللَه عينا حبـتـر أيمـا فـتـى

وقلت له الصق بأيبَس سـاقـهـا

 

فإن يجبر العُرقوبُ لا يرْقإِ النّسـا

فيا عجباً من حَبْتـر إن حَـبـتـراً

 

مضى غير منكوب ومُنصلَه انتضا

كأني وقد أشبعتهم من سَنـامـهـا

 

جلَوْت غطاءً عن فؤادي فانجـلا

فبتنا وباتـت قِـدرُنـا ذات هِـزة

 

لنا قبل ما فيها شِوَاء ومُصـطَـلاَ

فقلت لرب الناب خذها ثـنـية

 

وناب عليها مثل نابك في الحيا

 

وقال معاوية بن عادية الفزاري لص حبس في المدينة على إبل أطردها.

أيا والتـيْ أهـل الـمـدينة رِفـعـا

 

لنا غرفـا فـوق الـبـيوت تـروق

لكيما نـرى نـاراً يشـبَ وقـودَهـا

 

بحزم الـرحـا أيد هـنـاك صـديق

تؤرثـهـا أم الـبـنـين لـطــارق

 

عشي السُّرى بعد المـنـام طَـرُوق

يقول بـريْ وهـو مـبـدٍ صـبـابة

 

ألا إن إشـراف الـبـقـاع يشـوق

عسى من صدور العيس تنفخ في البُرَى

 

طوالعُ من حـبـس وأنـت طـلـيق

 

ورحاً موضع بسجستان. ينسب إليه محمد بن أحمد بن إبراهيم الرَحائي السجستاني روى عن أبي بشر أحمد بن محمد المروزي والحسن بن نفيس بن زهير السجزي وغيرهما.


رُحاب: بالضم من عمل حوْران قال كثير:

سيأتي أمير المؤمنين ودونـه

 

رُحابٌ وأنهارُ البُضيع وجاسمُ

ثنائي تنميه علي ومِدْحـتـي

 

سمام على ركبانهن العمـائم

 

الرحاب: هي ناحية بأذربيجان ودربنْد وأكثر أرمينية كلها يشتملها هذا الاسم.


رَحا بِطَانٍ: موضع في بلد هُذيل وأنشدوا لتأبطَ شرًا:

ألا من مبلغ فتـيان قـومـي

 

بما لاقيت عند رحا بـطـانِ

فإني قد لقيت الغول تـهـوي

 

بسهب كالصحيفةَ صحصحان

فقلت لها كلانا نِضْـو دهـرٍ

 

أخو سفرٍ فخلي لي مكانـي

فشدَت شدة نحوي فـأهـوى

 

لها كفي بمصقولٍ يمـانـي

فأضربها بلا دهش فخـرَت

 

صريعاً لليدين ولـلـجـرَان

فقالت عُدْ فقلت لـهـا رُويداً

 

مكانك إنني ثبت الـجـنـان

فلم أنفك مـتـكـئاً لـديهـا

 

لأنظر مصبحاً ماذا أتـانـي

إذا عينان فـي رأس قـبـيح

 

كرأس الهر مشقوقَ اللسـان

وساقا مُخْدِجٍ وشواة كـلـب

 

وثوب من عِباءٍ أو شِـنـانِ

 

رحا البَطريق: ببغداد على الصَرَاة حدث أبو زكرياء ولا أعرفه. قال: دخلتُ على أبي العباس الفضل بن الربيع يوماً فوجدت يعقوب بن المهدي عن يمينه ومنصور بن المهدي عن يساره ويعقوب بن الربيع عن يمين يعقوب بن المهدي وقاسما أخاه عن يسار منصور بن المهدي فسلمتُ فأوْمأ بيده إلي بالإنصراف وكان من عادته إذا أراد أن يتغذى معه أحد من جلسائه أو أهل بيته أمر غلاماً له يكنى أبا حيلة أن يرده إلى مجلس في داره حتى يحضر غداءه ويدعو به قال فخرجتُ فردني أبو حيلة فدخلت فإذا عيسى بن موسى كاتبه قاعد فجلسنا حتى حضر الغداءُ فأحضرني وأحضر كُتابه وكانوا أربعة عيسى بن موسى بن أبيروز وعبد الله بن أبي نُعَيم الكلبي وداود بن بسطام ومحمد بن المختار فلما أكلنا جاؤوا بأطباق الفاكهة فقدموا إلينا طبقاً فيه رطب فأخذ الفضل منه رطبةَ فناوَلها ليعقوب بن المهدي وقال له إن هذا من بُستان أبي الذي وهبه له المنصور فقال له يعقوب رحم الله أباك فإني ذكرته أمس وقد اجتزتُ على الصراة برَحا البطريق فإذاً أحسن موضع فإذا الدور من تحتها والسوق من فوقها وماء غزير حادُ الجرية فقال له فمن البطريق الذي نُسبت هذه الرحا إليه أمِنْ موالينا هو أم من أهل دولتنا أم من الغرب فقال له الفضل أنا أحدثك حديثه لما أفضَتْ الخلافة إلى أبيك المهدي رضي الله عنه قدم عليه بطريق كان قد أنفذه ملك الروم مُهنئاً له فأوصلناه إليه وقربناه منه فقال المهدي للربيع قُل له يتكلم فقال الربيع للترجمان ذلك فقال البطريق هو بري من دينه وإلا فهو حنيف مسلم إن كان قدم لدينار أو لدرهمٍ ولا لغرض من أغراض الدنيا ولا كان قدومه إلا شوقاً إلى وجه الخليفة وذلك أنا نجدُ في كُتبنا أن الثالث من آَل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يملأها عدلاً كما مُلئت جوراً فجئنا اشتياقاً إليَه فقال الربيع للترجمان تقول له قد سرني ما قلت: ووقع مني بحيث أحببت ولك الكرامة ما أقمتَ والحِباءُ إذا شخصتَ وبلادنا هذه بلاد رِيفِ وطِيب فأقم بها ما طابت لك ثم بعد ذلك فالإذن إليك وأمر الربيع بإنزاله وإكرامه فأقام أشهراً ثم خرج يوماً يتنزه ببَرَاثا وما يليها فلما انصرف اجتاز إلى الصراة فلما نظر إلى مكان الأرحاء وقف ساعة يتأمَلُه فقال له الموكلون به قد أبطأتَ فإن كانت لك حاجة فاعلمنا إياها فقال شيءٌ فكرتُ فيه فانصرف فلما كان العشي راح إلى الربيع وقال له أقرضني خمسمائة ألف درهم قال: وما تصنع بها قال أبني لأمير المؤمنين مستغلاً يُؤدي في السنة خمسمائة ألف درهم فقال له الربيع وحق الماضي رحمه الله وحياة الباقي أطال الله بقاءه لو سألتني أن أهبها لغلامك ما خرجتَ إلآ ومعه ولكن هذا أمر لا بدَ من إعلام الخليفة إتاه وقد علمت أن ذاك كذلك ثم دخل الربيع على المهدي وأعلمه فقال ادفعْ إليه خمسمائْة ألف وخمسمائة ألف وجميع ما يريد بغير مؤامرة قال فدفع ذلك الربيع إليه فبنى الأرحاء المعروفة بأرحاء البطريق فأمر المهدي أن تُدْفع غلتها إليه وكانت تحمل إليه إلى سنة 163 فإنه مات فأمر المهدي أن تضمَ إلى مستغله، وقال كان اسم البطريق طارات بن الليث بن العَيزار بن طريف بن القوق بن مروق ومروق كان الملك في أيام معاوية، وقال كاتب من أهل البندينجين يذم مصر بأبيات ذكرت في مصر وبعدها:

 

يا طول شوقي واتصالَ صبابتـي

 

ودوام لَوْعة زَفرتي وشهـيقـي

ذَكر العراق فلم تزل أجـفـانُـه

 

تهمي عليه بمائها الـمـدفـوق

ونعيم دهر أغـفـلَـت أيامـنـا

 

بالكَرْخ في قَصف وفي تَفنـيق

وبنهر عيسى أو بشاطىء دجـلة

 

أو بالصراة إلى رحا البطـريق

سَقياً لتلك مغـانـياً ومـعـارفـاً

 

عمرت بغير البخل والتـضـييق

ما كـان أغـنـاه وأبـعـد داره

 

عن أرض مصر ونيلها الممحوق

لا تبعدنْ صريم عزمك بالمُـنَـى

 

ما أنت بالتقييد بالـمـخـفـوق

فُزْ بالرجوع إلى العراق وخَلهـا

 

يمضي فريق بعد جمـع فـريق

 

رَحا جابر: موضع ذكر في جابر، وأنشد أبو الندى:

ذكرتُ ابنةَ السعدي ذكرى ودونها

 

رحا جابر واحتل أهلي الأداهما

 

الرحابةُ: بضم أوله وبعد الألف باءَ موحدة. أطُم بالمدينة ومخلاف باليمن والرحاب الواسع وقِدر رُحاب أي واسعة بالضم.
رَحا عُمارةَ: محلة بالكوفة تنسب إلى عمارة بن عقبة بن أبي مُعَيط.


رَحا المِثْلِ: موضع قال مالك بن الرَيب: بعد ما أوردنا في الشبيك من قصيدته المشهورة.

فيا ليت شعري هل تَغَيَّرَت الرحـا

 

رحا المثل أو أمْسَتْ بفلْج كما هـيا

إذا القوم حَلُوها جميعـاً وأنـزلـوا

 

بها بقراً حُم الـعـيون سـواجـيا

رَعَينَ وقد كاد الظـلامُ يَجُـنـهـا

 

يَسُفنَ الخزامَى غضه والأَقـاحـيا

وهل ترك العيس المراسيل بالضحى

 

تعاليها تعلو المِـتـان الـقـواقـيا

 

وما بعد هذه الأبيات من هذه القصيدة يُذكر في بَوْلان.


رحايا: قال ابن مقبل:

رَعت برحايا في الخريف وعادة

 

لها برحايا كل شعبان تخـرِفُ

 

قال ابن المعلَى الأزدي رحايا موضع قال: وكان خالد يروي برحايا يعني إنه لم يجعل الباءَ زائدة للجر.


رُحْب: موضع في بلاد هذيل قال ساعدة بن جُؤيةَ:

فرُحب فأعلامُ القُرُوط فكافر

 

فنخلَةُ تَلَى طلحُها فسدورها

 

وفي قول أبي صخر الهذلي حيث قال:

وماذا تُرَجي بعـد آل مـحـرّق

 

عفا منهمُ وادي رُهاط إلى رُحب

 

مضبوط بالضم.


رُحبَةُ: بضم أوله وسكون ثانيه وباءٍ موحدة. ماءَ لبني فَرير بأجإٍ، والرُحبة أيضاً قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحُجاج إذا أرادوا مكة وقد خربت الآن بكثرة طروق العرب لأنها في ضفة البر ليس بعدها عمارة. قال السكوني: ومن أراد الغرب دون المُغيثة خرج على عيون طف الحجاز فأولُها عين الرُحبة وهي من القادسية على ثلاثة أميال ثم عين خَفِية والرُحب بالضم في اللغة السعة والرَحب بالفتح الواسع، ورُحبة قرية قريبة من صنعاءِ اليمن على ستة أميال منها وهي أودية تنبت الطلحَ وفيها بساتين وقُرىً لها ذكر في حديث العنسي، والرُحبة ناحية بين المدينة والشام قريبة من وادي القُرى عن نصر، وقال لي الصاحب الأكرم أحسن الله رعايته في طرف اللَجاة من أعمال صلْخد قرية يقال لها الرُحبة.


رَحبةُ حامر: يوم رحبة حامر وقد ذكر حامر في موضعه.


رحبةُ خالدٍ : بدمشق تنسب إلى خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي ذكر ذلك الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق.


رَحبةُ خُنَيس: محلة بالكوفة تنسب إلى خُنَيس بن سعد أخي النعمان بن سعد جد أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس القاضي، والأصل في الرَحبة الفضاءُ بين أفنية البيوت أو القوم والمسجد ويقال رحبة أيضاً وقيل رَحبة اسم ورحْبة نعت وبلاد رحبة واسعة ولا يقال رحبة بالتحريك، وقال ابن الأعرابي الرحبة ما اتسع من الأرض وجمعها رَحب وهذا يجيءُ نادراً في باب الناقص وأما السالم فما سمعتُ فَعلة جمعَت على فعل وابن الأعرابي ثقة لا يقول إلا ما سمعه قال ذلك أبو منصور رحمه الله.


رَحبةُ دمَشقَ: قرية من قراها قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: محمد بن يزيد أبو بكر الرحبي من أهل دمشق والرَحبة قرية من قرى دمشق فخربت وروى عن أبي إدريس وأبي الأشعث الصنعاني وعروة بن رُوَيم ومغيث بن سميّ وأبي خُنَيس الأسدي وعمر بن ربيعة وسعد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان والهيثم بن حميد ومحمد بن المهاجر وإسماعيل بن عياش وعبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأيوب بن حيان، وعمرو بن مَرثد ويقال عمرو بن أسماء أبو أسماء الرَحبي من أهل دمشق روى عن ثوبان وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وشداد بن أوس وأوس بن أوس الثقفي وأبي ثعلبة الخشني وعمر البكالي روى عنه أبو قِلابة الجرمي وأبو الأشعث الصنعاني وأبو سلام الأسود وربيعة بن يزيد. قال أبو سليمان بن زَبر: أبو أسماء الرَحبي من رحبة دمشق قرية بينها وبين دمشق ميل رأيتُها عامرة. رحبة صنعاء: سميت باسم صاحبها الرحبة بن الغوث بن سعد بن عوف بن حمير، وقال الكلبي رحبة بن زرعة بن سبأ الأصغر وجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم للحاملة والعاملة ثم للشاءِ وقد روي أنه نهى عن عضد عِضاهِها وكان قدماءُ المسلمين يتوقون ذلك ثم انهمك الناس في قطعها وهي على ستة أميال من صنعاء وهي أودية تنبت الطلح وفيها بساتين وقُرى ذكرها في حديث العَنْسي.


رحبَةُ مالك بن طَوْقٍ : بينها وبين دمشق ثمانية أيام ومن حلب خمسة أيام وإلى بغداد مائة فرسخ وإلى الرقة نيف وعشرون فرسخاً وهي بين الرَقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا. قال البلاذُري: لم يكن لها أثر قديم إنما أحدثها مالك بن طوق بن عَتاب التغلبي في خلافة المأمون. قال صاحب الزيج: طولها ستون درجة وربع وعرضها ثلاث وثلاثون درجة. قد ذكر من لغة هذه اللفظة في الترجمة قبله ويزيد ههنا. قال النضر بن شُمَيل: الرَّحاب في الأودية الواحدة رحبة وهي مواضع متواطئة ليستنقع الماءُ فيها وما حولها مشرف عليها وهي أسرع الأرض نباتاً تكون عند منتهى الوادي في وسطه وتكون في المكان المشرف ليستنقع الماءُ فيها وإذا كانت في الأرض المستوية نزلها الناس وإذا كانت في بطن المسيل لم ينزلها الناس وإذا كانت في بطن الوادي فهي أقنة أي حُفْرة تمسك الماء ليست بالقعيرة جداً وسعتُها قدر غلوة والناس ينزلون في ناحية منها ولا تكون الرحابُ في الرمل وتكون في بطون الأرض وظواهرها، وقد نسبت إلى مالك بن طوق كما ترى وفي التوراة في السفر الأول في الجزء الثاني إن الرحبة بناها نمرود بن كوش. حدث أبو شجاع عمر بن أبي الحسن محمد بن أبي محمد عبد الله البسطامي فيما أنبأنا عنه شيخنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن أبي بكر محمد بن منصور السمعاني المروزي بإسناد له طويل أوصله إلى علي بن سعد الكاتب الرحبي رحبة مالك بن طوق قال سألت أبي لِمَ سميت هذه المدينة رحبة مالك بن طوق ومن كان هذا الرجل فقال يا بنيُ اعلم أن هارون الرشيد كان قد اجتاز في الفرات في حَرَاقة حتى بلغ الشذا ومعه ندماءُ له أحدهم يقال مالك بن طوق فلما قرب من الدواليب. قال مالك بن طوق يا أمير المؤمنين لو خرجت إلى الشط إلى أن تجوز هذه البقعة، فقال له هارون الرشيد: أحسبُك تخاف هذه الدواليب فقال مالك يكفي الله أمير المؤمنين كل محذور ولكن إن رأى أمير المؤمنين ذلك رأياً وإلا فالأمر له فقال الرشيد قد تطيرت بقولك وقدم السفينة وصعد الشط فلما بلغت الحراقة موضع الدواليب دارت دورة ثم انقلبت بكل ما فيها فعجب من ذلك هارون الرشيد وسجد لله شكراً وأمر بإخراج مال عظيم يفرق على الفقراء في جميع المواضع وقال لمالك: وجبت لك علي حاجة فسل فقال يقطعني أمير المؤمنين في هذا الموضع أرضاً أبنيها مدينة تنسب إلي فقال الرشيد قد فعلت وأمر أن يعان في بنائها بالمال والرجال فلما عمرها واستوسقت له أموره فيها وتحول الناس إليها أنفذ إليه الرشيد يطلب منه مالاً فتعلل عليه بعلة ودافعه عن حمل المال ثم ثنىَ الرسول إليه وكذلك راسله ثالثاً وبلغ هارون الرشيد أنه قد عصى عليه وتحصن فأنفذ إليه الجيوش إلى أن طالت بينهما المحاربة والوقائع ثم ظفر به صاحب الرشيد فحمله مكبّلاً بالحديد فمكث في حبس الرشيد عشرة أيام لم يُسمع منه كلمة واحدة وكان إذا أراد شيئاً أومأ برأسه ويده فلما مضت له عشرة أيام جلس الرشيد للناس وأمر بإخراجه فأخرج من الحبس إلى مجلس أمير المؤمنين والوزراءُ والحجاب والأمراء بين يدي الرشيد فلما مَثَلَ بين يديه قبل الأرض ثم قام قائماً لا يتكلم ولا يقول شيئاً ساعة تامة قال فدعا الرشيد النطعَ والسيفَ وأمر بضرب عنقه فقال له يحيى ويلك يا مالك لم لا تتكلم فالتفتَ إلى الرشيد فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلالة من طين يا أمير المؤمنين جبر الله بك صدع الدين و لمَ بك شعث المسلمين وأخمدَ بك شهاب الباطل وأوضحَ بك سبل الحق إن الذنوب تخرس الألسنة وتُصدع الأفئدة وايمُ اللّه لقد عظمت الجريرة فانقطعت الحجة فلم يبق إلا عفوك أو انتقامك ثم أنشأ يقول:

 

أرى الموتَ بين السيف والنطع كامناً

 

يلاحظني من حيث ما أتَـلَـفـتُ

وأكثر ظني أنك اليوم قـاتـلـي

 

وأي امرىء مما قضى الله يُفْلت

وأي امرىءٍ يدلي بعذر وحـجة

 

وسيف المنايا بين عينيه مصلت

يَعِز على الأوس بن تغلب موقف

 

يهز علي السيف فيه وأسكـت

وما بيَ خوف أن أموت وإننـي

 

لأعلم أن الموت شيء مُوَقـت

ولكن خلفي صبيَةَ قد تركتُـهـم

 

وأكبادهم من خشية تتـفـتـت

كأني أراهم حين أنعـى إلـيهـم

 

وقد خمشوا تلك الوجوهَ وصوتوا

فإن عِشت عاشوا خافضين بغبطة

 

أذودُ الردى عنهم وإن مت مَوتوا

وكم قائل لا يبـعـد الـلـه داره

 

وآخرُ جذلان يُسـر ويشَـمـت

 

قال فبكى الرشيد بكاء تبسم ثم قال لقد سكت على همة وتكلمتَ على علم وحكمة وقد وهبناك للصبيَة فارجع إلى مالك ولا تعاود فعالك فقال سمعاً لأمير المؤمنين وطاعة ثم انصرف من عنده بالخلع والجوائز، وقد نسب إلى رحبة مالك جماعة منهم أبو علي الحسن بن قيس الرحبي روى عن عكرمة وعطاء روى عنه سليمان التيمي، ومن المتأخرين أبو عبد اللّه محمد بن على بن محمد بن الحسن الرحبي الفقيه الشافعي المعروف بابن المتفننة تفقه على أبي منصور بن الرزاز البغدادي ودرس ببلده وصنف كتباً ومات بالرحبة سنة 577 وقد بلغ ثمانين سنة، وابنه أبو الثناء محمود كان قد ورد الموصل وتولى بها نيابة القضاء عن القاضي أبي منصور المظفر بن عبد القاهر بن الحسن بن علي بن القاسم الشهرزوري وبقي مدة ثم صرف عنها وعاد إلى الرحبة وكان فقيهاً عالماً، وكان أسد الدين شيركوه ولي الرحبة يوسف بن الملاح الحلبي وآخر معه من بعض القرى فكتب إليه يحيى بن النقاش الرحبي:

كم لك في الرحبة من لائم

 

يا أسد الدين ومـن لاح

دَمَرْتها من حيث دَبرْتَهـا

 

برأي فـلاح ومــلاح

 

وله فيه:

يا أسد الدين اغتنم أجـرنـا

 

وخلصِ الرحبة من يوسف

تغزو إلى الكفر وتغزو به

 

الإسلام ما ذاك بهذا يفـي

 

رَحبَةُ الهدَار: باليمامة قال الحفصي الأبكين:جبلان يشرفان على رحبة الهدار ثمِ تنحدر في النقب وهو الطريق في الجبل فإذا استوَيت تل الرحبة فهي صحراء مستوية وفي أطرافها قطع جبل يُدعى زَغرب والمردَغة وذات أسلام والنوطة وغيطلة قال مُخيس بن أرطاة:

تبدلت ذات أسلام فغيطلة

 

ثم تمضي حتى تخرج من الرحبة فتقع في العُقَيْر.


رَحبَةُ يَعقُوبَ: ببغداد منسوبة إلى يعقوب بن داود مولى بني سُليم وزير المهدي بن المنصور يقول فيه الشاعر:

بني أمية هبوا طال نـومـكـمُ

 

إن الخليفة يعقـوبُ بـن داود

ضاعت خِلافتكم يا قوم فالتمسوا

 

خليفة الله بين الناي والـعـود

 

رُحَبَى: بضم أوله وفتح ثانيه بوزن شُعَبى موضع.


رَحْرَحانُ: بفتح أوله وسكون ثانيه وتكرير الراء والحاء المهملة وآخره نون وشيء رَحرَاح أي فيه سعَة ورِقة وعيش رحراح أي واسع ورحرحان اسم جبل قريب من عكاظ خلف عرفات قيل هو لغطفان وكان فيه يومان للعرب أشهرهما الثاني وهو يوم لبني عامر بن صعصعة على بني تميم أسر فيه مَعْبَدُ بن زُرارة أخو حاجب بن زرارة رئيس بني تميم وكان سببه أن الحارث بن ظالم قتلَ خالد بن جعفر ثم أتى بني فزارة بن عُدَس فاستجارهم فأجاره معبد بن زرارة فخرج الأحوصُ بن جعفر سائراً بأخيه خالد فالتقوا برحرحان فهُزم بنو تميم، وقال عوف بن عطية التميمي:

هلا فوارسَ رَحرَحانَ هَجَرتُهُم

 

عشراً تناوَحُ في سِرَارَةِ وادي

 

يعني لقيطَ بن زرارة وكان قد انهزمَ عن أخيه يومئذٍ قال جرير:

أتنْسَوْنَ يومَيْ رَحرحان كليهمـا

 

وقد أشرعَ القومُ الوشيجَ المؤمَرَا

تركتم بوادي رحرحانَ نساءكـم

 

ويوم الصفا لاقيتم الشعبَ أوعرا

سمعتم بني مجد دعَوا يال عامر

 

فكنتم نَعَاماً بالحزيز مُـنَـفـرا

وأسلمتمُ لابْنَيْ أسيدة حـاجـبـاً

 

ولاقى لقيطاً حَتفه فتـقـطـرا

وأسلَمت القلحاءُ للقوم مَعـبَـدًا

 

تجاذب مخموساً من القِد أسمرا

 

ومعبد أسر يوم رحرحان الثاني فمات في أيدي بني عامر أسيراً لم يفلت فعيرت العرب حاجباً وقومه لذلك.


رُحَيضَةُ: بالتصغير ماء في غربي ثهلانَ وهو من جبال ضرية ويقال بفتح الراء وكسر الحاء.


الرحْضيَّةُ: بالكسر ثم السكون وضاد معجمة وياء مشددة من نواحي المدينة قرية للأنصار وبني سُليم من نجد وبها آَبار عليها زرع كثير ونخيل وحذاءها قرية يقال لها الحجر.


رُحْقانُ: بالضم ثم السكون وقاف وآخره نون لم يجيء في كلامهم إلا رحيق وهو الخمر سلكه النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ذكر في النازية.


الرَحوبُ: بفتح أوله وآخره باء موحدة وقد ذكرنا أن الرحب الواسع وهذا فَعُول منه موضع بالجزيزة وهو ماءْ لبني جشم بن بكر رهط الأخطل أوقع به الجحاف بقوم الأخطل وقعة عظيمة وأسر الأخطل وعليه عباءة فظنوه عبداً وسئل فقال أنا عبد فخلي سبيله فخشي أن يُعرف فيُقتل فرمَى نفسه في جب من جبابهم فلم يزل فيه حتى انصرف القوم فنجا وقُتل أبوه غياث يومئذٍ، وقال الجحاف:

مَرُوا على صهَيَا بلـيل دامـس

 

رَقَدَ الدثُورُ وليلهـم لـم يَرقُـد

فصبَحنَ عاجنةَ الرَحوب بغـارة

 

شعواء تَرْفُل في الحديد الموجد

فتركنَ حي بني الفدوْ كس عُصبةً

 

نفدوا وأيُ عدونـا لـم يَنْـفـد

 

ويوم الرحوب ويوم البشر ويوم مُخاشن واحد كان للجحاف على بني تغلب قال جرير:

ترك الفوارسُ من سليم نسـوةً

 

عُجلاً لهن من الرحوب عويلُ

إذ ظل يَحسب كل شخص فارساً

 

ويرى نَعَامةَ ظِلـهِ فـيجـولُ

 

ويروى نعامةُ ظلهُ جعل اسمه نعامة ونعامةُ ظله شخصه يريد أنه يفرق من ظله.

رقصتْ بعاجنة الرحوب نساؤكم

 

رقص الرئَال وما لهـن ذُيولُ

أين الأراقم إذ تجرُ نسـاءهـم

 

يوم الرحوب مُحارب وسَلُـولُ

 

رُحياتُ: موضع في قول امرئ القيس:

خرجنا نريغ الوحش بين ثُعالة

 

وبين رُحيات إلى فج أخرُب

 

الرَحيب: اشتقاقه من الرحوب وهو الواسع اسم موضع عربي أيضاً.


الرُحَيب: تصغير رحيب موضع من نواحي المدينة في قول كثير:

وذكرتُ عَزة إذ تُصاقبُ دارُها

 

برُحيب فأرابـن فـنـخـال

 

الرُحيل: بضم أْوله كأنه تصغير رحل منزل بين البصرة والنباج بينه وبين الشَجي أربعة وعشرون ميلاً وهو عذب بعيد الرشاء بينه وبين البصرة عشرون فرسخا قال:

 

كأنها بين الرُحيل والشجي

 

ضاربة بخفها والمنسـج

رُحيةُ: تصغير رَحى، بئر في وادي دوران قرب الجحفة.