باب الصاد والهاء وما يليهما
صُهاً:
جمع صهوة، وهي عدة قُلل في جبل بين المدينة ووادي القرى يقال لكلِ واحدة
منها: صهوة وجمعها صُهاً أخبرني بذلك من رآها.
صُهابُ: بالضم وآخره باء موحدة والصهبة لون حمرة في شعر الرأس واللحية إذا
كان في الظاهر حمرة وفي الباطن سواد وكذلك جمل صهابيٌ ، وهو موضع وأنشد أبو
علي في كتاب الحجة:
والصهابية
من الإبل منسوبة إلى الفحل لا إلى الموضع عن الأزهري، قال الجوهري: منسوبة
إلى فحل أو موضع.
صَهباءُ: بلفظ اسم الخمر وسميت بذلك لصُهوبة لونها وهو حمرتها أو شقرتها
وهو اسم موضع بينه وبين خيبر روحة له ذكر في الأخبار.
صَهرُ: بالفتح ثم السكون والراء يقال: صهرَته الشمس وصهدته إذا اشتدَ
وقوعها عليه والصهر، مدينة باليمن في مخلاف ماجِن: صهْرَتاج: موضع با
لأهواز، قال يزيد بن مفزع:
ديار للجمـالة مـقـفـرات |
|
بلِينَ وهجنَ للقلب إذكـارا |
فَسَرف فالقرى من صهرتاج |
|
فدير الرُهب فالطلل
القفارا |
صهرجتُ:
قريتان بمصر متاخمتان لمُنية غمر شمالي القاهرة معروفتان بكثرة زراعة السكر
وتعرف بمدينة صهرجت بن زيد وهي على شعبة الذيل بينها وبين بنها ثمانية
أميال، ينسب إليها أبو الفرج محمد بن الحسن البغدادي من فقهاءِ الشيعة له
كتاب سماه قبس المصباح لعله اختصره من مصباح المتهجد للطوسي وله شعر وأدب
ذكره الشيخي في تاريخه، ومن شعره:
يا كلام إلى الـمـدام فـسـقـنـي |
|
واخفف على الندمان كل عُـقـار |
أو ما ترى وجه الـربـيع ونـوره |
|
يزهو علـى الأنـوار بـالـنـوار |
ورد كأمثال الـخـدود ونـرجـس |
|
تَرنو نواظـره إلـى الـنـظـار |
فاقدح بأقداح السـرور سـرورنـا |
|
واصرف بشرب الخمر داء خماري
|
الصهوُ:
موضع بحاق رأس أجإٍ وهو من أوسط أجإ مما يلي الغرب وهي شعاب من نخل ينجاب
عنها الجبل الواحدة صهوة وهي لجذيمة من جَرم طيىءٍ .
الصهوَة: صهوة كل شيء أعلاه،بنواحي المدينة وهو صدقة بن عبد الله بن عباس
في جبل جُهَينة.
صهيا: قرية من إقليم بانياس من أعمال دمشق سكنها هشام بن عمرو بن يزيد بن
معاوية بن أبي سفيان بن حرب، ذكره ابن أبي العجائز في تاريخ دمشق وغيره من
الأشراف.
صهيد: بفتح الصاد وكسر الهاء وياء ساكنة ودال مهملة، مفازة ما بين اليمن
وحضرموت يقال لها: صهيد بخط ابن الخاضبة مصححِ والذي عليه النحويون في
الأمثلة أنه صَيهد على وزن فيعل وهو من قراآت الكتاب.
صهيونُ: بكسر أوله ثم السكون وياء مثناة من تحت فتوحة وواو ساكنة وآخره
نون، قال الأزهري: قال و عمرو: صهيون هي الروم وقيل: البيت المقدس، قال
الأعشى يمدح يزيد وعبد المسيح ابني الديان وقيل: يمدح السيد والعاقب أساقفة
نجران:
ألا سيدَي نجران لا يوصِينكـمـا |
|
بنجرانُ فيما نابها واعتراكـمـا |
فإن تفعلا خـيرأ وتـرتـديا بـه |
|
فإنكما أهلٌ لـذاك كـلاكـمـا |
وإن تكفيا نجران أمر عـظـيمة |
|
فقبلكما ما سادهـا أبـواكـمـا |
وإن أجلبت صِهيَونُ يوماَ عليكمـا |
|
فإن رحا الحرب الدكوك رحاكما
|
قلت: فهو
موضع معروف بالبيت المقدس محلة فيها كنيسة صهيون، وصهيون أيضاَ حصن حصين من
أعمال سواحل بحر الشام من أعمال حصن لكنه ليس بمشرف على البحر وهي قلعة
حصينة مكينة في طرف جبل خنادقها أودية واسعة هائلة عميقة ليس لها خندق
محفور إلا من جهة واحدة مقدار طوله ستون ذراعاً أو قريب من ذلك وهو نقر في
حجر ولها ثلاثة أسوار سوران دون مربضها وسور دون قلعتها وكانت بيد الأفرنج
منذ دهر حتى استرجعها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب من يد الأفرنج
سنة 584وهي بيد المسلمين إلى الآن.
باب الصاد والياء وما يليهما
الصيّاحَةُ: نخل باليمامة، قال الشاعر:
قلبي بصياحات جوَ مرتهَـنْ |
|
إذا ذكرت أهلها هاج الحَزَن
|
صَيبونُ:
بفتح أوله وسكون ثانيه ثم باء موحدة، وواو ساكنة ونون، موضع جاء ذكره في
شعر الأعشى:
ليت شعري متى تخب بيَ النا |
|
قة نحو العُذَيب فالصيبـون |
محقباً زُكرة وخبـزَ رقـاق |
|
وحباقا وقطعة مـن نـون |
الحباق:
جرزة البقل.
صَيخَد:
موضع في أرض اليمن عن نصر.
صَيداءُ: بالفتح ثم السكون والدال المهملة والمد وأهله يقصرونه وما أظنه
إلا لفظة أعجمية إلا أن أصلها في كلام العرب على سبيل الاشتراك، قال أبو
منصور: الصيداء حجر أبيض يعمل منه البِرام جمع بُرمة، وقال النضر: الصيداء:
الأرض التي تربتها أجزاة غليظة الحجارة مستوية الأرض، وقال الشماخ:
حذاها من الصيماء نعلاً طراقهـا |
|
حَوامِي الكُراع المُؤيدات العشاوز
|
أي حذاها
حرة نعالها الصخور، وهي مدينة على ساحل بحر الشام من أعمال دمشق شرقي صور
بينهما ستة فراسخ قالوا: سميت بصيدون بن صدقاء بن كنعان بن حام بن نوح عليه
السلام، قال هشام، عن أبيه إنما سميت صيداءُ التي بالشام بصيدون بن صدقاءَ
بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام، ومر أبو الحسن علي بن محمد بن
الساعاتي بنواحي صيداء وهي بيد الأفرنج فرأى مروجاً كثيرة نباتها النرجس
واتفق أنه هرب بعض الأسارى من صيداء فأرسلت الخيل وراءه فردته فقال:
لله صـيداءُ مـن بـلاد |
|
لم تبق عندي بلًى دفينـاً |
نرجسها حلية الفـيافـي |
|
قد طبق السهل والحَزونا
|
وكيف ينجو بهـا هـزيم |
|
وأرضها تنبت العيونـا |
وطول
صيداء تسع وخمسون درجة وثلث وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان وهي في
الإقليم الرابع، قال الزجاجي: اشتقاقها من الصَيد يقال: رجل أصيدُ وامرأة
صيداءُ وهو ميل في العنق من داء وربما فعل ذلك الرجل كبراً والنسبة إليها
صيداوي وهذه نسبة ما لا ينصرف من الممدود ولو كان مقصوراً لكان صيدوي
كقولهم في ملهى ملهوي وفي مِرمى مِرمَوِي ومن أسمائها إربل بلفظ إربل
الموصل وذكر السمعاني أنه ينسب إليها صيداني بالنون كأنه لحق بصنعاء
وصنعاني وبهراء وبهراني، قال: وممن نسب إليها كذلك أبو الحسن محمد بن أحمد
بن يحيى بن عبد الرحمن بن جميع الغساني الحافظ الصيداني رحل في طلب الحديث
إلى مصر والعراق والجزيرة وفارس وسمع فأكثر روى عنه ابنه الحسن وأبو سعيد
الماليني وغيرهما وجمع لنفسه معجماً لشيوخه ومات بعد سنة 394 وروى عن ابن
جميع أيضاً عبد الغني بن سعيد الحافظ وهو من أقرانه وتمام بن محمد وأبو عبد
الله الصوري وعبد الله بن أبي عقيل وأبو نصر بن طلاب وأبو العباس أحمد بن
محمد بن يوسف بن مردة الأصبهاني وأبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن عبد
الرحمن المصري الصواف وأبو نصر علي بن الحسين بن أحمد بن أبي سلمة الوراق
الصيداوي وأبو الحسين محمد بن الحسين بن علي الترجمان وأبو علي الأهوازي
وأبو الحسن الجنابي وبلغني أن مولد ابن جميع سنة305 وكان من الأعيان
والأئمة الثقات ومات بصيداء في رجب سنة 402 وأكثر ما يقال له: الصيداوي،
وممن نسب إليها بهذه النسبة هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي الصيداوي روى عن
مكحول ونافع وابن المبارك ووكيع ومات سنة 156 وقرأت بخط محمد بن هشام
الخالدي في ديوان المتنبي ما صورته قال: يعني المتنبي لمعاذ الصيداوي وهو
يعذله والصيداءُ بساحل الشام يعرف بصيداء الصور، وبحوران موضع يقال له
أيضاَ: صيداء لذلك قال النابغة:
وقبر بصيداء التي عند حارب
|
ليُعلم
أنها غير هذه وهما بالشام، وصيد اءُ أيضاً الماءُ المعروف بصداء الذي يضرب
به المثل في الطيب فيقال: ماء ولا كصداء وقال المبرد: هو صيداء، وأنشد:
يُحاول من أحواض صيداءَ مشربَا
|
وقد تقدم
وفي سنة 504سار معدون في جمع كثير وهو صاحب القدس إلى صيداء ففتحها بالأمان
وصادر أهلها وبقيت في أيديهم إلى أن استعادها صلاح الدين سَنة583 .
صيد: بالفتح ثم السكون ودال مهملة، جبل عظيم عاالِ جد اً في أرض اليمن من
مخلاف جعفر من حقل ذمار في رأسه قلعة يقال لهاسمارة.
صيدنَايَا: بعد الدال نون وبعد الألف ياء وألف، بلد من أعمال دمشق مشهور
بكثرة الكروم والخمر الفائق صيدُوح: بالفتح ثم السكون ودال مهملة وواو
ساكنة وحاءٍ مهملة، قال ابن شُمَيل: الصدَح والصيدَح لون أشد حُمرة من
العُناب حتى يضرب إلى سواد، وقيل: الصِدحانُ آكام صغار صلاب الحجارة واحدها
صَدَح وصَدَحَ الديك صاح وصيدوح. قرية بشرقي المدينة تشرب من شراج الحرة
والشراج مجاري المياه من الحرار إلى السهل واحدها شرج.
صير: بكسر أوله وسكون ثانيه وآخره راء والصير الصحناءَة وصيرُ الأمر مصيره
وعاقبته والصير الشق ومنه الحديث من نظر في صيرِ باب وفُقئت عينه فهي هَدَر
والصير، جبل باجإ في ديار طيىءِ فيه كُهوف شبه البيوت، والصير جبل على
الساحل ببن سيراف وعُمان، وصير البقر موضع بالحجاز.
صِيرة: بالكسر وآخره هاء واحدة الصير وهي حظيرة تعمل للغنم من حجارة، وهو
موضع وفي حديث مقتل ذي الكلب أنه خرج وانسان معه حتى أتيا على صيرة دارمن
فهم بالجوف.
صيعِيرُ: بالكسر ثم السكون ثم عين مهملة مكسورة ثم ياء أخرى وآخره راءٌ وهو
من الصعَر وهو ميل العنق والصيعرية اعتراض في السير ولا أظنها إلا أعجمية،
وهي قرية بنواحي القدس ذكرت في التوراة.
صيغُ: بالكسر ثم السكون وآخره غين معجمة بلفظ ما لم يسم فاعله من ماضي صاغ
يصوغ. ناحية من نواحي خراسان كان بها مهلك أسد بن عبد الله القَسري.
صيقاة: بالفتح وسكون ثانيه وقاف، قال أبوأحمد العسكري: موضع كان فيه يوم من
أيامهم والصيق الغبار الجائل في الهواء والصيق الريح المنتنة.
صَيلَع: بالفتح ثم السكون وفتح اللام وآخره عين مهملة، موضع كثير البان وبه
ورد الخبر على امرىء القيس بمقتل أبيه حُجر الكندي، فقال:
أتاني وأصحابي على رأس صَيلَع |
|
حديث أطار النوم عني فأقْعمـا |
فقلت لنجلي بعدما قد أتـى بـه |
|
تبين و بينْ لي الحديث المجمجما
|
فقال أبيت اللعن عمرو وكاهـل |
|
أباحوا حمى حُجرٍ فأصبح مسلماَ
|
صَيلَةُ:
بوزن الذي قبله، موضع.
صَيمَرَةُ: بالفتح ثم السكون وفتح الميم ثم راء كلمة أعجمية، وهي في موضعين
أحدهما بالبصرة على فم نهر مَعقل وفيها عدة قرًى تسمى بهذا الإسم جاءهم في
حدود سنة 450 رجل يقال له: ابن الشباس فادعى عندهم أنه إله فاستخف عقولهم
بترهات فانقادوا له وعبدوه وقد ذكرت من خبره جملة. في كتاب المبدأ والمآل
عند ذكر فرق الإسلام،، وقد نسب إلى هذا الموضع قوم من أهل الفضل والدين
والعلم والصلاح، منهم أبو عبد الله الحسن بن علي بن محمد بن جعفر الصيمَري
أحد الفقهاء المذكورين من أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه حدث عن أبي بكر
المفيد وغيره روى عنه أبو بكر علي بن أحمد بن ثابت بن الخطيب وقال: كان
صدوقاً وافر العقل جميل المعاشرة عارفاً بحقوق أهل العلم توفي في شوال سنة
463 ببغداد، وأبو القاسم عبد الواحد بن الحسين الصيمري الفقيه الشافعي سكن
البصرة وحضر مجلس القاضي أبي حامد المروزي وتففه على صاحبه أبي الفياض
وارتحل الناس إليه من البلاد وكان حافظاً لمذهب الشافعي رضي الله عنه حسن
التصنيف فيه، ومنها أيضاً أبو العنبس الصيمري واسمه محمد بن إسحاق بن
إبراهيم بن أبي العنبس بن المغيرة بن ماهان وكان شاعراً أديباَ مطبوعاَ ذا
تُرهات وله تصانيف هزلية نحو الثلاثين منها تأخير المعرفة وغير ذلك ومن
شعره:
كم مريض قد عاش من بعد يأس |
|
بعد موت الطبـيب والـعـوَاد |
قد يُصاد القَطَا فينجوا سلـيمـا |
|
ويحل القـضـاءُ
بـالـصَـيادِ |
ومات سنة275 وكان نادم المتوكل وحظيَ عنده، والصميَرَة، بلد
بين ديار الجبل وديار خوزستان وهي مدينة بمِهرِجان قُذف قال أبو الفضل:
دخلتها ولم أجد بها من يحدث حيثذ وقد حدث بها جماعة وهي للقاصد من همذان
إلى بغداد عن يساره وبها نخل وزيتون وجوز وثلج وفواكه السهل والجبل وبينها
وبين الطرحان قنطرة عجيبة بديعة تكون ضِعْف قنطرة خانقين تعد من العجائب،
قال الإصطخري: وأما صيمرة والسيروان فمدينتان صغيرتان غير أن بنيانهما
الغالب عليه الجص والحجارة وفيهما الليمون والجوز وما يكون في بلاد الصرود
والجروم وفيهما مياه كثيرة وأشجار وهما نزهتان يجري الماء في دورهم
ومنازلهم، ينسب إليها أبو تمام إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن حمدان
الهمذاني من أهل بَرُوجرد وأصله من الصيمرة وكان رئيس، بروجرد ثم عجز وقعد
في بيته سمع ببَرُوجرد أبا يعقوب يوسف بن محمد بن يوسف الخطيب وأبا إسحاق
إبراهيم بن أحمد الرازي وغيرهما سمع منه أبو سعد، وإبراهيم بن الحسن بن
إسحاق الآدمي أبو إسحاق الصيمري روى عن محمد بن عبيد الأسدي وزياد بن أيوب
ومحمد بن حميد وغيرهم وكان يسكن همذان ذكره شيروَيه. صِيمَكان: بالكسر وبعد
الياء الساكنة ميم وكاف وآخره نون، بلد بفارس من كورة أردشير خُرَّة.
صيمور: وربما قيل: صَيمُون بالنرن في آخره، بلد من بلاد الهند الملاصقة
للسند قرب الديبُل وهو من عمل ملك من ملوكهم يقال له: بُلَهر كافر إلا أن
صيمور وكُتامة من بلاد فيها مسلمون ولا يلي عليهم من قبل بُلَهرا إلا مسلم
وبها مسجد جامع تجمع فيه الجماعات ومدينة بُلَهرَ التي يقيم فيها يقال لها:
مانكير وله مملكة واسعة. الصينُ: بالكسر واَخره نون. بلاد في بحر المشرق
مائلة إلى الجنوب وشماليها الترك قال ابن الكلبي: عن الشرقي سميت الصين
بصين وبَغَرابنا بغبر بن كماد بن يافث ومنه المثل ما يدري شَغر من بَغَر
وهما بالمشرق وأهلهما بين الترك والهند. قال أبو القاسم الزجاجي سميت بذلك
لأن صين بن بغبر بن كماد أول من حلّها وسكنها وسنذكر خبرهم ها هنا. والصين
في الإقليم الأول طولها من المغرب مائة وأربع وستون درجة وثلاثون دقيقة.
قال العازمي كان سعد الخير الأندلسي يكتب لنفسه الصيني لأنه سافر إلى
الصبن، وقال العمراني: الصين موضع بالكوفة. وموضع أيضاً قريب من
الإسكندرية. قال المفجع في كتاب المنقذ وهو كتاب وضعه على مثال الملاحن
لابن درَيد الصين موضعان بالكسر الصين الأعلى والصين الأسفل وتحت واسط
بليدة مشهورة يقال لها الصينية ويقال لها أيضاً صينية الحوانيت. ينسب إليها
صيني. منها الحسن بن أحمد بن ماهان أبو علي الصيني حدث عن أحمد بن عبيد
الواسطي يروى عنه أبو بكر الخطيب وقال كان قاضي بلدته وخطيبها، وأما
إبراهيم بن إسحاق الصيني فهو كوفي كان يتّجر إلى الصين فنسب إليها، وقال
أبوسعد: وممن نسب إلى الصين أبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد
الأنصاري الأندلسي كان يكتب لنفسه الصيني لأنه كان قد سافر من المغرب إلى
الصين وكان فقيهاً صالحاً كثير المال سمع الحديث من أبي الخطاب بن بطر
القاري وأبي عبد الله الحسين بن محمد بن طلحة النعَال وغيرهما وذكره أبو
سعد في شيوخه ومات سنة 541، ولهم صيني آخر لا يدرى إلى أي شيء هو منسوب وهو
حُميد بن محمد بن علي أبو عمرو الشيباني يعرف بحميد الصيني سمع السري بن
خزيمة وأقرانه روى عنه أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان وغيره. وهذا شيء
من أخبار الصين الأقصى ذكرته كما وجدته لا أضمن صحته فإن كان صحيحاَ فقد
ظفرت بالغَرَض وإن كان كذباً فتعرف ما تقوّله الناس فإن هذه بلاد شاسعة
مارأينا من مضى إليها فأوغَلَ فيها وإنما يقصد التجار أطرافها وهي بلاد
تعرف بالجاوة على سواحل البحر شبيهة ببلاد الهند يجلب منها العود والكافور
والسنبل والقرنفل والبسباسة والعقاقير والغضائر الصينية. فأما بلاد الملك
فلم نر أحداً راَها وقرأتُ في كتاب عتيق ما صورته كتب إلينا أبو دلف مسعَر
بن مهلهل في ذكر ما شاهده ورآه في بلاد الترك والصين والهند قال: إني
لمارأيتكما يا سيدي أطال الله بقاءَكما لَهِجين بالتصنيف مُولَعين بالتأليف
أحببتُ أن لا أخلي دستوركما وقانون حكمتكما من فائدة وقعت إليَ مشاهدتها
وأعجوبة رمتْ بي الأيام إليها ليروق معنى ماتتعلمانه السمع ويصبو إلى
استيفاء قراءته القلب وبدأتُ بعد حمد الله والثناء على أنبيائه بذكر
المسالك المشرقية واختلاف السياسة فيها وتباين ملكها وافتراق أحوالها وبيوت
عبادتها وكبرياء ملوكها وحكوم قُوَامها ومراتب أولي الأمر والنهي لدَيها
لأن معرفة ذلك زيادة في البصيرة واجبة في السيرة قد حض الله تعالى عليها
أولي التيفُظ والاعتبار وكلفه أهل العقول والأبصار فقال جل اسمه " أفلم
يسيروا في الأرض" يوسف:109 فرأيتُ معاونتكما لما وَشج بيننا من الإخاء
وتوكدَ من الموفة والصفاء ولما نبا بي وطني ووصل بي السير إلى خراسان ضاربا
في الأرض أبصرت ملكها والمرسوم بإمارتها نصر بن أحمد الساماني عظيم الشأن
كبير السلطان يستصغر في جنبه أهل الطول وتخف عنده موازين، ذوي القدرة
والحول ووجدتُ عنده رُسُل قالين بن الشخير ملك الصين راغبين في مصاهرته
طامعين في مخالطته يخطبون إليه ابنته فأبى ذلك واستنكره لحظر الشريعة له
فلما أبى ذلك راضوه على أن يزوج بعض ولده ابنة ملك الصين فأجاب إلى ذلك
فاغتنمت قصد الصين معهم فسلكنا بلد الأتراك فأول قبيلة وصلنا إليها بعد أن
جاوزنا خراسان وما وراء النهر من مدُن الاسلام قبيلة في بلد يعرف بالخركاه
فقطعناها في شهر نتغذى بالبر والشعير ثم خرجنا إلى قبيلة تعرف بالطخطاخ
تغذينا فيها بالشعير والدخن وأصناف من اللحوم والبقول الصحراوية فسرنا فيها
عشرين يومأ في أمن ودعة يسمع أهلها لملك الصين ويطيعونه ويؤدون الإتاوة إلى
الخركاه لقربهم إلى الإسلام ودخولهم فيه وهم يتفقون معهم في أكثر الأوقات
على غزو من بَعُدَ عنهم من المشركين ثم وصلنا إلى قبيلة تعرف بالبجا
فتغذينا فيهم بالدخن والحمص والعدس وسرنا بينهم شهراً في أمن ودعة وهم
مشركون ويؤدون الإتاوة إلى الطخطاخ ويسجدون لملكهم ويعظمون البقر ولا تكون
عندهم ولا يملكونها تعظيماَ لها وهو بلد كثير التين والعنب والزعرور
السشوَد وفيه ضرب من الشجر لا تأكله النار ولهم أصنام من ذلك الخشب. ثم
خرجنا إلى قبيلة تعرف بالبجناك طوال اللحى أولو أسبلة هَمَج يغير بعضهم على
بعض ويفترش الواحد المرأة على ظهر الطريق يأكلون الدخن فقط فسرنا فيهم اثني
عشر يوماً وأخبرنا أن بلدهم عظيم مما يلي الشمال وبلد الصقالبة ولا يؤدون
الخراج إلى أحد ثم صرنا إلى قبيلة تعرف بالجكل يأكلون الشعير والجلبان
ولحوم الغنم فقط ولا يذبحون الإبل ولا يقننون البقر ولا تكون في بلدهم
ولباسهم الصوف والفراء لا يلبسون غيرهما وفيهم نصارى قليل وهم صباح الوجوه
يتزوج الرجل منهم بآبنته وأخته وسائر محارمه وليسوا مجوساً ولكن هذا مذهبهم
في النكاح يعبدون سُهَيلاَ وزحل والجوزاء وبنات نعش والجمد ويسمون الشعري
اليمانية رب الأرباب وفيهم دعة ولا يرون الشرَ وجميع من حولهم من قبائل
الترك يتخطفهم ويطمع فيهم وعندهم نبات يعرف بالكلكان طيب الطعام يطبخ مع
اللحم وعندهم معادن البازهر وحياة الحبق وهى بقر هناك ويعملون من الدم
والذاذي البري نبيذاً يُسكر سكراً شديدآ وبيوتهم من الخشب والعظام ولا ملك
لهم فقطعنا بلدهم في أربعين يوماَ في أمن وخفض ودعة ثم خرجنا إلى قبيلة
تعرف بالبَغرَاج لهم أسبلة بغير لحى يعملون بالسلاح عملاً حسنأ فرساناَ
ورجالةَ ولهم ملك عظيم الشأن يذكر أنه علوي وأنه من ولد يحيى بن زيد وعنده
مصحف مذهب على ظهره أبيات شعر رٌثي بها زيد وهم يعبدون ذلك المصحف وزيد
عندهم ملك العرب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عندهم إله العرب لا يملكون
عليهم أحداً إلا من ولد ذلك العَلَوي وإذا استقبلوا السماء فتحوا أفواههم
وشخصوا أبصارهم إليها يقولون إن إله العرب ينزل منها ويصعد إليها ومعجزة
هؤلا الذين يملكونهم عليهم من ولد زيد أنهم ذوو لحى وأنهم قيام الأنوف
عيونهم واسعة وغذاؤهم الدخن ولحوم الذكران من الضأن وليس في بلدهم بقر ولا
معزَ ولباسهم اللبود لا يلبسون غيرها فسرنا بينهم شهراً على خوف ووجل
أدَينا إليهم العشر من كل شيء كان معنا. ثم سرنا إلى قبيلة تعرف بتبت فسرنا
فيهم أربعين يوماً في أمن وسعة يتغذون البُر والشعير والباقلى وسائر اللحوم
والسموك والبقول والأعناب والفواكه ويلبسون جميع اللباس ولهم مدينة من
القصب كبيرة فيها بيت عبادة من جلود البقر المدهونة فيها من الحشور وقرون
غزلان المسك وبها قوم من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس والهند ويؤدون
الإتاوة إلى العلوي البغراجي ولا يملكهم أحد إلا بالقرعة ولهه محبس
جَرَائمَ وجنايات وصلاتهم إلى قبلتنا. ثم سرنا إلى قبيلة تعرف بالكيماك
بيوتهم من جلود يأكلون الحمص والباقلى ولحوم ذكران الضأن والمعز ولا يرون
ذبح الإناث منها وعندهم عنبٌ نصفُ الحبة أبيض ونصفها أسوَد وعندهم حجارة هي
مغناطيس المطر يستمطرون بها متى شاؤوا ولهم معادن ذهب في سهل من الأرض
يجدونه قطعاً وعندهم ماس يكشف عنه السيل ونبات حلوُ الطعم ينوم ويخدّر ولهم
قلم يكتبون به وليس لهم ملك ولا بيت عبادة ومن تجاوز منهم ثمانين سنة عبدوه
إلا أن يكون به عاهة أو عيب ظاهر. فكان مسيرنا فيهم خمسة وثلاثين يوماً ثم
انتهيت إلى قبيلة يقال لهم الغز لهم مدينة من الحجارة والخشب والقصب ولهم
بيت عبادة وليس فيه أصنام ولهم ملك عظيم الشأن يستأدي منهم الخراج ولهم
تجارات إلى الهند والى الصين ويأكلون البر فقط وليس لهم بقول ويأكلون لحوم
الضأن والمعز الذكران والإناث ويلبسون الكتان والفراء ولا يلبسون الصوف
وعندهم حجارة بيض تنفع من القولنج وحجارة خضر إذا مرت على السيف لم يقطع
شيئاً. وكان مسيرنا بينهم شهراً في أمن وسلامة ودعة ثم انتهينا إلى قبيلة
يقال لهم التغزغز يأكلون المذكى وغير المذكى ويلبسون القطن واللبود وليس
لهم بيت عبادة وهم يعظمون الخيل ويحسنون القيام عليها وعندهم حجارة تقطع
الدم إذا علقت على صاحب الرعاف أو النزف ولهم عند ظهور قوس قزح عيد وصلاتهم
إلى مغرب الشمس وأعلامهم سود. فسرنا فيهم عشرين يوماً في خوف شديد ثم
انتهينا إلى قبيلة يقال لهم الخِرخيز يأكلون الدخن والأرز ولحوم البقر
والضأن والمعز وسائر اللحوم إلا الجمال ولهم بيت عبادة وقلم يكتبون به ولهم
رأي ونظر ولا يطفئون سرجهم حتى تطفىء موادها ولهم كلام موزون يتكلمون به في
أوقات صلاتهم وعندهم مسك ولهم أعياد في السنة وأعلامهم خضر يصلّون إلى
الجنوب ويعظمون زُحَلَ والزهرة ويتطيرون من المريخ والسباعُ في بلدهم كثيرة
ولهم حجارة تسرج بالليل يستغنون بها عن المصباح ولاتعمل في غير بلادهم ولهم
ملك مطاع لايجلس بين يدَيه أحد منهم إلا إذا جاوز أربعين سنة. فسرنا فيهم
شهراَ في أمن ودعة ثم انتهنيا إلى قبيلة يقال لها الخرلخ يأكلون الحمص
والعدس ويعملون الشراب من الدخن ولا يأكلون اللحم إلا مغموساً بالملح
ويلبسون الصوف ولهم بيت عبادة في حيطانه صورة متقدمي ملوكهم والبيت من خشب
لا تأكله النار وهذا الخشب كثير في بلادهم والبغي والجور بينهم ظاهر ويغير
بعضهم على بعض والزنا بينهم كثير غير محظور وهم أصحاب قمار يقامر أحدهم
غيره بزوجته وابنه وابنته وأمه فما دام في مجلس القمار فللمقمور أن يُفادى
ويُفَك فإذا انصرف القامر فقد حصل له ما قمر به يبيعه من التجار كما يريد
والجمال والفساد في نسائهم ظاهر وهم قليلوا الغيرة فتجيءُ ابنة الرئيس فمن
دونه أو امرأته أو أختُه إلى القوافل إذا وافت البلد فتعرض للوجوه فان
أعجبها إنسان أخذته إلى منزلها وأنزلَته عندها وأحسنت إليه وتصرف زوجها
وأخاها وولدها في حوائجه ولم يقربها زوجها ما دام من تريده عندها إلا لحاجة
يقضيها ثم تنصرف هي ومن تختاره في أكل وشرب وغير ذلك بعين زوجها لا يغيره
ولا ينكره ولهم عيد يلبسون الديباج ومن لا يمكنه رَقعَ ثوبه برُقعة منه
ولهم معدن فضة تستخرج بالزيبق وعندهم شجر يقوم مقام الإهليلج قائم الساق
وإذا طُلي عُصارته على الأورام الحارة أبرأها لوقتها ولهم حجر عظيم يعظمونه
ويحتكمون عنده ويذبحون له النبائح والحجر أخضر سِلْقي. فسرنا بينهم خمسة
وعشرين يوماً في أمن ودعة ثم انتهينا إلى قبيلة يقال لهم الخطلخ فسرنا بين
أهلها عشرة أيام وهم يأكلون البر وحده ويأكلون سائر اللحوم غير مذكاة ولم
أر في جميع قبائل الترك أشدَ شوكة منهم يتخطفون من حولهم ويتزوّجون الأخوات
ولا تتزوج المرأة أكثر من زوج واحد فإذا مات لم تتزوج بعده ولهم رأي وتدبير
ومن زنى في بلدهم أحرق هو والتي زنى بها وليس لهم طلاق والمهر جميع ما ملك
الرجل وخدمة الولي سنة وللقتل بينهم قصاص وللجراح غرم فإن تَلِفَ المجروح
بعد أن يأخذ الغرم بطل دمه وملكهم ينكر الشر ولا يتزوج فإن تزوج قُتل. ثم
انتهينا إلى قبيلة يقال لها الختيان يأكلون الشعير والجلبان ولا يأكلون
اللحم إلا مذكى ويزوجون تزويجاً صحيحأ وأحكامهم أحكام عقلية تقوم بها
السياسة وليس لهم ملك وكل عشرة يرجعون إلى شيخ له عقل ورأيٌ فيتحاكمون إليه
وليس لهم جور على من يجتاز بهم ولا اغتيال ولهم بيت عبادة يعتكفون فيه
الشهر والأقل والأكثر ولا يلبسون شيئاً مصبوغاً وعندهم مسك جيد ما دام في
بلدهم فإذا حُمل منها تغير واستحال ولهم بقُول كثيرة في أكثرها منافع
وعندهم حيات تَقتل من ينظر إليها إلا أنها في جبل لا تخرج عنه بوَجه ولا
سبب ولهم حجارة تسكن الحُمَى ولا تعمل في غير بلدهم وعندهم بازهر جيد شمعي
فيه عروق خضر. وكان مسيرنا فيهم عشرين يوماً ثم انتهينا إلى بلد بهي فيه
نخل كثير وبقول كثيرة وأعناب ولهم مدينة وقرى وملك له سياسة يلقّب بهي وفي
مدينتهم قوم مسلمون ويهود ونصارى ومجوس وعبدة أصنام ولهم أعياد وعندهم
حجارة خضر تنفع من الرمد وحجارة حمر تنفع من الطحال وعندهم النيل الجيد
القانىءُ المرتفع الطافي الذي إذا طُرح في الماء لم يَرسُب. فسرنا فيهم
أربعين يومأ في أمن وخوف ثم انتهينا إلى موضع يقال له: القُلَيبُ فيه بوادي
عرب ممن تخلّف عن تبع لما غزا بلاد الصين لهم مصايف ومشاتٍ في مياه ورمال
يتكلمون بالعربية القديمة لا يعرفون غيرها ويكتبون بالحميرية ولا يعرفون
قلمنا يعبدون الأصنام وملكهم من أهل بيت منهم لايخرجون الملك من أهل ذلك
البيت ولهم أحكام وحظر الزنا والفسق ولهم شراب جيد من التمر وملكهم يهادي
ملك الصين. فسرنا فيهم شهراً في خوف وتغرير ثم انتهبنا إلى مقام الباب وهو
بلد في الرمل تكون فيه حجبة الملك وهو ملك الصين ومنه يستأذن لمن يريد دخول
بلد الصين من قبائل الترك وغيرهم فسرنا فيه ثلاثة أيام في ضيافة الملك يغير
لنا عند رأس كل فرسخ مركوب ثم انتهينا إلى وادي المقام فاستُؤذن لنا منه
وتقدمنا الرُسل فأذن لنا بعد أن أقمنا بهذا الوادي وهو أنزه بلاد الله
وأحسنها ثلاثة أيام في ضيافة الملك ثم عبرنا الوادي وسرنا يوماً تاماً
فأشرفنا على مدينة سَندَابِل وهي قصبة الصين وبها دار المملكة فبتنا على
مرحلة منها ثم سرنا من الغد طول نهارنا حتى وصلنا إليها عند المغرب وهي
مدينة عظيمة تكون مسيرة يوم ولها ستون شارعاً ينفذ كل شارع منها إلى دار
الملكً. ثم سرنا إلى باب من أبوابها فوجدنا ارتفاع سورها تسعين ذراعاً
وعرضه تسعين ذرعاَ وعلى رأس السور نهر عظيم يتفرق على ستين جزأً كل جزءٍ
منها ينزل على باب من الأبواب نتلقاه رحىً تصبه إلى ما دونها ثم إلى غيرها
حتى يصب في الأرض ثم يخرج نصفه تحت السور فيسقي البساتين ويرجع نصفه إلى
المدينة فيسقي أهل ذلك الشارع إلى دار الملك ثم يخرج في الشارع الآخر إلى
خارج البلد فكل شارع فيه نهران وكل خلاءٍ فيه مجريان كل واحد يخالف صاحبه
فالداخل يُسقيهم والخارج يخرج بفضلاتهم ولهم بيت عبادة عظيم ولهم سياسة
عظيمة وأحكام متقنة وبيت عبادتهم يقال إنه: أعظم من مسجد ببت المقدس وفيه
تماثيا وتصاوير وأصنام وبد عظيمم وأهال البلد لا يذبحون ولا يإكلون اللحوم
أصلاً ومن قتل منهبم شيئاً من الحيوان قتل وهي دار مملكة الهند والترك معاً
ودخلتُ على ملكهم فوجدته فائقاَ في فنه كاملاً في رأيه فخاطبه الرُسل بما
جاؤا به من تزويجه ابنته من نوح بن نصر فأجابهم إلى ذلك وأحسن إلي وإلى
الرسل وأقمنا في ضيافنه حتى نجزت أمور المرأة وتم ما جهزها به ثم سلمها إلى
مائتي خادم وثلائمائة جارية من خواص خدمه وجواريه وحُملت إلى خراسان إلى
نوح بن نصر فتزوج بها. قال: وبلغنا أن نصراً عمل قبره قبل وفاته بعشرين سنة
وذلك أنه حد له في مولده مبلغُ عُمره ومدة انقضاء أجله وأن موته يكون
بالسِل وعُرف اليوم الذي يموت فيه فخرج يوم موته إلى خارج بُخارى وقد أعلم
الناس أنه ميت في يومه ذلك وأمرهم أن يتجهزوا له بجهاز التعزية والمصيبة
ليتصورهم بعد موته بالحال التي يراهم بها فسار بين يديه ألوف من الغلمان
الأتراك المرد وقد ظاهروا اللباس بالسواد وشقوا عن صدورهم وجعلوا التراب
على رؤوسهم ثم تبعهم نحو ألفي جارية من أصناف الرقيق مختلفي الأجناس
واللغات على تلك الهيئة ثم جاء على آثارهم عامة الجيش والأولياء يجنبون
دوابهم ويقودون قودهم وقد خالفوا في نصب سروجها عليها وسودوا نواصيها
وجباهها حاثين التراب على رؤوسهم واتصلت بهم الرعية والتجار في غم وحزن
وبكاءٍ شديد وضجيج يقدمهم أولدهصم ونساؤهم ثم اتصلت بهم الشاركية والمكارون
والحمالون على فرق منهم قد غيروا زيهم وشهر نفسه بضرب من اللباس ثم جاء
أولاده يمشون بين يديه حفاة حاسرين والتراب على رؤوسهم وبين أيديهم وجوه
كتابه وجلة خدمة ورؤساؤه وقواده ثم أقبل القضاة والمعدولون والعلماء
يسايرونه في غم وكاَبة وحزن، وأحضر سجلاً كبيراً ملفوفاً فأمر القضاة
والفقهاء والكتاب بختمه فأمر نوحاً ابنه أن يعمل بما فيه واستدعى شيئاً من
حساءٍ في زُبدية من الصيني الأصفر فتناول منه شيئاً يسيراً ثم تغرغرت عيناه
بالدموع وحمد الله تعالى وتشهد وقال هذا آخر زاد نصر من دنياكم وسار إلى
قبره ودخله وقرأ عشراً فيه واستقر به مجلسه ومات رحمة الله وتولى الأمر نوح
ابنه قلت ونحن لك في صحة هذا الخبر لأن محدثنا به ولما كان ذكر شيئاً نسأل
الله أن لا يؤاخذ بما قال ونرجع إلى كلام رسول نصر قال: وأقمت بسندابل
مدينة الصين مدة ألقى ملكَها في الأحايين فيُفاوضني في أشياء ويسألني عن
أمور من أمور بلاد الإسلام ثم استأذنته في الإنصرات فأذن لي بعد أن أحسن
إليَ ولم يبق غاية في أمري فخرجت إلى الساحل أريد كَلَه وهي أول الهند وآخر
منتهى مسير المراكب لا يتهيأ لها أن تتجاوزها وإلا غرقت. قال: فلما وصلت
إلى كَله رأيتُها وهي عظيمة عالية السور كثيرة البساتين غزيرة الماء ووجدت
بها معدناً للرصاص القَلَعي لا يكون إلا في قلعتها في سائر الدنيا وفي هذه
القلعة تضرب السيوف القلعية وهي الهندية العتيقة وأهل هذه القلعة يمتنعون
على ملكهم إذا أرادوا ويطيعونه إن أحبوا ورسمهم رسم الصين في ترك النباحة
وليس في جميع الدنيا معدن للرصاص القلعي إلا في هذه القلعة وبينها وبين
مدينة الصين ثلاثمائة فرسخ وحولها مدن ورساتيق وقرى ولهم أحكام وحبوس
جنايات وأكلهم البُرُ والتمور وبقولهم كلها تباع وزناً وأرغفة خبزهم تباع
عدداً وليس عندهم حمامات بل عندهم عين جارية يغتسلون بها ودرهمهم يزن ثلئي
درهم ويعرف بالقاهري ولهم فلوس يتعاملون بها ويلبسون كأهل الصين الإفرند
الصيني المثمن وملكهم دون ملك الصين ويخطب لملك الصين وقبلته إليه وبيت
عبادته له وخرجت منها إلى بلد الفلفل فشاهدتُ نباته وهو شجر عاديُ لا يزول
الماءُ من تحته فإذا هبت الريح تساقط حمله فمن ذلك تشنجه وإنما يجتمع من
فوق الماء وعليها ضريبة للملك وهو شجر حر لا مالك له وحمله أبداً فيه لا
يزول شتاءً ولا صيفاَ وهو عناقيد فإذا حميت الشمس عليه انطبق على العنقود
عدة من ورقه لئلا يحترق بالشمس فإذا زالت الشمس زالت تلك الأوراق وانتهيت
منه إلى لحف الكافور وهو جبل عظيم فيه مدن تشرف على البحر منها قامَرُون
التي ينسب إليها العود الرطب المعروف بالمندل القامَروني ومنها مدينة يقال
لها قمارَيان وإليها ينسب العود القماري وفيه مدينة يقال لها الصنف ينسب
إليها العود الصنفي وفي اللحف الآخر من ذلك الجبل مما يلي الشمال مدينة
يقال لها الصيمور لأهلها حظ من الجمال وذلك لأن أهلها متولدون من الترك
والصين فجمالهم لذلك وإليها تخرج تجارات الترك، وإليها ينسب العود الصيموري
وليس هو منها إنما هو يحمل إليها ولهم بيت عبادة على رأس عقبة عظيمة وله
سدنة وفيه أصنام من الفيروزج والبيجاذق ولهم ملوك صغار ولباسهم لباس أهل
الصين ولهم بيع وكنائس ومساجد وبيوت نار لا يذبحون ولا يأكلون ما مات حتف
أنفه وخرجت إلى مدينة يقال لها جاجُلى على رأس جبل مشرف نصفها على البحر
ونصفها على البر ولها ملك مثل ملك كَله يأكلون البر والبيض ولا يأكلون
السمك ولايذبحون ولهم بيت عبادة كبير معظم لم يمتنع على الإسكندر في بلدان
الهند غيرها وإليها يحمل الدارصيني ومنها يحمل إلى سائر الآفاق وشجر
الدارصيني حر لا ملك له ولباسهم لباس كَله إلا أنهم يتزينون في أعيادهم
بالحبر اليمانية ويعظمون من النجوم قلب الأسد ولهم بيت رصد وحساب محكم
ومعرفة بالنجوم كاملة وتعمل الأوهام في طباعهم. ومنها خرجت إلى مدينة يقال
لها قشِمير وهي كبيرة عظيمة لها سور وخندق محكمان تكون مثل نصف سندابل
مدينة الصين وملكها أكبر من ملك مدينة كله وأتم طاعة ولهم أعياد في رؤوس
الأهله وفي نزول النيرين شرفهما ولهم رصد كبير في بيت معمول من الحديد
الصيني لا يعمل فيه الزمان ويعظمون الثرَيا وأكلهم البر ويأكلون المليح من
السمك ولا يأكلون البيض ولا يذبحون. وسرتُ منها إلى كابُل فسرت شهراً حتى
وصلتُ إلى قصبتها المعروفة بطابان وهي مدينة في جوف جبل قد استدار عليها
كالحلقة دوره ثلاثون فرسخاً لا يقدر أحد على دخوله إلا بجواز لأن له مضيقاً
قد غلّق عليه باب ووكل به قوم يحفظونه فما يدخله أحد إلا بإذن والإهليلج
بها كثير جداً وجميع مياه الرساتيق والقرى التي داخل المدينة تخرج من
المدينة وهم يخالفون ملك الصين في الذباحة ويأكلون السمك والبيض ويقتل
بعضهم بعضاً ولهم بيت عبادة. وخرجت من كابل إلى سواحل البحر الهندي
متياسراً فسرت إلى بلد يعرف بمندورقين منابت غياض القنا وشجر الصندل ومنه
يحمل الطباشير وذلك أن القنا إذا جف وهبت عليه الريح احتك بعضه ببعض واشتدت
فيه الحرارة للحركة فانقدحت منه نار فربما أحرقت منها مسافة خمسين فرسخاً
أو أكثر من ذلك فالطباشير الذي يحمل إلى سائر الدنيا من ذلك القنا فأما
الطباثير الجيد الذي يساوي مثقاله مائة مثقال أو كثر فهو شيء يخرج من جوت
القنا إذا هُز وهو عزيز جداَ وما يفجر من منابت الطباشير حمل إلى سائر
البلاد وبيع على أنه توتيا الهند وليس كذلك لأن التوتيا الهندي هو دخان
الرصاص القلعي ومقدار ما يرتفع منه كل سنة ثلاثة أمنان أو أربعة أمنان ولا
يتجاوز الخمسة ويباع المن منه بخمسة آلاف درهم إلى ألف دينار وخرجت منها
إلى مدينة يقال لها كولَم لأهلها ببت عبادة وليس فيه صنم وفيها منابت الساج
والبُقْم وهو صنفان وهنا دون والأمرون هو الغاية وشجر الساج مفرط العظم
والطول ربما جاوز مائة ذراع وأكثر والخيزران والقنا بها كثير جداً وبها شيء
من السندروس قليل غير جيد والجيد منه ما بالصين وهي عين تنبت على باب
مدينتها الشرقي والسندروس شبه الكهربائية وأجلها وفيها مغناطيس يجذب كل شيء
إذا احمي بالدلك وعندهم الحجارة التي تعرف بالسندانبة يعمل بها السقوف
وأساطين بيوتهم من خرز أصلاب السمك الميت ولا يأكلونه ولا يذبحونه وأكثرهم
يأكل الميتة وأهلها يختارون للصين ملكاَ إذا مات ملكهم وليس في الهند طب
إلا في هذه المدينة وبها تُعمل غضائر تباع في بُلداننا على أنه صيني وليس
هو صيني لأن طين الصين أصلب منه وأصبر على النار وطين هذه المدينة الذي
يُعمل منه الغضائر المشبه بالصيني يخمر ثلاثة أيام لا يحتمل أكثر منها وطين
الصين يخمر عشرة أيام ويحتمل أكثر منها وخَزفُ غضائرها أد كَنُ اللون وما
كان من الصين أبيض وغيره من الألوان شفافأ وغير شفاف فهو معمول في بلاد
فارس من الحصى والكلس القلعي والزجاج يعجن على البوائن وينفخ ويعمل بالماسك
كما ينفخ الزجاج مثل الجامات وغيرها من الأواني ومن هذه المدينة يركب إلى
عمان وبها راوند ضعيف العمل والصيني أجود منه والراوند قرع يكون هناك وورقة
السادج الهندي واليها تنسب أصناف العود والكافور واللبان والقتار وأصل
العود نبت في جزائر وراءَ خط الاستواء وما وصل إلى منابته أحد ولم يعلم أحد
كيف نباته وكيف شجره ولا يصف إنسان شكل ورق العود وإنما يأتي به الماءُ إلى
جانب الشمال فما انقلع وجاءَ إلى الساحل فأخذ رطباً بكلَه وبقامرون أو في
بلد الفلفل أو بالصنف أو بقماريان أو بغيرها من السواحل بقي إذا أصابته
الريح الشمال رطباً أبدا لا يتحرك عن رطبه وهو المعروف بالقامروني المندلي
وما جف في البحر ورمي يابساً فهو الهندي المصمت الثقيل ومحنته أن ينال منه
بالمِبرد ويلقى على الماء فإن لم ترسب بُراته فليس بمختار وان رسبت فهو
الخالص الني ما بعده غاية وما جف منه في مواضعه ويجز في البحر فهو القماري
وما نخر في مواضعه وحمله البحر نخرأ فهو الصنفي وملوك هذه المرافىء يأخذون
ممن يجمع العود من السواحل ومن البحر العُشر وأما الكافور فهو في لحف جبل
بين هذه المدينة وبين مَندروقين مطل على البحر وهو لب شجر يشق فيوجد
الكافور كامناً فيه فربما وجد مائعاً وربما كان جامداَ لأنه صمغ يكون في لب
هذا الشجر وبها شيء من الإهليلج قليل والكابلي أجود منه لأن كابُل بعيدة من
البحر وجميع أصناف الإهليلج بها وكل شجر مما نثرته الريح فجا غير نضيج فهو
الأصفر وهو حامض بارد وما بلغ وقطف في أوان إدراكه فهو الكابلي وهو حلو حار
وما ترك في شجره في أيام الشتاء حتى يسود فهو الأسود مر حار وبها معدن
كبريت أصفر ومعدن نحاس يخرج من دخانه توتيا جيد وجميع أصناف التوتيا كلها
من دخان النحاس إلا الهندي فإنه كما ذكرنا يخرج من دخان الرصاص القلعي
وماءُ هذه المدينة وماءُ مندروقين من الصهاريج المختزن فيها من مياه
الأمطار ولا زرع فيها إلا القرع آلذي فيه الراوند فإنه يزرع بين الشوك
وكذلك أيضاَ بطيخهم عزيز جدًا وبها قنِبيل يقع من السماءِ ويجمع بأخثاء
البقر والعربي أجود منه. وسرتُ من مدن السواحل إلى المُلتان وهي آخر مدن
الهند مما يلي الصين وأولها مما يلينا وتلي أرض السند وهي عظيمة جليلة
القدر عند أهل الهند والصين لأنها بيت حجهم ودار عبادتهم مثل مكة عند
المسلمين وبيت المقدس عند اليهود والنصارى وبها القبة العظمى والبَدُ
الأكبر وهذه القبة سمكها في السماءِ ثلاثمائْة ذراع وطول الصنم في جوفها
مائة فراع وبين رأسه وبين القبة مائة ذراع وبين رجلَيه وبين الأرض مائة
فراع وهو معلق من جوفها لا بقائمة من أسفله يُدعم عليها ولا بعلاقة من
أعلاه تمسكه. قلت هذا هو الكذب الصراح لأن الصنم ذكره المدائني في فتوح
الهند والسند وذكر أن طوله عشرون ذراعاً. قال أبو دلف: البلد في يد يحيى بن
محمد الأموي هو صاحب المنصورة أيضاً والسند كله في يده والدولة بالملتان
للمسلمين ومُلآك عُقرها ولد عمر بن علي بن أبي طالب والمسجد الجامع مصاقب
لهذه القبة والإسلام بها ظاهر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بها شامل
وخرجت منها إلى المنصورة وهي قصبة السند والخليفة الأمَوي مقيم بها يخطب
لنفسه ويقيم الحدود ويملك السند كله بره وبحره ومنها إلى البحر خمسون
فرسخاً وبساحلها مدينة الديبل. وخرجتُ من المنصورة إلى بغانين وهو بلد واسع
يؤدي أهله الخراج إلى الأموي والى صاحب بيت الذهب وهو بيت من ذهب في صحراء
تكون أربعة فراسخ ولا يقع عليها الثلج ويثلج ما حولها وفي هذا البيت رصد
الكواكب وهو بيت تعظمه الهند والمجوس هذه الصحراءُ تعرف بصحراء زردشت صاحب
المجوس ويقول أهل هذه البلدان أن هذه الصحراء متى خرج منها إنسان يطلب دولة
لم يغلب ولم يهزم له عسكر حيثما توجه ومنها إلى شهر داور ومنها إلى بغنين
ومنها إلى غزنين وبها يتفرق الطرق فطريق يأخذ يمنة إلى باميان وختلان
وخراسان وطريق يأخذ تلقاء القبلة إلى بُست ثم إلى سجستان وكان صاحب سجستان
في وقت موافاتي إياها أبا جعفر محمد بن أحمد بن الليث وأمه بانويه أخت
يعقوب بن الليث وهو رجل فيلسوف سمح كريم فاضل له في بلده طراز تعمل فيه
ثياب ويخلع في كل يوم خلعة على واحد من زواره ويقوم عليه من طرازها بخمسة
آلاف درهم ومعها دابة النوبة ووليُ الحمام والمِسند والمطرح ومسوَرَتان
ومخدتان وبذلك يعمل ثبت ويسلم إلى الزائر فيستوفيه من الخازن هذا اَخر
الرسالةُ: الصينية: كأنها نسبة تأنيث إلى الصين الذي تقدم وإذا نسب إليها
قيل صيني أيضاً وهي. بليدة تحت واسط. ينسب إليها قوم من أهل العلم. منهم
الحسن بن محمد ابن ماهان الصيني حدث عن أحمد بن عبيد الواسطي روى عنه أبو
بكر الخطيب وقال كان قاضي بلدته وخطيبها.
صَيهاءُ: ناحية من سواد بغداد قريبة عن نصر.
صيهد. قال سيف في الفتوح صيهد. مفازة بين مأرب وحضر موت.
صَيهونُ: ولا أدري ما أصله إلا أن العمراني. قال صيهون اسم جبل وذكره هكذا
بتقديم الياء على الهاء والله أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب.
تم حرف الصاد من كتاب معجم البلدان حرف الضاد