حـرف الـفـاء: باب الفاء والزاي، السين، الشين وما يليهما

باب الفاء والزاي وما يليهما

فَزانُ: بفتح أوله وتشديد ثانيه وآخره نون، ولاية واسعة بين الفيوم وطرابلس الغرب وهو في الإقليم الأول وعرضه إحدى وعشرون درجة قيل: سمّيت بفَران بن حام بن نوح عليه السلام بها نخل كثير وتمر كثير ومدينتها زَويلة السُودان والغالب على ألوان أهلها السوَادُ وقد ذكرهم جرير في شعر له، فقال:

قَفْراً تشابِهُ آجال النعـام بـه

 

عِيداَ تَلاَقَت به فَرانُ والنوبُ

 

فُزَحُ: ناحية بفارس عن نصر.


فَز: ضبطه السمعاني بالفتح والحازمي بالضم واتفقا على التشديد في الزاي، وهي محلَة بنيسابور ويقال لها: أيضاً بُوزكان، ينسب إليها أحمد بن سليمان الفَزي روى عن ابن المبارك ونَفَرٍ سِوَاه، ونُسب إليها من المتأخرين أبو القاسم أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أيوب المقرىءُ الفزي روى عنه أبو سعد وكان إماماً فاضلاً كثير العبادة سمع أبا بكر محمد بن إسماعيل الثعلبي وأبا بكر أحمد بن علي الشيرازي وفاطمة بنت عليّ الدَقاق وأبا سعد عبد الرحمن بن منصور بن غامش الغازي قال أبو سعد: كتبتُ عنه بنيسابور في سنة 530 ومات بعد ذلك بسنتين أو ثلاث، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن حسنك الحاكم الفَري رحل إلى العراق والجزيرة وسمع أبا يَعلَىِ الموصلي وأبا القاسم البغوي وغيرهما ولي قضاء ترمذ وغيرها ومات سنة 334 عن 92 سنة.


فِزْرَانِيا: بكسر أوله وسكون ثانيه وراءٍ وبعد الألف نون مكسورة وياءٍ اَخر الحروف، قرية من قرى نهر الملك من ضواحي بغداد وأكثر ما يتلفظ بها أهلها بغير الألف فيقولون فِزْرِينيا كأنهم يميلون الألف فترجع ياء ينسب إليها محمد بن أحمد بن هبة اللهَ بن ثعلبة الفزراني يلقب بالبهجة كان قارئاً نحوياً صحب أبا محمد بن الخشاب وسمع من أبي بكر المبارك بن الحسن الشهرَزُوري وغيرهما وروى الحديث ومات في السابع والعشرين من صفر سنة 603 ومولده سنة 530.

 

باب الفاء والسين وما يليهما

 

فَسا: بالفتح والقصر كلمة عجمية وعندهم بَسَا بالباء وكذا يتلفظون بها وأصلها في كلامهم الشمال من الرياح، مدينة بفارس أنزَهُ مدينة بها فيما قبل: بينها وبين شيراز أربع مراحل وهي في الإقليم الرابع طولها سبع وسبعون درجة ورُبع وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان، قال الإصطخري: وأما كورة دارابجرد فإن أكبر مُدُنها فَسَا وهي مدينة مفترشة البناء واسعة الشوارع تقارب في الكبر شيرازَ وهي أصحُ هواءً من شيراز وأوسعُ أبنيةً وبناؤهم من طين وأكثر الخشب في أبنيتهم الشرزوُ وهي مدينة قديمة ولها حصن وخندق ورَبض وأسواقها في ربضها وهي مدينة يجتمع فيها ما يكون في الصُرُود والجُرُوم من البلَح والرُطب والجوز والأترج وغير ذلك وباقي مدُن دارابجرد متقاربة وبين فَسا وكازَرُون ثمانية فراسخ ومن شيراز إلى فَسا سبعة وعشرون فرسخاً، وقال حمزة بن الحسن في كتاب الموازنة: المنسوب إلى مدينة فَسا من كورة دارابجرد يسمَى بساسيري ولم يقولوا فسائي وقولهم بساسير مثل قولهم كرْم سير وسَردسير وكذلك النسبة إلى كسنا ناحية قرب نائين كسناسيري، واليها ينسب أبو علي الفارسي الفَسوي، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي الإمام رحل إلى المشرق والمغرب وسمع فأكثر وصنف مع الورع والنسك روى عن عبد اللهَ بن موسى وغيره روى عنه أبو محمد بن درُستَويه النحوي وتوفي سنة 277، قال ابن عساكر: أبو سفيان بن أبي معاوية الفارسي الفسوي قدم دمشق غير مرَة وسمع بها روى عنه أبو عبد الرحمن الساوي في سننه وأبو بكر بن أبي داود وعبد الله بن جعفر بن درستويه وأبو محمد أحمد بن السري بن صالح بن أبان الشيرازي ومحمد بن يعقوب الصَفار والحسن بن سفيان وأبو عُوَانة الأسفرايني وغيرهم وكان يقول: كتبتُ عن ألف شيخ كلهم ثقات، قال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبن الأكفاني عن عبد العزيز الكناني أنبأنا أبو بكر عبد اللهَ بن أحمد إجازةً سمعت أبا بكر أحمد بن عبدان يقول: لما قدم يعقوب بن الليث صاحب خراسان إلى فارس أخبر أنه هناك رجل يتكلم في عثمان بن عفان وأراد بالرجل يعقوب بن سفيان الفسوي فإنه كان يتشيع فأمر بإشخاصه من فسا إلى شيراز فلما قدم علم الوزير ما وقع في نفس يعقوب بن الليث فقال: أيها الأمير إن هذا الرجل قدم ولا يتكلم في أبي محمد عثمان بن عفان شيخنا وإنما يتكلم في عثمان بن عفان صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فلما سمع قال: مالي ولأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإنما توهمتُ أنه تكلم في عثمان بن عفان السجزي ولم يتعرض له.


فُسَارَانُ: بالضم وبعد الألف راء وآخره نون، من قرى أصبهان.

 

فُستُقَانُ: بالضم وبعد السين تاءَ مثناة من فوق وآخره نون، بن قرى مرو وأهلها يسمونها بُستُكان.


فُستُجَانُ: من نواحي شيراز، ينسب إليها أبو الحسن علي الشيرازي الفُستُجاني ذكره ابن مندة قال: قدم أصبهان في أيام أبي المظفر عبد اللهَ بن شبيب وقرأ عليه القرآن وكان ديناَ فاضلاً مات بأصبهان، قال ابن حبان: في سنة 301 فيها مات حمَاد بن مدرك الفُستُجاني وأبو إسحاق الهنجاني. الفُسْطاطُ: وفيه لغات وله تفسير واشتقاق وسبب يُذْكر عند ذكر عمارته وأنا أبدأُ بحديث فتح مصر ثم أذكر اشتقاقه والسبب في استحداث بنائه، حدث الليث بن سعد وعبد اللهَ بني لَهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وعبيد اللهَ بن أبي جعفر وعياش بن عباس القتاني وبعضهم يزيد على بعض في الحديث وهو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قدم الجابية خلا به عمرو بن العاص وذلك في سنة 18 من التاريخ فقال: يا أمير المؤمنين إئذن لي في المسير إلى مصر فإنك إن فتحتها كانت قوةً للمسلمين وعوناً لهم وهي أكثر الأرَضين أموالاً وأعجَزُ عن حرب وقتال فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك فلم يزل عمرو بن العاص يعظم أمرَها عنده ويُخبره بحالها ويَهون عليه أمرها في فتحها حتى رَكَنَ عمر بن الخطاب لذلك فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عَك، قال أبو عمر الكندي: إنه سار ومعه ثلاثة آلاف وخمسمائة ثُلُثُهم من غافق فقال له: سِر وأنا مُستَخِيرُ اللهَ تعالى في تَسييرك وسيأتيك كتابي سريعاً إن شاء اللهَ تعالى فإن لحقك كتابي أمرك فيه بالإنصراف من مصر قبل أن تدخلها أو شيئاً من أرضها فانصرف وإن دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامضِ لوَجهك واستَعِنْ بالله واستنصِره فسار عمرو بن العاص بالمسلمين واستخار عمر بن الخطاب الله تعالى فكأنه تخوَف على المسلمين فكتب إلِى عمرو يأمره أن ينصرف فوصل إليه الكتاب وهو برَفحَ فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه حتى نزل العريش فقيل له إنها من مصر فدَعا بالكتاب وقرأه على المسلمين وقال لمن معه: تعلمون أن هذه القرية من مصر قالوا: نعم قال: فِإن أمير المؤمنين عهد إليَ إن لَحِقَني كتابُه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع وقد دخلتُ أرض مصر فسيروا على بركة اللهَ، فكان أول موضع قوتل فيه الفَرَما قتالاً شديداً نحو شهرين ففتح اللهَ له وتقدَم لا يدافعٍ إلاَ بالأمر الخفيف حتى أتى بِلْبيسَ فقاتلوه بها نحوا من الشهر حتى فتح الله عز وجل له ثم مضى لا يدافع إلا بأمر خفيف حتى أتى أمَ دُنَين وهي المقسُ فقاتلوه قتالاً شديداً نحو شهرين وكتب إلى عمر رضي اللهَ عنه يستمده فأمدَه باثني عشر ألفاً فوصلوا إليه أرسالاً يتبع بعضهم بعضاً وكتب إليه قد أمددتُك باثني عشر ألفاً وما يُغلَب اثنا عشر ألفاً من قِلَةٍ وكان فيهم أربعة اَلاف عليهم أربعة من الصحابة الكبار الزبير بن العوام والمقداد بن الأسوَد وعُبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلَد رضي الله عنهم وقيل إن الرابع خارجة بن حُفافة دون مسلمة، ثم أحاط المسلمون بالحصن وأمير الحصن يومئذ المَنْدَفور الذي يقال له الاعيرج من قبل المُقَوقس بن قُرقُب اليوناني وكان المقوقس ينزل الإسكندرية وهو في سلطان هِرَقلَ غير أنه حاضر الحصن حين حاصره المسلمون، ونصب عمرو فُسطاطَه في موضع الدار المعروفة بإسرائيل على باب زقاق الزهري وأقام المسلمون على باب الحصن محاصري الروم سبعة أشهرٍ ورأى الزبير بن العوام خلَلاً مما يلي دار أبي صالح الحرَاني الملاصقة لحمامٍ أبي نصر السرَاج عند سوق الحمَام فنصب سُلَما وأسنده إلى الحصن وقال: إني أهَبُ نفسي للهَ عز وجل فمن شاء أن يتبعني فليفعل فتبعه جماعة حتى أوفى على الحصن فكبر وكبروا ونصب شُرَحبيل بن حُجية المُرَادي سلَماً آخر مما يلي زقاق الزمامرة ويقال: إن السُلمَ الذي صعد عليه الزبير كان موجوداً في داره التي بسوق وَرَدَانَ إلى أن وقع حريق في هذه الدار فاحترق بعضه ثم أحرق ما بقي منه في ولاية عبد العزيز بن محمد بن النعمان أخزاه الله للقضاة الإسماعيلية وذلك بعد سنة 390، فلما رأى المقوقس أن العرب قد ظفروا بالحصن جلس في سفينة هو وأهل القوة وكانت مُلصقة بباب الحصن الغربي ولحقوا بالجزيرة وقطعوا الجسر وتحصنوا هناك والنيل حينئذ في مدة وقيل: إن الأعيرج خرج معهم وقيل: أقام بالحصن، وسأله المقوقس في الصلح فبعث إليه عمرو عبادةَ بن الصامت وكان رجلاَ أسوَدَ طوله عشرة أشبار فصالحه المقوقس عن القبط والروم على أن للروم الخيارَ في الصلح إلى أن يوافي كتاب ملكهم فإن رضي تَمَ ذلك وإن سَخِط انتقض ما بينه وبين الروم وأما القبط فبغير خيار، وكان الذي انعقد عليه الصلح إن فُرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران على كل نفس في السنة من البالغين شريفهم ووضيعهم دون الشيوخ والأطفال  والنساء وعلى أن للمسلمين عليهم النزول حيث نزلوا ثلاثة أيام وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يُعترَضون في شيءٍ منها وكان عدد القبط يومئذ أكثر من ستة آلاف ألف نفس والمسلمون خمسة عشر ألفآ، فمن قال: أن مصر فتحت صلحاً تعلق بهذا الصلح وقال: إن الأمر لم يتم إلا بما جرى بين عبادة بن الصامت والمقوقس وعلى ذلك أكثر علماء مصر منهم عقبة بن عامر وابن أبي حبيب والليث بن سعد وغيرهم وذهب الذين قالوا: إنها فتحت عَنوةَ إلى أن الحصن فُتح عنوةً فكان حكم جميع الأرض كذلك وبه قال عبد الله بن وهب ومالك بن أنس وغيرهما: وذهب بعضهم إلى أن بعضها فتح عنوةً وبعضها فتح صلحاً منهم ابن شهاب وابن لهيعة وكان فتحها يوم الجمعة مستهل المحرم سنة 20 للهجرة، وذكر يزيد بن أبي حبيب أن عدد الجيش الذين شهدوا فتح الحصن خمسة عشر ألفاً وخمسمائة، وقال عبد الرحمن بن سعيد بن مِقلاص: إن الذين جرت سهامُهم في الحصن من المسلمين اثنا عشر ألفاً وثلاثمائة بعد من أصيب منهم في الحصار بالقتل والموت وكان قد أصابهم طاعون ويقال: إن الذين قُتلوا من المسلمين دُفنوا في أصل الحصن، فلما حاز عمرو ومن معه ما كان في الحصن أجمع على المسير إلى الإسكندرية فسار إليها في ربيع الأول سنة 20 وأمر عمرو بفسطاطه أن يقَوَضَ فإذا بيمامة قد باضت في أعلاه فقال: لقد تحَرَمَتْ بجوارنا أقرُوا الفسطاط حتى تنقُفَ وتطير فراخُها فأقرَ فسطاطُه ووكل به من يحفظه أن لا تهاج ومضى إلى الإسكندرية وأقام عليها ستة أشهر حتى فتحها اللَه عليه فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في سُكناها فكتب إليه لا تنزل بالمسلمين منزلاً يحول بيني وبينهم فيه نهر ولا بحر فقال عمرو لأصحابه: أين ننزل؟. فقالوا: نرجع أيها الأمير إلى فسطاطك فنكون على ماء وصحراء فقال للناس: نرجع إلى موضع الفسطاط فرجعوا وجعلوا يقولون نزلتُ عن يمين الفسطاط وعن شماله فسميت البقعة بالفسطاط لذلك، وتنافس الناس في المواضع فولى عمرو بن العاص على الخطط معاوية بن حَديج وشريك بن سُمَي وعمرو بن قحزَم وجبريل بن ناشرة المعافري فكانوا هم الذين نزلوا القبائل وفصلوا بينهم، وللعرب ست لغات في الفسطاط يقال: فُسطاط بضم أوله وفِسطاط بكسره وفُسطاط بضم أوله واسقاط الطاء الأولى وفسَاط بإسقاطها وكسر أوله وفُسْتاط وفستاط بدل الطاء تاء ويضمون ويفتحون ويجمع فساطيط وقال الفراء في نوادره: ينبغي أن يجمع فساتيط ولم أسمعها فساسيط، وأما معناه فإن الفسطاط الذي كان لعمرو بن العاص فهو بيت من أدَم أو شَعْر، وقال صاحب العين: الفسطاط ضرب من الأبنية قال: والفُسطاط أيضاً مجتمع أهل الكورة حَوَالي مسجد جماعتهم يقال: هؤلاء أهل الفسطاط وفي الحديث عليكم بالجماعة فإن يد اللَه على الفسطاط يريد المدينة التي يجتمع فيها الناس وكل مدينة فسطاط قال: ومنه قيل لمدينة مصر التي بناها عمرو بن العاص الفسطاط روي عن الشعبي أنه قال في العبد الآبق: إذا أخِذَ في الفسطاط ففيه عشرة دراهم واذا أخذ خارج الفسطاط ففيه أربعون وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم: فلما فتحت مصر التمس أكثر المسلمين الذين شهدوا الفتح أن تقسم بينهم فقال عمرو: لا أقدر على قسمتها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها ويعلمه أن المسلمين طلبوا قسمتها فكتب إليه عمر لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئاً للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج ففتحت مصر كلها صلحاَ بفريضة دينارين دينارين على كل رجل لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الجزية والخراج على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد لم يكن صلحاً ولا ذمة، وحدث الليث بن سعد عن عبد الله بن جعفر قال: سألت شيخاً من القدماءِ عن فتح مصر فقال: هاجرنا إلى المدينة أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنا محتلم وشهدت فتح مصر وقلت: إن ناساً يذكرون أنه لم يكن لهم عهد فقال: لا يبالي أن لا يصلي من قال: إنه ليس لهم عهد فقلت: هل كان لهم كتاب قال: نعم كتب ثلاثة كتب عند طلما صاحب إخني وكتاب عند قرمان صاحب رشيد وكتاب عند يحنس صاحب البرلس قلت: فكيف كان صلحهم قال: ديناران على كل إنسان  جزية وأرزاق المسلمين قلت: أفتعلم ما كان من الشروط قال: نعم ستة شروط لا يخرجون من ديارهم ولا تنتزع نساؤهم ولا كنوزهم ولا أراضيهم ولا يزاد عليهم، وقال عقبة بن عامر: كانت شروطهم ستة أن لا يؤخذ من أرضهم شيء ولا يزاد عليهم ولا يكلفوا غير طاقتهم ولا تؤخذ ذراريهم وأن يقاتل عنهم عدوهم من ورائهم، وعن يحيى بن ميمون الحضرمي قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحُلُمَ إلى ما فوق ذلك ليس فيهم صبي ولا امرأة ولا شيخ على دينارين دينارين فأحصوا لذلك فبلغت عدتهم ثلاثمائة ألف ألف، وذكر آخرون أن مصر فتحت عنوة روى ابن وهب عن داود بن عبد اللَه الحضرمي أن أبا قنان حدثه عن أبيه أنه سمع عمرو بن العاص يقول: قعدتُ في مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر عليَ عهد ولا عقد إلا لأهل انطابلس فإن لهم عهداَ نُوفي لهم به إن شئتُ قتلتُ وإن شئتُ خمست وإن شئت بِعتُ، وروى ابن وهب عن عياض بن عبد اللَه الفِهِرِي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمرو بن العاص فتح مصر بغير عقد ولا عهد وأن عمر بن الخطاب رضي اللهَ عنه حبس درَها وصرَها أن يخرج منها شيءَ نظراَ للإمام وأهله واللهَ الموفق.
جامعُ ابن طُولونَ: قال القُضاعي: كان السبب في بنائه أن أهل مصر شكَوا إلى أحمد بن طولون ضيق مسجد الجامع يعنون مسجد عمرو بن العاص فأمر لإنشاء مسجد الجامع بجبل يَشكُر بن جزيلة من لخم وهو الآن بين مصر والقاهرة فابتدأ ببنائه في سنة 264 وفرغ منه في سنة 266 وذكر أحمد بن يوسف في سيرة أحمد بن طولون أن مبلغ النفقة على هذا الجامع مائة وعشرون ألف دينار ومات أحمد بن طولون سنة 270 وهو الآن فارغ تسكنه المغاربة ولا تقام فيه جُمعة. وأما جامع عمرو بن العاص: فهو في مصر وهو العامر المسكون وكان عمرو بن العاص لما حاصر الحصن بالفسطاط نصب رايته بتلك المحلة فسميت محلة الراية إلى الآن وكان موضع هذا الجامع جبانة حاز موضعَهُ قَيْسَبة بن كلثوم التجيبي ويكنى أبا عبد الرحمن ونزله فلما رجعوا من الإسكندرية سأل عمرو بن العاص قيسبة في منزله هذا أن يجعله مسجداً فتصدق به قيسبة على المسلمين واختط مع قومه بني سَوم في تجيب فبني سنة 21 وكان طوله خمسين ذراعآ في عرض ثلاثين ذراعاً ويقال: إنه وقف على إقامة قبلتِهِ ثمانون رجلاَ من الصحابة الكرام منهم الزبير بن العوَام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت وأبو الدرداءِ وأبو ذر الغفاري وغيرهم، قيل: إنها كانت مشرقة قليلاً حتى أعاد بناءهاَ على ما هي اليوم قرة بن شَريك لما هدم المسجد في أيام الوليد بن عبد الملك وبناه، ثم ولي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري صحابي من قبل معاوية سنة 53 وبَيَضه وزخرفه وزاد في أرائه وابَهته وكثر مُؤَذنيه ثم لما ولى مصر قرة بن شريك العبسي في سنة 92 هدمه بأمر الوليد بن عبد الملك فزاد فيه ونمقه وحسنه على عادة الوليد بن عبد الملك في بناء الجوامع ثم ولى صالح بن علي بن عبد اللهَ بن العباس في أيام السفاح فزاد أيضاًفيه وهو أول من ولي مصر من بني هاشم وذلك في سنة 133 ويقال: إنه أدخل في الجامع دار الزبير بن العوَام، ثم ولي موسى بن عيسى في أيام الرشيد في سنة 175 فزاد فيه أيضاً، ثم قدم عبد اللَه بن طاهر بن الحسين في أيام المأمون في سنة 211 لقتال الخوارج ولما ظفر بهم ورجع أمر بالزيادة في الجامع فزيد فيه من غربيه وكان وروده إلى مصر في ربيع الأول وخروجه في رجب من هذه السنة، ثم زاد فيه في أيام المعتصم أبو أيوب أحمد بن محمد بن شجاع ابن أخت أبي الوزير أحمد بن خالد وكان صاحب الخراج بمصر وذلك في سنة 258، ثم وقع في الجامع حريق في سنة 275 فهلك فيه أكثر زيادة عبد اللَه بن طاهر فأمر خمارويه بن أحمد بن طولون بعمارته وكتب اسمه عليه، ثم زاد فيه أبو حفص عمر القاضي العباسي في رجب سنة 336، ثم زاد فيه أبو بكر محمد بن عبد اللَه بن الخازن رواقاً واحداً مقداره تسعة أذرع في سنة 357 ومات قبل تتمتها فأتمها ابنه علي وفرغت في سنة 358، ثم زاد فيه في أيام الوزير يعقوب بن يوسف بن كلس الفوَارَةَ التي تحت قبة بيت المال وذلك في سنة 378 وجدد الحاكم بياض مسجد الجامع وقلع ما كان عليه من الفسفس وبيض مواضعه، قال الشريف محمد بن أسعد بن علي بن الحسن الجواني المعروف بابن النحوي في كتاب سماه النُقطَ لمعجم ما أشكل عليه من الخطط وكان السبب في خراب الفسطاط وإخلاء الخطط حتى بقيت كالتلال أنه توالت في أيام المستنصر بن الظاهر بن الحاكم سبع سنين أولها سنة 457 إلى سنة 464 من الغلاءِ والوباءِ الذي أفنى أهلها وخرب دورها ثم ورد أمير الجيوش بدر الجمالي من الشام في سنة 466 وقد عم الخراب جانبي الفسطاط الشرقي والغربي فأما الغربي فخرب الشرَفُ منه ومن قنطرة خليج بني وائل مع عقبة يحصُبَ إلى الشرف ومراد والعبسيين وحُبشان وأعين والكلاع والألبوع والأكحول والزبذ والقرافة ومن الشرقي الصحف وغافق وحضرموت والمقوقف والبقنق والعسكر إلى المنظر والمعافر بأجمعها إلى دار أبي قتيل وهو الكوم الذي شرقي عفصة الكبرى وهي سقاية ابن طولون فدخل أمير الجيوش مصر وهذه المواضع خاوية على عروشها وقد أقام النيل سبع سنين يمدُ وينزل فلا يجد من يزرع الأرض وقد بقي من أهل مصر بقايا يسيرة ضعيفة كاسفة البال وقد انقطعت عنها الطرُق وخيفت السبل وبلغ الحال بهم إلى أن الرغيف الذي وزنه رطل من الخبز يباع في زقاق القناديل كبيع الطُرف في النداءِ بأربعة عشر درهماً وبخمسة عشر درهماً ويباع إردب القمح بثمانين ديناراً ثم عدِمَ ذلك وتزايد إلى أن أكلت الدواب والكلاب والقطاط ثم اشتدت الحال إلى أن أكل الرجالُ الرجالَ ولذلك سمي الزقاق الذي يحضره الغشمُ زقاق القَتلى لما كان يقتلِ فيه وكان جماعة من العبيد الأقوياء قد سكنوا بيوتًا قصيرة السقوف قريبة ممن يَسعى في الطرقات ويطوف وقد أعدوا سكاكين وخطاطيفَ وهروات ومجازيف فإذا اجتاز أحد في الطريق رموا عليه الكلاليب وأشالوه إليهم في أقرب وقت وأسرع أمر ثم ضربوه بتلك الهراوات والأخشاب وشرحوا لحمه وشووه وأكلوه  فلما دخل أمير الجيوش فسحَ للناس والعسكر في عمارة المساكن مما خرب فعمَروا بعضه وبقي بعضه على خرابه ثم اتفق في سنة 564 نزول الأفرنج على القاهرة فأضرمت النار في مصر لئلا يملكها العدوُ إذ لم يكن لهم بها طاقة. قال: ومن الدليل على دثور الخطط أنني سمعت الأمير تأييد الدولة تميم بن محمد المعروف بالصمصام يقول حدثني القاضي أبو الحسن علي بن الحسين الخِلَعي يقول: عن القاضي أبي عبد اللهَ القضاعي أنه قال: كان في مصر من المساجد ستة وثلاثون ألف مسجد وثمانية آلاف شارع مسلوك وألف ومائة وسبعون حمامأ وفي سنة 572 قدم صلاح الدين يوسف بن أيوب من الشام بعد تملكه عليها إلى مصر وأمر ببناء سور على الفسطاط والقاهرة والقلعة التي على جبل المقطم فذُرعَ دوره فكان تسعة وعشرين ألف ذراع وثلاثمائة ذراع بالذراع الهاشمي ولم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين فبلغ دوره على هذا سبعة أميال ونصف الميل وهي فرسخان ونصف.


فَسكرَةُ: بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الكاف وراء ويقال: بالباء في أوله وهو موضع أحسبه فارسياً.


فِسِنْجان: بكسرتين ثم النون الساكنة والجيم وآخره نون أخرى، بلدة من نواحي فارس، ينسب إليها أبو الفضل حماد بن مدرك بن حماد الفسنجاني حدث عن أبي عمرو الخوضي وغيره روى عنه محمد بن بدر الحمامي توفي سنة 301.


فَسِيل: بفتح أوله وكسر ثانيه وياء ساكنة ولام، حكى أبو عبيدة عن الأصمعي أول ما يقلع من صغار النخل للغرس فهو الفسيل والودي ويجمع على فسائل ويقال للواحدة: فسيلة ويجمع فسيلا وفسيل، اسم موضع في شعر جرير.

 

باب الفاء والشين وما يليهما

 

فَشبالُ: قرية كبيرة بينها وبين زبيد نصف يوم على وادي رِمَع وفشال أمُ قرى وادي رِمع، ينسب إليها شاعر يقال له: مسرور الفشالي مجيد وهو القائل حدثني أبو الربيع سليمان بن عبد الله الرَيحاني قال: كان الفشالي مدح عمي المنتجب أبا علي الحسن بن علي بقصيدة وهو باليمن وعاد إلى مكة ونسِيَ أن يصله فلما حصل بها ذكر ذلك فعَظُم عليه فانفذ إليه صِلَته وهو بزبيد فكتب إليه بهذه الأبيات:

هذا هو الجود لا ما قيل في الـقـدَم

 

عن ابن سعد وعن كعب وعن هَـرم

جود سرى يقطع البِيداء مقتـحـمـاً

 

هول السرى من نواحي البيت والحرم

حتى أناخَ بكناف الـخَـصـيب وقـد

 

نَامَ البخيل على عَـجـزٍ ولـم يَنـمِ

وَافَى إليَ ولم تَـسْـعَ لـه قـدمـي

 

كلا ولا ناب عن سعيٍ له قـلـمـي

ولا امتطيتُ إلـيه ظـهـر نـاحـية

 

تأتي وأخفافُـهـا مـنـعـولة بـدمَ

أحببت بـه زائراً قـرَت بـزورَتـه

 

عن المديح وقامت حـجة الـكـرم

فأيُ عـذر إذا لـم أجـزِ هـمَـتَـه

 

شكراً يُقَوَمُ بالغـالـي مـن الـقِـيمِ

 

فَشْتَجانُ: بالفتح ثم السكون وتاء مثناة من فوقها مفتوحة وجيم وآخره نون، قرية.


فَشَنةُ: بفتح أوله وثانيه ونون، من قرى بُخارى، ينسب إليها أبو زكرياءَ يحيى بن زكرياء بن صالح الفَشني البخاري يروي عن إبراهيم بن محمد بن الحسين وأسباط بن اليسع البخاري وغيرهما.


الفَشنُ: قرية بمصر من أعمال البهنسا. فَشيذيزَة: بفتح أوله وكسر ثانيه وياء مثناة من تحت وذال معجمة مكسورة وياء مثناة من تحت أخرى وزاي، من قرى بخارى.