حـرف الـمـيـم: باب الميم والفاء، القاف وما يليهما

باب الميم والفاء وما يليهما

مَفتَحُ: بالفتح ثم السكون وتاءٍ بنقطتين من فوقها وحاءٍ مهملة: قرية بين البصرة وواسط وهي من أعمال البصرة، منها محمد بن يعقوب المفَتَحي يروي عن العلاء بن مصعب البصري يروى عنه أبو الحسن عبد الله بن موسى بن الحسين بن إبراهيم البغدادي وغيره، وبها سمع الدارقطني من الحسين بن علي بن قُوهي: ومَفْتَحُ دُجيل ناحية دجيل الأهواز ذكر في أخبار المِعراج.

المُفتَرض: مُفتَعِل من الفرض وهو الواجب: ماء عن يمين سميراءَ للقاصد مكة. المَفجَرُ: بالفتح ثم السكون وفتح الجيم اسم المكان من فَجَرتُ الأرض وغيره إذا أسَلتَهُ: موضع بمكة ما بين الثنية التي يقال لها الخضراء إلى خلف دار يزيد بن منصور عن الأصمعي.
مُفحِل: بالفاء: من نواحي المدينة فيما أحسب، قال ابن هَرمة:

تَذكرت سَلمَى والنَوى تستبيعها

 

وسلمى المُنَى لو أنَّنا نستطيعُها

فكيف إذا حَلَتْ بأكناف مُفحـل

 

وحَل بوعساء الحُلَيف تبيعُهـا

 

باب الميم والقاف وما يليهما

 

مَقابِرُ الشُهداءِ: ببغداد إذا خرجت من قنطرة باب حرب فهي نحو القبلة عن يسار الطريق لا أدري لِمَ سميت بذلك: ومقابر الشهداءِ بمصر لما مات يزيد بن معاوية . وابنه معاوية وتولى مروان بن الحكم الخلافة واستقام أمره بالشام قصد مصر في جنوده وكان أهل مصر زُبيرية فأوقَعَ بأهلها وجرت حروب قُتل فيها بينهم قَتلَى فدفن المصريون قتلاهم في هذا الموضع وسموه مقابر الشهداء، وغلب عليها الاسمٍ إلى هذه الغاية وكانت قتلى المصريين ستمائة ونيفاً وقتلى الشاميين ثمانمائة وذلك في سنة 65 للهجرة.


مَقابرُ قرَيشٍ : ببغداد وهي مقبرة مشهورة ومحلَة فيها خلق كثير وعليها سور بين الحربية ومقبرة أحمد بن حنبل رضي اللهَ عنه والحريم الطاهري وبينها وبين دجلة شوط فرس جيد وهي التي فيها قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الامام الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان أول من دفن فيها جعفر الأكبر بن المنصور أمير المؤمنين في سنة 150 وكان المنصور أول من جعلها مقبرة لما ابتنى مدينته سنة 149.


المقاد: بالفتح وآخره دال: هو جبل، بني، فُقيم بن جرير بن دارم وسعد بن زيد مناة بن تميم، قال جرير:

أهاجك بالمَقاد هوى عجيبُ

 

ولجت في مُباعَدَةٍ غضوبُ

أكُل الدهر يُؤس من رجاكم

 

عدوزٌ عند بابك أو رقيب

فكيف ولا عداتُكَ ناجـزات

 

ولا مَرْجُوُ نائِلكم قـريب

 

وقال أيضاً:

إيقيم أهلُكِ بالستار وأصعَدَت

 

بين الوريعة والمَقاد حُمولُ

 

وقال الحفصي المَقَادُ من أرض الصمَان وأنشد لمروان بن أبي حفصة.

قطع الصرائم والشقائق دوننا

 

ومن الوريعة دوها فمقادها

 

مَقَارِيبُ: بالفتح وبعد الألف راء ثم ياء وباء موحدة جمع المقرب اسم: موضع من نواحي المدينة، قال كثير:

ومنها بأجزاع المقاريب دمـنَةْ

 

وبالسفح من فُرعان آلٌ مُصَرعُ

 

مَقاس: بالفتح ثم التشديد وآخره سين مهملة يقال تمقسَتْ نفسي بمعنى غَثَتْ قال:

نفسي تمقس من سُماني الأقبر

 

جبل بالخابور.


المَقَاعِدُ: جمع مَقعَد: عند باب الاقبُرُ بالمدينة، وقيل مساقف حولها. وقيل هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقال الداودي هي الدرج. المَقَامُ: بالفتح ومَقامات الناس بالفتحِ مجالسهم الواحد مقام ومقامة وقيام المقام موضعِ قدمَ القائم والمُقام بالضم مصدر أقمتُ بالمكان مُقاما وإقامةً والمقام: في المسجد الحرام هو الحجر الذي قام عليه ابراهيم عليه السلام حين رفع البيت وقيل هو الحجر الذي وقف عليه حين غسلت زوجُ ابنه إسماعيل رأسه وقيل بل كان راكباً فوضعت له حجراً من ذات اليمين فوقفت عليه حتى غسلت شق رأسه الأيمن ثم صرفته إلى الشق الأيسر فرسخت قدماه فيه في حال وقوفه عليه وقيل هو الحجر الذي وقف عليه حتى أذن في الناس بالحج فتطاول له وعلا على الجبل حتى أشرف على ما تحته فلما فرغ وضعه قبلةً، وقد جاء في بعض الآثار أنه كان ياقوتة من الجنة وقيل في قوله تعالى:" واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" البقرة: 125، المراد به هذا الحجر وقيل بل هي مناسك الحج كلها وقيل عرفة وقيل مُزدلفة وقيل الحرم كله، وفرع المقام فراع وهو مربع سعة أعلاه أربعة عشر إصبعاً في مثلها وفي أسفله مثلها وفي طرفيه طوق من الذهب وما بين الطرفين بارز لا ذهب عليه طوله من نواحيه كلها تسع أصابع وعرضه عشر أصابع وعرضه من نواحيه إحدى وعشرون إصبعاَ ووسطه مربع والقدمان داخلتان في الحجر سبع أصابع وحولهما مجوف وبين القدمين من الحجر إصبعان ووسطه قد استدق من التُمسح به والمقام في حوض مرتع حوله رصاص وعلى الحوض صفائح من رصاص ومن المقام في الحوض إصبعان وعليه صندوق ساج وفي طرفه سلسلتان تدخلان في أسفل الصندوق ويقفل عليه قفلان، وقال عبد الله بن شعيب بن شيبة ذهبنا نرفع المقام في خلافة المهدي فانثَلَمَ وهو حجر رَخو فخشينا أن يتفتتَ فكتبنا في ذلك إلى المهدي فبعث إليها ألف دينار فصببناها في أسفله وفي أعلاه وهو هذا الذهب الذي عليه اليوم، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس اللهَ نورهما ولولا ذلك لأضاءَ ما بين الشرق والمغرب، وقال البشاري المقام بإزاء وسط البيت الذي فيه الباب وهو أقرب إلى البيت من زمزم يدخل في الطواف في أيام الموسم ويُكَت عليه صندوق حديد عظيم راسخ في الأرض طوله أكثر من قامة وله كسوة ويرفع المقام في كل موسم إلى البيت فإذا رفع جعل عليه صندوق خشب له باب يفتح في أوقات الصلاة فإذا سلم الإمام استلمه ثم أغلق الباب وفيه أثر قدم إبراهيم عليه السلام مخالفة وهو أسوَدُ وأكبر من الحجر الأسود.


مَقامي: قرية لبني العنبر باليمامة تروى عن الحفصي.


مَقتَدْ: بالفتح يجوز أن يكون اسم الموضع من القتاد وهو شجر كثير الشوك: موضع عن الحازمي.


المُقتَرِبُ: قرية لبني عُقيل باليمامة.


مَقَدُ: بالتحريك، اختُلف فيه فقال الأزهري حكايةً عن الليث المَقدِي من الخمر منسوبة إلى قرية بالشام، وأنشد في تخفيف الدال:

مَقدياً أحله الـلـه لـلـنـا

 

س شراباً وما تحل الشمُولُ

 

وقال عدي بن الرقاع وقد شدد الدال:

غشيتُ بعفرا أو برِجلَتهـا ربـعـا

 

رماداَ وأحجاراً بقين بها سـفـعـا

فما رمتُها حتى غدا اليومُ نِصْـفـه

 

وحتى سَرَت عيناي كلتاهما دمعـا

أسرُ هموماً لو تَغلغَلَ بـعـضـهـا

 

إلى حجر صَلدٍ تَرَكن به صـدعـا

أميدُ كأني شـارب لَـعـبـت بـه

 

عُقارٌ ثَوَت في سِجنها حججاً سبعـا

مَقديةَ صهباء ُتثـخـن شـربـهـا

 

إذا ما أرادوا أن يُراحوا بها صرعى

عُصارَةُ كرم من حديجاء لم تـكـن

 

منابتها مستحـدثـات ولا قـرعـا

 

وقال شمر سمعت أبا عبيدة يروي عن أبي عمرو المَقدِي ضرب من الشراب بتخفيف الدال قال والصحيح عندي أن الدال مشددة، قال وسمعت رجاء بن سلمة يقول المقدي بتشديد الدال الطَلاءُ المنصف مشبهه بما قُدً بنصفين ويصدّقه قول عمرو بن معدي كرب:

وقد تركوا ابن كبشةَ مسلَحبـا

 

وهم شغلوه عن شرب المقدي

 

وقيل مَقديةُ قرية بناحية دمشق من أعمال أذرعات، ينسب إليها الأسود بن مروان المَقدي يروي عن سليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل الدمشقي أثنى عليه أبو القاسم الطبراني ووثقه وروى عنه، وقال الحازمي مَقدُ قرية بحمص مذكورة بجودة الخمر وقال أبو القاسم الطيب بن علي التميمي اللغوي المقدمي من قرية مقد، وقال أبو منصور أنبأنا السعدي أنبأنا ابن عفان عن ابن نمير عن الأعمش عن منذر الثوري قال رأيت محمد بن علي يثرب الطلاء المقديَ الأصفر كان يرزقه إياه عبد الملك وكان في ضيافته يرزقه الطلاء وأرطالاً من اللحم، ورواه ابن دريد بكسر الميم وفتحها وقال المقدية ضرب من الثياب ولا أدري إلى ما تنسب، وقال نفطوَيه المَقَدُ بتشديد الدال قرية بالشام، وقال غيره هي في طرف حوران قرب أذرعات.


المَقدِسُ: في اللغة المتنزه قال المفسرون في قوله تعالى: :ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" البقرة: 30، قال الزجاج معنى نقدس لك أي نطهر أنفسنا لك وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه أي نطهره، قال ومن هذا قيل: للسطل القدَس لأنه يتقدَس منه أي يتطهر. قال ومن هذا: بيت المقدس كذا ضبطه بفتح أوله وسكون ثانيه وتخفيف الدال وكسرها أي البيتُ المقدسُ المطهر الذي يتطهر به من الذنوب، قال مروان:

قُل للفرزْدق والسفاهة كاسمهـا

 

إن كنت تارِك ما أمرتك فاجلس

ودع المدينة أنـهـا مـحـذورة

 

والحق بمكة أو ببيت المقـدِس

 

وقال قتادة المراد بأرض المقدس أي المبارك وإليه نسب ابن الأعرابي ومنه قيل للراهب مقدس ومنه قول امرىء القيس:

فأدرَكنه يأخذْن بالساق والنـسـا

 

كما شَبرَقَ الولدانُ ثوب المقدّس

 

وصبيانُ النصارى يتبركون به وبمسح مسحه الذي هو لابسه وأخذ خيوطه منه حتى يتمزق عنه ثوبه، وفضائل بيت المقدس كثيرة ولا بدَ من ذكر شيءٍ منها حتى يستحسنه المطلع عليه. قال مُقاتل بن سليمان قوله تعالى:" ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين " الأنبياء: 71، قال هي بيت المقدس.. وقوله تعالى لبني إسرائيل:"وواعدناكم جانب الطور الأيمن" طه: 80، يعني بيت المقدس. وقوله تعالى: " وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين" المؤمنون: 50، قال البيت المقدس وقال تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" الإسراء: ا، هو بيت المقدس. وقوله : "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه" النور: 36، البيت المقدس. وفي الخبر من صلى في بيت المقدس فكأنما صلى في السماء ورفع اللّه عيسى إبن مريم إلى السماء من بيت المقدس وفيه مهبطه إذا هبط وتزف الكعبة بجميع حجاجها إلى البيت المقدس يقال لها مرحباً بالزائر والمزور وتزف جميع مساجد الأرض إلى البيت المقدس. أول شيء حُسر عنه بعد الطوفان صخرة بيت المقدس وفيه ينفخ في الصور يوم القيامة وعلى صخرته ينادي المنادي يوم القيامة. وقد قال الله تعالى لسليمان بن داود عليه السلام حين فرغ من بناء البيت المقدس سلني أعطك قال يا رب أسألك أن تغفر لي ذنبي قال لك ذلك قال يا رب وأسألك أن تغفر لمن جاءَ هذا البيت يريد الصلاة فيه وأن تخرجه من ذنوبه كيوم وُلد قال لك ذلك قال وأسألك من جاءَ فقيراَ أن تُغنِيَه قال لك ذلك قال وأسألك من جاءَ سقيماً أن تشَفيه قال ولك ذلك. وعن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال لا تشدُ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد البيت المقدس وإن الصلاة في بيت المقدس خير من ألف صلاة في غيره، وأقربُ بقعة في الأرض من السماء البيت المقدس ويُمنع الدجال من دخولها ويهلك يأجوج ومأجوج دونها وأوصى آدم عليه السلام أن يدفن بها وكذلك إسحاق وإبراهيم وحمل يعقوب من أرض مصر حتى دفن بها وأوصى يوسف عليه السلام حين مات بأرض مصر أن يُحمل إليها وهاجر إبرَاهيم من كُوثى إليها وإليها المحشر ومنها المَنشَر وتاب الله على داود بها وصدق إبراهيم الرؤيا بها وكلم عيسى الناس في المهد بها وتقاد الجنة يوم القيامة إليها ومنها يتفرَق الناس إلى الجنة أو إلى النار. وروي عن كعب أن جميع الأنبياء عليهم السلام زاروا بيت المقدس تعظيماً له وروي عن كعب أنه قال لاتسموا بيت المقدس إيِلياء ولكن سموه باسمه فإن إيلياءَ امرأة بنت المدينة، وعن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس سأل الله حكماً يوافق حكمه وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله ذلك، وعن ابن عباس قال البيت المقدس بَنَته الأنبياءُ وسكنته الأنبياءُ ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبيٌ أو قام فيه ملك، وعن أبي ذر قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيُ مسجد وُضع على وجه الأرض أولاً قال المسجد الحرام قلت ثم أي قال البيت المقدس وبينهما أربعون سنة، وروي عن أبي بن كعب قال أوحى الله تعالى إلى داود ابنِ لي بيتاً قال يا رب وأين من الأرض قال حيث ترى الملك شاهرأ سيفه فرأى داود ملكاً على الصخرة واقفاً وبيده سيف، وعن الفضيل بن عياض قال لما صُرفت القبلة نحو الكعبة قالت الصخرة إلهي لم أزل قبلة لعبادتك حتى بعثت خير خلقك صرفت قبلتهم عني قالا ابشري فإني واضع عليكِ عرشه وحاشر إليكِ خلقي وقاضٍ عليك أمري، وناشر منك عبادي، وقال كعب من زار البيت المقدس شوقأ إليه دخل الجنة ومن صلى فيه ركعتين خرج عن ذنوبه كَيوم ولدَته أمه واعطى قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراَ، ومن تصدق فيه بدرهم كان فداءه من النار ومن صام فيه يوماً واحداً كتبت له براءة من النار، وقال كعب معقِل المؤمنين أيام الدجال البيت المقدس يحاصرهم فيه حتى يأكلوا أوتار قِسِيهم من الجوع فبينما هم كذلك إذ سمعوا صوتاَ من الصخرة فيقولون هذا صوت رجل شبعان فينظرون فإذا عيسى ابن مريم عليه السلام فإذا رآه الدجال هرب منه فيتلقاه بباب لد فيقتله، وقال أبو مالك القرَظي في كتاب اليهود الذي لم يُغير إن الله تعالى خلق الأرض فنظر إليها وقال أنا واطيء: على بقعتك فشمخت الجبالُوتواضعت الصخرة فشكرَ الله لها وقال هذا مقامي وموضع ميزاني وجنتي وناري ومحشر خلقي وأنا ديان يوم الدين، وعن وهب بن منَنه قال أمر إسحاق ابنه يعقوب أن لا ينكح امرأة من الكنعانيين وأن ينكح من بنات خاله لابان بن تاهرُ بن أزر وكان مسكنه فلسطين فتوجه إليها يعقوب وأدركه في بعض الطريق الليل فبات متوسداً حجراً فرأى فيما يرى النائم كأن سلماً منصوباً إلى باب السماءِ عند رأسه والملائكة تنزل منه وتعرج فيه وأوحى الله إليه إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقد ورثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك وباركت فيك وفيهم وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوة ثم أنا معك حتى تدرك إلى هذا المكان فاجعله بيتاً تعبدني فيه أنت وذريتك فيقال إنه بيت المقدس فبناه داود وابنه سليمان ثم أخربته الجبابرة بعد ذلك فاجتاز به شعياً وقيل عزيرعليه السلام فرآه خراباً فقال: " أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه" البقرة: 259، كما قص عز وجل في كتابه الكريم ثم بناه من ملوك فارس يقال له كوشك وكان قد اتخذ سليمان في بيت المقدس أشياء عجيبة منها القُبة التي فيها السلسلة المعلقة ينالها صاحب الحق ولا ينالها المبطل حتى اضمحلت بحيلة غير معروفة وكان من عجائب بنائه إنه بنى بيتاً وأحكمه وصَقَلَه فإذا دخله الفاجر والوَرع تبين الفاجر من الورع لأن الورع كان يظهر خياله في الحائط أبيضَ والفاجر يظهر خياله أسودَ وكان أيضاً مما اتخذ من الأعاجيب أن ينصب في زاوية من زواياه عصا أبنوس فكان من مسها من أولاد الأنبياءِ لم تضره ومن مسها من غيرهم أحرقت يده وقد وصفها القدماء بصفات إن استقصيتها أمللت القاري والذي شاهدتُه أنا منها إن أرضها وضياعها وقراها كلها جبال شامخة وليس حولها ولا بالقرب منها أرض وطيئة ألبتة وزروعها على الجبال وأطرافها بالفُؤس لأن الدواب لا صنع لها هناك، وأما نفس المدينة في على فضاء في وسط تلك الجبال وأرضها كلها حجر من الجبال التي هي عليها وفيها أسواق كثيرة وعمارات حسنة، وأما الأقصى فهو في طرفها الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود عليه السلام وهو طويل عريض وطوله أكثر من عرضه وفي نحو القبلة المصلى الذي يخطب فيه للجمعة وهو على غاية الحسن والإحكام مبني على الأعمدة الرخام الملونة والفُسَيفساء التي ليس في الدنيا أحسن منه لا جامع دمشق ولا غيره وفي وسط صحن هذا الموضع مصطبة عظيمة في ارتفاع نحو خمسة أذرع كبيرة يصعد إليها الناس من عدة مواضع بحرج وفي وسط هذه المصطبة قبة عظيمة على أعمق رخام مسقفة برصاص منمقة من برا وداخل بالفسيفساء مطبقة بالرخام الملون قائم ومسطح وفي وسط هذا الرخام قبة أخرى وهي قبة الصخرة التي تزار وعلى طرفها أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم وتحتها مغارة يُنزَل إليها بعدة درج مبلطة بالرخام قائم ونائم يصلى فيها وتزار ولهذه القبة أربعة أبواب وفي شرقيها برأسها قبة أخرى على أعمدة مكشوفة حسنة مليحة يقولون إنها قبة السلسلة وقبة المعراج أيضاً على حائط المصطبة وقبة النبي داود عليه السلام كل ذلك على أعمدة مطبق أعلاها بالرصاص، وفيها مغائر كثيرة ومواضع يطول عددها مما يزار ويتبرك به ويشرب أهل المدينة من ماء المطر ليس فيها دار إلا وفيها صهريج لكنها مياه ردية أكثرها يجتمع من الدورب وإن كانت دروبهم حجارة ليس فيها ذلك الدنس الكثير، وبها ثلاث برك عظام بركة بني إسرائيل وبركة سليمان عليه السلام وبركة عياض عليها حماماتهم وعين سلوان في ظاهر المدينة في وادي جهنم مليحة الماء وكان بنو أيوب قد أحكموا سورها ثم خربوه على ما نحكيه بعد، وفي المثل قَتلَ أرضاً عالمُها وقتلت أرضْ جاهلَها هذا قول أبي عبد الله محمد بن أحمد بن البناءِ البشاري المقدسي له كتاب في أخبار بلدان الاسلام وقد وصف بيت المقدس فأحسن فالأولى أن نذكر قوله لأنه أعرف ببلده وإن كان قد تغير بعده بعض معالمها قال هي متوسطة الحر والبرد قل ما يقع فيها ثلج قال وسألني القاضي أبو القاسم عن الهواء بها فقلت: سجسج لا حر ولا برد فقال هذا صفة الجنة قلت بنيانهم حجر لا ترى أحسن منه ولا أنفس منه ولا أعف من أهلها ولا أطيبَ من العيش بها ولا أنظف من أسواقها ولا أكبر من مسجدها ولا أكثر من مشاهدها وكنتُ يوماَ في مجلس القاضيالمختار أبي يحيى بهرام بالبصرة فجرى ذكر مصر إلى إن سئلتُ أي بلد أجل قلتُ بلدنا قيل فأيهما أطيبُ قلت بلدنا قيل فأيهما أفضلُ قلت بلدنا قيل فأيهما أحسن قلت بلدنا قيل فأيهما أكثر خيرات قلت بلدنا قيل فآيهما أكبر قلت بلدنا فتعجب أهل المجلس من ذلك وقيل أنت رجل محصل وقد ادَعيتَ ما لا يقبل منك وما مثلك إلا كصاحب الناقة مع الحجاج قلتُ أما قولي أجل فلأنها بلدة جمعت الدنيا والاَخرة فمن كان من أبناء الدنيا وأراد الآخرة وجد سوقها ومن كان من أبناءٍ اٍلآخرة فدَعته نفسه إلى نعمة الدنيا وجدها وأما طيب هوائها فإنه لا سمَ لبردها ولا أذى لحرها وأما الحسن فلا يرى لحسن من بنيانها ولا أنظف منها ولا أنزه من مسجدها وأما كثرة الخيرات فقد جمع الله فيها فواكه الأكوار والسهل والجبل والأشياء المتضادة كالأترج واللوز والرطب والجوز والتين و الموز وأما الفضل فهي عرّصة القيامة ومنها النشر وإليها الحشر وإنما فضلت . مكة بالكعبة والمدينة بالنبي صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة تزفان إليها فتحوي الفضلَ كله وأما الكبر فالخلائق كلهم يحشرون إليها فأي أرض أوسع منها فاستحسنوا ذلك وأقروا به قال إلا إن لها عُيوبا يقال إن في التوراة مكتوباً بيت المقدس طست من ذهب مملوءٌ عقارب. ثم لا ترى أقذر من حماماتها ولا أنقل مؤنة وهي مع ذلك قليلة العلماء كثيرة النصارى وفيهم جفاء وعلى الرحبة والفنادق ضرائب ثقال وعلى ما يباع فيها رَجالة وعلم الأبواب أعوان فلا يمكن أحد أن يبيع شيئاً مما يرتفق منه الناس إلا بها مع قلة يسار وليس للمظلوم أنصار فالمستور مهموم والغني محسود والفقيه مهجو والأديب غير مشهور ولا مجلس نظر ولا تدريس قد غلب عليها النصارى واليهود وخلا المجلس من الناس والمسجد من الجماعات وهي أصغر من مكة وأكبر من المدينة عليها حصن بعضه على جبل وعلي بقيته خندق ولها ثمانية أبواب حديد باب صهيون وباب النية وباب البلاط وباب جب أرميا وباب سلوان وباب أريحا وباب العمود وباب محراب داود عليه السلام والماء بها واسع وقيل ليس ببيت المقدس أكثر من الماء. والأذان قل أن يكون بها دار ليس بها صهريج صهريجان أو ثلاثة على قدر كبرها وصغرها وبها ثلاث برك عظام بركة بني إسرائيل وبركة سليمان وبركة عياض عليها حماماتهم لها دواعي من الأزقة وفي المسجد عشرون جُباً مشجرة قل أن تكون حارة ليس بها حب مسنل غير أن مياهها من الأزقة وقد عمد إلى واد فجعل بركتين تجتمع إليهما السيول في الشتاءٍ وقد شُق منهما قناة إلى البلد تدخل وقت الربيع فتدخل صهاريج الجامع وغيرها وأما المسجد الأقصى فهو على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود طول الحجر عشرة أذرع وأقل منقوشة موجهة مؤلفآ صلبة وقد بنى عليه عبد الملك بحجارة صغار حسان وشرفوه وكان أحسن من جامع دمشق لكن جاءت زلزلة في أيام بني العباس فطرحت إلآ ما حول المحراب فلما بلغ الخليفة خبره أراد رده مثلماً كان فقيل له تعَيا ولا تقدر على ذلك فكتب إلى أمراء الأطراف والقُوَاد يأمرهم أن يبني كل واحد منهم رواقاً فبنوه أوثَقَ وأغلظ صناعة مما كان وبقيت تلك القطعة شامة فيه وهي إلى حذاء الأعمدة الرخام وما كان من الأساطين المشيدة فهو محدث والمغطى ستة وعشرون باباً باب يقابلالمحراب يسمى باب النحاس الأعظم مصفح بالصفر المذهب لا يفتح مصراعه إلا رجل شديد القوة عن يمينه سبعة أبواب كبار في وسطها باب مصفح مذهب وعلى اليسار مثلها وفي نحو المشرق أحد عشر باباً سواذح وخمسة عشر رواقاً على أعمدة رخام أساطين عبد الله بن طاهر وعلى الصحن من المدينة أروقة على أعمدة رخام وأساطين وعلى المؤخر أروقة أزاج من الحجارة وعلى وسط المغطى جمل عظيم خلف قبة حسنة والسقوف كلها إلا المؤخر ملبسة بشقاق الرصاص والمؤخر مرصوف بالفسيفساء الكبار والصحن كله مبلط وفي وسط الرواق دكة مربعة مثل مسجد يثرب يصعد إليها من أربع جهاتها بمرَاق واسعة وفي الدكة أربع قباب قبة السلسلة وقبة المعراج وقبة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الثلاث الصغار ملبسة بالرصاص على أعمدة رخام مكشوفة وفي وسط الدكة قبة الصخرة على بيت مثمن بأربعة أبواب كل باب يقابل مَرقاة من مراقي الدكة وهي الباب القبلي وباب إسرافيل وباب الصور وباب النساء وهو الفي يفتح إلى المغرب جميعها مفمبة في وجه كل واحد باب مليح من خشب التنوب وكان قد أمرت بعملها أم المقتدر بالله وعلى كل باب صفة مرخمة والتنوب مطبق على الصفرية من خارج وعلى أبواب الصفات أبواب أيضاً سواذج داخل البيت ثلاثة أروقة دائرة على أعمدة معجونة أجل من الرخام وأحسن لا نظير لها قد عقدت عليه أروقة لاطئة داخلة في رواق آخر مستدير على الصخرة على أعمدة معجونة بقناطر مدورة فوق هذه منطقة متعالية في الهواء فيها طاقات كبار والقبة فوق المنطقة طولها غير القاعدة الكبرى مع السفود في الهواء مائة ذراع ترى من البعد فوقها سفود حسن طوله قامة وبَسطة القبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب وأرض البيت مع حيطانه والمنطقة من داخل وخارج على صفة جامع دمشق والقبة ثلاث ساقات الأولى مزوقة على الألواح والثانية من أعمدة الحديد قد شبكت لئلا تميلها الرياح ثم الثالثة من خشب عليها الصفائح وفي وسطها طريق أي عند السفود يصعد منها الصناع لتفقدها ورمها فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلالأت المنطقة ورُؤيت شيئاً عجيباً وعلى الجملة لم أر في الإسلام ولا سمعت أن في الشرك مثل هذه القبة، ويدخل المسجد من ثلاثة عشر موضعاً بعشرين باباً منها باب الحطة وباب النبي صلى الله عليه وسلم وباب محراب مريم وباب الرحمة وباب بركة بني إسرائيل وباب الأسباط وباب الهاشميين وباب الوليد وباب إبراهيم عليه السلام وباب أم خالد وباب داود عليه السلام وفيه من المشاهد محراب مريم وزكرياء ويعقوب والخضر ومقام النبي صلى الله عليه وسلم وجبرائيل وموضع المنهل والنور والكعبة والصراط متفرقة فيه وليس على الميسرة أروقة والمغطى لا يتصل بالحائط الشرقي وإنما ترك هنا البعض لسببين أحدهما قول عمر واتخذوا في غربي هذا المسجد مصلى للمسلمين فتركت هذه القطعة لئلا تخالف والآخر أنه مد المغطي إلى الزاوية لم تقع الصخرة حذاء المحراب فكرهوا ذلك والله أعلم وطول المسجد ألف ذراع بالذراع الهاشمي وعرضه سبعمائة ذراع وفي سقوفه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام وعلى السقوف خمسة وأربعون ألف شقة رصاص وحجر الصخرة ثلاثة وثلاثون ذراعاً في سبعة وعشرين وتحت الصخرة مغارة تُزار ويصلي فيها تسعمائة وستون نفساً، وكانت وظيفته كل شهر مائة دينار وفي كل سنة ثمانمائة ألف ذراع حصراً، وخدامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خُمس الأساري يسمون الأخماس لا يخدمه غيرهم ولهم نُوب يحفظونها، وقال المنجمون المقدس طوله ست وخمسون درجة وعرضه ثلاث وثلاثون درجة في الإقليم الثالث، وأما فتحها في أول الإسلام إلى يومنا هذا فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنفذ عمرو بن العاص إلى فلسطين ثم نزل البيت المقدس فامتنع عليه فقدم أبو عبيدة بن الجرَاح بعد أن افتتح قنّسرين وذلك في سنة 16 للهجرة فطلب أهل بيت المقدس من أبي عبيدة الأمان والصلح على مثل ما صولح عليه أهل مدُن الشام من أداء الجزية والخراج والدخول فيما دخل فيه نظراؤهم على أن يكون المتولي للعقد لهم عمر بن الخطاب فكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر فقدم عمر ونزل الجابية من دمشق ثم صار إلى بيت المقدس فأنفذ صلحهم وكتب لهم به كتاباَ وكان ذلك في سنة 17، ولم تزل على ذلك بيد المسلمين: والنصارى من الروم والأفرنج والأرمن وغيرهم من سائر أصنافهم يقصدونهاللزيارة إلى بيعتهم المعروفة بالقُمَامة وليس لهم في الأرض أجل منها حتى انتهت إلى أن ملكها سُكمَان بن أرتُق وأخوه إيلغازي جد هؤلاء الذين بديار بكر صاحب ماردين واَمد والخطبةُ فيها تقام لبني العباس فاستضعفهم المصريون وأرسلوا إليهم جيشاَ لا طاقة لهم به وبلغ سُكمان وأخاه خبر ذلك فتركوها من غير قتال وانصرفوا نحو العراق وقيل بل حاصروها ونصبوا عليها المناجيق ثم سلموها بالأمان ورجع هؤلاء إلى نحو المشرق وذلك في سنة 491، واتفق أن الأفرنج في هذه الأيام خرجوا من وراءِ البحر إلى الساحل فملكوا جميع الساحل أو أكثره وامتدوا حتى نزلوا على البيت المقدس فأقاموا عليها نيفأ وأربعين يوماً ثم ملكوها من شماليها من ناحية باب الأسباط عنوةً في اليوم الثالث والعشرين من شعبان سنة 492 ووضعوا السيف في المسلمين أسبوعاً والتجأ الناس إلى الجامع الأقصى فقتلوا فيه ما يزيد على سبعين ألفاً من المسلمين وأخذوا من عند الصخرة نيفاَ وأربعين قنديلاً فضة كل واحد وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم فضة وتنور فضة وزنه أربعون رطلاً بالشامي وأموالاً لا تُحصى وجعلوا الصخرة والمسجد الأقصى مأوى لخنازيرهم ولم يزل في أيديهم حتى استنفذه منهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة 583 بعد إحدى وتسعين سنة أقامها في يد الأفرنج وهي الآن في يد بني أيوب والمستولي عليهم الآن منهم الملك المعظم عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب، وكانوا قد أحكموا سوره وعمروه وجودوه فلما خرج الأفرنج في سنة 616 وتملكوا دمياط استظهر الملكالمعظم بخراب سوره وقال نحن لا نمنع البلدان بالأسوار مما نمنعها بالسيوف والأساورة، وهذا كافٍ في خبرها وليس كلما أجده كتبه ولو فعلت ذلك لم يتسع لي زماني، وفي المسجد أماكن كثيرة وأوصاف عجيبة لا تتصور إلا بالمشاهدة عيانأ ومن أعظم محاسنه أنه إذا جلس إنسان فيه في أي موضع منه يرى إن ذلك الموضع هو أحسن المواضع وأشرحها ولذا قيل إن الله نظر إليه بعين الجمال ونظر إلى المسجد الحرام بعين الجلال

 

أهيمُ بقاع القدس ما هبت الصبـا

 

فتلك رباع الانس في زمن الصبا

ومازلتُ في شوقي إليها مواصلاً

 

سلامي على تلك المعاهد والرُبى

 

والحمد لله الذي وفًقني لزيارته، وينسب إلى المقدس جماعة من العباد الصالحين والفقهاء.. نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود أبو الفتح المقدسي الفقيه الشافعي الزاهد أصله من طرابلس وسكن بيت المقدس ودرس بها وكان قد سمع بدمشق أبي الحسن السمسار وأبي الحسن محمد بن عوف وابن سعمان وابن شكران وأبي القاسم وابن الطبري وسمع بآمد هبة الله بن سليمان وسليم بن أيوب بصور وعليه تففه وعلى محمد بن البيان الكازروني وروى أبو بكر الخطيب وعمر بن عبد الكريم الدهستاني وأبو القاسم النسيب وأبو الفتح نصر الله اللاذقي وأبو محمد بن طاووس وجماعة وكان قدم دمشق سنة 71 في نصف صفر ثم خرج إلى صور وأقام نحو عشر سنين ثم قد دمشق سنة 80 فأقام بها يحدث ويدرس إلى أن مات وكان فقيهاً فاضلاً زاهداَ عابداً أقام بدمشق ولم يقبل لأحد من أهلها صلة وكان يقتات من غلة تحمل إليه من أرض كانت له بنابلس وكان يخبز له منها كل يوم قرصَ في جانب الكانون وكان متقللاَ متزهداَ عجيب الأمر في ذلك وكان يقول درست على الفقيه سليم من منة 37 إلى سنة 40 ما فاتني منها درس ولا إعادة ولا وَجعتُ إلا يوماً واحداً وعوفيت وسئلَ كم في ضمن التعليقة التي صنفها من جزء فقال في نحو ثلثمائة جزء ولا كتبتُ منها وأنا على غير وضوءِ أو كما قال وزاره تاج الدولة تتش بن لب أرسلان يوما فلم يقدم إليه وسأله عن أجل الأموال السلطانية فقال أموال الجزية فخرج من عنده وأرسل إليه بمبلغ من المال وقال له هذا من مال الجزية ففرقه على الأصحاب ولم يقبله وقال لا حاجة لنا فلما ذهب الرسول لامَه الفقيه أبو الفتح نصر الله محمد وقال له قد علمتَ حاجتنا إليه فلو كنتَ قبلته وفرقته فينا فقال لا تجزع من فوته فلسوفَ يأتيك الدنيا ما يكفيك فيما بعد فكان كما تفرس فيه، وذكر بعض أهل العلم قال صحبت أبا المعالي الجُويني بخراسان ثم قدمت العراق فصحبت الشيخ أبا إسحاق الشيرازي فكانت طريقته عندي أفضل من طريقة الجوَيني ثم قدمت الشام فرأيتُ الفقيه أبا الفتح فكانت طريقته أحسن من طريقتهما جميعاَ، وتوفي الشيخ أبو الفتح يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة 490 بدمشق ودفن بباب الصغير ولم تر جنازة أوفر خلقاً من جنازته رحمه الله عليه، ومحمد بن طاهر بن علي بن أحمد أبو الفضل المقدسي الحافظ ويعرف بابن القيسَراني طاف في طلب الحديث وسمع بالشام وبمصر والعراق وخراسان والجبل وفارس وسمع بمصر من الجُبائي وأبي الحسن الخلعي قال وسمعت أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول احفظ من رائية محمد بن طاهر ما هو هذا:

 

إلى كم أمنىَ النفس بالقرب واللقـا

 

بيوم بلى يوم وشهر إلى شـهـر

وَحتامَ لا أحظى بوَصل أحبـتـي

 

وأشكُو إليهم ما لقيتُ من الهجـر

فلو كان قلبي مـن حـديد أذابـه

 

فراقكُمُ أو كان من صالب الصخر

ولما رأيتُ البَينَ يزداد والـنـوى

 

تمثلتُ بيتاَ قيل في سالف الدهـر

متى يستريح القلبُ والقلب متعـب

 

ببَين على بين وهجر على هجـر

 

قال الحافظ سمعت أبا العلا الحسن بن أحمد الهمذاني الحافظ ببغداد يذكر أن أبا الفضل ابتلى بهوى امرأة من أهل الرستاق كانت تسكن قرية على ستة فراسخ فكان يذهب كلى ليلة فيرقُبها فيراها تغزل في ضوءِ السراج ثم يرجع الى همذان فكان يمشي كل يوم وليلة اثني عشر فرسخا ومات ابن طاهر ودفن عند القبر الذي على جبلها يقال له قبر رابعة العدوية وليس هو بقبرها إنما قبرها بالبصرة وأما القبر الذي هناك فهو قبر رابعة زوجة أحمد بن أبي الحواري الكاتب وقد اشتبهَ علي الناس.


المقدسَةُ: في: الأرض المقدَسة أي المباركة النزهة. قيل هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن وبيت المقدس منه. مقدشُو: بالفتح ثم السكون وفتح الدال وشين معجمة مدينة في أول بلاد الزنج في جنوب اليمن في بر البربر في وسط بلادهم وهؤلاءِ البربر غير البربر الذين هم بالمغرب هؤلاءِ سُود يشبهون الزنوج جنس متوسط بين الحبش والزنوج وهي مدينة على ساحل البحر وأهلهل كلهم غرباءُ ليسوا بسودان ولا ملك لهم إنما يدبر أمورهم المتقدمون على اصطلاح لهم وإذا قصدهم التاجر لا بدَ له من أن ينزل على واحد منهم ويستجير به فيقوم بأمره ومنها يُجلَب الصندل والأبنوس والعنبر والعاجٍ هذا أكثر أمتعتهم وقد يكون عندهم غير ذلك مجلوبا إليهم.


مَقذ: بالتحريك وتشديد الذال المعجمة المَقدُ في اللغة منقطع الشعر من مؤخر القَفَا وأصل القذ القطع: وهو اسم موضع جاءَ في الشعر.


مقذونية: بفتح أوله وثانيه وضم الذال المعجمة وسكون الواو وكسر النون وياءِ خفيفة: وهو اسم لِمصر باليونانية القديمة هكذا ذكره ابن الفقيه، وقال ابن البشاري مقذونية بمصر وقصبتها الفسطاط وهو المصر ومن دونها الغربية والجيزية وعين شمس، وقال ابن خُرداذبه وكانت مصر منازل الفراعنة ومن جملتهم ملك كان اسمه مقذونية. ثم ذكر ابن الفقيه في أخبار، بلاد الروم فقال ثم عمل مقذونية وحده من المشرق السور الطويل ومن القبلة بحر الشام ومن المغرب بلاد الصقالبة ومن ظهر القبلة بلاد بُرجان ومقام الوالي حصن يقال له باندس فهذه الحدود تدل على إنه مع القسطنطينية في بر واحد والله أعلم، والسور الطويل بناة يقطع من بحر الشام إلى بحر الخزر وطوله أربعة أيام وعرض هذه الولاية أعني مقذونية مسيرة خمسة أيام طولها ثلاث وستون درجة وعرضها ثمان وأربعون درجة وعشر دقائق في الإقليم الخامس طالعها الأسد بيت حياتها السنبلة تحت نقطة السرطان خارجة من المنطقة بأرب عشرة درجة يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان.


مُقرَى: بالضم ثم السكون وراءٍ وألف مقصورة تكتب ياء لأنها رابعة من أقرت الناقة تُقرى في مَقرِيَة والمكار مُقرًى إذا ثبت ماءُ الفحل في رحمها: قرية على مرحلة من صنعاء وبها معدن العقيق. ينسب إليها فيما أحسب جَبَلَةُ المُقرِي، وشريح بن عبيد المقري روى عن أبي أمامة روى عنه جرير، وأبو شعبة يونس بن عثمان المقري عن راشد بن سعد روى عن يحيى بن صالح الوُحاظي، وقال الهمذاني بن الحائك هو مُقرَى بن سبيع بن الحارث بن مالك بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن علي بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبأ قال ومُقرَى على زنة مَغطَى والكلبي يقول مقرى بن سبيع بن الحارث بن زيد بن غوث بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جُشم بن عبد شمس بن وائل بن غوث بن قطن بن عريب، وقد يوجد العقيق في غير هذه إلا. أن أجوده ما كان بها فذكر معالجوه أنهم يجدون منه القطعة فوق عشرين رطلاَ فتكسر وتلقى في الشمس في أشد ما يكون من الحر ثم يسخن له تنانير بأبعار الإبل ويجعل في أشياء تكُنه عن مُلاَمسة النار قينز منه ماء في مجرى يصنعونه له ثم يستخرجونه ولَم يبق فيه إلا الجوهر وما عداه قد صار رماداً.


مقرَى: بالفتح ثم السكون وراءٍ وألف مقصورة تكتب ياءً لمجيئها رابعة: قرية بالشام من نواحي دمشق هكذا وجدناه مضبوطاً بخط أبي الحسن علي بن عبيد الكوفي المتقن الخط والضبط وكذا نقله ابن عدي في كتابه والمحدثون وأهل دمشق على ضم الميم. قال للبُحتري يمدح خُمَارَويَه:

 

أما كان في يوم الثنية مـنـظـر

 

ومستمع يُنبي عن البَطْشة الكُبَرى

وعطف أبي الجيش الجواد بكـرة

 

مدَافعة عن دير مرَان أو مَقـرَى

 

قال ابن سَمَيفعَ في الطبقة الأولى. ذو قربات جابر بن أرَذ بالتحريك وآخره ذال معجمة المَقريُ، وأم بكر بن أرذ المقرية روت عن زوجها عوسَجة بن أبي ثوبان وهي أم أم الهجرِس بنت عوسجة وأم الهجرس أم صفوان بن عمرو، وقال توفيق بن محمد النحوي:

سقَى الحَيا أرُبعاً تَحيَا النفوسُ بها

 

ما بين مَقرَى إلى باب الفراديس

 

وقال الحافظ الدمشقي. راشد بن سعد المَقريُ ويقال الحرَاني الحمصي حدث عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاوية بن أبى سفيان وأبي أمامة الباهلي وَيعلَى بن مُرة وعمرو بن العاص وعبد الله بن بشر السلمي المازني وأبي الدرداء والمقدام بن معدَي كرِب وغيرهم روى عنه ثور بن يزيد الكلاعي وجرير بن عثمان الرحبي ومعاوية بن صالح الحضرمي وشهد مع معاوية صِفين وذهبت عينه يومئذ قال يحيى بن معين راشد بن سعد ثقة، وشريح بن عبيد بن عبد بن عريب أبو الصلت وأبو الصواب المقري الحضرمي الحمصي حدث عن معاوية وفضالة بن عبيد وأبي ذر الغفاري وأبي زهير ويقال أبي النمير وعقبة بن عامر وعقبة بن عبد السلام وبشير بن عكرمة وأبي أمامة والحارث بن الحارث والمقدام بن معدي كرب وأبي الدرداء والعرباض بن سارية وأبي مالك الأشعري وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقداد بن الأسوَد الكندي وعبد الرحمن بن جُبيَر بن نُفَير وكثير بن مُرة وأبي راشد وأبي رهيم السماعي وشَرَاحيل بن معشر العبسي ويزيد بن حمير وأبي طيبة الكلاعي وأبي بحرية وغيرهم سُئلَ محمد بن عوف فقيل له هل سمع شريح بن عبيد من أبي الدرداء فقال لا فقيل له فهل سمع من أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أظن ذلك لأنه لا يقول في شيء سمعتُ وهو ثقة.


مِقرَاةُ: بالكسر ثم السكون وهو في اللغة شبه حوض ضخم يقرأ فيه من البئر أي يجيءُ إليه وجمعها المَقاري أو المقاري أيضاً الجفان التي تقرى فيها الأضياف، والمقراة وتُوضح في قَول امرىء القيس:

 

فتُوضح فالمقراة لم يَغفُ رسمُها

 

لما نَسَجتها من جنوب وشَمـأل

 

قريتان من نواحي اليمامة، وقال السكَري في شرح هذا البيت الدخول فحومل- وتُوضح والمقراة- مواضع ما بين إمَرة وأسود العين.


المقرانة: حصن باليمن.


مُقُري: بضمتين وتشديد الراء بلد بأرض النوبة افتتحه عبد الله بن سعيد بن أبي سرح في سنة 31.


مَقر: بالفتح ثم السكون وهو في اللغة إنقاع السمك الملح في الماء والملح: موضع قرب فرات بادَقلاَ من ناحية البر من جهة الحيرة كانت بها وقعة للمسلمين وأميرهم خالد بن الوليد في أيام أبي بكر رضي الله عنه. فقال عاصم بن عمرو:

ألم تَرَنْا غداةَ المَفر فـئنـا

 

بأنهار وساكنها جـهـارا

قتلناهم بها ثم انـكـفـأنـا

 

إلى فم الفرات بما استجارا

لقينا من بني الأحرار فيهـا

 

فوارس ما يريدون الفرارا

 

المِقرُ: بكسر الميم وفتح القاف وتشديد الراء كذا ضبطه الحازمي: علم مرتجل لاسم جبل كاظمة في ديار بني دارم ولو كان من القرار والاستقرار لكان بفتح الميم، وقال العمراني مقر موضع بكاظمة، وقيل أكمة مشرفة على كاظمة، وفي شعر الراعي مقر وعليه:

وأنضاء أنخْنَ إلى سـعـيد

 

طُرُوقاً ثم عجلْنَ ابتكـارا

على كوارهن بنو سـبـيل

 

قليل نومُهـم إلا غِـرارا

حمدن مَزارَه ولقين منـه

 

عطاءً لم يكن عدَةَ ضِمارا

فصبحنَ المقرَ وهن خُوص

 

على روح تلقين الحَمَـارا

 

وقال: المقرَ موضع بالبصرة على مسيرة ليلتين وهو وسط كاظمة وعليه قبر غالب أبي الفرَزْدق كذا ضبط بفتح الميم والقاف وهذا مشتق. قال العمراني والمقرُ جبل كاظمة عن السكري بخط ابن أخي الشافعي قاله في شرح قول جرير:

تبدل يا فرَزدقُ مثل قومـي

 

لقومك إن قدِرْتَ على البدَالِ

فإن أصبحتَ تطلُب ذاك فانقُل

 

شَماماً والمقرَ إلـى وِعـال

 

مَقْرُون: من أقاليم الجزيرة الخضراء بالأندلس.


مَقرةُ: تأنيث المقر بالفتح وتشديد الراء وهو الموضع الذي يستقر فيه كأنه أنث لأنه بقعة أو أرض: موضع.


مَقرَةُ: بالفتح ثم السكون وتخفيف الراء كأنه إن كان عربياً من الاستنقاع تقول مقرت السمكة في الماء والملح مَقراَ إذا أنقَعتها فيه ومَقرَة:مدينة بالمغرب في بر البربر قريبة من قلعة بني حماد بينها وبين طُنبة ثمانية فراسخ وكان بها مسلحة للسلطان ضابطة للطريق. ينسب إليها عبد الله بن محمد بن الحسن المقري ذكره السلفي في تعاليقه.


مقرية: حصن من حصون اليمن بيد عبد علي بن عواض. المَقسُ: بالفتح ثم السكون وسين مهملة يقال مَقستُه في الماء مقساً إذ غططته فيه والمَقسُ كان في القديم يقعد عندها العامل على المَكس فقُلب وسمي المقس وهو: بين يدي القاهرة على النيل وكان قبل الإسلام يسمى أمُ دنين وكان فيه حصن ومدينة قبل بناء الفسطاط وحاصرها عمرو بن العاص وقاتله أهلها قتالاً شديداَ حتى افتتحها في سنة 25 للهجرة وأظنه غير قصر الشمع المذكور في بابه وفي بابليون.


المُقشَعِرُ: اشتقاقه معلوم بضم أوله وسكون ثانيه وشين معجمة وعين مكسورة وراء مشددة: من جبال القبلية عن الزمخشري عن الشريف عُلي.


مِقَصُ قرنٍ : جبل مطل على عرفات ذكر في قرن وأنشد ابن الأعرابي لابن عم خِمَاش بن زهير عن الأصمعي:

وكائن قد رأيتُ من أهل دار

 

دعاهم رائد لهمُ فـسـاروا

فأصبح عهدهم كمِقص قرنٍ

 

فلا عين تحـسُ ولا إثـارُ

فإنك لا يضيرك بعد حـول

 

أظبيٌ كان خالك أم حمـارُ

فقد لحق الأسافل بالأعالـي

 

وعاج اللوم واختلف النِجَارُ

وعاد العبد مثل أبي قُبـيس

 

وسِيقَ من المعلهجة العشارُ

 

قال فإن قرناً جبل صعب أملس ليس فيه أثر ولا مقص يقال قرن مقص للاثر يريد يقص فيه الأثر.


المُقَطعَةُ: قال حمزة هو: اسم قرية من قرى قُم وقاشان وفارسيها أقجوى ويزعمون أن مزْدك الزنديق اشترى بقية هذه القرية بدراهم مقطعة نزلت في ثَقْب المُنْخَل وتسمى أقجوى.


المُقطمُ: بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الطاء المهملة وفتحها وميم: وهو الجبل المشرف على القرافة مقبرة فسطاط مصر والقاهرة وهو جبل يمتد من أسوان وبلاد الحبشة على شاطىء النيل الشرقي حتى يكون منقطع طرف القاهرة ويسمى في كل موضع باسم وعليه مساجد وصوامع للنصارَى لكنه لا نبت فيه ولا ماء غير عين صغيرة تنز في دير للنصارى بالصعيد وقد ذكر قوم أنه جبل الزبرجد والله أعلم، والذي يتصور عندي أن هذا اسم أعجمي فإن كان عربياَ فهو من القَطم وهو العَضً بأطراف الأسنان والقطم تناوُلُ الحشيش بأدنى الفم فيجوز أن يكون المقطم الذي قُطم حشيشهُ أي أكل لأنه لا نبات فيه أو يكون من قولهم فحل قَطِمٌ وهو شدة اغتلامه فشبه بالفحل الأغلم لأنه اغتلم أي هزُلَ فلم يبق فيه دسم وكذلك هذا الجبل لا ماء فيه ولا مرعَى. قال الهُنَائيُ المقطم مأخوذ من القطم وهو القطع كأنه لما كان منقطع الشجر والنبات سمى مقطما. قلتُ وهذا شيء لم كن وقعت عليه عندما استخرجته وذكرته قبل ثم وقع لي قول الهنائي فقارب ما ذهبت إليه والله أعلم والحمد لله على التوفيق والله أسأل الهداية في جميع ما أعتمده إلى سواء الطريق، وظهر لي بعد ووجة آخر حسن وهو أن هذا الجبل كان عظيماً طويلاً ممتداً وله في كل موضع اسم يختصُ به فلما وصل إلى هذا الموضع قُطم أي قُطع عن الجبال فليس به إلا الفَضاء هذا من طريق اللغة، وأما أهل الشر فقال القُضاعي سمي بالمقطم بن مصر بن بيصر وكان عبداَ صالحاً انفرد بعبادة الله تعالى في هذا الجبل فسمي به وليس بصحيح لأنه لا يُعرَف لمصر ابن اسمه المقطم، وروى عبد الرحمن بن عبد الحكم عن الليث بن سعد قال سأل المُقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار فتعجب عمرو من ذلك وقال كتُبُ بذلك إلى أمير المؤمنين فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه أن سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي أرض لا تزرع ولا يستنبط فيها ماء ولا ينتفع بها فقال إنا نجدُ صِفَتَها في الكُتب وإنها غراس الجنة فكتب إلى عمر بذلك فكتب إليه عمر إنا لا نجد غراس الجنة إلا للمؤمنين فاقبر فيها من مات قبلك من المؤمنين ولا تَبعه بشيء فكان أول من قُبر فيها رجل من المعافر يقال له عامر فقيل عمرت فقال المقوقس لعمرو ما على هذا عاهدتني فقطع لهم الحد الذي بين المقبرة وبينهم يدفن فيه النصارى، وقُبر في مقبرة المقطم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عِمرو بن العاص وعبد الله بن الحارث الزبيدي وعبد الله بن حذافة السهمي وعقبة بن عامر الجُهَني، وقد روي عن كعب إنه قال جبل مصر مقدس وليس بمصر غيره، وقد ذكره أيمن بن خُرَيم في قوله يمدح بشر بن مروان:

 

ركبتُ من المقطم في جُمادى

 

إلى بشر بن مروان البـريدا

ولو أعطاك بشر ألف ألف

 

رأى حقا علـيه أن يزيدا

 

وقال الوزير الكامل أبو القاسم الحسين بن علي المغربي وكان الحاكم قتَل أهلَه بمصر:

إذا كنتُ مشتاقاً إلى الطفّ تائقـاً

 

إلى كَربَلا فانظر عراض المقطّم

ترى من رجال المغربي عصـابةَ

 

مضرَجة الأوساط والصدر بالدَم

 

وقال أيضاً يرثي أباه وعمه وأخاه:

تركتُ على رَغمي كراماَ أعزةً

 

بقلبي وإن كانوا بسفح المقطم

أراقوا دماهم ظالمين وقد دَرَوا

 

وما قتلوا غير العُلى والتكـرُم

فكم تركوا محراب آي معطَلاً

 

وكم تركوا مًن خَيمة لم تَتمـم

 

وقال شاعر يرثي إسحاق بن يحيى بن معاذ بن مسيلم الختلي والي مصر من قبل المتوكل وكان بها سنة 237.

سَقى الله ما بين المقطم فالـصـفـا

 

صفا النيل صَوبَ المُزْن حين يصُوب

وما بي أن تُسقى الـبـلاد وإنـمـا

 

أحاول أن يُسقى هـنـاك حـبـيبُ

فإن كنت يا إسحاق غِبتَ فلـم تـؤب

 

إلينا وسَفْـرُ الـمـوت لـيس يؤوب

فلا يُبعدَنْك اللـه سـاكـن حُـفْـرة

 

بمصر عليهـا جـنـدَل وجـنـوب

 

وقد ذكره المتنبي فقال يخاطب كافوراً الأخشيدي:

ولو لم تكن في مصر ما سرت نحوها

 

بقلب المشوق المستهام المـتـيهـمِ

ولا نَبحَتْ خـيلـي كـلابُ قـبـائل

 

كأن بها في الليل حـمـلاتِ ديلَـم

ولا اتبعـتْ آثـارَهـا عـينُ قـائفٍ

 

فلم تر إلا حافـراً فـوق مـنـسِـم

وَسَننا بها البيداءَ حتـى تَـغَـمَـرَت

 

من النيل واستَذْرَتْ بظل المقـطـم

 

مقلَّص: موضع في شعر أبي ذؤاد الأيادي حيث قال:

أقْفَرَ الخِب من منازل أسما

 

فجنبا مُقَلص فـظـلـيمُ

وترَى بالجواءٍ منها حُلـولاً

 

وبذات القصيم منها رُسومُ

 

مقلاصُ: بالكسر ثم السكون وآخره صاد مهملة: قرية من قرى جرجان.


مقَمل: بالضم ثم الفتح وكسر الميم وتشديدها ولام مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم بحمَى غَرَز النقيع.


مقنَاص: بعد القاف الساكنة نون: موضع في بلاد العرب. قال أعرابي من طيىءِ:

متى تريان أبرد حر قلبـي

 

بماءٍ لم تخوضـه الإمـاءُ

من اللائي يصل بها حصاها

 

جرى ماء بهُنَ وزل مـاءُ

بأبطَحَ بين مقـنـاص وإيرٍ

 

تنفْخ عن شرائعه السمـاء

 

مقنا: قرب أيلَةَ صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على ربع عروكهم والعروك حيث يصطاد عليه وعلى أن يعجل منهم ربع كراعهم وخلقهم، وقال الواقدي صالحهم على عروكهم وربع ثمارهم وكانوا يهوداً.


المُقَنعَةُ: بالضم ثم الفتح وتشديد النون يقال قَنّعَه الشيبُ إذا علا وقَنعه بالسوط إذا علاه به أيضاَ وهو ماء لبني عبس، وقال الأصمعي الفوَارة: قرية إلى جنب الظهران وحذاءها: ماءٌ يقال له المقنعة لبني خشرَم من بني عبس.


مقولة: من نواحي صنعاء اليمن. المِقيَاسُ: هو عمود من رخام قائمٌ في وسط بركة على شاطىء النيل بمصر له طريق إلى النيل يدخل الماء إذا زاد عليه وفي ذلك العمود خطوط معروفة عندهم يَعرفون بوصول الماء إليها مقدار زيادته فأقل ما يكفي أهل مصر لسنتهم أن يزيد أربعة عشر دراعأ فإن زادت ستة عشر دراعاً زرعوا بحيث يفضل عندهم قوت عام وأكثر ما يزيد ثمانية عشر ذراعاً والذراع أربعة وعشرون أصبعاً. قال القاضي القضاعي وكان أول من قاس النيل بمصر يوسف عليه السلام وبَنَى مقياسه بمنف وهو أول مقياس وضع وقيل إنه كان يقاس بأرض علوةَ بالرصاصة قبل ذلك ثم لما صار الأمر إلى دَلوكة العجوز التي ذكرتها في حائط العجوز بَنت مقياساً بأنْصِنا وهو صغير ومقياسأ آخر بإخميم وقيل إنهم كانوا يقيسون الماء قبل ذلك بالرصاصة قال ولم يزل المقياس.فيما مضى قبل الفتح بقيساريةِ الأكسية ومعالمه هناك باقية إلى أن ابتنى المسلمون بين الحصن والبحر أبنيتهم الباقية إلى الآن ثم ابتنى عمرو بن العاص عند فتحه مصر مقياساً بأسوان ثم بُني في أيام معاوية مقياس بانصنا ثم ابتنى عبد العزيز بن مروان مقياساً بحُلْوان وكانت منزله. قال فأما المقياس القديم الذي بالجزيرة فالذي وضع أساسه أسامة بن زيد التنوخي وهو الذي بنى بيت المال بمصر في أيام سليمان بن عبد الملك وكان بناؤه المقياس في سنة 97. قًال ابن بكير أدركت المقياس يقيس الماء بمنف ويدخل زيادته كل يوم إلى الفسطاط ثم بنى بها المتوكل مقياساً في سنة 247 وهو المقياس الكبير المعروف بالجديد وأمر أن يعزل النصارى عن قياسه فجعل على المقياس أبا الردَاد المعلم واسمه عبد الله بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي الرداد وأصله من البصرة ذكره ابن يونس وقال قدم مصر وحدث بها وجُعل على قياس النيل وأجرى عليه سليمان بن وهب صاحب خراج مصر يومئذ سبعة دنانير في كل شهر فلم يزل المقياس منذ ذلك الوقت في يد أبي الرداد وولده إلى الآن وتوفي أبو الرداد سنة 366. ثم ركب أحمد بن طولون سنة 259 ومعه أبو أيوب صاحب خراجه وبكار بن قُتيبة قاضيه فنظر إلى المقياس وأمر بإصلاحه وقدر له ألف دينار فعمر، وبنى الخازن في الصناعة مقياساً وأثره باقٍ ولا يعتمد عليه.


المَقِيَلةُ: بالفتح ثم الكسر: موضع على الفرات قرب الرقة به كان معسكر سيف الدولة بن حمدان في سنة 355 وعام الفداء الذي جمع فيه الأموال وفدى أسرَى المسلمين من الروم وكان فيهم أبو الفوارس ابن حمدان وغيره من أهله وأبى أن يفديهم ويترك غيرهم من المسلمين.