حـرف الـمـيـم: باب الميم والكاف وما يليهما

باب الميم والكاف وما يليهما

مَكَا: بالفتح يقال مَكِيَت يده تمكَا مكاً شديدأ إذا غلظت ومكا: جبل لهذيل.

مَكادةُ: بفتح أوله وتشديد ثانيه وبعد الألف دال مهملة: مدينة بالأندلس من نواحي طُلَيطلة هي الآن للأفرنج. قال ابن بشَكُوال: سعيد بن يمن بن محمد بن عدل بن رضا بن صالح بن عبد الجبار المُرادي من أهل مكادة يكنى أبا عثمان روى عن وهب بن مسرة وعبد الرحمن بن عيسى وغيرهما وتوفي في ذي القعدة سنة 437، وأخوه محمد بن يمن بن محمد بن عادل رحل إلى المشرق روى عن الحسن بن رشيق وعمرو بن المؤمَل وأبي محمد بن أي زيد وغيرهم وكان رجلاً صالحاً خطيباً بجامع مكادة حدث عنه جمعة ومات بعد سنة 450.

المَكتَبُ: من قرى ذي جِبلَة باليمن.

مَكتُومةُ: من الكتمان من. أسماء زمزم.

مكحُول: من مياه بني عدي بن عبد مناة باليمامة عن ابن أبي حفص.

مُكرَانُ: بالضم ثم السكون وراءٍ وآخره نون أعجمية وأكثر ما تجيءُ في شعر العرب مشددة الكاف واشتقاقها في العربية أن تكون جمع ماكر مثل فارس وفُرسان ويجوز أن تكون مكران جمع مَكر مثل وغكد ووُغْدان وبطن وبُطنان. قال حمزة قد أضيفت نواحِ إلى القمر لأن القمر هو المؤثر في الخصب فكل مدينة ذات خصب أضيفت إليه وذكر عدة مواضع ثم قال وماء كرمان هو الذي اختصروه فقالوا. مكران ومكران اسم لِسيف البحر وقد شددَ كافه الحكم بن عمرو التغلبي وكان قد افتتحها في أيام عمر فقال:

لقد شبعَ الأراملُ غير فخـر

 

بفيءٍ جاءهم من مُكـران

أتاهم بعد مسغـبة وجـهـد

 

وقد صفر للشتاء من الدخان

فإني لا يذم الجيش فعـلـي

 

ولا سيفي يُذم ولا سنـانـي

غداة أرفًع الأوباش رفـعـاً

 

إلى السند العريضة والمدان

ومهرَان لنا فـيمـا أردنـا

 

مطيع غير مسترخي الهَوان

 

وفي كتاب أحمد بن يحيى بن جابر ولى زياد بن أبي سفيان في أيام معاوية سِنَانَ بن سَلَمَة المحبق الهذلي وكان فاضلاً متألهاً وهو أول من أحلف الجند بطلاق نسائهم أن لا يهربوا فأتى الثغر وفتح مكران عنوة ومضرها وأقام بها وضبط البلاد وفيه قيل:

رأيت هذيلا أمعنَتْ في يمينهـا

 

طلاقَ نساءِ ما تسوقُ لها مهرَا

لهان علي حِلفَةُ ابن محـبـق

 

إذا رفعت أعناقها حُلقأ صُفرَا

 

وقال ابن الكلبي كان الذي فتح مكران حكيم بن جَبَلة العبدي ثم استعمل زياد على الثغر راشد بن عمر، الجديدي الأزدي فأتى مكران ثم غزا القِيقان فظفرث غزا السند فقتل وقام بأمر الناس سنان بن سلمة فولا زياد ابن أبيه الثغر وقام به سنتين وقال أعشى همدان في مكران:

وأنت تسير إلى مُـكـران

 

فقد شَحَطَ الوردُ والمصدَرُ

ولم تك من حاجتي مُكران

 

ولا الغزْوُ فيها ولا المتجَرُ

وحدثتُ عنها ولـم آتـهـا

 

فما زلتُ من ذكرها أخْبَرُ

بأن الكثـير بـهـا جـائعٌ

 

وأن القليل بها مُـعـوِرُ

 

وهذا نظم قول حكيم بن جبلة العبدي وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه أمر عبد الله بن عامر أن يوجه رجلاً إلى ثغر السند يعلم له علمه فوجه حكيم بن جبلة فلما رجع أوفدَه إلى عثمان فسأله عن حال البلاد فقال يا أمير المؤمنين قد عرفتها وخبرتها فقال صفها لي فقال ماؤها وشلٌ وتمرها دَقَل ولصها بَطَل إن قل الجيش فيها ضاعوا وإن كثروا جاعوا فقال عثمان أخابرٌ أم ساجع فقال بل خابر فلم يغزُها أحد في أيامه وأول ما غُزيت في أيام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كما ذكرنا. قال أهل السير سميت مكران بمكران بن فارك بن سام بن نوح عليه السلام أخي كرمان لأنه نزلها واستوطنها لما تبلبلت الألسن في بابل وهي ولاية واسعة تشتمل على مدُن وقرى وهي معدن الفانيذ ومنها ينقل إلى جميع البلدان وأجوده الماسكاني أحد مدنها وهذه الولاية بين كرمان من غربيها وسجستان شماليها والبحر جنوبيها والهند في شرقيها. قال الإصطخري مكران ناحية واسعة عريضة والغالب عليها المفاوز والضر والقحط والمتغلب عليها في حدرد سنة 345 رجل يعرف بعيسى بن معدان ويسمَى بلسانهم مهراً ومقامه بمدينة كيز وهي مدينة نحو من النصف من ملتان وبها نخيل كثيرة وهي فرضة مكران فأكبر مدينة بمكران القيرَبون وبها بيدُ وقصر فيد ودَرَكَ وفهلفهرة كلها صغار وهي جروم ولها رساتيق تسمَى الخروج ومدينتها راسِك ورستاق يسمَى جربان وبها فانيذ وقصب سكر ونخيل وعامة الفانيذ الذي يُحمل إلى الآفاق منها إلا شيء يسير يحمل من ناحية ماسكان وطول عمل مكران من التيز إلى قُصدان نحو اثنتي عشرة مرحلة، وإياها عَنَى عمرو بن معدي كَرب بقوله:

 

قوم هُمُ ضربوا الجبابر إذ بغـوا

 

بالمشرَفية من بنـي سـاسـان

حتى استبيح قرى السواد وفارس

 

والسهل والأجبال من مكـران

 

مَكرَانُ: بفتح أوله وسكون ثانيه وآخره نون هكذا وجدته في شعر الجميح منقذ بن طريف وهو. موضع في بلاد العرب فقال:

كأن راعِيَنَا يحدو بنـا حُـمُـراً

 

بين الأبارق من مَكران فاللوبِ

فإن تقري بها عينأ وتختفضـي

 

فينا وتنتظري كري وتقريبـي

 

مَكرُوثَا: بفتح أوله وسكون ثانيه وراءٍ مهملة وثاءٍ مثلثة: موضع في ديار بني جحاش رهط الشماخ. قال كعب بن زهير:

صَبحنا الحي حي بني جحاش

 

بمكـروثـاء داهـيةَ نـآدا

 

مَكزُ: بالزاي: مدينة بمكران وبها مقام سلطانها كذا قال الراوي.


مُكسُ: موضع بأرمينية من ناحية البُسفُرجان قرب قاليقلا. قال البُحتري:

مُغَلق بابُه على جبل القـب

 

ق إلى دارتي خِلاط ومُكس

 

وفي الفتوح أن حبيب بن مسلمة سار إلى الصينانة فلقيه صاحب مكس وهي ناحية من نواحي البسفرجان فقاطعه على بلاده.


المكسَرُ: من. أعمال المدينة. قال الأحوَص:

أمن عرفـات آيات ودور

 

تلوح بني المكسر بالبدور

 

مُكَشحَةُ: بضم أوله وفتح ثانيه وشين معجمة مشددة مفتوحة وحاء مهملة: موضع باليمامة. قال الحفصي هو نخل في جزع الوادي قريباً من أشي. قال زياد بن مُنقذ العدَوي:

يا ليت شعريَ عن جَنبَيْ مُكَشحة

 

وحيث تُبنى من الحناءَة الأطـمُ

عن الأشاءة هل زالت مُخارمها

 

وهل تَغير من آرامـهـا إرَمُ

 

مَكمِن: بفتح أوله وسكون ثانيه وكسر الميم الثانية ونون اسم الموضع من كمن يكمن. قال أبو عبد الله السكوني المكمن. ماءٌ غربي المغيثة والعقبة على سبعة أميال من اليحموم واليحموم على سبعة أميال من السندية وهو ماء عذب. ودارة مكمن في بلاد تيس. قال الراعي:

بدارة مكمن ساقت إليهـا

 

رياحُ السيف آراماً وعِينا

 

مِكْنَاسَةُ: بكسر أوله وسكون ثانيه ونون وبعد الألف سين مهملة: مدينة بالمغرب في بلاد البربر على البر الأعظم بينها وبين مرَاكش أربع عشرة مرحلة نحو المشرق وهي مدينتان صغيرتان على ثنية بيضاهَ بينهما حصنُ جواد اختط إحداهما يوسف بن تاشفين ملك المغرب من الملثمين والأخرى قديمة وأكثر شجرها الزيتون ومنها إلى فاس مرحلة واحدة، وقال أبو الإصبع سعد الخير الأندلسي مكناسة حصن بالأندلس من أعمال ماردة قال وبالمغرب. بلدة أخرى مشهورة يقال لها مكناسة الزيتون حصينة مكينة في طريق المار من فاس إلى سَلاَ على شاطىء البحر فيه مرسى للمراكب ومنها تجلب الحنطة إلى شرق الأندلس.


مَكنُونَةُ: بالفتح ثم السكون ونونان بينهما واو ساكنة كأنه من كَننت الشيء وكننته إذا سترته وصُنته وهو من أسماء زمزم.


مَكةُ: بيت الله الحرام. قال بطليموس طولها من جهة المغرب ثمان وسبعون درجة وعرضها ثلاث وعشرون درجة وقيل إحدى وعشرون تحت نقطة السرطان طالعها الثَريا بيت حياتها الثور وهي في الإقليم الثاني.أما اشتقاقها ففيه أقوإل. قال أبو بكر بن الأنباري سميت مكة لأنها تمُك الجبارين أي تذهب نخوتهم ويقال إنما سميت مكة لازدحام الناس بها من قولهم قد امتك الفصيل ضرع أمه إذا مصه مصا شديداً وسميت بمكة لازدحام الناس بها قاله أبو عبيدة وأنشد:

إذا الشريب أخذته أكة

 

فخله حتى يبك بـكة

 

ويقال مكة اسم المدينة وبكْة اسم البيت، وقال اَخرون مكة هي بكة والميم بدل من الباء كما قالوا ما هذا بضربة لازب ولازم، وقال أبو القاسم هذا الذي ذكره أبو بكر في مكة وفيها أقوال أخر نذكرها لك قال الشرقي بن القطاقي إنما سميت مكة لأن العرب في الجاهلية كانت تقول لا يتم حجنا حتى نأتي مكان للكعبة فنمك فيه أي نصفر صفير المكاء حول الكعبة وكانوا يصفرون ويصفقون بأيديهم إذا طافوا بها والمكاء بتشديد الكاف طائر يأوي الرياض. قال أعرابيٌ ورد الحضر فرأى مُكاءً يصيح فحن إلى بلاده فقال:

ألا آيها المكاءُ ما لـك هـهـنـا

 

ألاة ولا شـيح فـأين تـبــيضُ

فاصعد إلى أرض المكاكي واجتنب

 

قرى الشام لا تصبح وأنت مريضُ

 

والمكاءُ بتخفيف الكاف والمد الصفير فكأنهم كانوا يحكون صوت المكاء ولو كان الصفير هو الغرض لم يكن مخففاً وقال قوم سميت مكة لأنها بين جبلين مرتفعين عليها وهي في هَبطة بمنزلة المكوك والمكوك عربي أو معرب قد تكلمت به العرب وجاء في أشعار الفصحاء. قال الأعشى:

 

والمكاكي والصِحاف من الـف

 

ضة والضامرات تحت الرحال

 

قال وأما قولهم إنما سميت مكة لازدحام الناس فيها من قولهم قد أمتك الفصيل ما في ضرع أمه إذا مص مصاً شديداً فغلط في التأويل لا يشيه مص الفصيل الناقةَ بازدحام الناس وإنما هما قولان يقال سميت مكة لازدحام الناس فيها ويقال أيضأ سميت مكة لأنها عبدت الناس فيها فيأتونها من جميع الأطراف من قولهم أمتك الفصيل مخلاف الناقة إذا جذب جميع ما فيها جذباَ شديداً فلم يُبق فيها شيئاً وهذا قول أهل اللغة، وقال آخرون سميت مكة لأنه لا يفجر بها إلآ بكت عنقه فكان يصبح وقد التوت عنقه، وقال الشرقي روي أن بكة اسم القرية ومكة مغزىَ بذي طُوى لا يراه أحد ممن مرَ من أهل الشام والعراق واليمن والبصرة وإنما هي أبيات في أسفل ثنية ذي طُوىً، وقال آخرون بكة موضع البيت وما حول البيت مكة قال وهذه خمسة أقوال في مكة غير ما ذكره ابن الأنباري، وقال عبيد اللهَ الفقير إليه ووجدت أنا أنها سميت مكة من مك الثدي أي مصه لقلة مائها لأنهم كانوا يمتكون الماء أي يستخرجونه وقيل إنها تذهب الذنوبَ أي تذهب بها كما يمُك الفصيل ضرع أمه فلا يبقى فيه شيئاَ وقيل سميت مكة لأنها تمك من ظلم أي تنقصه وينشد قول بعضهم:

 

يا مكة الفاجرَ مكي مكا

 

ولا تمكي مذْحِجاَ وعكا

 

وروي عن مغيرة بن إبراهيم قال بكة موضع البيت وموضع القرية مكة وقيل إنما سميت بكة لأن الأقدام تبك بعضها بعضاَ، وعن يحيى بن أبي أنيسة قال بكة موضع البيت ومكة هو الحرم كله، وقاد زيد بن أسلم بكة الكعبة والمسجد ومكة ذو طوى وهو بطن الوادي الذي ذكره اللهَ تعالى في سورة الفتح ولها أسماء في ذلك وهي مكة وبكة والنساسة وأمُ رُحم وأم القرى ومعاد والحاطمة لأنها تحطم من استخف بها وسمي البيت العتيق لانه عتق من الجبابرة والراس لأنها مثل رأس الإنسان والحرم وصلاَح والبلد الأمين والعرش والقادس لأنها تقدس من الذنوب أي تطهر والمقدسة والناسة والباسة بالباء الموحدة لأنها تبس أي تحطم الملحدين وقيل تخرجهم وكُوثى باسم بقعة كانت منزل بني عبد الدار والمذهَب في قول بشر بن أبي خازم:

 

وما ضم جياد المصلى أو مذهَبُ

 

وسماها اللهَ تعالى أم القرى فقال: "لتنذر أم القرى ومن حولها" الأنعام: 92، وسماها اللهَ تعالى البلد الأمين في قوله تعالى: "والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين " التين: 1، 3، وقال تعالى:" ألا أقسم بها البلد وأنت حل بهذا البلد" البلد: ا، 2، وقال تعالى: "وليطوفوا بالبيت العتيق " الحج: 29، وقال تعالى: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس" المائدة: 97، وقال تعالى: على لسان إبراهيم عليه السلام " رب اجعل هذا البلد اَمناً واجنبني وبنىِ أن نعبد الأصنام" إبراهيم: 35، وقال تعالى أيضا على لسان إبراهيم عليه السلام "ربنا إني لسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم " إبراهيم: 37، الآية ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وقف على الحزورة قال إني لأعلم أنك أحب البلاد إلي وأنك أحب أرض اللهَ إلى الله ولولا أن المشركين أخرجوني منك ما خرجت، وقالت عائشة رضي الله عنها لولا الهجرة لسكنتُ مكة فإني لم أر السماء بمكان أقرب إلى الأرض منها بمكة ولم يطمئن قلبي ببلد قط ما اطمأن بمكة ولم أر القمر بمكان أحسن منه بمكة، وقال ابن أم مكتوم وهو آخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف:

يا حبذا مـكة مـن وادي

 

أرض بها أهلي وعُوادي

أرض بها ترسخ أوتـادي

 

أرض بها أمني بلا هادي

 

ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة هو وأبو بكر وبلال فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كل امرىء مصبح في أهلـه

 

والموت أدنى من شراكِ نعلِهِ

 

وكان بلال إذا انقشعت عنه رفع عقيرته، وقال:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

 

بفخْ وعندي إذخر وجـلـيلُ

وهل أردنْ يوماَ مياه مَجـنْة

 

وهل يَبدوَنْ لي شامةٌ وطفيلُ

 

اللهم العن شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمَية بن خلف كما أخرجونا من مكة ووقف رصول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح على جمرة العقبة وقال واللهَ إنك لخير أرض الله وإنك لأحب أرض الله إليَ ولو لم اخرَج ما خرجت إنها لم تحل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد كان بعدي وما أحلت لي إلا ساعة من نهار ثم هي حرام لا يعضد شجرها ولا يحتش خلالها ولا تلتقط ضالتها إلا لمنشد فقال رجل يا رسول اللهَ إلا الإذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا فقال صلى الله عليه وسلم إلا الإذخر وقال صلى الله عليه وسلم من صبر على حر مكة ساعة تباعدت عنه جهنم مسيرة مائة عام وتقربت منه الجنة مائتي عام، ووجد على حجر فيها كتاب فيه أنا الله رب بكة الحرام وضعتها يوم وضعتُ الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاءَ لا تزال أخشباها مبارك لأهلها في الحمإ والماء، ومن فضائله أنه من دخله كان آمناً ومن أحدث في غيره من البلدان حدثاً ثم لجأ إليه فهو آمن إذا دخله فإذا خرج منه أقيمت عليه الحدود ومن أحدث فيه حدثاً أخذ بحدثه وقوله تعالى: "وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً" القصص: 59 وقوله: "لتنذر أم القرى ومن حولها " الأنعام: 92، دليل على فضلها على سائر البلاد، ومن شرفها أنها كانت لقاحاً لا تدين لدين الملوك ولم يؤد أهلها إتاوة ولا ملكها ملك قط من سائر البلدان تحج إليها ملوك حمير وكندة وغسان ولخم فيدينون للحُمى من قريش ويرون تعظيمهم والاقتداء بآثارهم مفروضاً وشرفاً عندهم عظيماً وكان أهله آمنين يَغزون الناس ولا يُغزون ويسبون ولا يُسبَون ولم تسبَ قرَشية قط فتُوطأ قهراَ ولا يجال عليها السهام، وقد ذكر عزهم وفضلهم الشعراء، فقال بعضهم:

أبوا عين الملوك فهم لَقـاح

 

إذا هيجوا إلى حرب أجابوا

 

وقال الزِبرِقان بن بدر لرجل من بني عوف كان قد هَجا أبا جهل وتناوَلَ قريشأ:

أتدري مَن هَجوت أبا حبيب

 

سليلَ خضارم سكنوا البطاحا

أزادَ الركبِ تذكر أم هشامـاً

 

وبيت الله والبلد اللـقـاحـا

 

وقال حرب بن أمَية ودعا الحضرمي إلى نزول مكة وكان الحضرمي قد حالف بني نفاثة وهم حلفاءُ حرب بن أمية وأراد الحضرمي أن ينزل خارجاً من الحرم وكان يكنى أبا مطر فقال حرب:

أبا مطر هَلم إلى الصـلاح

 

فيكفيك الندامَى من قـريش

وتنزل بلدةَ عـزت قـديمـاً

 

وتأمن أن يزورك رب جَيش

فتأمن وَسطهم وتعيش فيهـم

 

أبا مطر هدِيتَ بخير عَـيش

 

ألا ترى كيف يُؤمنه إذا كان بمكة ومما زاد في فضلها وفضل أهلها ومباينتهم العرب أنهم كانوا حلفاء . متألفين ومتمسكين بكثير من شريعة إبراهيم عليه السلام ولم يكونوا كالأعراب الأجلاف ولا كمن لا يوقره دين ولا يزينه أدب وكانوا يختنون أولادهم ويحجون البيت ويقيمون المناسك ويكفنون موتاهم ويغتسلون من الجنابة وتبرأوا من الهربذة وتباعدوا في المناكح من البنت وبنت البنت والأخت وبنت الأخت غيرة وبعداً من المجوسية ونزل القرآن بتوكيد صنيعهم وحسن اختيارهم وكانوا يتزوجون بالصداق والشهود ويطلقون ثلاثاً ولذلك قال عبد اللهَ بن عباس وقد سأله رجل على طلاق العرب فقال كان الرجل يطلق امرأته تطليقة ثم هو أحق بها فإن طلقها اثنتين فهو أحق بها أيضاَ فإن طلقها ثلاثاً فلا سبيل له إليها، ولذلك قال الأعشَى:

أيا جارتي بِيني فـإنـكِ طـالـقة

 

كفاك أمورُ الناس غادٍ وطـارقة

وبِيني فقد فارقـتِ غـير ذمـيمة

 

وموموقة منا كما أنـت وامـقة

وبِيني فإن البَينَ خير من العَـصـا

 

وأن لا تري لي فوق رأسك بارقة

 

ومما زاد في شرفهمِ أنهم كانوا يتزوجون في أي القبائل شاؤوا ولا شَرط عليهم في ذلك ولا يزوجون أحدآ حتى يشرطوا عليه بأن يكون متحمساَ على دينهم يرون أن ذلك لا يحل لهم ولا يجوز لشرفهم حتى يدين لهم وينتقل إليهم والتحمس الشديد في الدين ورجل أحمَسُ أي شجاع فحمسوا خزاعة ودانت لهم إذ كانت في الحرم وحمسوا كنانة وجديلة قيس وهم فهم وعَدوان ابنا عمرو بن قيس بن عيلان وثقيفأ لأنهم سكنوا الحرم وعامر بن صعصعة وإن لم يكونوا من ساكني الحرم فإن أمَهم قرشية وهي مجد بنت تيم بن مرة وكان من سُنة الحصى أن لا يخرجوا أيام الموسم إلى عرفات إنما يقفون بالمزدلفة وكانوا لا يسلأون ولا يأقطون ولا يرتبطون عنزاً ولا بقرةَ ولا يغزلون صوفاً ولا وبراً ولا يدخلون بيتاً من الشعرِ والمدر وإنما يكتنون بالقباب الحُمر في الأشهر الحرم ثم فرضوا على العرب قاطبة أن يطرحوا أزواد الحل إذا دخلوا الحرم وأن يخلوا ثياب الحل ويستبدلوها بثياب الحرم إما شرىً وإما عارية وإما هبةً فإن وجدوا ذلك وإلا طافوا بالبيت عَرايا وفرضوا على نساءِ العرب مثل ذلك إلا أن المرأة كانت تطوف في درع مفرّج المقاديم والمآخير. قالت امرأة وهي تطوف بالبيت:

اليوم يبدو بعضه أو كُلهُ

 

وما بدا منه فلا أحلـهُ

أخثَمُ مثل القعب باد ظلُه

 

كأن حُمى خَيبر تملـهُ

 

وكلفوا العرب أن تفيض من مزدلفة وقد كانت تفيض من عرفة أيام كان المُلك في جرهُم وخزاعة وصدراً من أيام قريش فلولا أنهم أمنع حي من العرب لما أقرتهم العرب على هذا العز والإمارة مع نَخوة العرب في إبائها كما أجلَى قُصي خزاعة وخزاعةُ جُرهُماً فلم تكن عيشتهم عيشة العرب يهتبدون الهبيد ويأكلون الحشرات وهم الذين هشموا الثريد حتى قال فيهم الشاعر:

 

عمرو العُلى هشم الثريدَ لقومه

 

ورجالُ مكة مسنتون عِجافُ

 

حتى سمي هاشماً وهذا عبد الله بن جُدعان التَيمي يُطعم الرغوَ والعسل والسمن ولب البر حتى قال فيه أمية بن أبي الصَلت:

 

له داع بمكة مشـمـعِـل

 

وآخر فوق دارته يُنـادي

إلى ردح مِن الشيزي مِلاء

 

لُباب البر يُلْبَكُ بالشـهـاد

 

وأول من عمل الحريرة سُوَيد بن هرمي ولذلك قال الشاعر لبني مخزوم:

وعلمتُم كل الحرير وأنـتـمُ

 

أعلى عداة الدهر جد صِلاَب

 

والحريرة: أن تنصب القدر بلحم يقَطًع صغاراً على ماءٍ كثير فإذا نَضجَ ذر عليه الدقيق فإن لم يكن لحم فهو عصيدة وقيل غير ذلك، وفضائل قريش كثيرة وليس كتابي بصددها، ولقد بلغ من تعظيم العرب لمكة أنهم كانوا يَحجون البيت ويعتمرون ويطوفون فإذا أرادوا الانصراف إخذ الرجل منهم حجراً من حجارة الحرم فنَحته على صورة أصنام البيت فيحفى به في طريقه ويجعله قبلة ويطوفون حوله ويتمسحون به ويصلون له تشبيهاً له بأصنام البيت وأفضى بهم الأمر بعد طول المدة أنهم كانوا يأنفون الحجر من الحرم فيعبدونه فذلك كان أصل عبادة العرب للحجارة في منازلهم شغفاً منها بأصنام الحرم، وقد ذكرت كثيراً من فضائلها في ترجمة الحرم والكعبة فأغنى عن الاعادة، وأما رؤساءُ مكة فقد ذكرناهم في كتابنا المبدإ والمآل وأعيد ذكرهم ههنا لأن هذا الموضع مفتقرَ إلى ذلك. قال أهل الإتقان من أهل السبر إن إبراهيم الخليل لما حمل ابنه إسماعيل عليه السلام إلى مكة كما ذكرنا في باب الكعبة من هذا الكتاب جاعت جرهُم وقَطُوراءُ وهما قبيلتان من اليمن وهما ابنا عم وهما جرهم بن عامر بن سبإ بن يقطن بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام وقَطُوراء فرأيا بلد ذا ماءٍ وشجر فنزلا ونكح إسماعيل في جرهُم فلما تُوُفي ولي البيت بعده نابت بن إسماعيل وهو أكبر ولده ثم ولي بعده مضاض بن عمرو الجرهمي خال ولد إسماعيل ما شاءَ اللهَ أن يليه ثم تنافست جرهم وقطوراء في الملك وتداعوا للحرب فخرجت جرهم من قُعيقعان وهي أعلى مكة وعليهم مضاض بن عمرو وخرجت قطوراء من أجياد وهي أسفل مكة وعليهم السميدَع فالتقوا بفاضح واقتتلوا قتالاَ شديداً فقُتل السميدع وانهزمت قطوراء فسمي الموضع فاضحاٌ لأن قطوراء افتضحت فيه وسميت أجياد أجياداَ لما كان معهم من جياد الخيل وسميت قعيقعان لقعقعة السلاح ثم تداعوا إلى الصلح واجتمعوا في الشعب وطبخوا القدور فسمي المطابخ. قالوا ونشر الله ولد إسماعيل فكثروا وربلوا ثم انتشروا في البلاد لا يُناوئون قوماَ إلا ظهروا عليهم بدينهم. ثم إن جرهما بغوا بمكة فاستحلوا حرامأ من الحرمة فظلموا من دخلها وأكلوا مال الكعبة وكانت مكة تسمى النسناسة لا تُقِر ظلماً ولا بغيا ولا يبغي فيها أحل على أحد إلا أخرجته فإن بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة بن غسان وخزاعة حُلولاً حول مكة فآذنوهم بالقتال فاقتتلوا فجعل الحارث بن عمرو بن مضاض الأصغر يقول:

 

لا هم إنْ جُرهما عبادك

 

الناس طرفٌ وهمُ تِلادك

 

فغلبتهم خزاعة على مكة ونفتهُم عنها. ففي ذلك يقول عمرو بن الحارث بن عمرو بن مضاض الأصغر:

كأن لم يكن بين الحَجون إلى الصفا

 

أنيس ولمٍ يسمر بـمـكة سـامـرُ

ولم يتربع واسطـا فـجـنـوبـه

 

إلى السر من وادي الأراكة حاضرُ

بلى نحنُ كنا أهلَـهـا فـأبـادنـا

 

صروفُ الليالي والجدودُ العواثـرُ

وأبدلنـا ربـي بـهـا دار غـربةٍ

 

بها الجوعُ بادِ والعدوُ المحـاصـرُ

وكنا وُلاةَ البيت من بعـد نـابـت

 

نطوف بباب البيت والخير ظاهـرُ

فأخرجَنا منها المـلـيكُ بـقـدرة

 

كذلك ما بالناس تجري المـقـادر

فصرنا أحاديثاَ وكـنـا بـغِـبـطة

 

كذلك عَضتنا السنون الـغـوابـرُ

وبدلنا كـعـبٌ بـهـا دارَ غُـربة

 

بها الذئب يعوي والعدوُ المكـاثـرُ

فسحت دموع العين تجري لبـلـدة

 

بها حَرم أمن وفيها المـشـاعـرُ

 

ثم وليت خزاعة البيت ثلاثمائة سنة يتوارثون ذلك كابراً عن كابر حتى كان اَخرهم حُليل بن حبشية بن سَلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة وهو خزاعة بن حارثة بن عمرو مزيقياء الخزاعي وقريش إذ ذاك هم صريحُ ولد إسماعيل حُلول وصرم وبيوتات متفرقة حوالي الحرم إلى أن أدرك قُصي بن كلاب بن مرَة وتزوج حبَى بنت حُليل بن حبشية وولدت بنيه الأربعة وكَثُر ولده وعظم شرفه ثم هلك حليل بن حبشية وأوصى إلى ابنه المحتَرش أن يكون خازناَ للبيت وأشرك معه غبشان الملكاني وكان إذا غاب أحجب هذا حتى هلك الملكاني فيقال أن قُصَيا سقى المحترش الخمر وخدَعه حتى اشترى البيت منه بدَن خمر وأشهد عليه وأخرجه من البيت وتملك حجابته وصار رب الحكم فيه فقُصي أول من أصاب الملك من قريش بعد ولد إسماعيل وذلك في أيام المنذر بن النعمان على الحيرة والملك لبهرام جور في الفرس، فجعل قصي مكة أرباعاَ وبَنى بها دار الندوَة فلا تزوج امرأة إلا في دار الندوة ولا يعقد لواءٌ ولا يعذر غلام ولا تدَرع جارية إلا فيها وسميت الندوة لأنهم كانوا ينتدون فيها للخير والشر فكانت قريش تُؤدي الرفادة إلى قصي وهو خرج يخرجونه من أموالهم يترافدون فيه فيصنع طعاماً وشراباً للحاج أيام الموسم، وكانت قبيلة من جُرهم اسمها صوفة بقيت بمكة تلي الإجازة بالناس من عرفة مدة وفيهم يقول الشاعر:

 

ولا يريمون في التعريف موقعهم

 

حتى يقال أجيزوا اَل صوفانـا

 

ثم أخذتها منهم خزاعة وأجازوا مدة ثم غلبهم عليها بنو عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان وصارت إلى رجل منهم يقال له أبو سَيارة أحد بني سعد بن وابش بن زيد بن عدوان، وله يقول الراجز:

خلوا السبيل عن أبي سيارَة

 

وعن مواليه بني فَـزَارَة

حتى يجيز سالماً حِمـاره

 

مستقبل الكعبة يدعو جارَه

 

وكانت صورة الإجازة أن يتقدَمهم أبو سيارة على حماره ثم يخطبهم فيقول اللهم أصلح بين نسائنا وعادِ بين رعائنا واجعل المال في سُمحائنا وأوفوا بعهدكم وأكرموا جاركم. واقروا ضيفكم ثم يقول أشرق ثبير كيما نغير ثم ينفذ ويتبعه الناس، فلما قوي أمر قصي أتى أبا سيارة وقومه فمنعه من الإجازة وقاتلهم عليها فهزمهم فصار إلى قصي البيت والرفادة والسقاية والندوة واللواء، فلما كبر قصي ورق عظمه جعل الأمر في ذلك كله إلى ابنه عبد الدار لأنه أكبر ولده وهلك قصي وبقيت قريش على ذلك زماناً ثم إن عبد مناف رأى في نفسه وولده من النباهة والفضل ما دلهم على أنهم أحق من عبد الدار بالأمر فأجمعوا على أخذ ما بأيديهم وهَموا بالقتال فمشَى الأكابر بينهم وتداعوا إلى الصلح على أن يكون لعبد مناف السقاية والرفادة وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار وتعاقدوا على ذلك حلفاً مؤكداً لاينقضونه ما بل بحر صوفة فأخرجت بنو عبد مناف ومن تابعهم من قريش وهم بنو الحارث بن فهر وأسد بن عبد العزى وزُهرة بن كلاب وتيم بن مرة جفنةً مملؤَة طيباً وغمسوا فيها أيديهم ومسحوا بها الكعبة توكيداً على أنفسهم فسموا المطيبين وأخرجت بنو عبد الدار ومن تابعهم وهم مخزوم بن يقظة وجُمَح وسهم وعدي بن كعب جفنة مملوءة دماً وغمسوا فيها أيديهم ومسحوا بها الكعبة فسموا الأحلاف ولَعَقَة الدم ولم يل الخلافة منهم غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه والباقون من المطيبين فلم يزالوا على ذلك حتى جاءَ الإسلام وقريش على ذلك حتى فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة في سنة ثمان للهجرة فأقر المفتاح في يد عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ المفاتيح منه عام الفتح فأنزلت" إن الله يأمركم أن تُؤدوا الأمانات إلى أهلها" النساء: 58 فاستدعاه ورد المفاتيح إليه وأقر السقاية في يد العباس فهي في أيديهم إلى الآن، وهذا هو كافٍ من هذا البحث، وأما صفتها يعني مكة فهي مدينة في واد والجبال مشرفة عليها من جميع النواحي محيطة حول الكعبة وبناؤها من حجارة سود وبيض وعلوها آجر كثيرة الأجنحة من خشب الساج وهي طبقات لطيفة مبيضة حارة في الصيف إلا أن ليلها طيب وقد رفع الله عن أهلها مؤونة الاستدفاءِ وأراحهم من كلف الاصطلاءِ وكل ما نزل عن المسجد الحرام يسمونه المسفلة وما ارتفع عنه يسمونه المعلاة وعرضها سعة الوادي والمسجد في ثلثي البلد إلى المسفلة والكعبة في وسط المسجد وليس بمكة ماء جارٍ ومياهها من السماء، وليست آبار يشربون منها وأطيبها بئر زمزم ولا يمكن الإدمان على شربها وليس بجميع مكة شجر مثمر إلا شجر البادية فإذا جُزْت الحرم فهناك عيون وآبار وحوائط كثيرة وأودية ذات خضر ومزارع ونخيل وأما الحرم فليس به شجر مثمر إلا نخيل يسيرة متفرقة، وأما المسافات فمن الكوفة إلى مكة سبع وعشرون مرحلة وكذلك من البصرة إليها ونقصان يومين ومن دمشق إلى مكة شهر ومن عدن إلى مكة شهر وله طريقان أحدهما على ساحل البحر وهو أبعَدُ والآخر يأخذ على طريق صنعاء وصعدة ونجران والطائف حتى ينتهي إلى مكة ولها طريق آخر على البوادي تهامة وهو أقرب من الطريقين المذكورين أولاً على أنها على أحياء العرب في بواديها ومخالفها لا يسلكها إلا الخواص منهم وأما أهل حضرموت ومهرَةَ فإنهم يقطعون عرض بلادهم حتى يتصلوا بالجادة التي بين عدن ومكة والمسافة بينهم إلى الأمصار بهذه الجادة من نحو الشهر إلى الخمسين يوماً وأما طريق عُمَان إلى مكة فهو مثل طريق دمشق صعب السلوك من البوادي والبراري القفر القليلة السُكان وإنما طريقهم في البحر إلى جدة فإن سلكوا على السواحل من مهرة وحضرموت إلى عدن بَعُدَ عليهم وقل ما يسلكونه وكذلك ما بين عُمَان والبحرين فطريق شاق يصعب سلوكه لتمانع العرب فيما بينهم فيه.


مُكيمِنٌ : تصغير مَكمَن يقال له مكيمن الجمَاءِ: في عقيق المدينة وقد رده إلى مكبره سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت في قوله:

 

عَفَا مكمنُ الجماء من أم عامر

 

فسلعٌ عفا منها فحرةُ واقـم

 

وجاء به عدي بن الرقاع على لفظه فقال:

أطَربتَ أم رفعَتْ لعينك غدوةً

 

بين المكيمن والزجَيح حُمولُ

زَجَلاً تراوحها الحداة فحبسُها

 

وضَح النهار إلى العشي قليلُ