حـرف الـنـون: باب النون والياء وما يليهما

باب النون والياء وما يليهما

نَيَات: موضع في بلاد فَهم في أخبارهذَيل.

نِيار: بالكسر والتخفيف: أطُمُ نيار بالمدينة وهو في بيوت بني مَجدعة من الأنصار عن الزهرى نِيازَى: بكسر النون وبعد الألف زاي مفتوحة: قرية كبير بين كس و نسف ينسب إليها نيازكي وربما قيل نيازه وربما ينسب إليها نيازوي. ينسب إليها أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسن بن حامد بن هارون بن المنذر بن عبد الجبار النيازكي الكرميني من كرمينب يروي عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الجليل النسفي والهيثم بن كليب الشاشي وغيرهما روى عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن غنجة وأبو العباس المستغفري ومات سنة 399 بكَرمينية.

نِيَاستر: بالكسر والسين المهملة وتاءٍ مثناة من فوقها وراءٍ : قلعة بين قاشان وقم.

نِيَاع: بالكسر كأنه جمع النون واختُلف فيه فقيل هو الجوع وقيل هو العطش وهو بالعطش أشبه كقولهم جائع نائع فلو كان هو الجوع لم يحسن تكريره وإن كان مع اختلاف اللفظين يحسن التكرار: وهو موضع في قول كثير:

أأطلال دار بالنـياع فـحـمَة

 

سألت فلما استعجمتْ ثم صُمَتِ

 

ويروى النباع بالباء وحُمة: موضع أيضاً.


نَيانُ: كأنه فَعلان من النيىءِ ضد النضج: موضع في بادية الشام في قول الكُمينت:

من وحش نيانَ أو من وحش ذي بقر

 

أفنى خلائله الإشـلاءُ والـطـرَدَ

 

وقال أبو محمد الحسن بن أحمد الأعرابي الغُنْدِجاني نيان جبل في بلاد قيس وأنشد:

ألا طرقت ليلى بنيانَ بعدمـا

 

كسا الليل بيداً فاستوَت وأكاما

 

وقال ابن مَيادة:

وبالغمر قد جازت وجازَ حمولها

 

فسقى الغوادي بطنَ نيانَ فالغمر

 

وهذه مواضع قرب تيماء بالشام.


النيبطن: محلة بدمشق. ينسب إليها عمرو بن سعيد بن جندُب بن عزيز بن النعمان الأزدي النيبطني حدث عن أبيه روى عنه حفص.


نيبطون: من محال دمشق قرب المرَبّعة وقنطرة بني مدلج وسوق الأحد في شرقي جَيرُون قرب الأساكفة العتق.


نيرنا: بكسر النون وسكون الياء وفتح الراء وباءٍ موحدة مقصورة: قرية كبيرة ذات بساتين من شرقي قرى الموصل من كورة المرج. نيربُ: بالفتح ثم السكون وفتح الراءِ وباء موحدة وهو الحِقد والحسد في موضعين: قرية مشهورة بدمشق على نصف فرسخ في وسط البساتين أنزَهُ موضع رأيته يقال فيه مُصلى الخضرعلية السلام. ينسب إليه أبو محمد عبد الهادي بن عبد الله الرومي النيرَبي كان اسمه خُلَيعاً فلماعتق سمي بعبد الهادي سمع أبا طاهر محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي ذكره أبو سعد في "شيوخه" وكان حتا سنة 505. وقد ذكرها أبو المطاع وجيه الدولة بن حمدان في شعر له وسماها النيربين بلفظ التثنية فقال:

 

سقى الله أرض الغُوطتين وأهلها

 

فلي بجنوب الغوطتين شجـونُ

فما ذكرتها النفسُ إلا استخقنـي

 

إلى برد ما النيرَبـين حـنـينُ

وقد كان شَكي للفراق يرُوعنـي

 

فكيف يكون اليوم وهـو يقـينُ

 

النيرُ: بالكسر ثم السكون وراءٍ بلفظ نير النوب وهو عَلَمُه والنير أيضاً خشب عليه عقود خيوط يستعمله الحائكُ ويجوز أن يكون نير منقولاً عن فعل ما لم يسمُ فاعلُه من النار والنور والنيرُ في موضعين: قرية ببغداد. والنير جبل بأعلى نجد شرقية لغني بن أعصُرَ وغربيه لغاضرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن وحذاءه الأحساءُ بواد يقال له ذو بحار وهذا الوادي ينعض من أقاصي النير. وقال أبو هلالى الاسدي وفيه دلالة على أنه لغاضرة بني أسد فقال:

أشاقتك الشمائل والـجـنـوبُ

 

ومن عَلْبو الرياح لها هبـوبُ

أتتك بنفحةٍ من شـيح نـجـد

 

تَضَوَعَ والعرارُ بها مشـوبُ

وشمت البارقات فقلت جـيدت

 

جبالُ النير أو مطِرَ القـلـيبُ

ومن بُستان إبراهـيمَ غَـنّـت

 

حمائمُ تحتها فـنـنٌ رطـيبُ

فقلت لها وقـيتِ سـهـام رام

 

ورُقط الريش مطعمها القلوبُ

كما هيجت ذا طَـرَب ووجـد

 

إلى أوطانه فبكى الـغـريبُ

 

وبالنير قبر كليب بن وائل على ما خبرَنا بعض طيء على الجبلين قال وهو قرب ضرية.


نِيرَمَانَ: بالفتح ثم السكون وراء وآخره نون من قرى همذان من ناحية الجبل، واليها ينسب أبو سعيد محمد بن علي بن خلف وابنه ذو المفاخر أبو الفرج أحمد وكانا من أعيان الأدباءِ ولهما شعر رائق. قال أبو القاسم الباخرزي قال الشريف أبو طالب محمد بن عبد الله الأنصاري نيرمان ضيعة خسيسة بظاهر همذان وسألت الأستاذ ذا المفاخر عنها فانصبغ وجهه من الخجل حتى عاد كأنه الأيدع قلت: الأيدع صبغُ البقم وقيل دم الأخوَين.


نِيرُوز: مدينة من نواحي السند بين الدَيبلُ والمنصورة على نصف الطريق ولعلها إلى المنصورة أقرب بينها وبين الديبل أربع مراحل في الإقليم الثاني طولها من جهة المغرب اثنتان وتسعون درجة عشرون دقيقة وعرضها ثلاث وعشرون درجة وثلاثون دقيقة.


نيروه: من قلاع ناحية الزوَزَان لصاحب الموصل.


نَيْرِيزُ: بفتح أوله وسكون ثانيه وراء ثم ياء ساكنة وزاي: بلد من نواحي شيراز من أعمال فارس له رستاق واسع. ينسب إليه أبو النصر الحسين بن علي بن جعفر النيريزي حدث عن أبي علي الحسن بن العباس بن محمد الخطيب وأبي الحسن علي بن محمد بن جعفر قال الأمير حدثنا عنه حدَّاد النشوي وبيّنه لي. نَيسَابُورُ: بفتح أوله والعامة يسمونه نَشَاوُور: وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاءِ ومنبع العلماءِ لم أر فيما طَوَّفْتُ من البلاد مدينة كانت مثلها قال بطليموس في كتاب "الملحمة" مدينة نيسابو طولها خمس وثمانون درجة وعرضها تسع وثلاثون درجة خارجة من الإقليم الرابع في الإقليم الخامس طالعها الميزان ولها شركة في كف الجوزاء مع الشعرى العبور تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان ويقابلها مثلها من الجدي بيت عاقبتها مثلها من الميزان بيت حياتها ومن هناك طالت أعمار أهلها بيت ملكها ثلاث عشرة درجة من الحمل وقد ذكرنا في جمل ذكر الأقاليم أنها في الرابع، وفي زيج أبي عون إسحاق بن علي إن طول نيسابور ثمانون درجة ونصف وربع وعرضها سبع وثلاثون درجة وعدها في الإقليم الرابع. واختلف في تسميتها بهذا الاسم فقال بعضهم إنما سميت بذلك لأن سابور مرَ بها وفيها قصب كثير فقال يصلح أن يكون ههنا مدينة فقيل لها نيسابور. وقيل في تسمية نيسابور وسابور خواست وجنديسابور إن سابور لما فقدوه حين خرج من مملكته لقول المنجمين كما ذكرناه في منارة الحوافر خرج أصحابه يطلبونه فبلغوا نيسابور فلم يجدوه فقالوا نيست سابور أي ليس سابور فرجعوا حتى وقعوا إلى سابور خواست فقيل لهم ما تريدون فقالوا سابور خواست معناه سابور نطلب ثم وقعوا إلى جنديسابور فقالوا وند سابور أي وجد سابور، ومن أسماء نيسابور أبْرَشَهْر وبعضهم يقول إيرانشهر والصحيح أن إيرانثسهر هي ما بين جيحون إلى القادسية، ومن الري إلى نيسابور مائة وستون فرسخاً ومنها إلى سرخر أربعون فرسخاَ ومن سرخى إلى مرو الشاهجان ثلاثون فرسخاً. وأكثر ضرب اْهل نيسابور من قُني تجرى تحت الأرض ينزل إليها في سراديب مُهَيأة لذلك فيوجد الماءُ تحت الأرض وليى بصادق الحلاوة. وعهدي بها كثيرة الفواكه والخيرات وبها ريباس ليس في الدنيا مثله تكون الواحدة منه منا وكثر وقد وزنوا واحدة فكانت خمسة أرطال بالعراقي وهي بيضاءُ صادقة البياض كأنها الطلع، وكان المسلمون فتحوها في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه والأمير عبد الله بن عامر بن كُرَيز في سنة 31 صلحا وبنى بها جامعاً وقيل إنها فتحت في أيام عمر رضي الله عنه على يد الأحنف بن قيس وإنما انتقضت في أيام عثمان فأرسل إليها عبد الله بن عامر ففتحها ثانيةً، وأصابها الغز في سنة 548 بمصيبة عظيمة حيث أسروا الملك سَتجَر وملكوا أكثر خراسان وقدموا نيسابور وقتلوا كل من وجدوا واستصفوا أموالهم حتى لم يبق فيها من يُعرف وخرَبوها وأحرقوها ثم اختلفوا فهلكوا واستولى عليها المؤيد أحد مماليك سنجر فنقل الناس إلى محلة منها يقال لها شاذياخ وعمرها وسوَرها وتقلبت بها أحوال حتى عادت أعمر بلاد اله وأحسنها وأكثرها خيراً وأهلاً وأموالاً لأنها دهليز المشرق ولا بدَ للقفول من وُرودها، وبقيت على ذلك إلي سنة 618 خرج من وراء النهر الكفار من الترك المسمون بالتتر واستولوا على بلاد خراسان وهرب منهم محمد بن تكشُ بن ألب أرسلان خوارزم شاه وكان سلطان المشرق كله إلى باب همذان وتبعوه حتى أفضى به الأمر إلى أن مات طريحاً بطبرستان في قصة طويلة واجتمع اكثر أهل خراسان والغُرَباء بنيسابور وحصنوها بجهدهم فنزل عليها قوم من هؤلاء الكفار فامتنعت عليهم ثم خرج مقدم الكفار يومأ ودنا من السور فرشقه رجل من نيسابور بسهم فقتله فجرَى الأتراك خيولهم وانصرفوا إلى ملكهم الأعظم الذي يقال له جنكزخان فجاء بنفسه حتى نزل عليها وكان المقتول زوج ابنته فنازلها وجد في قتال من بها فزعم قوم أن عَلَويا كان متقدماَ على أحد أبوابها راسل الكفار يستلزمُ منهم على تسليم البلد ويشرط عليهم أنهم إذا فتحوه جعلوه مقدماً فيه فأجابوه إلى ذلك ففتح لهم الباب وأدخلهم فاْول من قتلوا العلويَ ومن معه وقيل بل نصبوا عليها المناجيق وغيرها حتى أخذوها عنوة ودخلوا إليها دخول حَنِقٍ يطلب النفس والمال فقتلوا كل من كان فيها من كبير وصغير وامرأة وصبي ثم خرَبوها حتى ألحقوها بالأرض وجمعوا عليها جموع الرستاق حتى حفروها لاستخراج الدفائن فبلغني أنه لم يبق بها حائط قائمٌ وتركوها ومضوا فجاءَ قوم من قبل خوارزم شاه فأقاموا بها يسبرون الدفائن فأذهبوها مرَة فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما دهى الأسلام قط مثلها، وقال أبو يعلَى محمد بنالهبارية أنشدني القاضي أبو الحسن الاستراباذي لنفسه فقال:

لا قدس الله نيسابـور مـن بـلـد

 

سوق النفاق بمغناها علـى سـاق

يموت فيها الفتى جوعـأ وبـرهـمُ

 

والفضل ما شئتَ من خير وأرزاق

والحبر فى معدن الغرثى وان بَرَقَت

 

أنوارُه في المعانـي غـير بَـراق

 

وقال المرادي يذمُ أهلها:

لا تنزلن بنيسابور مغـتـربـا

 

إلا وحبلك موصول بسلطـان

أو لا فلا أدب يُجدي ولا حسب

 

يغني ولا حرمة ترعى لإنسان

 

وقال أبو العباس الزوزني المعروف بالمأموني:

ليس في الأرض مثل نيسابورِ

 

بلد طـيب ورب غـفـور

 

وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يُحصى. منهم الحافظ الإمام أبو علي الحسين بن علي بن زيد بن داود بن يزيد النيسابوري الصائغ رحل في طلب العلم والحديث وطاف وجمع فيه وصنف وسمع الكثير من أبي بكر بن خزيمة وعبدان الجواليقي وأبي يعلى الموصلي وأحمد بن نصر الحافظ والحسن بن سفيان وابراهيم بن يوسف الهِسَنْجاني وأبي خليفة وزكرياء الساجي وغيرهم وكتب عنه أبو الحسن بن جوصا وأبو العباس ابن حقلة وأبو محمد صاعد وابراهيم بن محمد بن حمزة وأبو محمد الغسّال وأبو طالب أحمد بن نصر الحافظ وهم من شيوخه روى عنه أبو عبد الله الحاكم وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو عبد الله بن مندة وأبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي وهو من أقرانه قال أبو عبد الرحمن السلمي سألت الدارقطني عنه فقال مهذب إمام وقال أبو عبد الله بن مندة ما رأيت في اختلاف الحديث والإتقان أحفظ من أبي علي الحسين بن علي النيسابوري قال أبو عبد الله في تاريخة، الحسين بن علي بن يزيد أبو علي النيسابوري الحافظ وحيد عصره في الحفظ والإتقان والورع والرحلة ذكره بالشرق كذكره بالغرب مقدم في مذاكرة الأئمة وكثرة التصنيف كان مع تقدمه في هذا العلم أحد المعدلين المقبولين في البلد سمع بنيسابور وهراة ونسا وجرجان ومرو الروذ وا لري وبغداد والكوفة وواسط والأهواز وأصبهان ودخل الشام فكتب بها وسمع بمصر وكتب بمكة عن الفضل بن محمد الجندي وقال في موضع آخر انصرف أبو علي من مصر إلى بيت المقدس ثم حج حجة أخرى ثم انصرف إلى بيت المقدس وانصرف في طريق الشام الى بغداد وهو باقعة في الذكر والحفظ لا يطيق مذاكرته أحدأ ثم انصرف إلى خراسان ووصل إلى وطنه ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا ثم أقام بنيسابور يصنف ويجمع الشيوخ والأتراب وقال وسمعت أبا بكر محمد بن عمر الجعابي يقول إن أبا علي أستاذي في هذا العلم وعُقد له مجلس الإملاء بنيسابور سنة 337 وهو ابن ستين سنة وان مولده سنة 277 ولم يزل يحدث بالمصتفات والشيوخ مدة عمره وتوفي أبو علي عشية يوم الأربعاء الخامس عشر من جمادى الأولى سنة 349 ودفن في مقبرة باب معمر عن اثنتين وسبعين سنة.


نِيشَك: بكسر النون وسكون الياء: كورة من كور سجستان بينها وبين بست تشتمل على قرى كثيرة وبلدان وأحد أبواب زَرَنج مدينة سجستان يقال له باب نيشك يخرج منه إلى بست.


نِيقُ العُقاب: موضع بين مكة والمدينة قرب الجُحفة لقي به أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة مهاجر بن أبي أمية وهو يريد مكة عام الفتح.


نِيقِيه: بكسر أوله وسكون ثانيه وكسر القاف وياء خفيفة. قال بطليموس في كتاب "الملحمة": مدينة أنيقية هكذا ذكرها بالألف طولها سبع وخمسون درجة وعرضها إحدى وأربعون درجة وثلاثون دقيقة طالعها إحدى وعشرون درجة من الدلو سكانها جُفاة ليس لمن يسكنها خلاق لها ذنبُ الدجاجة ولها شركة في قلب العقرب وكوكب الدبران تحت سع وعشرين درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي. قال ابن الهروي مدينة نيقية من أعمال اصطنبول على البر الرقي وهي المدينة التي اجتمع بها آباءُ الملة المسيحية وكانوا ثلثمائة وثمانية عشر أباً يزعمون أن المسيحعلية السلام كان معهم في هذا المجمع وهو أول المجامع لهذه الملة وبه أظهروا الأمانة التي هي أصل دينهم وصُوَرُهم وصورة كراسيهم بهذه المدينة في بيعتها ولهم فيها اعتقاد عظيم. وفي الطريق من هذه المدينة إلى بلاد الروم الشمالية قبر أبي محمد البطال على رأ س تل عال في حد تخوم البلاد. نِيلاَبُ: بكسر أوله واخره باءٌ موحدة اسم لمدينة جنديسابور وكان اسمها قديمأ نيلاط.


نيلاط: آخره طاء مهملة هو الذي. قبله بعينه وهو اسمها القديم.


النيلُ: بكسر أوله بلفظ النيل الذي تصبغ به الثياب في مواضع أحدها بليدة في سواد الكوفة قرب حلة بني مزيد يخترقها خليج كبير يتخلج من الفرات الكبير حفره الحجاج بن يوسف وسماه بنيل مصر وقيل إن النيل هذا يستمد من صراة جاماسب. ينسب إليه خالد بن دينار النيلي أبو الوليد الشيباني كان يسكن النيلى حدث عن الحسن العكلي وسالم بن عبد الله ومعاوية بن قرة روى عنه الثوري وغيره. وقال محمد بن خليفة السنبسي شاعر بني مزيد يمدح دبيساً بقصيدة طلعها:

قالوا هجرت بلاد النيل وانقطعت

 

حبالُ وصلك عنها بعد إعـلاقِ

فقلتُ إني وقد أقوَت منازلـهـا

 

بعد ابن مزْيدَ من وفدٍ وطُـراق

فمن يكنْ تائقاً يهوى زيارتـهـا

 

على البعاد فإني غير مشـتـاق

وكيف أشتاق أرضاً لا صديق بها

 

إلا رُسومُ عِظام تحت أطـبـاق

 

وإياه عَنى أيضأ مرجا بن نباهٍ بقوله:

قصدتكُمُ أرجو نَوَالَ أكـفـكـم

 

فعدتُ وكفي من نَوَالكم صُفْـرُ

فلما أتيتُ النيلَ أيقنْتُ بالغـنـى

 

ونيل المُنى منكم فلاحقني الفَقرُ

 

والنيلُ أيضاً نهر من أنهار الرَقة حفره الرشيد على ضفة نيل الرَقة والبليخ نهر ديرزكى ولذلك قال الصنوبري:

كأن عناق نَهري دير زكى

 

إذا اعتنقا عناق مُتيمَـين

وقَت ذاك البليخ يد الليالي

 

وذاك النيل من متجاورَين

 

وأما نيل مصر فقال حمزة هو تعريب نيلوس من الرومية. قال القضاعي ومن عجائب مصر النيل جعله الله لها سقياً يُزْرَع عليه وبستغنى به عن مياه المطر في أيام القيظ إذا نضبَتْ المياه من سائر الأنهار فيبعث الله في أيام المد الريح الشمال فيغلب عليه البحر الملح فيصير كالسكر له حتى يربو ويعم الرُبي والعوالي ويجري في الخلج والمساقي فإذا بلغ الحد الذي هو تمام الري وحضر زمان الحرث والزراعة بعث الله الريح الجنوب فكبَسته وأخرجته إلى البحر الملح وانتفع الناس بالزراعة مما يروى من الأرض. وأجمع أهل العلم أنه ليس في الدنيا نهر أطول من النيل لأن مسيرته شهر في الإسلام وشهران في بلاد النوبة وأربع أشهرُ في الخراب حيث لا عمارة فيها إلى أن يخرج في بلاد القمر خلف خط الاستواءِ وليس في الدنيا نهر يصب من الجنوب إلى الشمال إلا هو ويمتدُ في أشد ما يكون من الحر حين تنقص أنهار الدنيا ويزيد بترتيب وينقص بترتيب بخلاف سائر الأنهار فإذا زادت الأنهارفي سائر الدنيا نقص وإذا نقصت زاد نهاية وزيادته في آيام نقص غيره، وليس في الدنيا نهر يزرع عليه ما يزرع على النيل ولا يجيء من خراج ما يسقيه النيل. وقد روي عن عمرو بن العاص أنه قال إن نيل مصر سيد الأنهارسخر الله له كل نهر بين المشرق والمغرب أن يمد له وذلله له فإذا أراد الله تعالى أن يجري نيل مصر أمر الله تعالى كل نهر أن يمده بمائة وفخر الله تعالى له الأرض عيوناً وانتهى جريه إلى ما أراد الله تعالى فإذا بلغ النيل نهايته أمر الله تعالى كل ماءٍ أن يرجع إلى عُنْصُره ولذلك جميع مياه الأرض تقل أيام زيادته، وذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال لما فتح المسلمون مصر جاءَ أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونه من شهور القبط فقالوا أيها الأمير إن لبلدنا هذا سنة لا يجري النيل إلآ بها وذلك إنه إذا كان لاثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال لهم عمرو إن هذا لا يكون في الاسلام وان الأسلام، يهدم ما قبله فأقاموا بؤونه وأبيب ومسرى لا يجري النيل قليلاً ولا كثيراَ حتى هموا بالجلاء فلما رأى عمرو ذلك كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه عمر قد أصبت إن الإسلام يهدم ما قبله وقد بعثتُ إليك ببطاقةٍ فألقها في داخل النيل إذا أتاك كتابي هذا وإذا في كتابه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر وان كان الواحد القهار يُجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يُجريك. قال فألقى عمرو بن العاص البطاقة في النيل وذلك قبل عيد الصليب بيوم وكان أهل مصر قد تأهبوا للخروج منها والجلاء لأنهم لا تقوم مصلحتهم إلآ بالنيل فأصبحوا يوم الصليب وقد جرى النيل بقدرة الله تعالى وزاد ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة وانقطعت تلك السنة السيئة عن أهل مصر. وكان النيل سبعة خلجان خليج الإسكندرية، وخليج دمياط، وخليج منف، وخليج المَنْهي، وخليج الفيوم، وخليج عرشي، وخليج سَردُوس وهي متصلة الجريان لا ينقطع منها شيءوالزروع بين هذه الخلجان متصلة من أول مصر إلى اخرها وزروع مصر كلها تروى من ستة عشر ذراعاً بما قدروا ودبروا من قناطرها وجسورها وخلجها فإذا استوى الماءُ كما ذكرناه في المقياس من هنا الكتاب اطلق حتى يلأ أرض مصر فتبقى تلك الأراضي كالبحر الذي لم يفارقه الماءُ قط والقرى بينه يُمشى إليها على سكور مُهَيأة والسفُنُ تخترق ذلك فإذا استوفت المياه ورَوِيَت الأرضين أخذ ينقص في أول الخريف وقد برد الهواءُ وانكسر الحرُ فكلما نقص الماءُ عن أرض زرعت أصناف الزروع واكتفت بتلك الشربة لأنه كلما تأخر الوقت برد الجو فلا تنشف الأرض إلى أن يستكمل الزرع فإذ استكمل عاد الوقت يأخذ في الحر والصيف حتى ينضج الزروع وينشفها ويكفلها فلا يأتي الصيف إلأ وقد استقام أمرها فأخفوا في حصادها وفي ذلك عبرة وآية ودليل على قدرة العزيز الحكيم الذي خلق الأشياء في أحسن تقويم وقد قال عز من قائل:" ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" (الملك: 3،.) في النيل عجائب كثيرة وله خصائص لا توجد في غيره من الأنهار وأما أصل مجراه فيذكر أنه يأتي من بلاد الزنج فيمر بأرض الحبشة  مسامتاَ لبحر اليمن من جهة أرض الحبشة حتى ينتهي إلى بلاد النوبة من جانبها الغربي والبجه من جانبها الشرقي فلا يزال جارياَ بين جبلين بينهما قرى وبلدان والراكب فيه يرى الجبلين عن يمينه وشماله وهو بينهما لإزاءِ الصعيد حتى يصب في البحر. وأما سبب زيادته في الصيف فإن المطر يكثر بأرض الزنجبار وتلك البلاد في هذه الأوقات بحيث ينزل الغيث عندهم كأفواه القرب وتنصب المدود إلى هذا النهر من سائر الجهات فالى أن يصل إلى مصر ويقطع تلك المفاوز يكون القيظ ووجه الحاجة إليه كما دبره الخالق عز وجل. وقد ذكر الليث بن سعد وغيره قصة رجل من ولد العيص بن إسحاق النبيعلية السلام وتطلبه مجراه أذكرها بعد إن شاء الله تعالى. قال امية نيل مصر ينبوعه من وراء خط الأستواء من جبل هناك يقال له جبل القمر فإنه يبتدىء في التزيد في شهر أبيب وهو في الرومية يوليه والمصريون يقولون إذا دخل أبيب شرع الماءُ في الدبيب وعند ابتدائه في التزيد تتغير جميع كيفياته ويفسد والسبب في ذلك مروره بنقائع مياهٍ أجنةٍ يخالطها فيُحيلها ويستخرجها معه ويستصحبها إلى غير ذلك مما يُحيله فلايزال على هذه الحال كما وصفه الأمير تميم بن المعز بن إسماعيل فقال:

أما ترى الرعد بكى واشتكـى

 

والبرق قد أومَضَ واستضحكا

فاشرب على غيم كصبغ الدُجى

 

أضحَكَ وجه الأرض لما بكى

وانظرلماءِ النـيل فـي مـده

 

كأنه صـنـدلَ أو مـسـكـا

 

أوكما قاد أمية بن أبي الصلت المغربي:

ولله مَجْرَى النيل منها إذا الصبـا

 

أرتَنا به في مرها عسكراً مجرا

بشطّ يهز السَـمْـهَـريةَ ذبـلاً

 

وموج يهز البيضَ هنديةً بُتْـرا

 

ولتميم بن المعز أيضاً:

يَوم لنا بالنيل مختـصـرٌ

 

ولكل وقتِ مسَرةِ قصَرُ

والسفنُ تصعد كالخيول بنا

 

فيه وجيش الماء منحدرُ

فكأنما أمواجـه عُـكَـن

 

وكأنما داراتـه سُـرَرُ

 

وقال الحافظ أبو الحسين محمد بن الوزير في تدرج زيادة النيل إصبعاً إصبعاً وعظم منفعة ذلك التدرج:

أرى أبداً كثيراً من قـلـيل

 

وبدرأ في الحقيقة من هلال

فلاتعجب فكل خلـيج مـاءٍ

 

بمصر مسببٌ لخليج مـال

زيادةُ إصبع فـي كـل يوم

 

زيادة أذرع في حسن حال

 

فإذا بلغ الماءُ خمسة عشر ذراعاً وزاد من الساس عشر إصبعاً واصبعاً كُسر الخليج ولكسره يوم معهود فيجتمع الخاص والعامُ بحضرة القاضي وإذا كسر فُتحت الئُرَعُ وهي فوهات الخلجان ففاض الماءُ وساح وعم الغيطان والبطاح وانضم أهل القرى إلى أعلى مساكنهم من الضياع والمنازل بحيث لا ينتهي إليهمٍ الماءُ فتعود عند ذلك أرض مصر بأسرها بحراَ عاما غامر الماء بين جبلَيها المكتنفين لها وتثبت على هذه الحال حسبما تبلغ الحد المحدود في مشيئة الله وأكثر ذلك يحول حولَ ثمانية عشر ذراعاً ثم يأخذ عائداً في صبه إلى مجرى النيل ومشربه فينقص عما كان مشرفاً عالياً من الأراضي ويستقر في المنخفض منها فيترك كل قرارة كالدرهم ويعمُ الرُبَى بالزهر المؤنق والروض المشرق وفي هذا الوقت تكون أرض مصر أحسن شيء منظراً وأبهاها مخبراً، وقد جود أبو الحسن علي بن أبي بشر الكاتب فقال:

 

شربنا مع غروب الشمس شمساَ

 

مشعشعةً إلى وقت الطـلـوع

وضَوءُ الشمس فوق النيل بـادٍ

 

كأطراف الأسنة في الـدروع

 

ومن عجائب النيل السمكة الرعادة وهي سمكة لطيفة مُسَيرة من مسها بيده أبو بعود يتصل بيده إلها أو بشبكة هي فيها اعترته رعدة وانتفاض ما دامت في يده أو في شبكته وهذا أمرمستفيض رأيت جماعة من أهل التحصيل يذكرونه ويقال إن بمصر بقلة من مسها ومس الرعادة لم ترتعد يده والله أعلم. ومن عجائبه التمساح ولا يوجد في بلد من البالدان إلا في النيل ويقال أيضاً بنهر السند إلا أنه ليس في عظم المصري فإذا عض اشتبكت أسنانه واختلفت فلم يتخلص الذي وقع فيها حتى يقطعه وحَنكُ التمساح الأعلى يتحرك والأسفل لا يتحرك وليس ذلك في غيره من الدواب ولا يعمل الحديد في جلده وليس له فَقار بل عظم فى من رأسه إلى ذنبه عظم واحد ولا يقدر أن يلتوي ينقبض لأنه ليس في ظهره خرز وهو إذا انقلب لم يستطع أن يتحرك وإذا أراد الذكر أن يسفد أنثاه أخرجها من النيل وألقاها على ظهرها كما يأتي الرجل المرأة فإذا قضى منها وطرَه قلبها فإن تركها على ظهرها صِيدَت لأنها لاتقدر أن تنقلب وذنب التمساح حاد طويل وهو يضرب به فربما قتل من تناله ضربتُه وربما جر بذنبه الثور من الشريعة حتى يلجج به في البحر فيأكله، ويبيض مثل بيض الإوز فإذا فقص عن فراخه كان الواحد كالحِزذون في جسمه وخلقته ثم يعظم حتي يصير عشرة أذرع وأكثر وهو يبيض وكلما عاش يزيد وتبيض الانثى ستين بيضة وله في فيه ستون سناَ ويقال إنه إذا أخذ أول سن من جانب حنكه الأيسر ثم على على من به حمى نافض تركته من ساعته وربما دخل لحم ما يأكله بين اسنانه فيتأذى به فيخرج من الماءِ إلي البر ويفتح فاه فيجيئه طائر مثل الطيطَوَى فيسقط على حنكه فيلتقط بمنقاره ذلك اللحم بأسره فيكون ذلك اللحم طعاماً لذلك الطائر وراحة بأكله إياه للتمساح ولا يزال هذا الطائر حارساَ له ما دام ينقي أسنانه فإذا رأى إنساناً أو صياداً يريمه رَفرفَ عليه وزعق ليؤذنه بذلك ويحذره حتى يلقي نفسه في الماء إلى أن يستوفي جميع ما في أسنانه فإذا أحس التمساح بأنه لم يبق في أسنانه شيء يؤذيه أطبق فمه على ذلك الطائر ليأكله فلذلك خلق الله في رأس ذلك الطائرعظماً أحد من الإبرة فيقيمه في وسط رأسه فيضرب حَنكَ 1لتمساح ويحكى عنه ما هو أعجب من ذلك وهو أن ابن عرس من أشد أعدائه فيقال إن ابن عرس إذا رأى التمسا نائماً على شاطىء النيل ألقى نفسه في الماء حتى يبتل ثم يتمرغ في التراب ثم يقيم شعره ويَثبُ حتى يدخل فم جوف التمساح فيأكل ما في جوفه وليس للتمساح يد تمنع عنه ذلك فإذا أراد الخروج بَقَرَ بطنه وخرج. وعجائب الدنيا كثيرة وانما نذكر منها ما نجربه عادة ولهذا أمثال ليس كتابنا بصدد شرحها. وقال الشاعر:

 

أضْمرت للنيل هجراناً وَمـقـلـيَةَ

 

مذ قيل لي إنما التمساح في النيل

فمن رأى النيل رأي العين من كَثَب

 

فما رأي النيل إلا في البـواقـيل

 

والبواقيل: كيزان يشرب منها أهل مصر، وقال عمرو بن معدي كرب:

فالنيل أصبحَ زاخـراً بـمـوده

 

وجرت له ريحُ الصبا فجرى لها

عودتَ كندَة عادةً فاصبر لـهـا

 

اغفر لجانبها وردَ سجـالـهـا

 

وحدث الليث بن سعد قال زعموا والله أعلم أن رجلاً من ولد العيص يقال له حائذ بن شالومٍ بن العيص بن بسحاق بن إبراهيم علية السلام خرج هاربا من ملك من ملوكهم إلى أرض مصر فأقام بها سنين فلما رأى عجائب نيلها وما يأتي به جعل لله نذراً أن لا يفارق ساحله حتى يرى منتهاه أو ينظر من أين مخرجه أو يموت قبل ذلك فسار عليه ثلاثين سنة في العمران ومثلها في غير العمران وبعضهم يقول خمس عشرة كنا وخمس عشرة كنا حتى انتهى إلى بحر أخضر فنظر إلى النيل يشقه مقبلاً فوقف ينظر إلى ذلك فإذا هو برجل قائم يصلي تحت شجرة تُقاح فلما راه استأنس به فسلم عليه فسأله صاحب الشجرة عن اسمه وخبره وما يطلب فقال له أنا حائذ بن شالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم فمن أنت قال أنا عمران بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم فما الذي جاءَ بك إلى ههنا يا حائذ قال أردت علم أمر النيل فما الذي جاء بك أنت قال جاء بي الذي جاء بك فلما انتهيت إلى هنا الموضع أوحى الله تعالى إليَ أن أقف بمكانك حتى يأتيك أمري قال فأخبزني يا عمران أي شيء انتهى إليك من أمر هذا النيل وهل بلغك أن أحداً من بني آدم يبلغه قال نعم بلغني أن رجلاً من بني العيص يبلغه ولا أظنه غيرك يا حائذ فقال له يا عمران كيف الطريق إليه قال له عمران لست أخبرك بشيء حتى تجعل بيننا ما أسألك قال وما ذاك قال إذا رجعتَ وأنا حي أقمتَ عندي حتى يأتي ما أوحى الله لي أن يتوفاني فتدفنني وتمضي قال لك ذلك عليَ قال سر كما أنت سائر فإنه ستأتي دابة ترى أولها ولا ترى آخرها فلا يهولنك أمرها فإنها دابة معادية للشمس إذا طلعت أهوَت إليها لتلتقمها فاركبها فإنها تذهب بك إلى ذلك الجانب من البحر فسر عليه فإنك ستبلغ أرضاً من حديد جبالها وشجرها وجميع مافيها حديد فإذا جزتها وقعت في أرض من فضة جبالها وشجرها وجميع ما فيها فضة فاذا تجاوزتها وقعتَ في أرض من ذهب جميع مافيها ذهب ففيها ينتهي إليك علم النيل قال فودعه ومضى وجرى الأمر على ما ذكر له حتى انتهى إلى أرض الذهب فسار فيها حتى انتهى إلى سور من ذهب وعليه قُبة لها أربعة أبواب وإذا ماءْ كالفضة ينحدر من فوق ذلك السور حتى يستقر في القبة ثم يتفرق في الأبواب وينصب إلى الأرض فأما ثلثاه فيغيض وأما واحد فيجري على وجه الأرض وهو النيل فشرب منه واستراح ثم حاول أن يصعد السور فأتاه ملَك وقال يا حائذ قف مكانك فقد انتهى إليك علم ما أردته من علم النيل وهذا الماء الذي تراه ينزل من الجنة وهذه القبة بابُها فقال اريد أن أنظر إلى ما في الجنة فقال إنك لن تستطيع دخولها اليوم يا حائذ قال فأي شيء هذا الذي أرى قال هذا الفلك الذي تدور فيه الشمس والقمر وهو شبه الرحا قال أريد أن أركبه فأثور فيه فقال له الملك إنك لن تستطيع اليوم ذلك ثم قال إنه سيأتيك رزقْ من الجنة فلا تؤثر عليه شيئاً من الدنيا فإنه لاينبغي لشيء من الجنة أن يؤثر عليه شيء من الدنيا فبينما هو واقف إذ أنزل عليه عنقود من عنب فيه ثلاثة أصنافصنف كالزبرجد الأخضر وصنف كالياقوت الأحمر وصنف كاللؤلؤ الأبيض ثم قال يا حائذ هذا من حِصْرِم الجنة ليس من يانع عنبها فارجع فقد انتهى إليك علم النيل فرجع حتى انتهى إلى الدابة فركبها فلما أهوت الشمس إلى الغروب أهوَت إليها لتلتقمها فقذفت به إلى جانب البحر الآخر فأقبل حتى انتهى إلى عمران فوجده قد مات في يومه ذلك فدفنه وأقام على قبره فلما كان في اليوم الثالث أقبل شيخ كبير كأنه بعض العباد فبكى على عمران طويلاً وصلى على قبره وترحم عليه ثم قال يا حائذ ما الذي انتهى إليك من علم النيل فأخبره فقال هكذا نجده في الكتاب ثم التفت إلى شجرة تفاح هناك فأقبل يحدثه ويُطري تفاحها في عينه فقال له يا حائذ ألا تأكل قال معي رزقي من الجنة ونهيت أن أؤثر عليه شيئاَ من الدنيا فقال الشيخ هل رأيتَ في الدنيا شيئاً مثل هذا التفاح إنما هذه شجرة أنزلها الله لعمران من الجنة ليأكل منها وما تركها إلا لك ولو أكلت منها وانصرفتَ لرفعت فلم يزل يحسنها في عينه ويصفها له حتى أخذ منها تفاحة فعضها ليأكل منها فلما عضها عض يده ونودىَ هل تعرف الشخ قال لا قيل هذا الذي أخرج أباك ادم من الجنة أما إنك لوسلمتَ بهذا الذى معك للأكل منه أهل الدنيا فلم ينفذ. فلما وقف حائذ على ذلك وعلم أنه إبليس أقبل حتى دخل مصر فأخبرهمبخبر النيل ومات بعد ذلك بمصر. قال عبيد اللّه الفقير إليه مؤلف الكتاب هذا خبر شبيه بالخرافة وهو مستفيضٌ ووجوده في كتُب الناس كثير والله أعلم بصحته وانما كتبتُ ما وجدتُ.


نِيمروز: هو بالفارسية ومعناه بالعربية نصف يوم وهو اسم لولاية سجستان وناحيتها سميت بذلك فيما زعموا لأنها مثل نصف الدنيا وان دخلها وخيراتها تقاوم نصف ما تطلع عليه الشمس وذلك على سبيل المبالغة لا على الحقيقة.


نِينَوَى: بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح النون والواو بوزن طِيطَوَى: وهي قرية يونس بن متى علية السلام بالموصل. وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينَوَى منها كربلاءُ التي قُتل بها الحسين رضي الله عنه، وذكر ابن أبي طاهر أن الشعراءَ اجتمعوا بباب عبد الله بن طاهر فخرج إليهم رسوله وقال من يضيف إلى هذا البيت على حروف قافيته بيتاً وهو:

 

لم يَصِح للبين منهم صُـرَد

 

وغرالب لا ولكن طيطَوَى

 

فقال رجل من أهل الموصل:

فاستقلوا بُكرَةً يقـدمـهـم

 

رجل يسكن حصني نينوى

 

فقال عبد الله بن طاهر للرسول قل له لم تصنع شيئاً فهل عنده غيره فقال أبو سناء القيسي:

وبنبـطـي طـفـا فـي لـجة

 

قال لما كظه التـغـطـيطَ وَى

فصوبه وأمر له بخمسين ديناراً.

 

 

 

نِينيِ: بكسر أوله وسكون ثانيه ونون أخرى مكسورة وياء: هو نهر مشهور بأفريقية في قصاها.


نِيهُ: بالكسر ثم السكون وهاءٍ خالصة: قرية بين هراة وكرمان. وقاد أبو سعد نيه بلدة بين سجستان وأسفزار صغيرة. ينسب إليها أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن الحسين بن عمر بن حفص النيهي الفقيه الشافعي كان إماماً عارفاً بذهمب الشافعي تفقه على القاضي الحسين بن محمد وبرع في الفقه ثم درس بعده وكثر أصحابه وهو أستاذ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي سمع الحديث من أستاذه الحسين بن محمد ومن أبي عبد اللّه محمد بن محمد بن العلاء البغوي وغيرهما وتوفى في حدود سنة 480. وابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن يزيد أبو محمد النيهي من أهل مرو الروذ إمام فاضل مفتٍ دين ورع شافعي المذهب تفقه على الحسين بن مسعود البغوي الفراء وتخرج عليه جماعة سمع أستاذه الحسين بن مسعود البغوي الفراء وأبا محمد عبد الله بن الحسين الطيبي وأبا الفضل عبد الجبار بن محمد الأصبهاني وأبا الفتح عبد الرزاق بن حسان المنيعي وأبا عبد اللّه محمد بن عبد الواحد الدقاق الأصبهاني سمع منه أبو سعد ومات في شعبان سنة 548.