الجزء الثاني

الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الشيخ - أطال الله يدك في الخيرات، وزاد في همتك رغبةً في اصطناع المكرمات، وأجراك على أحسن العادات في تقديم طلاب العلم وأهل البيوتات - قد فرغت في الجزء الأول على ما رسمت في القيام به، وشرفتني بالخوض فيه، وسردت في حواشيه أعيان الأحاديث التي خدمت بها مجلس الوزير، ولم آل جهداً في روايتها وتقويمها ولم أحتج إلى تعمية شيءٍ منها، بل زبرجت كثيراً منها بناصع اللفظ، مع شرح الغامض وصلة المحذوف وإتمام المنقوص، وحملته إليك على يد فائقٍ العلام، وأنا حريصٌ على أن أتبعه بالجزء الثاني، وهو يصل إليك في الأسبوع إن شاء الله تعالى.

وأنا أسألك ثانيةً على طريق التوكيد، كما سألتك أولاً على طريق الاقتراح، أن تكون هذه الرسالة مصونةً عن عيون الحاسدين العيابين، بعيدةً عن تناول أيدي المفسدين المنافسين؛ فليس كل قائل يسلم، ولا كل سامعٍ ينصف، ولا كل متوسطٍ يصلح، ولا كل قادمٍ يفسح له في المجلس عند القدوم.

والبلية مضاعفةٌ من جهة النظراء في الصناعة، وللحسد ثورانٌ في نفوس هذه الجماعة؛ وقل من يجهد جهده في التقرب إلى رئيسٍ أو وزير، إلا جد في إبعاده من مرامه كل صغير وكبير؛ وهذا لأن الزمان قد استحال عن المعهود، وجفا عن القيام بوظائف الديانات وعادات أهل المروءات؛ لأمورٍ شرحها يطول؛ وقد كان الناس يتقلبون في بسيط الشمس؛ أعني الدين فغربت عنهم، فعاشوا بنور القمر، أعني المروءة فأفل دونهم، فبقوا في ظلمات البر والبحر، أعني الجهل وقلة الحياء فلا جرم أعضل الداء، وأشكل الدواء، وغلبت الحيرة، وفقد المرشد، وقل المسترشد؛ والله المستعان.

وأرجع إلى ما هو الغرض من نسخ ما تقدم في الجزء الأول.