الجزء الثالث - الليلة الثلاثون

الليلة الثلاثون

وقال الوزير - أدام الله أيامة - سراويل يذكر أم يؤنث، ويصرف أم لا؟ فكان الجواب: أن علي بن عيسى حدثنا عن شيخه ابن السرج قال: سألت المبرد فقلت: إذا كان الواحد في صيغة الجمع ما يصنع به في الصرف في مثل شعره هراميل وهذه سراويل وما أشبهه، فقال: ألحقه بالجمع فأمنعه الصرف، لأنه مثله وشبيهه.

قال: وسألت أحمد بن يحيى عن ذلك، فقال: أخبرنا سلمة عن الفراء قال: ألحقه بأحمد فامنعه الصرف في المعرفة، واصرفه في النكرة حتى يكون بين الواحد والجمع فرق.

وسأل فقال: ما واح المناخيب والمناجيب وما حكمهما؟ فكان من الجواب: واحد المناخيب منخاب، يمدح به ويذم، فإذا كان مدحاً فهو مأخوذ من النخب، وهو الاختيار، وإذا كان ذماً فهو مأخوذٌ من النخبة، وهي الاست. قال: وهكذا المنجاب يكون مدحاً وذماً، فإذا كان مدحاً فهو مأخوذٌ من الانتجاب، وهو الاختيار، وإذا كان ذماً فهو مأخوذٌ من النجب، وهو قشر الشجر.

قال: ما معنى قولهم: امرأةٌ عروبٌ؟ فكان من الجواب أن محمد بن يزيد قال - على ما حدثنا به أبو سعيد وابن السراج عنه - إنه من الأضداد، وهي المتحببة إلى زوجها؛ وهي الفاسدة، مأخوذٌ من قولهم: عربت معدته إذا فسدت.

وقال: الضهياء يمد ويقصر؟ فكان من الجواب أن ابن الأعرابي قال: الذي حصلته عن الأعراب أن الضهياء الممدودة هي التي لا تحيض، وأن المقصورة هي الياسمين، وجمع الأول ضهىٌ وجمع المقصور ضهايا.

قال: ما معنى المندلي المطير؟ فكان من الجواب: أن ابن الأعرابي قال: هو مقلوب المطري.

وقال: أنشدني غزلاً، فأنشدته ما حضر في الوقت لأعرابي:

أمر مجنباً عن بيت سلمى

 

ولم ألمم به وبه الغـلـيل

أمر مجنباً وهـواي فـيه

 

وطرفي عنه منكسرٌ كليل

وقلبي فيه مقتتلٌ فهل لـي

 

إلىقلبي وقاتله سـبـيل

وقال: أتحفظ الأبيات التي فيها:

تكفيه فلذة كبدٍ إن ألـم بـهـا

 

من الشواء ويكفي شربه الغمر

فأنشده ابن نباتة، وذاك لأني قلت: ما أحفظ إلا هذا البيت شاهداً، وهو لأعشى باهلة يرثي المنتشر:

إني أتتني لسان لا أسـر بـهـا

 

من علو لا عجبٌ منها ولا سخر

فبت مرتفعاً للـنـجـم أرقـبـه

 

حيران ذا حذر لو ينفع الحـذر

وجاشت النفس لما جاء جمعهـم

 

وراكبٌ جاء من تثليث معتمـر

يأتي على الناس لا يلوي على أحدٍ

 

حتى التقينا وكانت دوننا مضـر

نعيت من لا تغب الحي جفنـتـه

 

إذا الكواكب أخطا نوأها المطر

من ليس في خـيره شـرٌ يكـدره

 

على الصديق ولا في صفوه كـدر

طاوي المصير على العزاء منصلت

 

بالقوم لـيلة لا مـاءٌ ولا شـجـر

لا تنكر البازل الكوماء ضربـتـه

 

بالمشرفي إذا ما اجلوذ الـسـفـر

وتفزع الشول منه حين تبـصـره

 

حتى تقطع في أعناقها الـجـرر

لا يصعب الأمر إلا ريث يركـبـه

 

وكل أمرٍ سوى الفحشاء يأتـمـر

يكفيه حـزة فـلـذانٍ ألـم بـهـا

 

من الشواء ويكفي شربه الغـمـر

لا يتأرى لما في القـدر يرقـبـه

 

ولا يعض على شرسوفه الصفـر

لا يغمز الساق من أين ومن وصبٍ

 

ولا يزال أمام الـقـوم يقـتـفـر

مهفهفٌ أهضم الكشحين منخـرقٌ

 

عنه القميص بسير الليل محتـقـر

عشنا بذلك دهـراً ثـم فـارقـنـا

 

كذلك الرمح ذو النضلين ينكـسـر

لا تأمن الناس ممساه ومصبـحـه

 

من كل أوبٍقال: وإن لم يأت ينتظر

إما يصبـك عـدوٌ فـي مـنـاوأةٍ

 

يوماً فقد كنت تستعلي وتنتـصـر

لو لم تخنه نـفـيلٌ وهـي خـائنةٌ

 

ألم بالقوم وردٌ مـنـه أو صـدر

وراد حربٍ شهابٌ يستـضـاء بـه

 

كما يضيء سواد الطخية القـمـر

إما سلكت سبيلاً كنت سالـكـهـا

 

فاذهب فلا يبعدنك الله منـتـشـر

من ليس فيه إذا قاولـتـه رهـقٌ

 

وليس فيه إذا ياسـرتـه عـسـر