ابن عبد ربه الأندلسي

246 هـ - 328 هـ 

هو أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم، ويكنى بأبي عمر وقيل أبي عمرو، شهاب الدين الأموي بالولاء، فقد كان جده الأعلى سالماً مولى لهشام بن عبد الرحمن الداخل ولد بقرطبة في العاشر من شهر رمضان عام 246هـ (29 ـ تشرين الثاني ـ 860 م)، ونشأ بها، ثم تخرج على علماء الأندلس وأدبائها وأمتاز بسعة الاطلاع في العلم والرواية وطول الباع في الشعر منه ما سماه الممحصات، وهي قصائد ومقاطع في المواعظ والزهد، نقض بها كل ما قاله في صباه من الغزل والنسب. وكانت له في عصره شهرة ذائعة، وهو أحد الذين أثروا بأدبهم بعد الفقر. 

أشهر كتبه العقد الفريد وهو كتاب جامع للأخبار والأنساب والأمثال والشعر والعروض والموسيقى، وقد استوعب خلاصة ما دوّن الأصمعي وأبو عبيدة والجاحظ وابن قتيبة وغيرهم من أعلام الأدب. ومع أن ابن عبد ربه كان أندلسياً إلا أنه لم يشر إلى الأندلس ولا إلى أهلها بكلمة عدا نفسه فقد عرف بنفسه ونشر شعره. ولهُ الكثير من الموشحات. وله شعر رقيق سلس الأسلوب فيه المديح والوصف والغزل والنسيب وفي جميع أغراض الشعر الأخرى. 

توفي ابن عبد ربه يومَ الأحد ثامن عشر جُمادى الأولى ، ودُفن يوم الاثنين في مقبرة بني العباس بقرطبة بعد أن استوفى إحدى و ثمانين سنة قمرية و ثمانية أيام . و قد أصيب بالفالج قبل وفاته ، تماماً كما حصل للجاحظ قبله ولأبي الفرج الأصفهاني بعده ودفن في مقبرة بني العباس في مدينة قرطبة.

وجاء في "وفيات الأعيان" لابن خلكان: هو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم، القرطبي مولى هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكيم الأموي، كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع على أخبار الناس، وصنف كتابه "العقد"و هو من الكتب الممتعة حوى من كل شيء، وله ديوان شعر جيد، ومن شعره:

يا ذا الذي خط العذار بوجهـه

 

خطين هاجا لوعة وبـلابـلا

ما صح عندي أن لحظك صارم

 

حتى لبست بعارضيك حمائلا

وله في هذا المعنى وقيل: إنهما لأبي طاهر الكاتب، وقيل: لأبي الفضل محمد بن عبد الواحد البغدادي:  

ومعذر نقش العذار بمسـكـه

 

خدا له بدم القلوب مضرجـا

لما تيقن أن عضب جفـونـه

 

من نرجس جعل النجاد بنفسجا

و أخذه البهاء أسعد السنجاري، فقال من جملة قصيدة:  

يا سيف مقلته كملت ملاحة

 

ما كنت قبل عذاره بحمائل

و له أيضاً:  

ودعتني بزفرة واعـتـنـاق

 

ثم قالت متى يكون التلاقـي

وبدت لي فأشرق الصبح منها

 

بين تلك الجيوب والأطـواق

يا سقيم الجفون من غير سقمٍ

 

بين عينيك مصرع العشـاق

إن يوم الفراق أفـظـع يومٍ

 

ليتني مت قبل يوم الفـراق

 و له أيضاً:  

إن الغواني إن رأينـك طـاوياً

 

برد الشباب طوين عنك وصالا

و إذا دعونك عمهـن فـإنـه

 

نسب يزيدك عندهن خـبـالاً

و له من جملة قصيدة طويلة في المنذر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الحكمي أحد ملوك الأندلس من بني أمية:  

بالمنذر بن محـمـدٍ

 

شرفت بلاد الأندلس

فالطير فيها سـاكـن

 

والوحش فيها قد أنس

قال الوزير المغربي في كتاب أدب الخواص: وقد روي أن هذه القصيدة شقت عند انتشارها على أبي تميم معد المعز لدين الله، وساءه ما تضمنته من الكذب والتمويه، إلى أن عارضها شاعره الإيادي التونسي بقصيدته التي أولها:  

ربع لـزينـب قـد درس

 

و اعتاض من نطق خرس

وهذا الشاعر هو أبو الحسن علي بن محمد الإيادي التونسي.

ولابن عبد ربه:  

نعق الغراب فقلت: أكذب طائرٍ

 

إن لم يصدقه رغـاء بـعـير

و فيه التفات إلى قول بعضهم:  

لهن الوجى لم كن عونا على النوى

 

و لا زال منها ظالع وحـسـير

و ما الشؤم في نعق الغراب ونعيه

 

و ما الشـؤم إلا نـاقة وبـعـير

و له غير ذلك كل معنى مليح.

و كانت ولادته في عاشر رمضان سنة ست وأربعين ومائتين، وتوفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثلثمائة، ودفن يوم الإثنين في مقبرة بني العباس بقرطبة، وكان قد أصابه الفالج قبل ذلك بأعوام، رحمه الله تعالى.