وفود العتابي
على المأمون
الشيباني قال: كان كلثوم العتابي أيام هارون الرشيد في ناحية المأمون
فلما خرج إلى خراسان شيعه إلى قومس حتى وقف على سنداد كسرى فلما حاول وداعه
قال له المأمون: لا تدع زيارتنا إن كان لنا من هذا الأمر شيء.
فلما أفضت الخلافة إلى المأمون وفد إليه العتابي زائراً فحجب عنه فتعرض
ليحيى بن أكثم فقال: أيها القاضي إن رأيت أن تذكر بي أمير المؤمنين فقال
له يحيى: ما أنا بالحاجب قال له: قد علمت ولكنك ذو فضل وذو الفضل
معوان.
فدخل على المأمون فقال: يا أمير المؤمنين أجرني من العتابي ولسانه فلم
يأذن له وشغل عنه فلما رأى العتابي جفاءه قد تمادى كتب إليه: ما على
ذاكنا افترقنا بسندا دولا هكذا رأينا الإخاء تضرب الناس بالمثقفة السم ر
على غدرهم وتنسى الوفاء فلما قرأ أبياته دعا به فلما دنا منه سلم بالخلافة
ووقف بين يديه فقال: يا عتابي بلغتنا وفاتك فغمتنا ثم انتهت إلينا وفادتك
فسرننا فقال: يا أمير المؤمنين لو قسم هذا البر على أهل منى وعرفات
لوسعهم فإنه لا دين إلا بك ولا دنيا إلا معك قال: سل حاجتك قال: يدك
بالعطية أطلق من لساني بالمسألة.
فأحسن جائزته وانصرف وفود أبي عثمان المازني على الواثق أبو عثمان بكر بن
محمد قال: وفدت على الواثق فلما دخلت وسلمت قال: هل خليت وراءك أحداً
يهمك أمره قلت: أخية لي ربيتها فكأنها بنتي قال: ليس شعري! ما قالت
حين فارقتها قلت: أنشدتني قول الأعشى: تقول ابنتي يوم جد الرحيل أرانا
سواء ومن قد يتم أبانا فلا رمت من عندنا فإنا نخاف بأن تخترم أرانا إذا
أضمرتك البلا د نجفى وتقطع منا الرحم ثقي بالله ليس له شريك ومن عنده
الخليفة بالنجاح قال: أتاك النجاح وأمر له بعشرة آلاف درهم.
ثم قال: حدثني حديثاً ترويه عن أبي مهدية مستظرفاً قلت: يا أمير
المؤمنين حدثني الأصمعي قال: قال لي أبو مهدية: بلغني أن الأعراب
والأعزاب سواء في الهجاء قلت: نعم قال: فاقرأ: الأعراب أشد كفراً
ونفاقاً ولا تقرأ الأعراب ولا يغرنك العزب وإن صام وصلى.
فضحك الواثق حتى شغر رجله وقال: لقد لقي أبو مهدية من العزبة شراً وأمر
له بخمسمائة دينار.