باب جامع الآداب
أدب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم قال أبو عُمر أحمد ببن محمد: أوّل ما
نَبدأ أدبُ النبي صلى الله عليه وسلم ثم أَدبه صلى الله عليه وسلم لأمّته
ثم الحكماء والعُلماء وقد أدّبَ الله نَبِيّه بأحسن الآداب كًلها فقال
له: " وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ
تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ".
فنهاه عن التَقتِير كما نهاه عن التَّبذير وأمره بتوسّط الحاليْن كما قال
عزّ وجلّ: " وَالَّذِينَ إذَا أنْفَقُوا لم يسْرِفُوا وَلَمْ
يَقْتُرُوا وكانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما " وقد جَمع الله " تبارك و "
تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم جوامعَ الكَلِم في كتابه المُحْكَكم
ونَظِم له مَكارم الأخلاق كلّها في ثلاث كلمات منه فقال: " خُذِ العفو
وَأَمًرْ بالعرفِ وأعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ ".
ففي أَخذِه اللعفو صِلة مَن قَطَعه والصَّفحُ عمَّن ظَلَمه وفي الأمر
بالمعروف تَقْوَى اللّه وغَض الطِّرفِ عن المحارم وصَوْن اللسان عن الكَذِب
وفي الإعراض عن الجاهِلين تنزيه النَّفْس عن مماراة السَّفيه ومنازعة
اللَجُوجِ.
ثم أمره تبارك وتعالى فيماِ أدَّبه باللِّين في عَريكته والرِّفق بأًمّته
فقال: " واخفضْ جَناحَك لمن اتَّبَعَكَ مِنَ المؤْمِنِين ".
وقال: " ولَوْ كُنْتَ فَظّا غليظَ الْقَلْب لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
".
وقال تبارك وتعالى: " لا تَسْتَوي الحَسَنَةُ وَلا السِّيِّئَةُ
اْدْفَعْ بالَّتي هِيَ أحْسَنُ فَإِذَا الَذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَدَاوَةٌ كأنَّهُ وَليٌّ حَمِيم.
وَمَا يُلَقَاهَا إلا الذِينَ صَبروا وَمَا يُلَقَاهَا إلاّ ذُو حَظٍّ
عَظِيم ".
فلما وَعى عن الله عزَّ وجلَّ وكَمُلت فيه هذه الآداب قال اللهّ تبارك
وِتعالى: " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ
عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ
رَّحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ".