الجزء الأول - كتاب المرجانة في مخاطبة الملوك - باب نوادر من النحو

باب نوادر من النحو

وإنَّ كِلاباً هذه عَشْر أَبطُنٍ وأنت بَرِىء من قَبائلها العَشْرِ قال‏:‏ فجعلتُ أعجب من قوله عَشْرَ أَبطُن ‏"‏ حيث أنث لأنه عَنَى القبيلة ‏"‏ فلما رأَى عَجبي قال‏:‏ أليس هكذا قولُ الآخر‏:‏ وكان مِجَنّي دون من كنتُ أَتَّقي ثلاثُ شُخوص كاعبان ومُعْصرُ وقال أبو زيد قلتُ للخليل‏:‏ لم قالوا في تَصْغير واصل‏:‏ أو يصل ولم يقولوا وُوَيصل قال‏:‏ كرهوا أن يُشبه كلامُهم بنبح الكلاب‏.‏

وقال أبو الأسود الدُّؤَلي‏:‏ من العرب من يقول‏:‏ لولاى لكان كذا وكذا‏.‏

وقال الشاعر‏:‏ وكم مَوطنٍ لولاي طِحْتَ كما هَوي بأَجْرامه من قنّة النِّيق مُنْهوِي وكذلكَ لولا أنتم ولولاكم ابتداءٌ وخبره محذوف‏.‏

وقال أبو زيد‏:‏ وراء وقُدَّام لا يصرفان لأنهما مؤنثان وتَصغير قدَّام قُدَّيْدمة وتصغير وراء وُرَيِّئة وقدَّام خمسة أحرف لأن الدال مشدَّدة‏:‏ فأسقطوا الألف لأنها زائدة ولئلا يُصغر اسم على خمسة أحرف‏.‏

أبو حاتم قال‏:‏ يقال أمٌّ بيِّنة الأمومة‏:‏ وعمٌّ بين العُمومة‏.‏

ويقال‏:‏ مَأموم إِذ شُج أم رأسه‏.‏

ورجل مَمُوم‏:‏ إذأ أصابه المُوم‏.‏

وقال المازنيّ‏.‏

يقال في حَسب الرجل أُرْفة ووَصمة وابنة وكذلك يقال للعصا إذا كان فيها عيب‏.‏

ويقال‏:‏ قذِيَت عينهُ إذا أصاجها الرَّمد‏.‏

وقد يقال في التقديم والتأخير مثلُ قول الشاعر‏:‏ شَرَّ يوميها وأغواه لها رَكِبتْ عَنْز بحِدْج حَملاَ يريد‏:‏ ركبت عَنْز ‏"‏ بحِدْج جملا في شرِّ يوميها‏:‏ نصب لأنه ظرف‏.‏

وقد يُسمى الشيء باسم الشيء إذا جاوره‏.‏

قال الفرزدق‏:‏ أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ قوله‏:‏ لنا قَمراها‏:‏ يريد الشمس والقمر‏.‏

وكذلك قولُ الناس في العُمرين‏:‏ أبي بكر وعمر‏.‏

الرِّياشي‏:‏ يقال أخذ قِضِّتها وكُعْبتها إذا أخذ عُذرتها‏.‏

قال أبو عُبيدة‏:‏ المَعيون الذي ليس له منظر ولا مخبر والمَعين - الذي قد أصيب بالعين‏.‏

والمعين‏:‏ الماء الظاهر‏.‏

أبو عُبيدة قال‏:‏ سمعت رُؤبة يقول‏:‏ أباريق يريد على الريق‏.‏

الأصمعي قال‏:‏ لقي أبو عمرو بن العلاء عيسى بن عمر‏.‏

فقال له‏:‏ كيف رَحْلك قال‏:‏ ما تزداد إلا مثَالة قال‏:‏ فما هذه المَعيوراء التي تَرْكض يريد ما هذه الحمير التي تَركب‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ إنما يُقال‏:‏ اقرأ عليه السلام‏.‏

وأنشد‏:‏ اقرأ على عَصْر الشَّباب تحية وإذا لقيتَ دداً فَقطْنى من دَدِ وقال الفرزدق‏:‏ وما سبق القيسيُّ من ضَعف عَقله ولكن طَفَت عَلْماء قُلْفة خالدِ ‏"‏ أراد‏:‏ على الماء فحذف ‏"‏‏.‏

وهذا آخر كتاب سيبويه‏.‏

وقال بعض الورَّاقين‏:‏ رأيتُ يا حمَّاد في الصَّيد أرانباً تؤخذ بالأيْدِي إن ذَوي النَّحو لهم أنفسٌ مَعروفة بالمَكْر والكيد يَضرب عبد الله زيداً وما يُريد عبد الله من زيد وأنشد أبو زيد الأنصاري‏:‏ يا قرطَ قُرْطَ حُيَيّ لا أبالكمُ ياقُرطُ إنّي عليكم خائفٌ حَذرُ قُلتُمٍ له اهجُ تَميماً لا أبا لكم في فَم قائِل هذا التُّرابُ والحَجَر فإن بيتَ تميم ذو سمعتَ به بيتٌ به رَأست في عِزِّها مُضر ذو هنا في مكان الذي لا يتغيّر عن حاله في جميع الإعراب‏.‏

وهذه لغة طيء تجعل ذو في مكان الذي‏.‏

حُبًّ المُدَامة ذو سمعتَ به لم يُبق فيّ لغيرها فَضلاَ وبعضُ العرب يقول‏:‏ لا أباك في مكان لا أبا لك ‏"‏ ولأن أبا لك ‏"‏ مضاف‏.‏

لذلك بقيت الألف ولو كانت غير مُعربة لقلت‏:‏ لا أبَ لك بغير ألف‏:‏ وليس في الإضافة شيء يُشبه هذا لأنه حالَ بين المُضاف والمضاف إليه وقال الشاعر‏:‏ أبالموت الذي لا بدُ أني مًلاقٍ لا أباكِ تُخَوِّفينِي وقال آخر‏:‏ وقد مات شَمَّاح ومات مُزَرِّد وأَيّ كريم لا أباكِ يُخلَّدُ وأنشد الفرَّاء لابن مالك العُقيليّ‏:‏ إذا أنا لم أُومَن عليك ولم يَكُن لقاؤُك إلا من وراءُ وراءُ هذا مثل قولهم‏:‏ بين بين‏.‏

وقال محمود الوراق‏:‏ مزَج للصدودُ وصالهنّ فكان أمراً بَيْنَ بَيْنَ وقال الفرزدق‏:‏ وإذا الرّجال رأوا يزيدَ رأيتهم خُضُعَ الرِّقاب نواكسَ الأبصارِ قال أبو العبّاس محمد بن يزيد النَّحويّ‏:‏ في هذا البيت شيء مُسْتطرف عند أهل النَّحو‏.‏

وذلك أنه جمع فاعل على فواعل وإذا كان هكَذا لم يكن بين المُذكر والمُؤنث فَرْق لأنك تقول‏:‏ ضاربة وضوارب ولا يقال في المذكر فواعل إلا في موضعين وذلك قولهم‏:‏ فوارس وهوالك ولكنّه اضطر في الشّعر فأخرجه عن الأصل ولولا الضرورة ما جاز له‏.‏

وقال أبو غَسَّان ‏"‏ رَفيع بن سَلَمة ‏"‏ تلميِذ أبي عُبيدة ‏"‏ المعروف بدَمَاذ يخاطب أبا عثمان النحويَّ المازنيّ ‏"‏‏:‏ تَفكَّرْتُ في النَّحو حتى مَلِل تُ وأَتعبتُ نفسي له والبَدنْ وأتعبْت بَكْراً وأصحابَه بكلّ المَسائل في كلّ فَن سِوَى أنَّ باباً عليه العَفا ءُ لِلْفاء ياليتَهُ لم يَكُن فكنتُ بظاهره عالماً وكنتُ بباطِنه ذا فَطَن وللواو بابٌ إلى جَنْبه من المَقْت أحسبُهُ قد لُعن إذا قلتُ هاتُوا لما يُقا ل لستُ بآتيك أو تَأتين ‏"‏ أَجِيبُوا لما قِيلَ هذا كذا على النَّصب قالُوا لإضمارِ أن وما إنْ رأيتُ لها مَوْضعاً فأَعْرفَ ما قِيلَ إلاّ بفن