الجزء الأول - كتاب المرجانة في مخاطبة الملوك - باب التماس الرزق وما يعود على الأهل والولد

باب التماس الرزق وما يعود على الأهل والولد

قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ العائد على أهْله ووَلده كالمُجاهد المُرابط في سَبِيل اللّه‏.‏

وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ اليد العُلْيَا خَيْرٌ من اليد السُّفلى وابدأ ‏"‏ بنَفْسك ثم ‏"‏ بمَنْ تَعُول‏.‏

وقال عمرُ بن الخَطّاب‏:‏ لا يَقْعُدْ أحدُكمِ عن طَلب الرِّزق ويقول‏:‏ اللهم ارزُقْني وقد عَلِم أن السَّماءَ لا تُمْطِرُ ذَهَباً ولا فِضة وإنّ الله تعالى إنما يَرْزق الناسَ بعضهم من بعض وتلا قولَ الله جلّ وعلا‏:‏ ‏"‏ فإذا قُضيت الصَلاةُ فانتشروا في الأرْض وأبْتَغُوا مِنْ فَضْل الله واذْكُرُوا الله كثيراً لَعَلَّكُم تُفلحُون ‏"‏‏.‏

وقال محمدُ بن إدريس الشَافعي‏:‏ احرصْ على ما يَنفعك ودَعْ كلامَ الناس فإنّه لا سَبيل إلى السَّلامة من ألْسنة العامّة‏.‏

ومثلُه قولُ مالك بن دِينار‏:‏ مَن عَرف نَفْسَه لم يَضِرْه ما قال الناسُ فيه‏.‏

وقال كطاهر بن عبد العزيز‏:‏ أَخبرنا علي بن عبد العزيز قال‏:‏ أَنشدنا أبو عُبيد القاسم بن سَلام‏:‏ لا يَنْقص الكاملَ مِن كماله ما ساقَ مِن خير إلى عِيالِه وقال عمرُ بن الخطّاب ‏"‏ رضى الله عنه ‏"‏‏:‏ يا معشرَ القُرَّاء التًمسوا الرِّزْق ولا تَكُونوا عالةً على الناس‏.‏

وقال أكثمُ بن صَيْفيّ‏:‏ مَن ضَيَّع زاده اتَكل على زادِ غيره‏.‏

وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ خَيْركم مَن لم يَدَع آخرتَه لدُنْياه ولا دُنياه لآخرته‏.‏

وقال عمرو بن العاص‏:‏ اعمل لدُنياكَ عَمل من يَعيش أبداً واعمل لآخرتك عمل من يموت غداً‏.‏

وذُكر رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهادِ في العِبادة والقُوَّة على العمل وقالوا‏:‏ صَحِبْناه في سَفر فما رأينا بعدك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعبَدَ منه كان لا يَنْفتل من صلاة ولا يُفْطر من صيام‏.‏

قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فمن كان يَمُونه ويَقُوم به قالوا‏:‏ كلّنا قال‏:‏ كلُّكم أعبدُ منه‏.‏

ومَرّ المسيحُ برجل من بني إسرائيل يتعبّد فقال‏:‏ ما تصنع قال‏:‏ أتعبد قال‏:‏ ومَن يقوم بك قال‏:‏ أخي قال‏:‏ أخوك أعبدُ منك‏.‏

وقد جعل الله طَلَب الرِّزق مَفْروضا على الخَلْقِ كلّه من الإنس والجنّ والطير والهوام منهم بتَعْليم ومنهم بإلهام وأهلُ التَّحصيل والنَظر ‏"‏ من الناس ‏"‏ يَطْلبونه بأحسن وُجوهه من التصرف والتَحرز وأهلُ العَجْز والكسل يَطْلبونه بأقْبح وجوهه من السؤال والاتكال والخِلابة والاحتيال‏.‏