الجزء الأول - كتاب الجوهرة في الأمثال - صفة العدو

صفة العدو

- يقال في العدوّ‏:‏ هو أَزْرَق العين وإن لم يكن أَزْرَق وهو أَسْود الكَبِد وأَصْهب السِّبال‏.‏

البخيل يعتل بالعسر - منه قولهم‏:‏ قَبْل البُكاء كان وجهُك عابساً‏.‏

ومنه‏:‏ قبل النِّفاس كنت مُصْفَرَّة‏.‏

اغتنام ما يعطى البخيل وإن قل - منه‏:‏ خذ من الرِّضْفة ما عليها‏.‏

وخُذ من جَذَع ما أعطاك‏.‏

قال ابن الكلبي‏:‏ وأصل هذا المثل أن غسّان كانت تُؤدِّي إلى ملوك سَلِيح دينارين كلَّ سنة عن كل رجل وكان الذي بَلى ذلك سَبَطة بن المُنذر السَّليحي فجاء سَبَطة إلى جَذَع بن عمرو الغسّاني يَسأله الدِّينارين فَدَخَل جَذَع منزلَه واشتمل على سيفه ثم خرج فضرب به سَبَطة حتى سَكت ثم قال له خُذ من جَذع ما أعطاك فامتنعت غسّان من الدينارين بعد ذلك وصار الملْك لها حتى أتى الإسلام‏.‏

البخيل يمنع غيره ويجود على نفسه - منه قولهم‏:‏ سَمْنُكم ‏"‏ هُرِيق ‏"‏ في أديمكم‏.‏

ومنه يا مُهْدِيَ المال كُلْ ما أهديت‏.‏

ومنه قول العامة‏:‏ الحمار جَلَبه والحمار أكله‏.‏

موت البخيل وماله وافر - منه مات فلان عريضَ البِطان‏.‏

ومات بِبِطنته لم يَتَغَضْغَض منها شيء‏.‏

والتَّغضغض‏:‏ النقصان‏.‏

البخيل يعطي مرة - منه قولهم‏:‏ ما كانت عطيَّته إلا بَيْضة العُقْر وهي بَيْضة الديك‏.‏

قال الزُّبيرِي‏:‏ الدِّيك ربَّما باضٍ بيضة وأنشد لبشّار‏:‏ قد زًرْتِني زَوْرَةَ في الدَّهر واحدة ثَنِّي ولا تَجْعليها بيضةَ الدِّيكِ ومنه قولُ الشاعر‏:‏ لا تَعجبنّ لخير زلّ من يَدِه فالكوكبُ النَّحس يَسْقِي الأرضَ أحياناً ومنه قولُهم‏:‏ من الخَواطئ سهمٌ صائب‏.‏

والليلُ طويل وأنت مُقمِر‏.‏

وأصل هذا ‏"‏ أن ‏"‏ سُليك بن سُلكَة كان نائماً مُشْتملاً فجَثَم رجل على صدره وقال له‏:‏ استأسرْ فقال له‏:‏ الليل طويل وأنت مُقْمِر ‏"‏ ثمّ قال له‏:‏ استأسر ‏"‏ يا خَبيث فضَمَّه ضَمَّة ضَرِط منها فقال له‏:‏ أَضَرِطاً وأنت الأعلى فذهبت أيضاً‏.‏

طلب الحاجة المتعذرة - منه قولُهم‏:‏ تَسألني بَرامَتين سَلْجماً‏.‏

وأصله أنّ امرأة تَشهَّت على زوجها سَلْجماً وهو ببلد قَفْر فقال هذه المقالة‏.‏

والسَّلجم‏:‏ اللِّفت‏.‏

ومنه شرُّ ما رام امرؤ ما لم يَنَلْ‏.‏

ومنه‏:‏ السائلُ فوق حقِّه مُسْتَحِق الحِرْمان‏.‏

ومنه قولُهمّ‏:‏ إنك إنْ كلفتني ما لم أُطِق ساءَك ما سَرَّك منِّي من خُلُق الرضا بالبعض دون الكل - منه‏:‏ قد يَرْكبُ الصَّعب من لا ذَلول له‏.‏

وقولُهم‏:‏ خُذ من جَذَع ما أعطاك‏.‏

وقولهم‏:‏ خُذ ما طَفَّ لك أي ارض بما أمكنك‏.‏

ومنه قولُهم‏:‏ زَوْجٌ من عُود خيرٌ من قُعود‏.‏

وقولُهم‏:‏ ليس الرِّيّ ‏"‏ عن ‏"‏ التّشاف أي ليس يَرْوَى الشاربُ بشرب الشِّفافة كلّها وهي بقية الماء في الإناء‏.‏

ولكنه يَرْوى قبل بلوغ ذلك‏.‏

وقولهم‏:‏ لم يُحْرَمٍ من فُصِد له‏.‏

ومعناه‏:‏ أنهم كانوا إذا لم يَقْدروا على قِرَى الضَّيف فَصَدوا له بعيراً وعالجوا دَمه بشيء حتى يمكن أن يأكله‏.‏

ومنه قول العامة‏:‏ إذا لم يكن شَحْم فَنَفس‏.‏

أصل هذا أن امرأة لَبِسَت ثياباً ثم مَشت وأظهرت البُهْر في مِشْيتها بارتفاع نَفَسها فلَقِيها رجلٍ فقال لها‏:‏ إني أَعرفك مَهزولة فمَن أين هذا النفس قالت‏:‏ إن لم يكن شَحْم فنفس‏.‏

وقال ابن هانئ‏:‏ التنوق في الحاجة - منه قولهم‏:‏ فعلتَ فيها فعلَ من طَبَّ لمَن أحَبَّ‏.‏

ومنه قولهم‏:‏ جاء تَضِبُّ لِثَاته على الحاجة معناه لشدة حِرْصه عليها‏.‏

وقال بِشْر بن أبي خازم‏:‏ خيلا تَضِبّ لِثَاتُها للمَغْنم استتمامِ الحاجة - أَتْبع الفرس لجامها يريد أنك قد جُدْت بالفَرس واللِّجام أَيْسر خَطْباً فأتمَّ الحاجة‏.‏

ومنه‏:‏ تَمام الرَّبيع الصَّيف وأصله في المطر فالرَّبيع أوّله والصَّيف آخره‏.‏

المصانعة في الحاجة - مَن يَطْلب الحَسْناء يُعْطِ مَهْرَها‏.‏

وقولهم‏:‏ المُصانعة تُيَسِّر الحاجة‏.‏

ومَن اشترى فقد اشتوَى‏.‏

يقول‏:‏ مَن اشترى لحماً فقد أَكل شِواء‏.‏

تعجيل الحاجة - قولهم‏:‏ السَّرَاح من النجاح‏.‏

النفسُ مُولعةٌ بحبِّ العاجل‏.‏

الحاجة تمكن من وجهين - منه قولهم‏:‏ كلا جانبي هَرْشى لهُنّ طريق‏.‏

هَرْشى‏:‏ عقبة‏.‏

ومنه‏:‏ هو على حَبْل ذِراعك أي لا يخالفك‏.‏

مَن منع حاجة فطلب أخرى - منه قولهم‏:‏ إلاده فلاَدهِ‏.‏

قال ابن الكلبي‏:‏ معناه أن كاهناً تَقَاضى إليه رجلان من العرب‏:‏ فقالا‏:‏ أَخْبرنا في أي شيء جِئناك قال‏:‏ في كذا وكذا قالا‏:‏ إلادَه أي انظر غير هذا النظرِ‏.‏

قال‏:‏ إلادَه فَلاَده ‏"‏ ثم أخبرهما بها ‏"‏‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ معناه إن لم يكن هذا الآن فلا يكون بعد الآن‏.‏

الأمرُ يَحْدُث دونه الأمر‏.‏

وقولهم‏:‏ أخْلَف رُوَيْعياً مَظِنُّه‏.‏

وأصله أن راعياً اعتاد مكاناَ فجاءه يرعاه فوجده قد تغيِّر وحال عن عهده‏.‏

ومنه قولهم سَدَّ ابن بَيْض الطريقَ سدًّا‏.‏

وابن بيض‏:‏ رجل عقر ناقة في رأس ثَنيَّة فسدَ بها الطريق‏.‏

اليأس والخيبة - منه قولهم‏:‏ جاء بخُفي حُنين‏.‏

وقد فسرناه في الكتاب الذي قبل هذا‏.‏

ومنه‏:‏ أطالَ الغيبة وجاء بالخَيْبة‏.‏

ونظير هذا قولهم‏:‏ سَكت ألفاً ونَطَق خَلْفاً أي أطال السكوت وتكلم بالقبيح وهذا المثل يقع في باب العيّ وله ها هنا وجه أيضاً‏.‏

وقال الشاعر‏:‏ ومازِلْتُ اقطعُ عَرْضَ البِلادِ مِن المَشْرِقين إلى المَغْرِبَين وَأدَّرعُ الخوفَ تحتَ الدُجى وَأسْتَصْحِبُ الْجَدْى وَالفَرْقَدَيْن وَأطوِى وَأنْشُرُ ثوبَ الهُموم إلى أن رَجَعتُ بخُفي حُنَيْنِ طلب الحاجة في غير موضعها - قالوا‏:‏ لم أجد لشفْرَتي مَحَزّا‏.‏

وقولهم‏:‏ كَدَمْتَ غير مَكدَم‏.‏

وقولهم‏:‏ نَفختَ لو تنفخ في فَحَم‏.‏

وقالت العامة‏:‏ يَضرب في حديدٍ بارد‏.‏

طلب الحاجة بعد فواتها - منه قولهم‏:‏ لا تطلب أثراً بعد عَين‏.‏

وقولهم‏:‏ ‏"‏ في ‏"‏ الصيَّف ضَيّعتِ اللبن‏.‏

معناه أنّ الرجل إذا لم يُطرق ماشيَته في الصيَّف كان مُضَيِّعاً ‏"‏ لألبانها عند الحاجة ‏"‏‏.‏

الرضا من الحاجة بتركها - منه قولهم‏:‏ نجا برأسه فقد رَبح‏.‏

وقولهم‏:‏ وقول العامة‏:‏ الهزيمة مع السلامة غنِيمة‏.‏

وقال امرؤ القيس‏:‏ وقد طوَفْتُ في الآفاقِ حتَّى رَضِيتُ من الغنيمة بالإيابِ وقال آخر‏:‏ الليلُ داج والكِباشُ تَنْتَطِحْ فَمن نَجَا برأسه فقد رَبِحْ من طلب الزيِادة فانتقص - منه‏:‏ كطالب القَرْن جُدِعت أُذُنه‏.‏

وقولهم‏:‏ كطالب الصَّيد في عريسة الأسد‏.‏

وقولهم‏:‏ سَقَط العَشاء بها على سِرْحان‏.‏

يريد دابة خَرجت تطلب العَشاء فصادفت ذِئباً‏.‏

ونظير هذا من قولنا‏:‏ طلبْتُ بك التكثير فازددتُ قِلَّةً وقد يَخْسر الإنسان في طلب الرِّبْح الرجل يخلو بحاجته - منه قولهم‏:‏ خلا لكِ الجوُّ فبِيضى واصْفِرى ومنه‏:‏ ‏"‏ رًمِي ‏"‏ برَسنك على غاربك‏.‏

وهذا المثلُ قالته عائشة لابن أخت مَيْمونة زوج النبىّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ذهبت والله ميمونة ورُمي برَسَنك على غاربك‏.‏

ارسالك في الحاجة من تثق به - أرْسِل حكيماً ولا توصِه‏.‏

وقولهم‏:‏ الحريص يَصِيد لك لا الجواد‏.‏

يقول‏:‏ إنّ الذي له هوىً وحِرْص على حاجتك هو الذي يقُوم بها لا القويّ عليها ولا هَوَى له فيها‏.‏

ومنه قولهم‏:‏ لا يُرَحِّلنّ رحلَك مَن ليس معك‏.‏

ومنه في ‏"‏ هذا ‏"‏ المعنى‏:‏ الحاجة يجعلها نُصْبَ عينيه ويَحْملها بين أذنه وعاتقه ولم يجعلها بظَهْر‏.‏

قضاء الحاجة قبل السؤال - لا تسأل الصارخ وانظر ماله‏.‏

يريد لم يأتك مُستصرخاً إلا منِ ذُعر‏.‏

أصابه فأغِثه قبل أن يسألك‏.‏

ومنه كَفي برُغائها منادياً‏.‏

ومنه‏:‏ يُخْبِر عن مجهوله ‏"‏ مَعْلومُه ‏"‏‏.‏

وقولهم‏:‏ في عَيْنه فَرَارُه‏.‏

يَعْنون في نظرك إلى الفَرس ما يُغْنيك عن فَراره‏.‏

الانصراف بحاجة تامة مقضية - جاء فلان ثانياً من عِنانه‏.‏

فإن جاء بغير قضاء حاجته قالوا‏:‏ جاء يضرْب أصْدَرَيْه أي عِطْفيه‏.‏

وجاء وقد لَفَظ لِجَامه‏.‏

وجاء سَبَهْلَلاً‏.‏

فإن جاء بعد شدّة قيل‏:‏ جاء بعد الُّلتيا والَتي‏.‏

وجاء بعد الهِيَاط والمِيَاط‏.‏

تجديد الحزن بعد أن يبلى - منه قولهم‏:‏ حَرك لها حُوارها تَحِنَّ‏.‏

وهذا المثل يُروى عن عمرو بن العاص أنه قال لمِعاوية حين أراد أن يَسْتَنصر أهلَ الشام‏:‏ أخْرِج إليهم قميصَ عثمان رضوان الله عليه الذي قُتل فيه‏.‏

ففعل ذلك مُعاوية فأقبلوا يَبْكون فعندها قال عمرو‏:‏ حَرِّك لها حُوَارَها تَحِنّ‏.‏

جامع أمثال الظلم - منه قولُهم‏:‏ الظُّلم مَرْتعه وَخيم‏.‏

وفي الحديث‏:‏ الظلم ظُلمات يوم القيامة‏.‏

الظلم من نوعين - منه‏:‏ أحَشَفاً وسوءَ كِيلة‏.‏

ومنه‏:‏ أغُدَّةٌ كغُدَّة البَعير وَموْتٌ في بيت سَلُوليّة‏.‏

وهذا المثل لعامر بن الطُّفيل حين أصابه الطاعوِن في انصرافه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلجأ إلى امرأة من سَلُول فهلك عندها‏.‏

ومنه‏:‏ أَغَيْرَةَ وَجُبْناً‏.‏

قالته امرأةٌ من العرب لزوجها تُعيِّره حين تخلَف عن عدوّه في منزله ورآها تَنظُر إلى قِتال الناس فَضرَبها‏.‏

فقالت‏:‏ أغيرة وجُبْناً‏.‏

وقولهم‏:‏ أكسْفاً وإمساكاً‏.‏

أصله الِرجل يلقاك بعُبوس وكُلوح مع بُخل ومَنْع‏.‏

وقولهم‏:‏ ياعَبْرَى مُقْبلة يا سَهْرَى مُدْبِرَةَ‏.‏

يُضرب للأمر الذي يًكره من وجهين‏.‏

ومنه قول العامة‏:‏ كالمُستغيث من الرَّمْضاء بالنار وقولهم‏:‏ للموت نَزَع والموت بَدَر‏.‏

وقولهم‏:‏ كالأشقَر إِنْ تقدَّم نحِر وإن تأخّر عُقِر‏.‏

وقولهم‏:‏ كالأرقم إن يُقْتَلْ يَنْقِم وإن يُترْك يَلْقم‏.‏

يقول‏:‏ إن قتلته كان له من ينتقِم منك وإن تركته قتَلك‏.‏

ومنه‏:‏ هو بين حاذفٍ وقاذفٍ‏.‏

الحاذف‏:‏ الضارب بالعصا‏.‏

والقاذف‏:‏ الرامي بالحَجَر‏.‏

من يزداد غماً على غم - منه قولهم‏:‏ ضِغْثٌ على إبّالة‏.‏

الضِّغث‏:‏ الحُزمة الصغيرة من الحطب‏.‏

والإبّالة‏:‏ الكبيرة‏.‏

‏"‏ ومنه قولهم‏:‏ كِفْتٌ إلى وَئيّة‏.‏

الكِفْت‏:‏ القِدْر الصغيرة‏.‏

والوئية‏:‏ القِدر الكبيرة‏.‏

يُضرب للرجل يحمل البليّة الكبيرة ثم يزيد إليها أخرى صغيرة ‏"‏ ومنه قولهم‏:‏ وَقَعوا في أم جُنْدب‏.‏

إذا ظُلِمُوا‏.‏

المغبون في تجارته - منه قولهم‏:‏ صَفْقة لم يَشْهدها حاطب‏.‏

وأصله أنّ بعض أهل حاطب باع بَيْعَة غُبن فيها‏.‏

ومنه قولهم‏:‏ أعطاه الَّلفَاءَ غير الوفاء‏.‏

سرعة الملامة - منه‏:‏ ليس من العَدْل سرعة العَذْل‏.‏

ومنه رُبَّ مَلُوم لا ذنبَ له‏.‏

وقولهم‏:‏ الشَعيرُ يُؤكل ويُذمّ‏.‏

وقولُ العامة‏:‏ أكلاً وذمًّا‏.‏

وقولُ الحجاج‏:‏ قُبِّح والله منا الحسن الكريم يهتضمه اللئيم - لو ذاتُ سِوَار لَطَمَتْني‏.‏

ومنه‏:‏ ذًلّ لو أَجِد ناصراً‏.‏

الانتصار من الظالم - هذه بتلك والبادي أَظْلم‏.‏

ومنه‏:‏ مَنْ لم يَذُد عن حوضه يهدَّم‏.‏

الظلم ترجع عاقبته على صاحبه - قالوا‏:‏ مَن حفر مُغوّاة وَقع فيها‏.‏

والمغوّاة‏:‏ البئر تُحْفَر للذِّئاب ويُجعل فيها جَدْيٌ فيسقط الذئبُ فيها لِيَصِيدَه فَيُصاد‏.‏

ومنه‏:‏ يَعْدو على كل آمرىء ما يَأْتمر‏.‏

ومنه‏:‏ عاد الرَّمْي على النَزَعَة‏.‏

وهم الرّماة يَرْجع عليهم رَمْيهُم‏.‏

وتقول العامة‏:‏ كالباحِث عن مُدْية‏.‏

ومنه قولهم‏:‏ رُمي بحَجَره وقُتِلَ بسلاحه‏.‏

المضطر إلى القتال - مُكْرَه أخوك لا بطل‏.‏

قد يَحْمِلُ العير من ذعر على الأسد المأخوذ بذنب غيره - جانِيكَ مَن يَجْني عليك‏.‏

ومنه‏:‏ ‏"‏‏:‏ كَذِي العُرّ يُكْوي غَيرُه وهو راتِع ومنه‏:‏ كالثوْر يُضْرب لما عَافَت البَقَر يعني عافت الماء‏.‏

وقال أنَس بن مُدْرك‏:‏ يعني ثَور الماء وهو الطحلُبُ يقال‏:‏ ثار الطّحلب ثَوْراً وثَوَرانا‏.‏

ومنه قولهم‏:‏ كلُّ شاةٍ بِرِجْلها تُناط‏.‏

يُريد‏:‏ لا يُؤْخذ رجلٌ بغير ذَنْبه‏.‏

المتبرىء من الشيء - ما هو من ليلي ولا سَمَرِه‏.‏

ما هو من بَزِّي ولا مِن عِطْري‏.‏

مالي فيه ناقة ولا جَمَل‏.‏

ومنه قولهمَ‏:‏ بَرِئْت منه إلى اللّه‏.‏

ومنة‏:‏ لستُ منكَ ولستَ منّي‏.‏

وما أنا من دَدٍ ولا دَدٌ مني‏.‏

سوء معاشرة الناس - قالوا‏:‏ الناس شَجرة بَغْى‏.‏

لا سَبِيل إلى السّلامة من أَلْسنة العامة‏.‏

وقولهم‏:‏ رِضىَ الناس غايةٌ لا تدرك‏.‏

ومنه الحديثُ المرفوع‏:‏ النّاس كإِبلٍ مائةٍ لا تكاد تَجد فيها راحِلة ‏"‏ واحدة ‏"‏‏.‏

ومنه قولهم‏:‏ الناس يُعيِّرون ولا يَغْفرون واللّه يغَفر ولا يُعيِّر‏.‏

وقال مالكُ بن دينار‏:‏ مَن عرف نفسَه لمِ يَضِرْه قولُ الناس فيه‏.‏

وقول أبي الدَّرداء‏:‏ إنْ قارضْتَ الناسَ قارضُوك إنْ تركتهم لم يَزكوك‏.‏

الجبان وما يذم من أخلاقه - منه قولهم‏:‏ إنّ الجبانَ حَتْفه من فَوْقه‏.‏

وهو من قول عمرو بن أمامة‏:‏ لقد وَجدتُ الموتَ قبلَ ذَوْقه إنّ الجَبان حَتْفه من فَوْقه قال أبو عُبيد‏:‏ أحسبه أراد ‏"‏ أن ‏"‏ حَذَره وتَوقَيه ليس بدافع عنه المَنيّة‏.‏

‏"‏ قال أبو عمرِ ‏"‏‏:‏ وهذا غَلط من أبي عُبيد عندي والمَعنى فيه أنه وَصف نفسَه بالجُبن وأنه وَجد الموت قبل أن يَذُوقه وهذا من الْجُبن ثم قال‏:‏ إنّ الجبان حتفُه من فوقه يريد أنه نظر إلى منيّته كأنما تحوم على رأسه كما قال الله تبارك وتعالى في المنافقين ‏"‏ إذ وصفهم بالجبن ‏"‏‏:‏ ‏"‏ يَحْسَبون كل صَيْحَةٍ عليهم همُ العَدُوّ ‏"‏‏.‏

وكما قال جرير للأخطل يُعيّره ‏"‏ إيقاعِ قَيْس بهم ‏"‏‏:‏ حَملتْ عليك رجالُ قَيْسٍ خَيْلَهَا شعْثاً عوابسَ تَحْمِلُ الأبطالا مازِلْتَ تَحْسِب كل شيء بعدَهم خيلاً تكر عليكمُ ورجالا ولو كان الأمر كما ذهب إليه أبو عُبيد ما كان معناه يَدخل في هذا الباب لأنه باب الجبان وما يُذَم من أخلاقه وليس أخذ الحَذَر من الجبن في شيء لأن أخْذ الحَذَر محمود وقد أمر الله تعالى به فقال‏:‏ ‏"‏ خُذوا حِذْرَكم ‏"‏ والجبن مَذْموم من كل وجه‏.‏

ومنه الشعر تمثل به سعد بن مُعاذ يوم الخنْدق‏:‏ لَبِّث قليلا يُدْرِك الهيْجا حَمَل ما أحسنَ الموتَ إذا حان الأجَلْ ومنه قولُهم‏:‏ كلّ أزَبّ نَفور وإنما يقال في الأزبّ من الإبل لكثرة شره ويكون ذلك في عَيْنيه فكلّما رآه ظن أنه شَخْص ‏"‏ يطلبه ‏"‏ فَيَنْفِر من أجله‏.‏

ومنه قولُهم‏:‏ بَصْبَصْنَ إذ حُدِين بالأذْناب‏.‏

ومنه قولُهم‏:‏ وقولُهم‏:‏ حال الجَريض دونَ القَرِيض‏.‏

وهذا المثل لعَبِيد بن الأبرص قاله للنعمان بن المنذر بن ماء السماء حين أراد قتْلَه فقال له‏:‏ أنْشِدني شِعْرَك‏:‏ أقفر من أهْله مَلْحُوب فقال عَبِيد‏:‏ حال الْجَرِيضُ دون القَرِيض‏.‏

ومنه‏:‏ قَفّ شَعَره واقشعرت ذُؤابتُه‏.‏

‏"‏ معناه‏:‏ قام شعره ‏"‏ من الفَزَع‏.‏

إفلات الجبان بعد اشفائه - منه قولُهم‏:‏ أفلت وانْحص الذَّنَب ومنه‏:‏ أفْلَت وله حُصَاص‏.‏

وُيروى في الحديث‏:‏ إن الشّيطان إذا سَمع الأذَان أدْبر وله حُصَاص‏.‏

ومنه‏:‏ أفلتنى جُرَيعَة الذَّقن إذا كان منه قرِيباً كقُرب الجَرْعة من الذَقن ثم أفلته‏.‏

ومنه قول العامة‏:‏ إن يُفلت العَيْرُ فقد ذرَق‏.‏

وقولُهم‏:‏ أفلتني وقد بَلَ النيْفق الذي تُسَمِّيه العامة النِّيفَق الجبان يتهدد غيره - منه قولُهم‏:‏ جاء فلان يَنفَض مِذرَوَيه أي يتوعّد ويتهدّد‏.‏

والمِذْرَوَان‏:‏ فَرْعا الأليَتين‏.‏

ولا يكاد يُقال هذا إلا لمن يتهدّد بلا حقيقة‏.‏

ومنه‏:‏ أبْرق لمن لا يَعْرفك‏.‏

واقْصِد بذَرْعك‏.‏

ولا تبْق إلا على نفسك‏.‏

تصرف الدهر - منه‏:‏ مَن يَجْتمع تَتقَعْقَع عُمُدُه‏:‏ أي إن الاجتماع داعية الافتراق‏.‏

ومنه‏:‏ كل ذات بَعْل ستَئِيم‏.‏

ومنه البيت السائر‏:‏ ومنه‏:‏ لم يَفُتْ مَن لم يَمُت‏.‏

الاستدلال بالنظر على الضمير - منه قولُهم‏:‏ شاهد البُغْض اللَّحْظ‏.‏

وجَلًى محبٌّ نَظَرَه‏.‏

قال زُهَير‏:‏ فإنْ تَكُ في صَديقٍ أو عدوّ تخبِّرْك العيونُ عن القًلوب وقال ابن أبي حازم‏:‏ خذ من العَيش ما كَفي ومِنَ الدهرِ ما صَفَا عَين من لا يُحبّ وَصَ لَك تُبْدِي لك الجَفا نفي المال عن الرجل - منه قولهم‏:‏ ما له سَعْنَة ولا مَعْنة‏.‏

معناه‏:‏ لا شيء له‏.‏

ومنه‏:‏ ما له هِلِّع ولا هِلَّعة وهما الجَدْي والعَنَاق‏.‏

ومنه‏:‏ ما له هارب ولا قارب‏.‏

معناه‏:‏ ليس أحد يَهرُب منه ولا أحدٌ يقرب إليه فليس له شيء‏.‏

وقولهم‏:‏ ما له عافِطة ولا نافِطة وهما الضَّائنة والمَاعِزة‏.‏

وما به نَبَض ولا حَبَض‏.‏

قال الأصمعيّ‏:‏ النَبَض‏:‏ التحرّك ولا أعرف الحَبَض‏.‏

وقال غيرُه‏:‏ النبَض والحَبَض في الوتر فالنَّبَض‏:‏ تحرُّك الوَتر والحَبَض‏:‏ صوته‏.‏

وقال‏:‏ والنيْلُ يَهْوِي نَبَضاً وحَبَضاً ومنه قولهم‏:‏ ما له سَبَد ولا لَبَد هما الشعر والصوف‏.‏

ولم يَعْرف الأصمعي السَّعْنة والمَعْنة‏.‏

إذا لم يكن في الدار أحد - منه قولهم‏:‏ ما بالدار شَفْر ولا بها دُعْوِيٌّ ولا بها دًبّي‏.‏

معناه‏:‏ ما بها من يدعو من يَدِب‏.‏

وما بها من عَريب ولا بها دُورِيّ ولا طُوِريّ وما بها وابِر وما بها صافِر وما بها ديار وما بها نافخ ضَرَمة وما بها أرم‏.‏

معنى هذا كله‏:‏ ما بها أَحد‏.‏

ولا يقال منها شيء في الإثبات والإيجاب وإنما يَقولونها في النَّفي والجَحْد‏.‏

اللقاء وأوقاته - منه‏:‏ لَقِيت فلاناً أولَ عَين يعني أولَ شيء‏.‏

وقال أبو زيد‏:‏ لقيتُه أولَ عائنة ولقيتُه أوّلَ وَهْلة ولقيته أولَ ذات يَدَيْنِ ولقيته أولَ صَوْك وأولَ بَوْك‏.‏

فإن لقيته فجأة من غير أن تُريده قلتَ‏:‏ لَقِيته نِقَاباَ ولَقِيتُه التقاطاً إذا لَقِيتَه من غير طَلَب‏.‏

وقال الراجز‏:‏ ومَنْهل وردته التقاطاً وإن لقيته مُواجهة قلت‏:‏ لَقيتُه صِفاحاً ولقيتُه كِفاحاً ولقيتُه كَفَةَ كَفةَ‏.‏

قال أبو زَيد‏:‏ فإنْ عَرض لك من غير أن تذكُرَهُ قلت‏:‏ رُفعِ لي رفعاً وأشِبّ لي إشباباً‏.‏

فإن لقيتَه وليس بينك وبينه أحدٌ قلتَ‏:‏ لقيتُه صَحْرة بَحْرَة وهي غيرُ مُجْراة‏.‏

فإن لقيتَه في مكان قَفْر لا أنيسَ به قلتَ‏:‏ لقيته بوحش إصْمتَ غير مُجْرى أيضاً ولقيته بين سَمع الأرْض وبصرَها‏.‏

فإنْ لقيتَه قبل الفجر قلتَ‏:‏ لقيتُه قبل ‏"‏ كل ‏"‏ صيْحٍ وَنَفْر‏.‏

النفر‏:‏ التفرق‏.‏

وإن لقيتَه بالهاجرة قلت‏:‏ لقيته صَكًةَ عُمَىّ ‏"‏ وصَكَة أعْمى ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ رؤبة يصف الفلاة إذ لمعت بالسراب في الهاجرة‏:‏ فإن لقيتَه في اليومين والثلاثة قلت‏:‏ لقيتُه في الفَرَط ولا يكون الفَرَط في أكثر من خمس عشرة ليلة‏.‏

فإن لقيتَه بعد شهر ونحوه قلت‏:‏ لقيته من عُفْر‏.‏

فإن لقيتَه بعد الحول ونحوه قلت‏:‏ لقيته عن هَجْر‏.‏

فإن لقيتَه بعد أعوام قلت‏:‏ لقيته ذات العُريم‏.‏

فإن لقيته في الزمان قلت‏:‏ لقيته ذات الزُمين‏.‏

والغِبّ في الزيارة‏:‏ هو الإبطاء فيها‏.‏

والاعتمار في الزيارة‏:‏ هو التردد فيها‏.‏

في ترك الزيارة - منه قولُهم‏:‏ لا آتيك ما حنَّت النِّيبُ وما أطَّت الإبل وما اختلفت الدّرَة والجِرّة وما اختلف المَلَوَان وما اختلف الجديدان‏.‏

ولا آتيك الشمس والقمرَ وأبدَ الأبد ويقال‏:‏ أبد الآبدين ودهْر الداهرين وحتى يرجع السهمُ إلى فُوقه وحتى يَرْجع اللبنُ في الضّرع‏.‏

ولا آتيك سِنّ الحِسْل‏.‏

تفسيره‏:‏ النَيب‏.‏

جمع ناب وهي المُسنّة من الإبل‏.‏

والدَرة‏:‏ الحَلْبة من اللبن‏.‏

والجرّة‏:‏ من اجترار البعير‏.‏

والملوان والجديدان‏:‏ الليل والنهار‏.‏

والحِسْل‏:‏ هو ولد الضبّ‏.‏

يقول‏:‏ حتى تَسْقط أسنانه ولا تسقط أبداً حتى يموت‏.‏

استجهال الرجل ونفي العلمِ ‏"‏ عنه ‏"‏ - منه قولهم‏:‏ ما يعرف الحوَّ من اللوِّ‏.‏

وما يعرف الحيّ من الليّ ولا هَرِيراً من غرير ولا قَبيلاَ من دَبير‏.‏

وما يعرف أيَّ طَرَفَيْه أطرل وأكبر‏.‏

وما ‏"‏ يعرف هِرّاً من بِرّ‏.‏

أي ما ‏"‏ يعرف من يَهِرُّه ممن يَبَرّه‏.‏

والقَبيل‏:‏ ما أقبلتَ به من فَتل الحَبْل‏.‏

والدَّبير‏:‏ ما أدبرت ‏"‏ به ‏"‏ منه‏.‏

وأيّ طرفيه أطول‏:‏ أنسَبُ أبيه أم نسب أمّه‏.‏