الجزء الأول - كتاب الدرة في التعازي والمراثي - الجزع من الموت

الجزع من الموت

الفُضَيل بن عِيَاض قال‏:‏ ما جَزع أحدٌ من أصحابنا عند الموت ما جزع سُفْيان الثوريّ فقلنا‏:‏ يا أبا عبد الله ما هذا الجَزَع أليس تَذْهَب إلى من عَبَدْته وفَرَرْت ببدنك إليه فقال‏:‏ ويحكم‏!‏ إني أسْلُك طريقاً لم أعرفه وأقْدم علِى ربٍّ لِم أره‏.‏

ولما تُوُفِّي سعيدُ بن أبي الحسن وجد عليه أخوه الحسن وَجْداً شديداً فكُلِّم في ذلك فقال‏:‏ ما رأيتُ الله جعل الحُزن عاراً على يَعْقوب‏.‏

وقال صالح المًرِّي‏:‏ دخلتُ على الحسن وهو في الموت وهو يُكثِر الاسترجاعَ فقال له ابنه‏:‏ أمثْلك يَسترجع على الدنيا قال‏:‏ يا بُني ما أسْتَرجع إلا على نفسي التي لم أُصَب بمثلها قَطًّ‏.‏

ولما أمر معاوية بقتل حجْر بن الأدْبَر وأصحابه بَعث إليهم أكفانهمِ وأمر بأن تُفْتح قبورهم ويُقْتلوا عليها‏.‏

فلما قُدِّم حُجْر بن الأدبر إلى السيف جزعِ جزَعاً شديداً فقيل له‏:‏ أمثلُك يَجزعٍ من الموت فقال‏:‏ وكيف لا أجزع وأرى سيفاً مشهوراً وكفناً منشوراً وقَبْراً مَحفوراً‏.‏