البيوتات
قال أبو عُبيدة في كتاب التاج: آجتمع عند عبد الملك بن مَرْوان في سَمَره
عُلماء كثيرون من العرب فَذَكروا بُيوتات العرب فاتفقوا على خَمسة أبْيات
بيت بني مُعاوية الأكْرمين في كِنْدة وبَيْت بني جُشَم بن بكر في تَغْلب
وبيتِ ابن ذي الجَدَّين في بَكْر وبيت زُرارة بن عُدَس في تميم وبيت بني
بَدْر في قَيْس.
وفيهم الأحْرز بن مُجاهد التِّغلَبي وكان أعلمَ القَوْم فَجعل لا يَخُوض
معهم فيما يَخُوضون فيه فقال له عبدُ الملك: مالك يا أحَيرز ساكتاً منذُ
الليلة فواللّه ما أنت بدون القوم عِلماً قال: وما أقولُ سَبق أهلَ
الفَضْل " في فضلهم أهلُ النقص " في نقُصانهم واللِّه لو أن للناس
كلَهم فَرساً سابقاً لكانت غُرتَه بنو شَيبان ففيم الإكْثار.
وقد قالت المُسيب بن عَلَس: تَبِيت المُلوكُ على عتْبها وشَيْبانُ إنْ
عَتبت تُعتِبِ فكا لشُهْد بالرَّاح أخْلاقُهم وأحلامُهم مِنْها أعْذَب
وكالمِسك تُرْب مَقَاماتهم وتُرْب قبورِهُم أطيَب بيوتات مضر وفضائلها
جُمْجُمتها وفيها العَيْنان وأسَد لسانُها وتميم كاهلُها.
وقالوا: بيتُ تميم بنو عبد الله بن دارم ومركزه بنو زُرارة وبيتُ قيس
فَزَارة ومَركزه بنو بَدْر " بن عمرو " وبيتُ بَكْر بن وائل شَيْبان
ومركزه بيتُ بني ذي الجَدّين.
وقال مُعاوية للكَلْبي حين سأله عن أخْبار العَرب قال: أخبرْني عن أعزِّ
العَرب فقال: رجلٌ رأيته بباب قُبته فَقَسَّم الفيء بين الحَلِيفين أسد
وغَطفان معاً قال: ومَن هو قال: حِصْن بن حُذَيفة بن بَدْر.
قال: فأخْبرني عن أشرف بيت في العرب قال: واللّه إني لأعْرفه وإني
لأبْغضه قال: ومَن هو قال: بيتُ زُرارة بن عُدَس.
قال: فأخْبرْني عن أفْصح العرب قال: بنو أسد.
والمُجْتمع عليه عند أهل النُسب وفيما ذكره أبو عُبيدة في التاج أن أشرف
بيت في مُضر غَير مُدافَع في الجاهليِّة بيتُ بَهْدَلة بن عَوْف بن كعب ابن
سَعد بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيم.
وقال النعمان بن المُنذر ذاتَ يومٍ وعنده وُجوه العرب ووفُود القبائل ودَعا
بُبْرديْ مُحرِّق فقال: لِيَلْبس هذين البردين أكرمُ العَرب وأشرفُهم
حَسَباً وأَعزُهم قَبيلة فأَحْجم الناس فقال الأحَيْمِر بن خَلَق بن بَهدلة
بن عَوف بن كَعْب بن سَعْد بن زَيد مَناة فقال: أنا لهما فائْتزَر
بأحدهما وآرتدى بالاخر.
فقال له النعمان: وما حُجُّتك فيما آدّعيتَ قال: الشرفُ من نِزار كلَها
في مَضرَ ثم في تَميم ثم في سَعْد ثمّ في كَعْب ثمّ في بَهْدَلة قال: هذا
أنتَ فِي أَهلك فكيف أنت في عَشِيرتك قال: أنا أبو عَشرَة وعَئُم عَشرَة
وأخو عَشَرة وخالُ عَشرة فهذا أنت في عَشِيرتك فكيف أنت في نَفْسك فقال:
شاهدُ العيَنْ شاهدي ثم قام فَوَضع قَدَمه في الأرض وقال: مَن أزالها فله
من الإبل مائة.
فلم يَقُم إليه أَحدٌ ولا تَعاطَى ذلك.
ففيه يقول الفَرزدق: فما ثَمّ في سَعْدٍ ولا آل مالك غلامٌ إذا سِيلَ لم
يَتَبَهْدل لهم وَهَب النعمانُ بُردىَ مُحرِّق بمَجد مَعدّ والعَديدِ
المُحَصَّل ومن بيت بَهْدلة بن عوف كان الزِّبْرقان بن بَدْر وكان يُسمَّى
سعد " بن زيد مناة بن تميم: سعدَ " الأَكْرِمين وفيهم كانت الإفاضة
في الجاهليَّة في عُطارد بن عَوْف بن كَعْب بن سعد ثم في آل كَرِب بن
صَفْوان بن عُطار وكان إذا آجتمِع الناسُ أيامَ الحج بمنى لم يَبْرح أحدٌ
حتى يَجوز آلُ صَفْوان ومَن وَرِث ذلك عنهم ثم يمرّ الناسُ أرسالاً.
وفي ذلك يقولُ: أوسُ بنُ مَغْراء السّعديّ: ولا يَريمون في التَّعْريف
مَوْقِفهم حتى يُقال أجيزُوا آلَ صَفْوَانَا ما تَطْلُع الشمسُ إلا عند
أوّلنا ولا تَغِيبنَّ إلاّ عند أُخْرَانا وقال الفَرَزْدق: ترى الناسَ ما
سرنا يَسيرون خَلْفَنَا وإنْ نحن أَوْمَأْنا إلى الناس وَقَّفُوا قال النبي
صلى الله عليه وسلم: إني لأجدُ نفس رَبكم من قِبل اليمن.
معناه واللّه أعلمِ: أن الله يُنفِّس عن المُسلمين بأهل اليمنِ يريدُ
الأنْصار ولذلك تقول العرب: نفسني فلانٌ في حاجتي إذا رَوَّح عنه بعض ما
كان يَغُمًّه من أمر حاجته.
وقال عبد الله بن عباس لبعض اليمانيّة: لكم مِن السماء نَجْمُها ومِن
الكَعْبَة رُكبُها ومن الشَّرف صَمِيمه.
وقال عمرُ بن الخطاب: مَنْ أجودُ العَرَب قالوا: حاتم طيء قال: فَمَن
فارسُها قالوا: عَمْرو بن مَعْدِ يكرب قال: فَمَن شاعرُها قالوا:
آمرؤ القَيْس بن حُجْر قال: فأيّ سُيوفها أَقْطَع قالوا: الصَّمْصامة
قال: كَفي بهذا فَخْراً لليمن.
وقال أبو عُبيدة: مُلوك العَرب حِمْير ومَقَاولُها غَسّان ولَخْم
وعَدَدُها وفُرسانها الأَزْد وسِنانُها مَذْحج ورَيْحانتها كِنْدة
وقُرَيْشها الأنصار.
وقال ابن الكَلْبي: حِمْير مُلُوكٌ وأَرْداف المُلوك والأزْد أُسْد
ومَذْحج الطُّغَان وهَمْدان أَحْلاس الخَيْل وغَسان أَرْباب المُلوك.
ومن الأزْد: الأنْصار وهم الأوْسٍ والخَزْرج ابنا حارثة بن عمرو بن عامر
وهم أعزُّ الناس أَنْفُساً وأشرفُهم هِمَما لم يُؤَدَّوا إتاوةَ قطّ إلى
أحد من المُلوك.
وكتب إليهم أبو كَرِب تُبًع الآخِر يَسْتَدْعيهم إلى طاعته ويتوعّدهم إنْ
لم يَفْعلوا أنّ يَغْزُوَهم فَكتبوا إليه: العَبْدُ تُبَّعكم يُريد
قِتالَنا ومكانُه بالمَنْزِل المُتذَلَل إنّا أُناس لا يُنامُ بأرْضنا عَضَ
الرَّسُولُ بِبَظْر أمِّ المُرْسِل قال: فَغزاهمٍ أبو كَرِب فكانوا
يُحاربونه بالنَّهار ويَقْرُونه باللَّيل فقال أبو كرب: ما رأيتُ قوما
أكرمَ من هؤلاء يُحاربوننا بالنَهار ويُخْرجون لنا العَشَاء باللِّيل
آرْتحِلُوا عنهم فارتحلًوا.
ابن لَهِيعة عن ابن هُبيرة عن عَلْقمة ابن وَعْلة عن ابن عبّاس: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن سَبأ ما هو أبلدٌ أم رَجُل أمٍ امرأة
فقال: بل رَجُل وُلد له عَشرة فَسَكن اليمنَ منهم ستةٌ والشامَ أربعةٌ
أمّا اليمانيّون فكِنْدة ومَذْحج والأزد وأنمار وحِمْير والأشعريون وأمّا
الشاميُون فَلَخْم وجُذَام وغَسّان وعامِلة.
ابن لهيعة قال: كان أبو هُريرة إذا جاء الرسولُ سأله ممّن هو فإذا قال:
من جُذام قال: مَرْحباً بأصهار مُوسى وقوم شُعَيب.
ابن لَهيعة عن بَكْر بن سَوَادة قال: أتى رجلٌ من مَهْرَة إلى عليّ بن
أبي طالب قال: ممن أنت قال: من مَهْرَة قال: " وَآذْكُرْ أَخَا
عادٍ إذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بالأحْقَافِ ".
وقال ابن لَهِيعة: قَبْرُ هُود في مَهْرَة.
تفسير القبائل والعمائر والشعوب قال ابن الكَلْبيّ: الشَّعب أكبرُ من
القَبيلة ثم العِمَارة ثم البَطْن ثم الفَخِذ ثم العَشِيرة ثم الفَصِيلة.
وقال غيرُه: الشّعوبُ العَجَم والقبائل العرب وإنما قيل للقَبيلة قبيلة
لتقابُلها وتناظرُها وأن بعضَها يُكافئ بعضاً.
وقيل للشَّعْب شَعْب لأنه انشَعب منه أكثر مما آنشعب من القَبيلة وقيل لها
عَمائر من الاعتمار والاجتماع وقيل لها بُطون لأنها دون القبائل وقيل لها
أفخاذ لأنها دون البُطون ثم العَشيرة وهي رَهط الرجل ثم الفَصيلة وهي أهلُ
بيت الرجل خاصة.
قال تعالى: " وفَصِيلتِهِ التي تُؤويه ".
وقال تعالى: " وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الأقْرَبِينَ ".