الجزء الأول - كتاب اليتيمة في النسب - تفسير الأرحاء والجماجم

تفسير الأرحاء والجماجم

- وقال أبو عُبيدة في التَاج‏:‏ كانت أَرْحاء العَرَب سِتَاً وجَماجمها ثمانياً فالأرحاء الست بمُضَر منها اثنتان ولرَبيعة اثنتان‏.‏

ولليمن اثنتان واللتان في مضَر تَميبمِ بن مُرّ وأسد بن خُزَيمة واللتان في اليمنِ كَلْب ابن وَبْرة وطيئ بن أدد وإنما سُميت هذه أَرْحاء لأنها أَحْرزت دوراً ومِياهاَ لم يكن للعرب مثلُها‏.‏

ولم تَبْرح من أَوْطانها ودَارت في دورها كالأرْحاء على أَقْطابها إلأ أَنْ يَنتجع بعضها في البُرَحاء وعامَ الجَدْب وذلك قليلٌ منهم‏.‏

وقيل للجَماجم جماجم لأنها يَتفرع من كلّ وَاحدة منها قبائل اكتفت بأسمائها دون الانتساب إليها فصارت كأنها جَسَد قائم وكلّ عُضْو منها مُكْتَفٍ باسمه مَعْروف بمَوْضعه والجماجمُ ثمانٍ‏:‏ فاثنتان منها في اليَمن واثنتان في رَبيعة وَأَرْبع في مُضرَ‏.‏

فالأربع التي في مُضر‏:‏ اثنتان في قَيْس واثنتان في خِنْدف ففي قَيْس‏:‏ غَطَفان وهَوَازن وفي خِنْدف‏:‏ كنانة وتَميم واللتان في رَبيعة‏:‏ بكر ابن وائل وعبدُ القَيْس بن أَقصىَ واللتان في اليمن‏:‏ مَذْحج وهو مالك بن أدد ابن زَيْد بن كَهلان بن سَبَأ وقُضاعة بن مالك بن زيد بن مالك بن حِمْير بن سبأ‏.‏

أَلا تَرَى أَن بَكْراً وَتَغْلِب ابني وائل قبيلتان مُتكافِئتان في القدر والعَدد فلم يَكُنْ في تَغْلِب رجال شُهِرَت أسماؤهم حتى انتُسِب إليهم واستجزئ بهم عن تَغْلِب فإذا سألتَ الرجلَ من بني تَغْلب لم يَسْتَجْزِئ حتى يقول تَغْلَبي‏.‏

ولبَكْر رجالٌ قد اشتَهرت أسماؤهم حتى كانت مثلَ بكر فمنها شَيبان وعِجْل ويشْكُر وقَيْس وحنيفة وذُهْل ومثلُ ذلك عبد القَيْس ألا ترى أن عَنَزة فوقها في النّسب ليس بينها وبين رَبيعة إلا أَبٌ واحد عَنَزة بن أسد بن ربيعة فلا يَسْتجزئ الرِجلُ منهم إذا سُئل أن يقول عَنَزِيّ والرجل من عبد القَيْس يُنْسب شَيبانيًاً وجَرْمِيَّاَ وبَكْريَّاً‏.‏

ومثلُ ذلك أن ضَبَّة بن أد عم تميم فلا يَسْتجزئ الرجلُ منهم أن يقول ضبّي والتَّمِيميّ قد ينتسب فيقول مِنْقَرِيّ وَهُجَيْمِيّ وطْهوِيّ ويَرْبُوعِيّ ودارميّ وكَلْبيّ وكذلك الكِناني يَنْتَسب فيقول لَيْثي ودُؤَلِيٌ وَضمْريٌ وَفِرَاسيّ وكل ذلك مَشْهور مَعْروف وكذلك الغَطَفَاني ينتسب فيقول عَبْسي وذُبْياني وَفَزَارِيّ ومُرّي وأَشْجعي وَبَغِيضيّ‏.‏

وكذلك هَوَازن منها ثقيف والأعْجَاز وعامِر بن صَعْصَعة وقُشَير وَعقيل وجَعْدة وكذلك القبائل من يَمن التي ذكرنا فهذا فرق ما بني الجماجم وغيرها من القبائل والمعنى الذي به سميت جماجم‏.‏

وجمرِات العَرب أَرْبعة وهمْ‏:‏ بنو نُمير بن عامر بن صَعْصعة وبنو الحارث بن كَعْب وبنو ضبَّة وبنو عَبْس بن بَغِيض وإنما قيل لها الجَمَرات لاجتماعهم والجَمْرة الجَماعة أسماء ولد نزار قال أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الخُشَنى‏:‏ لما احتضِر نِزار بن مَعدِّ ابن عَدْنان تَرك أربعةَ بنين‏:‏ مُضَر ورَبيعة وأنمار وإياد وأَوْصىَ أن يُقَسَم ميراثَهم بينهم سَطِيحٌ الكاهِن‏.‏

فلما مات نِزار صَفَّهم سَطيح بين يَدَيه ثم أعطاهم على الفِرَاسة فأَعْطى ربيعةَ الخَيْلَ فيُقال له رَبيعة الفَرَس وأَعْطَى مُضر الناقَة الحمراء فيُقال له مُضَر الحَمْراء‏.‏

وأَعْطى أَنماراً الحِمارَ وأَعْطى إياداً أثاثَ البيت‏.‏

قال‏:‏ فقِيل لسَطِيح‏:‏ مِن أين عَلِمْت هذا العِلْم قال سَمِعْتُه من أخي حين سَمِعه من مُوسى يومَ طورِ سيناء‏.‏

الأصمعيّ قال‏:‏ أخبرني شيخٌ من تَغْلب قال‏:‏ أَرْدَفني أبي فلمّا أَصْحَر رَفَع عَقيرَته فقال‏:‏ رأتْ سِدْرةً مَن سِدر حَوْمَلَ فابتَنَت به بيتها أَلا تُحاذِرَ راميَا إذا هي قامتْ فيه قامتْ ظَلِيلةً وأَدْرك روْقَاها الغُصونَ الدَّوانيا تَطَلَعُّ منه بالعَشيّ وبالضُحَى تَطَلّعَ ذاتِ الخِدْر تَدْعو الجَوارِيا ثمّ قال‏:‏ أَتَدْري من قائلُ هذه الأبيات يا بُني قلت‏:‏ لا أَدري قال‏:‏ قالها رَبيعةُ بن نِزَار فقلت‏:‏ وما يَصِف قال‏:‏ البَقرة الوَحْشيَّة‏.‏

ولد مضرَ بن نِزَار إلياس والناس وهو عَيْلان أمهما الرباب بنت حَيْدة بن مَعدّ‏.‏

فَولَد الناس الذي هو عَيْلان بن مُضَر قَيْسَ بن عَيْلان بنِ مُضر وولد إلياس بن مُضر عَمْراً وهو مُدْركة وعامراً وهو طابخة وعُميراَ وهو القَمَعة‏.‏

ويقال إن القَمَعة هو الجُزَعة وأُمهم خِنْدف وِهي لَيْلَى بنت حُلْوان بنِ عمْران بن الحاف بن قُضاعة فَجَميع ولد إلياس بن مُضر بن نِزار من خِنْدف ولذلك يُقال لهم خِنْدف لأنها أمهم وإليها يُنسبون‏.‏

فَجَميع ولد مُضر بن نِزار قيس وخِنْدف‏.‏

ومن بُطون خِنْدف‏:‏ بنو مُدْركة بن إلياس بن مُضر وهم هُنَيل بن مُدْركة وكِنانة بن خُزَيمة بن مُدْركة وأَسَد بن خُزَيمة بن مُدْركة والهُوِن بن خُزيمة بن مُدْرِكة وهم إخْوة أَسد‏.‏

ومن بني طابخة بن إلياس من مُضَر ضبة بن أدبن طابخة ومُزَينة وهما بنو عمرو بن أُدّبن طابخة نُسبوا إلى أمهم مُزينة بنت كَلب بن وَبْرة والرباب بنو أدبن طابخة وهم عَدِيّ وتَيْم وثَوْر وعُكْل وإنما سُمِّيت الرباب لأنها اجتَمعت وتحالفت فكانت مثل الربابة‏.‏

ويقال إنهم كانوا إذا تحالفوا وَضعوا أَيْديهم في جَفْنة فيها رُبّ‏.‏

وصُوفة وهو الرٌبيط بن الغَوْث بن أُدّبن طابخة وكانوا أصحابَ الإجازة ثم انتقلت في بني عُطارد بن عَوْف بن كَعْب بن سَعْد بن زَبْد مَنَاة بن تَمِيم و تَميم ابن مُرّ بن أُدّ ابن طابخة‏.‏

فجميع قبائل مُضر تجمعها قَيْس وخِنْدف وقد تنسب ربيعة في مُضر وإنماهم إخوة مُضر لأن ربيعة ابن نُزار ومُضرَ ابن نزار‏.‏