الجزء الأول - كتاب المجنبة الثانية في التوقيعات والفصول والصدور وأخبار الكتبة - صفة الكتاب

صفة الكتاب

قال إبراهيم بن محمد الشَيباني‏:‏ من صِفة الكاتب اعتدالُ القامة وصِغَر الهامة وخِفَّة اللَهازم

وكَثَافة اللِّحية وصِدْق الحِسّ ولُطْف المَذْهب وحًلاوة الشمائل وحُسْن الإشارة ومَلَاحة

الزِّي حتى قال بعضُ المَهالبة لولده‏:‏ تَزَيَّوا بزِيّ الكُتِّاب فإن فيهم أدبَ الملوك وتواضعَ السُّوقة‏.‏


وقال إبراهيم بن محمد الكاتب‏:‏ من كمال آل الكِتابة أن يكون الكتاب‏:‏ نَقِيّ المَلْبس نَظيف


المَجْلس ظاهر المُروءة عَطِر الرّائحة دَقيق الذِّهب صادق الحِسّ حَسَن البيان رَقيق

حواشي اللسان حُلْو الإشارة مَليح الاستعارة لطيفَ المسالك مُسْتَقِرّ التّركيب ولا يكون مع

ذلك فَضفَاض الجثّة مُتفاوت الأجزاء طويل اللِّحية عظيم الهامة فإنهم زَعموا أنّ هذه الصورة

لا يليق بصاحبها الذَّكاءُ والفِطْنة‏.‏

وأنشد سعيد بن حُميد في إبراهيم بن العباس‏:‏

رأيتُ لهازمَ الكُتّاب خَفَّت ولهزْمتاك شأنُهما الفَدَامة

وكُتّاب الملوك لهم بَيانٌ كمِثْل الدُّر قد رَصَفوا نِظَامَ

وأنت إذا نطقتَ كأنّ عَيْراً يَلُوك بما يَفُوه به لِجامه

وقال آخر‏:‏

عليكَ بكَاتب لَبِقٍ رَشِيقٍ زَكِيِّ في شَمائله حرارَه

تُناجِيه بطَرْفًك مِن بَعيد فيفهمُ رَجْع لَحْظك بالإشارة

ونظر أحمد بن الخَصِيب إلى رجل من الكتاب‏:‏ فَدْم المنظر مُضْطرر الخَلْق طويل العُثْنون

فقال‏:‏ لأن يكون هذا فِنْطاسٌ مُرَكب أشبهَ من أن يكون كاتباً‏.‏


فإذا اجتمعت للكاتب هذه الخلال وانتظمت فيه هذه الخِصال فهو الكافِ البليغ والأديب

النِّحْرِير وإن قَصَّرت به آلة من هذه الآلات وقَعدت به أداةٌ كل هذه الأدوات فهو مَنقوص