صور

صور كما جاءت في الاعمال الكاملة للدكتور نفولا زيادة --الجزء الثالث عشر

مرّ على صور المدينة الساحلية اللبنانية عدد كبير من الملوك والحكام، من الملك أحيرام مروراً بأليسـار أو أليسا الأميرة الفينيقية التي بنت مدينة
قرطاج في تونس، والملك البابلي نبوخذ نصّر الذي حاصر المدينة لمدة 13 عاماً وصولاً الى الإسكندر الكبير الذي فتح صور بعد أن صمدت في وجهه حتى نجح في ردم البحر وبناء معبر اليها اشبه بالجسر ... وغيرهم كثيرون .

اشتهرت صور في أيام الفينيقيين، بصناعة الانسجة المصبوغة باللون الأرجواني النادر والمستخرج من أصداف بحرية . وقد أصبح هذا اللون بفضل تميّزه ونُدرته، اللون الملكي بإمتياز للاباطرة والملوك ومن ثم لكبار رجال الدين . هذا الصدف البحري معناه باللغة الاغريقية "فونيق" ومن هنا اطلقت التسمية بداية على سكان صور ومن ثم على الكنعانيين في تلك المناطق .

عرفت صور شعوباً متنوعة كالمصريين والأشوريين والفينيقيين والإغريق والبيزنطيين والعرب والعثمانيين، إلا ان الرومان كانوا من تركوا بصماتهم الواضحة على معالمها، منها أكبر مضمار روماني في العالم لسباق العربات التي تجرها الخيول وقوس نصر ضخم ومقبرة رومانية جماعية وغيرها.

تنتشر اثار صور التراثية والتاريخية في ثلاثة مواقع رئيسة، هي:

موقع الميناء. فيه طريق معمّدة طويلة تصل السوق بالميناء. أما الارصفة فبعضها مصنوع من الفسيفساء البيزنطية. في الموقع أيضاً حوض سباحة روماني مستطيل وحمّامات رومانية ومبانٍ سكنية أرضياتها مصنوعة من الفسيفساء وأحجار كبيرة هي بقايا لحائل الأمواج ومحطّات السفن الفينيقية.

قسّم هذا الموقع مدينة صور إلى مدينتين ربط بينهما الملك أحيرام في القرن العاشر قبل الميلاد.

موقع الكاتدرائية الصليبية. فيه أساسات الكنيسة التي تعود الى القرن الثاني عشر اضافة الى أعمدة من الصوّان . وتقول الأسطورة أنه تمّ تتويج ملك القدس في هذا الموقع، وكذلك دُفن فيه الملك الألماني فريدريك برباروسا. ويلاحظ الزائر أنّ الكاتدرائية محاطة بشبكة طرقات ومبانٍ رومانية وبيزنطية.

موقع البصّ الذي يبعد سيراً على الأقدام حولي 30 دقيقة عن الموقعين الآنفي الذكر. نعبر خلاله حيّ الرمل وهو حيّ صور السكني الذي بناه الإسكندر الكبير خلال حصاره للمدينة في العام 332 ق.م. ونجد في هذا الموقع بقايا لقنوات جرِ المياه الى المدينة ومقبرة كبيرة فيها حجارة مزخرفة أو منقوشة ورخام نواويس تعود الى عهد الرومانيين والبيزنطيين. اضافة الى بقايا أكبر مضمار روماني في العالم حيث كانت تُقام سباقات المعجلاّت في تحدٍّ رهيب للموت.

لكن روعة صور لا تقتصر على آثارها ومواقعها التاريخيّة فحسب، بل في أنها أيضاً محطّة مهمة لعشاق رياضة الغطس، إنْ لمتعة الرياضة او لاستكشاف الاطلال الرومانية والفينيقية القابعة في قاع البحر، أو لمشاهدة حلزون الصدف الأرجواني الشهير . كل هذا دون أن ننسى الأسواق العثمانية القديمة والمطاعم الواقعة على طول الميناء والتي تقدّم المأكولات البحريّة وثمار البحر الطازجة.

نجد بالقرب من صور أيضاً عدّة مواقع دينية مهمّة ، منها: قبر الملك أحيرام الذي عاصر الملك داود والملك سليمان وضيعة قانا حيث حوّل السيد المسيح الماء الى خمر.