طلميثة

تقع مدينة طلميثة الليبية، أو بطوليماس الدّرسية حاليًا في بقعةٍ تحظى بالهدوء وجمال الطّبيعة، بين البحر ومرتفعات الجبل الأخضر. وهي تبعدُ عن مدينة المرج (بَرقَة) بنحو 29 كيلومترٍ شرقًا. وتتميّز هذه المدينة بكثرة معالمها الأثريّة التي تعود إلى عهودٍ مختلفةٍ من التّاريخ. وهي واحدةٌ من المُدُن الخمس التّي تشمل شحات (قورينا) وسوسة (أبولونيا) والدرسية (بطوليماس) والعقورية (توخيرا) وبنغازى (برنيفي). ويعود سبب إنشاء مدينة الدّرسية إلى حاجة مدينة بَرقة (المرج) إلى ميناءٍ تستطيع من خلاله الإتّصال بالعالم الخارجى بحرًا، خاصّةً وإنّ مدينة المرج قد بدأت في الإزدهار في أواخر القرن السّادس ق.م، وصارت منذ ذلك التّاريخ مركزًا تجاريًا مهمًا. ومن هنا جاءت أهميّة إنشاء ميناءٍ خاصٍ بتلك المدينة، تستطيع عبره تصدير حاصلات المنطقة التّي كان من بينها نَبات السّلفيوم الشّهير.

تشير المصادر القديمة إلى وجود ميناءٍ بموقع الدّرسيّة، بإسم "ميناء مدينة برقة".

ويرى بعض العُلماء أنّ عهد بطليموس الثّالث (246 – 221 ق.م) هو العهد المُرجّح لتأسيس هذه المدينة، وذلك بعد زواجه من برنيفي، أميرة مدينة "قورينا". وقد ازدهرت المدينة زمن البطالمة والرّومان، وامتلكت أسطولاً بحريًا، احتلّ مكانةً مرموقةً بين أساطيل البحر الأبيض المتوسّط. وازداد سكّانها في العهد البطلميّ، وأصبحت عاصمة المنطقة خلال القرنين الرّابع والخامس. وعندما جاءها العرب عام 642، حافظت المدينة على أهمّيتها كموقعٍ عسكريٍ حصينٍ وميناءٍ تجاريٍ تربطه علاقاتٌ تجاريّةٌ متينةٌ بعدّة موانئ، خاصّة ميناء الإسكندرية الذّي كان يبعث بالسّفن مُحمّلةً بالقماش إلى ميناء الدّرسية لتعود بكميّاتٍ من حاصلات الإقليم، كالعسل والسمن والحبوب.

من أشهر آثار المدينة مدافن البطالمة وشبكة إمدادات المياه والنّقوش الكتابية على ألواحٍ من الرّخام التّي تسجّل أهمّ الأحداث التّاريخية التّي مرّت بها المدينة، فضلاً عن نقشٍ يُبيّن تعريفة الأسعار الصّادرة في عهد الإمبراطور دقلديانوس (248-305).