عبـري

 

تتميّز مدينة عبري العُمانية بتعدّد معالمها الأثرية ما بين حصونٍ وقلاعٍ وأبراجٍ، فضلاً عن وجود آثار بلدة "بات" التّي هي ثاني موقع تدرجه منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي في سلطنة عمان بعد "قلعة بهلاء" في المنطقة الداخلية.

تقع "بات" شرقي ولاية عبري حيث كانت البعثة الدانمركية بالتّعاون مع دائرة الآثار بوزارة التراث القومي والثقافة قد قامت بالتنقيب في هذا الموقع عام 1976م، ممّا أدّى إلى الكشف عن وجود مدافن تبعد بمسافة حوالى 2 كيلومترٍ شمالاً عن القرية الحالية. ويحتوي الجزء الجنوبي من الموقع على عددٍ من المدافن من طراز "أم النّار" التّي تمّ التعرف بها من طريق نظام الجدار الدّاخلي ومن خلال الفخّار المُبعثر حول المدينة. أمّا الجزء الشمالي من الموقع الأثري، فهو يضمّ مدافن من طراز "خلايا النّحل" والتّي تشبه في بنائها المدافن المعروفة في المنطقة. كما تمّ اكتشاف نقطةً أخرى تضمّ مائة مدفنٍ مبنيةً من الحجارة، وقد بدت عليها ملامح التّطور من مدافن "خلايا النحل" إلى مدافن "أمّ النار" حيث تتميّز الأولى بأنّها تضمّ ما بين مدفنين إلى خمسة، أمّا الثانية فهي "مدافن جماعية" والتي اكتشف منها 20 مدفنًا. وفي هذه المدافن- بطرازَيها- تمّ العثور على قطعٍ من الفخّار الأحمر الذي يُشبه فخّار منطقة "جمدت نصر" بالعراق. كما تمّ العثور كذلك على فخّارٍ جيّد الصنع أحمر اللون مُزخرف بخطوطٍ سوداء خفيّة وقطع أخرى تظهر بها "براويز"، يبدو أنّها مُخصّصة للتعليق، وهو النّوع الذي كان شائعًا في مدافن ومستوطنات حضارة "أمّ النار" التي عَرفتها المنطقة والمناطق المجاورة لها. وفي بلدة "بات" أيضًا تمّ اكتشاف بناء مستدير الشّكل يحيط به جدار من الحجارة المُربّعة وعلى جانبه الجنوبي الشرقي -إلى مدخل المبنى- تمّ الكشف عن "مصطبة نقود". كما عثر المكتشفون على بئرٍ يقسم البناء إلى نصفين في كلّ منهما حجرات مستطيلة متتالية من دون مداخل أو ممرّات تصل بين الحجرات أو تربط بعضها بالبعض الآخر، وكذلك من دون روابط مع الجدار الخارجي، وهو ما يمكن تفسيره بأن هذه الحجرات لم تكن مُخصّصة للسكن وأن البئر المُكتشفة في وسط المبنى ربّما تكون مشابهة في التخطيط والتقسيم لهذا البناء. وبعد الدراسة الأثرية المُستفيضة، اعتبرت هذه المباني الحجرات السّت بأنّها كانت تلعب دور أبراج الحراسة للمنطقة.

تكمن أهميّة موقع "بات" التاريخية في كونه يقع عند ملتقى الطُّرُق التجارية القديمة، حيث كانت القوافل تمرّ بهذا الموقع مُحمّلة بالبضائع المُتّجهة إلى المواقع الأخرى. هناك الحصون التي يُعتَبَر "حصن عبري" من أهمّها جميعًا حيث يرجع تاريخ بنائه إلى 400 سنة ماضية، وهو يقع في وسط المدينة بالقرب من السوق القديم فيها، ويتميّز بالنّقوش التّاريخية والأثرية ويتكوّن من عدّة صباحات (بوابات). وفي الحصن جامع كبير كان مُخصّصًا لتأدية صلاة الجمعة وسائر الصّلوات الأخرى. وفي الحصن بئران على مقربةٍ منهما يقع إسطبل للخيول؛ وفيه برجان، أوّلهما في الجانب الشمالي مُطلاً على السوق القديم والآخر في الجانب الجنوبي. إلى ذلك يوجد في "حصن عبري" قلعة رباعية تمتاز بسورها الكبير. أمّا حصن "جبل الشّحشاح" فقد كان مركزًا أساسيًا للمدينة في الزّمن القديم. وفي أسفله تمّ العثور على بئرٍ مطوّبةٍ بالطّين وما تزال آثارها باقية. وهناك حصن "الأسود" الذي يرجع تاريخ بنائه إلى العام 972هـ، وهو حصن منيع مرتفعٌ يضمّ أربعة أبراج؛ وحصن "الدريز" والذي يُعتَبر حصنًا دفاعيًا رئيسًا فيه برجان وعدّة أبوابٍ. ومن الحصون الأخرى حصن "الغبيّ" الذي هو "بيت الدك" الأثري ويوجد به عدة أبراج، كما أنّ هناك بيتًا أثريًا آخر وليس حصنًا، يُعرَف بإسم "بيت الصّاروج"، إضافةً إلى حصن "العينين" وحصن "السّلمي".

من أهمّ الأبراج في المدينة برج "الشّريعة" الذي كان مُستخدمًا للحراسة. كما إنّ فيها قلعة السّليف التي بناها الإمام سلطان بن سيف اليعربي، وهي تتكوّن من عدة مبانٍ ومنازل يحيط بها سور لهُ عدّة أبراجٍ عاليةٍ. ويمرّ في أسفل القلعة فلجٌ، كما فيها مسجد وبئر للمياه.

ومن المعالم السّياحية بمدينة عبري -إضافةً إلى المعالم الأثرية السابقة- العيون والأفلاج. ففي بلدة "مقنيات" توجد عين "الحيدث" وعين "الجناة" التي تقع وسط غاباتٍ من النخيل وأشجار المانجو. أمّا الأفلاج فأهمّها "فلج المفجور" في عبري، وأفلاج: المبعوث، العراقي، العينين، الدريز والقروان. كما يوجد مَعلَم سياحيّ آخر وهي بلدة "ضم" بوادي العين التي تتوافد إليها أعداد كبيرة من المواطنين والمقيمين للنّزهة.

تتعدّد الحِرَف والصّناعات التقليدية بولاية عبري. فمِن أبرَز الحِرَف: الرّعي وتربية الحيوانات والنّسيج والزراعة التي تتنوع محاصيلها، مثل: التّمور بأنواعها المُختلفة، والحنطة والبرتقال والعنب والحمضيات والخضروات والأعلاف الحيوانية. ومن أهم الصّناعات: البشوت والمناسيل، الخروج المزركشة وغيرها من أدوات تزيين الإبل. كذلك تُصنَع الخوصيات، الجلود، الفخار، السعفيات، مواد البناء التقليدية والحلوى العمانيّة.