ودمدنى

نشأت مدينة ودمدنى السودانية عام 1489م عندما حل بموقع المدينة الفقيه محمد الأمين ابن الفقيه مدني الذي يتصل نسبه بعقيل ابن آبى طالب ابن عبد المطلب الهاشمي. 

بدأت منذ ذلك التاريخ تتكون الأحياء السكنية، حيث قام أول ما قام حي المدنين الذي كان يسكنه الدارسون والمريدون للفقيه محمد الأمين. وقامت خلال تلك الحقبة من الزمن صناعة المراكب الشراعية في إطار المركز التجاري الذي اتسمت به المدينة إلى جانب الصناعات المحلية، كدباغة الجلود والأحذية .

عندما غزا إسماعيل بن محمد على باشا السودان، إتخذ من مدينة ودمدنى قاعدة لقواته التي أرسلها لغزو سنار وفازقلى. وانتهت أهمية المدينة كقاعدة عسكرية لجيوش الأتراك بمقتل إسماعيل باشا . وعند بداية الحكم الثنائي، المصري- السوداني، اتخذت مدينة الكاملين كعاصمة لمديرية النيل الأزرق. إلا إنه وبحلول عام 1902م حولت العاصمة الى ودمدنى. وخلال العشرين عاما بعد 1900م أقيمت محطة للسكة الحديد والمستشفى الذي كان وحدة عسكرية تابعة للقوات البريطانية ومباني رئاسة المديرية والمحاكم والبريد والجامع الكبير على امتداد شارع النيل. كما بدأ أول تخطيط إسكاني بالحي السوداني وحي القسم الأول .

شهدت مدينة ودمدنى منذ ذلك التاريخ نشاطا تجارياً كبيراً وحلت بالمدينة أعداد كبيرة من التجار والحرفيين .

في عام 1929م ضعفت أهمية مدينة ودمدني كمركز تجاري كان يستقبل يوميا عشرات القوافل المحملة بحاصلات
السودان لتتوجه إلى كسلا. وكان ذلك بسبب اكتمال الخط الحديدي إلى شرق السودان حتى مدينة كسلا. واستعادت ودمدنى أهميتها الاقتصادية مرة أخرى بقيام مشروع الجزيرة في عام 1925م وتوسعت حركة الأداء الحكومي فيها نسبة للتطور الاجتماعي والإنمائي الذي شمل مديرية النيل الأزرق بحجمها السابق، إلى أن جاء عام 1973م حيث بقيت المدينة عاصمة لمديرية الجزيرة بعد تقسيم المديريات.

تبلغ مساحة ودمدنى في الوقت الحاضر 65 كيلومتراً مربعاً ويبلغ عدد سكانها 106 آلاف نسمة، وتضم عددا من المؤسسات المهمة كرئاسة وزارة الري ورئاسة هيئة البحوث الزراعية ورئاسة مشروع الجزيرة وكلية أبو حراز الزراعية. كما أنها تضم صناعات متنوعة، من أهمها صناعة الغزل والنسيج وصناعة الجلود والصناعات الغذائية والكيميائية المختلفة. وتمتاز المدينة بأنها نقطة الالتقاء الرئيسة لشبكة الطرق التي تربط مناطق السودان المختلفة بالخرطوم وميناء بور سودان.

تعتبر مدينة ودمدني المدينة السودانية الرائدة في شتى المجالات، منها الرياضية والاجتماعية والاقتصادية، ولكن هنالك إغفال تام لدورها الفعّال في بدء ونهضة وتطور السودان، وذلك للاهتمام الكلي والتركيز الإعلامي على مدن ثالوث العاصمة القومية دون غيرها من مدن السودان.

ضم جيش محمد على باشا الغازي للسودان عام 1821 مجموعات من الأرمن والشراكسة والالبان والارناؤوط، واستقر أكثرهم في مدينة ودمدني بعد أن أصبحت العاصمة الجديدة للبلاد في ذلك الوقت. وبعد الفتح الثاني على يد اللورد كتشينر عام 1898م وفدت للبلاد هجرات جديدة من الأجانب، وخاصة من بلاد سوريا ولبنان ومصر واليونان، وكان يعمل جل هؤلاء بالتجارة وموظفين بدواوين الحكومة.

ساهم هؤلاء القادمون الجدد في إضافة معارف وثقافات جديده للمواطنين السودانيين، وخاصة في مجال الفنون والآداب، وشاعت مظاهر الحضارة والثقافة في كل مدن السودان التي استقروا فيها . ومما ساعد على ذلك ارتباط بعضهم كالشوام والمصريين مع سكان البلاد الأصليين برابطتي اللغة والدين، وهما من أقوى الروابط. ومن تلك المظاهر السالفة الذكر استخدام الآلات الموسيقية العربية الوافدة في الموسيقي السودانية . وتعتبر مدينة ودمدني من أولى مدن السودان التي ظهرت فيها تلك الآلات. 

ترجّح الروايات أن ودمدني التي تقع على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق اتخذت اسمها من اسم الشيخ محمد بن مدني دشين قاضي العدالة الذى يقول عنه محمد النور ضيف الله فى كتابه الطبقات: كان واحدا من أهل زمانه فى الورع والزهد والصدق.

وبعد سقوط سنار على يد الغزو التركي- المصري، اتخذها اسماعيل باشا قاعدة لقواته، ثم أصبحت بعد ذلك عاصمة للسودان، ثم انتقلت العاصمة منها إلى الخرطوم واستمرت ودمدنى عاصمة للإقليم تحت الحكم الاستعماري التركي المصرى ثم الإنجليزي المصري تحت مسميات النيل الأزرق. والآن أصبحت ودمدنى عاصمة للولاية الوسطى، وهي عاصمة لكل من النيل الازرق ، الاقليم الاوسط، الولاية الوسطى وولاية الجزيرة.