بابل

كانت بابل العراقيّة مدينةٌ صغيرةٌ نشأت في بداية الألف الثالث قبل الميلاد (عصر فجر السّلالات) وقد تألّق نجمها السياسي عند قيام سلالة بابل الأولى التّي أسّسها الأمير البابلي "سمو أبم" عام 1894 ق.م حيث شُيّدَت فيها أسوار ومعابد وقصور عديدة. وبلغ عدد معابدها 1179 معبدًا، تتفاوت في سعتها، فضلاً عن 153 معبدًا ضخما لمشاهير الآلهة، من أهمها معبد ننماخ، أي السّيدة العظيمة، ومعبد عشتار ومعبد بابو ومعبد مردوخ.

 

حَكَم في سلالة بابل الأولى أحد عشر ملكًا، كان أشهرهم الملك حمورابي الذي حكم اثنتين وأربعين سنة (1750- 1792 ق.م). وقد تمكّن أثناء حكمه من تثبيت دعائم مملكته والإنتصار على جميع الدّويلات الصغيرة، لذا يُعَدّ من الملوك الأوائل الذين عملوا على توحيد العراق وضمان أمنه، فضلاً عن اهتمامه بالرّي والشؤون الدّينية والإقتصادية والتّمكين للعدل بين الناس. كما اشتهر بشريعته المعروفة التي تُعَدّ أول شريعةٍ وضعيّةٍ في تاريخ البشرية. وقد اشتملت على 282 مادّة قانونية، قُسِّمت إلى ثلاثة حقول، بدأت بالمقدمة ثم نصوص الشريعة، وانتهت بالخاتمة.

 

كما حَكَمت مدينة بابل سلالاتٌ عديدةٌ، كان آخرها سلالة العصر البابلي الحديث التي دامت زهاء قرنٍ واحدٍ. ويُعَدّ عهد الملك نبو خذ نصّر الثاني (604 ـ562 ق.م) من العهود المُتميّزة في تاريخ العراق الحديث بصورةٍ خاصةٍ، وتاريخ الشرق القديم بصورةٍ عامةٍ. ومن أهم أعماله أنّه واصل فتوحاته شرقًا وغربًا، وكوّن إمبراطوريةً تُعَد واحدةً من أقوى الإمبراطوريات التي عُرِفَت في التاريخ. وسعى إلى تعمير مدينة بابل وبنائها، حيث بلغت مساحتها إبان حكمه عشرة ملايين متر مربّع ومحيطها ثمانية عشر كيلومترًا، وقد أحاطها بسورين كبيرين: السّور الخارجي ويتكون من ثلاثة جدران، بلغ سمك الجدار الأول الذي شُيَّد من اللبن سبعة أمتار؛ وبلغ سمك الجدار الثاني الذي شُيِّدَ من الآجر سبعة أمتارٍ. أمّا الجدار الثالث الذي شُيِّد من الآجر أيضًا فقد بلغ سمكه ثلاثة أمتار. وشُيِّدَت على طول السّور الداخلي أبراجٌ دفاعيةٌ. وأمام الجدار خندق ماء. أما السّور الداخلي فشُيِّدَ من جدارين من الآجر، يتخلّلهما أبراج دفاعية. وتوجد داخل السور أبنية كثيرة مازالت أثارها شاخصة حتّى يومنا هذا، ومنها: القصر الجنوبي والقصر الشمالي وبوابة عشتار وشارع الموكب وبـرج بابل وهناك في مدينة بابل ثماني بوّابات رئيسة، أهمّها عشتار ومردوخ، فضلاً عن أسد بابل والحارات السّكنيّة.

 



العراق
برج بابل