السويداء

مدينة السّويداء السورية، قديمة قِدَم التّاريخ. تشتهر بآثارها وبطبيعتها الجبلية السّاحرة.

 

تقع في أقصى جنوب الجمهورية العربية السّورية، وتبعد عن العاصمة دمشق حوالى 100 كيلومترٍ إلى الجنوب.

 

مدينة السويداء هي كبرى مدن محافظة السّويداء. ترتفع عن سطح البحر 1000 مترٍ، لذلك تُعتبر مصيفًا رائعًا حيث تكون درجات الحرارة صيفًا معتدلةً معظم الوقت. تشتهرُ المحافظة بزراعة التّفاح والعنب بكافّة الأنواع؛ وتُعتبَر فاكهتها من أطيب الفاكهة بسبب اعتماد الأشجار على الأمطار وليس على الرّي.

 

تشهد السويداء حركةً عمرانيّةً واسعةً، وهي تشتهر أيضًا بفن العمارة، حيث تكثر فيها الفيلاّت الجميلة، ذات الحجر الأبيض والحجر الأسود. تحتوي المحافظة بشكلٍ عامٍ على عددٍ من المعامل والمصانع، ولكنّها لا تُعتبر مدينةٌ صناعيةٌ. ويعتمد معظم الناس في مواردهم على الزّراعة.

 

يُعدّ جنوب سورية من المناطق الغنية بالآثار والأوابد التّاريخية الهامّة. فكل حجرٍ من أحجاره ترجمان يفصح عن تاريخه الحضاري الغابر؛   ولكلّ موقعٍ من مواقعه الأثريّة قصة مشرقة من الماضي، تلقي ضوءًا وهّاجًا على حضاراتٍ تليدةٍ، ازدهرت في هذه البقعة الجميلة من  سورية.

 

منذ العصور الحجرية الوسيطة والحديثة 12000-4000 ق.م، سكن الإنسان القديم هذه المنطقة التّي تشمل حاليًا جبل العرب أو   محافظة السّويداء، وحوران أو محافظة درعا، والجولان أو محافظة القنيطرة؛ وخلّف وراءه آثار مساكنه وكهوفه وأدواته الحجرية والصوانية والفخارية. وقد عرف هذا الإنسان تدجين الحيوان وتربيته، واستقر ضمن تجمّعاتٍ زراعيةٍ وقرى منظمة، ومارس الزّراعة بعد استنباط العديد من أصناف الحبوب البرّية، واعتمد عليها في تأمين غذائه اليومي. وكان قبل ذلك  يعيش على الصّيد والإلتقاط والجمع. وحبك من أغصان النّباتات والأشجار السّلال وطلاها من الداخل بالطين ليحفظ فيها مواده وقوت يومه. ثم طوّر هذا الأسلوب فصنع الأواني والجرار الفخّارية عندما اكتشف تصلب الغخار قرب موقد النار. ثم اخترع الدولاب، فزاد إنتاجه أضعاف ما كان عليه وتحسّنت نوعيته. وعندما اكتشف المعادن كالنحاس والقصدير والحديد 4000-500 ق.م، صنع منها أدوات مختلفة ومنها أسلحته وحليه.

 

استقرت في هذه المنطقة مُختلف الموجات القادمة من شبه الجزيرة العربية وما بين النهرين من: أكادية، آمورية، كنعانية، آرامية،  آشورية، نبطية، صفائية، غسانية. وتعرّضت للغزو اليوناني، السّلوقي والبلطمي، ثم قدِمت الفتوحات العربية الإسلامية عام 635 م.

 

عُرِفَت مناطق جنوب سورية قديمًا بإسم "باشان" أو "بازان"، خلال العصر الكنعاني في الألف الثانية ق.م. وكانت تمتدّ من جبال الحرمون حتّى شرقي الأردن، وحكمها الملك "عوج" ثم خضعت لحكم مملكة دمشق الآرمية خلال الألف الأولى ق.م. وفي أيام الآشوريين حملت تسمية "جبرانوي" أي الأرض المُجوّفة. كما حملت تسميات مختلفة مثل "أورانيتيس" أي بلاد الكهوف والمغائر،  و"تراخونيتيس" أي بلاد الحجارة الكثيرة، و"جولانيتيس" أي منقطة الهضاب ذات التحصينات.

 

وسُمِّيَ جبل العرب وقتئذٍ "أسلداموس" وكان ذلك خلال العهود اليونانية – الرومانية – البيزنطية. أما خلال العصر العربي الإسلامي فقد  سُمّي جبل العرب بـجبل "الرّيان" أي المُرتوي والمشبع بالخصب، حيث تَغنّى به الشاعر الأموي جرير قائلاً:

 

يا حبّذا جبل الريان من جبلٍ            وحبّذا ساكن الرّيان مَن كانا

 

كما سُمّي في القرن الحادي عشر الميلادي جبل "بَني هلال" نسبةً إلى قبيلة بني هلال التّي استوطنته قبل مغادرتها إلى شمال  إفريقيا. وبعد هجرة الأسر من طائفة المسلمين الموحّدين إليه قادمةً من لبنان في نهاية القرن السّابع عشر وبداية الثّامن عشر ،أصبح يُعرف بجبل الدّروز حتى عام 1937، حيث أُطلِقَ عليه إسم "جبل العرب". ويُعرَف حاليًا بمحافظة السّويداء. كما تُعرَف حوران بمحافظة درعا، والجولان بحافظة القنيطرة.