بيروت

بيروت كما جاءت في الاعمال الكاملة للدكتور نفولا زيادة --الجزء الثالث عشر

بيروت هي عاصمة
لبنان وأكبر مدينةٍ فيه. تقع في منتصف السّاحل اللبناني على لسانٍ صخريٍ يمتدّ إلى داخل البحر الأبيض المتوسط، وفي سهلٍ تقلّصت مساحته شيئًا فشيئًا بسبب العمران واكتظاظ السّكان.

بيروت اليوم مركزٌ للنّشاطات الثقافية والسّياسية والتجارية والمالية، فيها منطقة تجارية حرّة وسوق مالية متطوّرة، وبورصة وبنوك ضخمة تستقطب رؤوس الأموال العربية والأجنبيّة.

 

وبيروت عاصمة العلم منذ زمنٍ بعيدٍ، وهي محطّ أنظار الطّلاب الذين يَفِدون إليها من مختلف الدّول، وذلك للتّخصص بمختلف أنواع العلوم. ففي بيروت جامعاتٌ عديدةٌ تُخرّج كل عامٍ المزيد من منارات العلم المُشرقة. وأشهر جامعاتها الجامعة الأميركية، جامعة القدّيس يوسف، جامعة بيروت العربية وكلّية بيروت الجامعية. ونذكر أيضًا الجامعة اللبنانية التي تُدرّس الإختصاصات كافةً والتي عانت من الإهمال طيلة سنوات الحرب ثم عادت لتضمّ اليوم حوالى 70 ألف طالب في جميع الإختصاصات.

 

تشتهر بيروت بمرفئها الكبير ذي الأحواض الخمسة الممتدّة على ساحلها الشمالي، وهو مركزٌ للنّشاطات التجارية ولتجارة التّرانزيت بفضل كونها وسيطًا بين الدول الصناعية المُنتجة وسائر الأسواق العربية المُستهلكة.

 

كما تشتهر بمطارها الدولي، وهو على بُعدِ بضعة كيلومتراتٍ منها وقد جُهّز بأحسن التّجهيزات مؤخرًا ليستقبل أحدث الطّائرات وليوفّر الراحة للوافدين إليه من أقطار العالم كافةً. تبلغ مساحته الإجمالية حوالى 3,5 مليون متر مربّع، وفيه مدرجان اثنان للإقلاع والهبوط، طول الأول3250 م وطول الآخر3170 م.

 

في بيروت عددٌ من المعامل والمصانع ولا سيّما في ضاحيتها الشرقية والأخرى الجنوبية، حيث تقوم العشرات منها بإنتاج مختلف السّلع وسائر المواد الغذائية، والصناعات المعدنية والبلاستيكية، الدهانات، الأدوية، العطورات والمُبيدات، الأدوات الصحية، خيوط الغزل الصوفية، الخيوط الإصطناعية، صناعة النسيج ومواد البناء، الكيميائيّات، المدابغ والمصابن والخزف والمجوهرات.

 

وفضلاً عن ذلك كلّه، فإن بيروت عاصمة الكتاب العربي، إذ فيها مئات المطابع ودُور الكتب والنّشر. وتصدُرُ فيها عشرات الصّحف اليومية والمجلاّت الأسبوعية والشّهرية.

 

 

تعرّضت بيروت للدّمار في الأحداث التي تلت سنة1976 ، وفي عام 1982 تعرّضت للغزو الإسرائيلي، لكنّها سرعان ما استعادت عافيتها. فهي اليوم تعيد بناء ما تهدّم بالأمس حيث تُقام وُرَش الإنماء والإعمار في جميع أنحاء العاصمة لإقامة الأنفاق الكبيرة والشوارع الواسعة، بالإضافة إلى إعادة ترميم مدينة بيروت الرّياضية التي استقبلت دورة الألعاب العربية عام 1997.

 

بيروت مدينةٌ قديمة العهد، اشتهرت بمدرسة الحقوق الشّهيرة في أيّام الرّومان وهي اليوم مطمورة يقوم عليها مبنى البرلمان. فُتِحَت بيروت أمام العرب بقيادة معاوية بن أبي سفيان وظلّت على هذه الحال حتّى وقعت في أيدي الصّليبيين إذ أخذها عنوةً بغدوين الإفرانجي سنة503 هـ. ثمّ استنقذها منه القائد صلاح الدين الأيوبي سنة583 هـ. خرج من بيروت الكثير من أهل العلم والفكر والدّين وأشهرهم الإمام عبد الرحمن الأوزاعي الذي أقام فيها حقبةً طويلةً وقبره فيها معروف. مات سنة159 هـ تاركًا مجموعةً كبيرةً من كُتب السُّنن في الفقه والدّين.

 

ومن علماء بيروت الوليد بن فريد العذري البيروتي المتوفى سنة203 هـ والذي روى عن الإمام الأوزاعي. وكان هذا الأخير يقول: "ما عرفتُ فيما حمل عنّي أصح من كتب الوليد بن فريد". ومنهم ولده أبو الفضل العباس بن الوليد المُتوفّى سنة270 هـ، ومحمد بن عبدالله بن عبد السلام بن أبي أيوب أبوعبد الرحمن البيروتي المعروف المكحول الحافظ، مات سنة 321 هـ. وبيروت أيضًا هي مسقط رأس بشارة الخوري الشّاعر المُلقّب بـ"الأخطل الصغير" وهو ذائع الصّيت مات سنة 1968.