الأبيض

تقع مدينة الأبيض السّودانية في وسط مديرية كردفان على ارتفاع حوالى 650 متر عن مستوى سطح البحر، وتبعد بحوالى 250 كلم جنوب غربي الخرطوم. كما تتركّز بالقرب منها معظم مدن كردفان مثل أم روابة والرهد وأبو زيد والنهور وبارا والدّلنج، وهي في مجموعها تتوسّط هذه المديريّة.

الموضع الذي نشأت عليه مدينة الأبيض يمثّل أرضًا مُنخفضةً تكثر فيها موارد المياه، وترتفع الأراضي من حولها تدريجيًا، ممّا ساعد على تجميع المياه في هذا المنخفض وأدّى بدوره لقيام تجمّعاتٍ سكّانيةٍ كبيرةٍ.

 

ويُلاحَظ هذا الإرتفاع التّدريجي للأرض كلّما اتّجهنا من قلب المدينة إلى جميع أطرافها. كما أنّ التّلال الرملية تحيط بالمدينة على شكل قوسٍ يمتدّ من الأطراف الغربية إلى الشمالية.

ويُرجّح أن موضع المدينة كان معمورًا ومليئًا بالأشجار الكثيفة من السدر والهجليج والدّليب وغيرها، وأن كثرة الأشجار حاليًا تدلّ على أن المكان الحالي كان عبارةً عن غابةٍ كثيفةٍ غنيةٍ بالحياة النباتية. وكان من نتائج ذلك أن كثيرًا من القرى ظهرت على التلال المُرتفعة الرملية حول مدينة الأبيض، وبعيدة عن مناطق الأشجار والمياه التي لم تكن صالحةً للسكن في ذلك الوقت.

والموضع الذي تقوم عليه المدينة عبارة عن منطقةٍ فسيحةٍ تقطعها المجاري المائية الجافّة والتي تمتلئ بالمياه في شهور سقوط الأمطار، بل أن هناك اثنين من هذه المجاري يقطعان المنطقة من الجنوب إلى الشمال، وتقع وسط الخورين، أقدم وأهمّ أجزاء مدينة الأبيض.

تُعتبر الأبيض من أهمّ مراكز العمران في السودان. فقد لعبت دورًا كبيرًا في النّشاط التجاري لغربي السّودان الذي يُعتَبر أهم مناطق الإنتاج الإقتصادي، إذ إنّ للأبيض مركزها التجاري كمصبٍ لإنتاج الغرب المُتمثّل في الصّمغ العربي والقطن والحبوب، مثل السّمسم والفول السوداني، وفي الوقت نفسه هي سوق لتجارة الماشية والإبل والأغنام، وهي أيضًا العاصمة الإدارية الأولى في هذا الجزء من القطر.

ومع أهميّة الأبيض، فإنّها لم تلق من الدراسات والأبحاث ما أتيح للمدن الحديثة الأخرى التي نشأت بعدها مثل بور سودان، رغم أنّها قامت بدورٍ ملحوظٍ في فترة حكم المهدية، وكانت تحتلّ المرتبة الثانية بعد الخرطوم الكبرى من حيث حجم السكان قبل عشر سنوات.

 

ليس هناك تاريخ مُعيّن يتحدّد به منشأ مدينة الأبيض قبل الحكم التركي عام 1821، ولكن مِن المعتقد أنّ منطقة المدينة الحالية كانت تشتمل على مجموعةٍ من القرى مبنيةً بالقش، وكلّ قريةٍ منها مُنفصلة عن الأخرى. وكان سكّانها يحصلون على المياه من المكان الحالي الذي تمثّله مباني المدينة.