ثـلا

سميت بثلا بن لباخة بن أقيان ابن حمير الأصغر. وهي مدينة يمنية جميلة ومشهورة، وحاليا عاصمة لمديرية تحمل الاسم نفسه، تتبع محافظة صنعاء.

تقع مدينة ثلا على ربوة مربعة الشكل في الشمال الغربي لمدينة
صنعاء، بأسفل السلسلة الجبلية الممتدة شرقا باتجاه جبال كوكبان وحضور الشيخ وذيبين، التي تشكل الحدود الجنوبية الغربية لقاع البون. وتقع مدينة عمران شمالها ومدينتا شبام وكوكبان جنوبها.

كانت ثلا خلال فترات العصور التاريخية المختلفة وحتى بداية القرن العشرين، إحدى أهم المواقع الحصينة. ففي العصر الإسلامي، كانت المدينة، بسبب موقعها الحصين بالقرب من مدينة صنعاء تقدم ملجأ حصينا عند الحاجة. وقد حرص الملوك والأئمة الزيدية، الذين تولوا الحكم في اليمن على إخضاع هذه المدينة لسيطرتهم. وفي العصر العثماني انطلقت منها الجيوش اليمينة لمحاربة الاحتلال التركي لليمن.

يوجد في ثلا آثار حميرية قديمة، منها حصنها المنيع المعروف بحصن الغراب الذي يسيطر على المدينة ويرتفع عن سطح البحر 2960 متراً. وفي فترة الاحتلال التركي، تعرضت أجزاء الحصن الخارجية للتدمير، ويوجد في الجزء الشرقي من الحصن مسجد جميل ومنشأة سكنية، وبالقرب من ذلك يوجد برج عال. كان المقيمون في هذا الحصن يتزودون بالمياه من البرك الموجودة بداخل الحصن. وفي الحصن حوالى عشرين مدفنا تستعمل اليوم لحفظ المحاصيل. والمدفن عبارة عن حفرة في الصخر بعمق سبعة أمتار تقريبا، قطره لا يزيد على متر، بينما يبلغ قطر القاعدة نحو أربعة أمتار تقرييا. وهي محفورة على الصخرة التي أقيم عليها الحصن. وعلى بعض الصخور القريبة من السور يلاحظ وجود العديد من الجروف التي نحتها الإنسان اليمني في الصخر واتخذ منها مسكنا له في العصور القديمة. هذه الجروف لها مواصفات المساكن الحقيقية، إذ إنها تتكون من خمس أو ست غرف ذات أبعاد مختلفة، وتفتح في جدرانها دخلات أو خزانات جدارية ونوافذ وأبواب. وقد اتخذ الجند من هذه الجروف مكانا لإقامتهم.

تشغل المدينة الحالية مساحة تقدر بعشرين هكتاراً، وهي محاطة بسور من الحجر يبلغ طوله 1162 م تقريبا. يتخلل السور ستة وعشرون برجا، بعضها دائري والبعض الآخر نصف دائري. ويتم الدخول إلى البرج بواسطة سلم يؤدي إلى ممر ينتهي بغرفة مزودة بعدد من المزاغل لرمي السهام.

للمدينة الحالية تسعة مداخل تفتح في السور هي: باب المشرق وباب الفرضة وباب السلام وباب الهادي وباب الحامد وباب المياه والباب الجديد وباب إبراهيم وباب الفرضة الجديد وباب الحصن. يكتنف كل باب برجان منيعان يجعلان اقتحامه مستحيلا. خمسة من هذه المداخل التسعة استحدثت على ما يبدو في القرن العشرين، وهذا يعني أن عدد الأبواب الأصلية للمدينة كانت أربعة أبواب فقط.

المدينة مقسّمة إلى عدد من الأحياء، منها رأس المدهان في الغرب، قرية المحامد في الشمال الشرقي، قرية اللؤلؤة وقرية الطلح التي يحتمل أنها أقدم أحياء المدينة. يبلغ عدد المنشآت الدينية من مساجد ومدارس وأضرحة ومصلى في مدينة ثلا خمسا وعشرين منشأة. يقع الجامع الكبير في الطرف الجنوبي للسوق الذي يتوسط المدينة ويتكون من 142 حانوتا متقاربة في أحجامها وأشكالها. يقع حي اليهود القديم في الجنوب الشرقي للمدينة على بعد 500 متر تقريبا من الباب الجديد. وكان يسكنه حوالى ثلاثين شخصا هاجروا جميعا إلى فلسطين المحتلة.

تقدم مدينة ثلا نموذجا من نماذج المدينة اليمنية الإسلامية من حيث التخطيط العام وطرق ومواد البناء. ومنشآت ثلا المعمارية دينية كالمساجد والقباب ومدنية كالسوق والمنازل والحمامات العامة وحربية كالحصن والخندق والسور والأبراج. وهي العناصر الرئيسة التي توجد في المدينة العربية الإسلامية بشكل عام. لكنها في اليمن تختلف خصوصاً في المباني السكنية والحربية عن غيرها من حيث التخطيط ومواد البناء والمكونات المعمارية. فلكل منشأة أسسها وتقسيماتها من الداخل والخارج، وحتى في بعض العناصر الزخرفية المستخدمة في تزيين هذه المنشآت التي تقدم طرازاً معمارياً يمنياً متميزاً مستمداً من تراث معماري تتوارثه الأجيال منذ أكثر من أربعة آلاف عام.