حـلب

حلب كما جاءت في الاعمال الكاملة للدكتور نفولا زيادة --الجزء الثالث عشر

حلب هي المدينة الثانية في
سوريا بعد العاصمة دمشق. تقع في الشمال الغربي من سورية ويبلغ عدد سكانها حوالى المليوني نسمة، وتُعدّ مركزًا تجاريًا قديمًا وماتزال. فقد اتّسعت تجارتها قديمًا لتصل إلى الهند والصين وأقاصي أوروبا وغيرها. ولذلك تجد الخانات التي بُنِيَت في القرن الثالث عشر قد تحوّلت إلى مقرٍ لإقامة الجاليات الأجنبية والأوروبية منها خصوصًا.

 

تُعدّ حلب اليوم مركزًا صناعيًا كبيرًا بالإضافة إلى كونها مركزًا تجاريًا مُهمًا. كما إنّها مدينة أثريةٌ قديمة. فقد كانت جزءًا من الإمبراطورية الحثّية (الألف الثاني قبل الميلاد) وضمّها الآشوريون في عام 738 ق.م. وبقيت تحت حكم الأخمينييّن إلى أن جاء الإسكندر الكبير.

وبعد أن أصبحت من ممتلكات سلوقوس نيكاتور، احتلّها الرومان في العام 65 ق.م، وهدمها الفرس بعدهم. ودخل العرب المسلمون حلب سلمًا بقيادة الصّحابيان أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد، رضي الله عنهما، من باب إنطاكية ووقفوا داخل الباب ووضعوا أتراسهم في مكانٍ، فبُنيَ في ذلك المكان مسجدٌ يعود تاريخ بنائه إلى القرن الهجري الأوّل.

عَرَفت مدينة حلب فترة ازدهارٍ في عهد الخلافة العبّاسية، حتّى جعل الحمدانيّون منها إمارةً مستقلّةً ومزدهرةً. ثم وقعت عام 1015م تحت حكم الفاطميين ثم السّلجوقيين (1086-1117م) ثم الزّنكيين والأيوبيين، وغزاها هولاكو، القائد التّتري، ودمّرها في عام 1260م، ثمّ حكمها المماليك وبعدهم العثمانيّون (1516-1918م) وجعلوا منها ولايةً. وفي عام1920م جعلها الفرنسيون قاعدة دولةٍ مستقلّةٍ.

من معالم حلب الأثرية الجامع الكبير (جامع زكريا بن يحيى) حيث يوجد فيه قبر له. وهو المسجد الأمويّ حيث بُني في العصر الأموي الذي كانت أرضه في العهد البيزنطي بستانًا للكنيسة العُظمى. ولمّا فتح العرب المُسلمون حلب صالحوا أهلها على موضع المسجد الذي بُنِيَ في عهد الوليد بن عبد الملك أو في أوائل عهد أخيه سُليمان. وقد تهدّم مرّات وجُدّد. وفيها قلعة حلب الشهيرة التي كانت عاصمة الدّولة الحَمَدانيّة التي وصلت إلى أوجها في عهد سَيْف الدَّوْلَة الحَمَداني الذي أكثر من غزو الرّوم.

وفي مواجهة القلعة، وقرب المدرسة السلطانية، تقع المدرسة الخسرويّة (وهي عبارة عن جامع ومدرسة وتكية) التي أمر ببنائها خسرو باشا العثماني الذي كان واليًا على حلب ابتداء من عام1537م. والجامع يحوي إلى الآن الثانوية الشّرعية التي تُعلّم العلوم الشرعية والكونية وتمنح الشّهادة الثانوية. وهكذا كانت الجوامع مراكز للعبادة والعلم والأعمال الخيرية الإجتماعيّة.

أُحصُوا في حلب أكثر من 60 مدرسةٍ أثريةٍ قديمةٍ وأكثر من 25 زاوية دينية تعليميّة. وتتميّز حلب اليوم بكونها مركزًا صناعيًا مُهمًا، إذ فيها العديد من معامل الصّناعات الثّقيلة، بالإضافة إلى كونها مركزًا تجاريًا مرموقًا بحكم موقعها الإستراتيجي القريب من تركيا والعراق.

 

صنفت منظمة اليونيسكو حلب القديمة مدينة تراثية عالمية عام 198