غزوة الطائف

غزوة الطائف حدثت في السنة الثامنة للهجرة، بين 12000 من قوات المسلمين بقيادة الرسول محمد وقبيلة ثقيف وبعض الفارين من هوازن. هدفت الغزوة إلى فتح الطائف والقضاء على قوات ثقيف وهوازن الهاربة من غزوة حنين.

 

ورد في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي"

" وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من حنين يوم الطائف وقدم خالد بن الوليد على مقدمته وقد كانت ثقيف رموا حصنهم وأدخلوا فيه ما يصلحهم لسنة وتهيأوا للقتال‏. ‏

 

وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قريبًا من حصن الطائف وعسكر هناك فرموا المسلمين بالنبل حتى أصيب ناس من المسلمين ورمي عبد الله بن أبي بكر الصديق يومئذ فاندمل الجرح ثم انتقض به بعد ذلك فمات منه فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر يومًا وقيل‏: ‏ خمسة عشر يومًا ونصب عليهم المنجنيق ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: ‏ ‏"‏ أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر ‏"‏‏.‏

 

فخرج بضعة عشر رجلًا فيهم أبو بكرة فنزل في بكرة فقيل أبو بكرة ولم يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم في فتح الطائف فأذن بالرحيل فقال المسلمون‏: ‏ نرحل ولم يؤذن بفتح لنا قال‏: ‏ ‏"‏ فاغدوا على القتال ‏"‏ فقاتلوا أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال‏: ‏ أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا محمد بن صعد أخبرنا قبيصة حدثنا سفيان عن ثور عن مكحول‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يومًا‏.‏

 

ومما جرى في هذا الحصار ما أخبرنا به عبد الله بن علي المقري ومحمد بن ناصر الحافظ قالا‏:‏ أخبرنا طراد بن محمد أخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا ابن صفوان حدثنا أبو بكر القرشي حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا في بيت أم سلمة وعنده مخنث جالس فقالا لعبد الله بن أبي أمية أخي أم سلمة‏:‏ يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غدًا أدلك على بنت غيلان امرأة من ثقيف تقبل بأربع وتدبر بثمان - يعني عكناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لا يدخل هذا عليكن ‏"‏‏.‏

 

قال مؤلف الكتاب‏: ‏ اسم هذا المخنث هيت وقيل‏: ‏ ماتع‏. ‏ وكان المخنثون على عهد رسول الله إسلام عروة بن مسعود الثقفي‏.‏

 

أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا محمد بن سعد أخبرنا محمد بن عمير الأسلمي عن عبد الله بن أبي يحيى الأسلمي عن من أخبره قالوا‏:‏ لم يحضر عروة بن مسعود وغيلان بن سلمة حصار الطائف كانا بجرش يتعلمان صنعة العرادات والمنجنيق والدبابات فقدما وقد انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطائف فنصبا المنجنيق والعرادات والدبابات واعتدا للقتال ثم ألقى الله في قلب عروة بن مسعود الإسلام وغيره عما كان عليه فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استأذن في الخروج إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام فقال‏:‏ إنهم إذا قاتلوك قال‏:‏ لا أنا أحب إليهم من أبكار أولادهم ثم استأذنه الثانية ثم الثالثة فقال‏:‏ إن شئت فاخرج‏.‏

 

فخرج إلى الطائف فقدم عشاء فدخل منزله فجاء قومه فحيوه بتحية الشرك فقال‏:‏ عليكم بتحية أهل الجنة السلام ثم دعاهم إلى الإسلام فخرجوا من عنده يأتمرون به فلما طلع الفجر أوفى على غرفة له فأذن بالصلاة فخرجت ثقيف من كل ناحية فرماه رجل من بني مالك يقال له أوس بن عوف فأصاب أكحله فلم يروا دمه وقام غيلان بن سلمة وكنانة بن عبد يا ليل والحكم بن عمرو ووجوه الأحلاف فلبسوا السلاح وساروا فلما رأى ذلك عروة قال‏:‏ قد تصدقت بدمي على صاحبه لأصلح بذلك بينكم وهي كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي ادفنوني مع الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات فدفنوه معهم وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم فقال‏:‏ ‏"‏ قتله كقتل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه ‏"‏‏.‏

 

ومما جرى في مسير رسول إلى الطائف أنهم مروا بقبر أبي رغال أخبرنا محمد بن عمر الأرموي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسين بن النقور أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر السكري أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي حدثنا يحيى بن معين حدثنا وهب ببن جرير بن حازم قال‏:‏ أخبرني أبي قال‏:‏ سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن إسماعيل بن أمية بن أبي بكير يقول‏:‏ سمعت عبد الله بن عمرو يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال‏:‏ ‏"‏ هذا قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف كان من ثمود وكان هذا الحرم يدفع عنه فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب فإن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه ‏"‏‏.‏ فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن‏."‏

 

وورد في "تـاريخ الأمم والملوك" للطبري:

 

" فحدثنا علي بن نصر بن علي، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا أبي، قال: أخبرنا أبان العطار، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن عروة، قال: سار رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من فوره ذلك- يعني منصرفة من حنين- حتى نزل الطائف، فأقام نصف شهر يقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقاتلتهم ثقيف من وراء الحصن؛ لم يخرج إليه في ذلك أحد منهم؛ وأسلم من حولهم من الناس كلهم؛ وجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفودهم؛ ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحاصرهم إلا نصف شهر حتى نزل الجعرانة؛ وبها السبي الذي سبي رسول الله من حنين من نسائهم وأبنائهم- ويزعمون أن ذلك السبي الذي أصاب يومئذ من هوازن كانت عدته ستة آلاف من نسائهم وأبنائهم- فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة، قدمت عليه وفود هوازن مسلمين، فأعتق أبناءهم ونساءهم كلهم، وأهل بعمرة من الجعرانة؛ وذلك في ذي القعدة.

 

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى المدينة، وأستخلف أبا بكر رضي الله تعالى عنه على أهل مكة، وأمره أن يقيم للناس الحج، ويعلم الناس الإسلام، وأمره أن يؤمن من حج من الناس؛ ورجع إلى المدينة؛ فلما قدمها قدم عليه وفود ثقيف، فقاضوه على القضية التي ذكرت؛ فبايعوه، وهو الكتاب الذي عندهم كاتبوه عليه.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلك إلى الطائف من حنين على نخلة اليمانية، ثم على قرن، ثم على المليح، ثم على بحرة الرغاء من لية، فأبتني بها مسجداً، فصلى فيه، فأقاد يومئذ ببحرة الرغاء حين نزلها بدم- وهو أول دم أقيد به في الإسلام- رجلاً من بني ليث؛ قتل رجلاً من هذيل، فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وأمره رسول الله وهو بلبية بحصن مالك بن عوف فهدم؛ ثم سلك في طريق يقال لها الضيقة، فلما توجه فيها، سأل على أسمها، فقال: ما أسم هذه الطريق؟ فقيل له: الضيفة، فقال: بل هي اليسرى. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على نخب؛ حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة، قريباً من مال رجل من ثقيف، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن تخرج؛ وإما أن نخرب عليك حائطك؛ فأبى أن يخرج، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخرابه.

 

ثم مضى رسول الله حتى نزل قريباً من الطائف؛ فضرب عسكره، فقتل أناس من أصحابه بالنبل؛ وذلك أن العسكر أقترب من حائط الطائف فكانت النبل تنالهم، ولم يقدر المسلمون أن يدخلوا حائطهم، غلقوه دونهم؛ فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل، أرتفع، فوضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم؛ فحاصرهم بضعاً وعشرين ليلة ؛ ومعه امرأتان من نسائه؛ إحداهما أم سلمة بنت أبي أمية وأخرى معها- قال الواقدي: الأخرى زينب بنت جحش- فضرب لهما قبتين، فصلى بين القبتين ما أقام.

 

فلما أسلمت ثقيف ، بني علي مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أبو أمية بن عمرو بن وهب بن معتب بن مالك مسجداً، وكانت في ذلك المسجد سارية- فيما يزعمون- لا تطلع عليها الشمس يوماً من الدهر؛ إلا سمع لها نقيض ؛ فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتلهم قتالاً شديداً، وتراموا بالنبل حتى إذا كان يوم الشدخة عند جدار الطائف، دخل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت دبابة؛ ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار، فخرجوا من تحتها، فرمتهم ثقيف بالنبل، وقتلوا رجالاً؛ فأمر رسول الله بقطع أعناب ثقيف، فوقع فيها الناس يقطعون.

 

وتقدم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة إلى الطائف. فناديا ثقيفاً: أن أمنونا حتى نكلمكم! فأمنوهما؛ فدعوا نساء من نساء قريش وبني كنانة ليخرجن إليهما-وهما يخافان عليهن السباء-فأبين؛ منهن آمنة بنت أبي سفيان، كانت عند عروة بن مسعود له منها داود بن عروة وغيرها.

 

وقال الواقدي: حدثني كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، قال: لما مضت خمس عشرة من حصار الطائف، أستشار رسول الله نوفل بن معاوية الديلي، وقال: يا نوفل، ما ترى في المقام عليهم؟ قال: يا رسول الله؛ ثعلب في جحر؛ إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا ابن إسحاق، قال: قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر بن أبي قحافة، وهو محاصر ثقيفاً بالطائف: يا أبا بكر، إني رأيت أنه أهديت لي قعبة مملوءة زبداً، فنقرها ديك فأهراق ما فيها؛ فقال أبو بكر: ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا لا أرى ذلك.

 

ثم إن خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية-وهي أمرأه عثمان بن مظعون-قالت: يا رسول الله، أعطني إن فتح الله عليك الطائف حلى بادية بنت غيلان بن سلمة، أو حلى الفارغة بنت عقيل-وكانتا من أحلى نساء ثقيف-قال: فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: وإن كان لم يؤذن لي في ثقيف يا خويلة! فخرجت خويلة، فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب، فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ما حديث حد ثنيه خويلة أنك قلته! قال: قد قلته، قال: أو ما أذن فيهم يا رسول الله! قال: لا، قال: أفلا أؤذن بالرحيل في الناس! قال: بلى؛ فأذن عمر بالرحيل؛ فلما أستقل الناس نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن أبي عمرو بن علاج الثقفي: ألا إن الحي مقيم! قال: يقول عيينة بن حصن: أجل والله مجدة كراماً! فقال له رجل من المسلمين: قاتلك الله يا عيينة! أتمدح قوماً من المشركين بالامتناع من رسول الله، وقد جئت تنصره ! قال: إني والله ما جئت لأقاتل معكم ثقيفاً؛ ولكني أردت أن يفتح محمد الطائف فأصيب من ثقيف جارية أتبطنها لعلها أن تلد لي رجلاً؛ فإن ثقيفاً قوم مناكير. وأستشهد بالطائف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلاً؛ سبعة من قريش ورجل من بني ليث، وأربعة من الأنصار.

 

أمر أموال هوازن وعطايا المؤلفة قلوبهم منها حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنصرف من الطائف على دحنا؛ حتى نزل الجعرانة بمن معه من المسلمين؛ وكان قدم سبي هوازن حين سار إلى الطائف إلى الجعرانة، فحبس بها؛ ثم أتته وفود هوازن بالجعرانة؛ وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبي هوازن من النساء والذراري عدد كثير، ومن الإبل ستة آلاف بعير، ومن الشاء ما لا يحصي.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة قال: حدثني محمد ابن إسحاق، قال: حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: أتى وفد هوازن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة؛ وقد أسلموا، فقالوا: يا رسول الله، إنا أصل وعشيرة؛ وقد أصابنا من البلاء ما لا يخفي عليك، فأمنن علينا من الله عليك! فقام رجل من هوازن-أحد بني سعد بن بكر، وكان بنو سعدهم الذين أرضعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم-يقال له زهير بن صرد، وكان يكني بأبي صرد-فقال: يا رسول الله؛ إنما في الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك! ولو أننا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر، ثم نزل منا بمثل ما نزلت به، رجونا عطفه وعائدته، وأنت خير المكفولين! ثم قال:

 

 

أمنن علينا رسول الله في كـرم فإنك المرء نرجوه ونـدخـر

أمنن على بيضة قد عاقها قدر ممزق شملها، في دهرها غير

 

 

في أبيات قالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟ فقالوا: يا رسول الله؛ خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، بل ترد علينا نساءنا وأبناءنا فهم أحب إلينا ، فقال: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم؛ فإذا أنا صليت بالناس، فقولوا: إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين، وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا؛ فسأعطيكم عند ذلك؛ وأسأل لكم؛ فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر، قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به، فقال رسول الله: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله، وقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله. قال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة بن حصن: أما أنا وبنو فزارة فلا، وقال عباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا، قالت بنو سليم: ما كان لنا فهو لرسول الله.

قال: يقول العباس لبني سليم: وهنتموني! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما من تمسك بحقه من هذا السبي منكم فله بكل إنسان ست فرائض من أول شيء نصيبه، فردوا إلى الناس أبناءهم ونساءهم.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن عبيد السعدي أبو وجزة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعطي علي بن أبي طالب جارية من سبي حنين يقال لها ريطة بنت هلال بن حيان بن عميرة بن هلال بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر، وأعطي عثمان جارية يقال لها زينب بنت حيان بن عمرو بن حيان، وأعطي عمر بن الخطاب جارية، فوهبها لعبد الله بن عمر.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب جارية من سبي هوازن، فوهبها لي، فبعث بها إلى أخوالي من بني جمح ليصلحوا لي منها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم؛ وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها، قال: فخرجت من المسجد حين فرغت؛ فإذا الناس يشتدون، فقلت: ما شأنكم؟ قالوا: رد علينا رسول الله نساءنا وأبناءنا، قال: قلت: تلكم صاحبتكم في بني جمح؛ أذهبوا فخذوها، فذهبوا إليها فأخذوها؛ وأما عيينة بن حصن فأخذ عجوزاً من عجائز هوازن، وقال حين أخذها: أرى عجوزاً وأرى لها في الحي نسباً؛ وعسى أن يعظم فداؤها! فلما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم السبايا بست فرائض أبي أن يردها، فقال له زهير أبو صرد: خذها عنك؛ فو الله ما فوها ببارد، ولا ثديها بناهد، ولا بطنها بوالد، ولا درها بماكد، ولا زوجها بواجد. فردها بست فرائض حين قال له زهير ما قال؛ فزعموا أن عيينة لقي الأقرع بن حابس، فشكا إليه ذلك، فقال: والله إنك ما أخذتها بكراً غريرة، ولا نصفاً وثيرة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن، وسألهم عن مالك بن عوف: ما فعل؟ فقالوا: هو بالطائف مع ثقيف؛ فقال رسول الله: أخبروا مالكاً أنه إن أتاني مسلماً رددت عليه أهله وماله، وأعطيته مائة من الإبل، فأتى مالك بذلك؛ فخرج من الطائف إليه؛ وقد كان مالك خاف ثقيفاً على نفسه أن يعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ما قال، فيحبسوه، فأمر براحلته فهيئت له، وأمر بفرس له فأتى به الطائف؛ فخرج ليلاً، فجلس على فرسه فركضه؛ حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تحبس له، فركبها، فلحق برسول الله فأدركه بالجعرانة-أو بمكة-فرد عليه أهله وماله، وأعطاه مائة من الإبل، وأسلم فحسن إسلامه.

 

وأستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعلى من أسلم من تلك القبائل حول الطائف: ثمالة وسلمة وفهم؛ فكان يقاتل بهم ثقيفاً، لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه، حتى ضيق عليهم، فقال أبو محجن أبن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي:

 

 

هابت الأعداء جانبنـا ثم تغزونا بنو سلمـه

وأتانا مـالـك بـهـم ناقضاً للعهد والحرمة

وأتونا في منازلـنـا ولقد كنا أولى نقمـه

وهذا آخر حديث أبي وجزة.

 

 

ثم رجع الحديث إلى حديث عمرو بن شعيب، قال: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من رد سبايا حنين إلى أهلها، ركب وأتبعه الناس يقولون: يا رسول الله، أقسم علينا فيئنا الإبل والغنم، حتى ألجئوه إلى شجرة، فاختطفت الشجرة عنه رداءه، فقال: ردوا علي ردائي أيها الناس؛ فو الله لو كان لي عدد شجر تهامة نعماً لقسمتها عليكم، ثم ما لقيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً. ثم قام إلى جنب بعير، فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصبعيه، ثم رفعها فقال: أيها الناس، إنه والله ليس لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخياط والمخيط؛ فإن الغلول يكون على أهله عاراً وناراً وشناراً يوم القيامة. فجاءه رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال: يا رسول الله أخذت هذه الكبة أعمل بها برذعة بعير لي دبر، قال: أما نصيبي منها فلك، فقال: إنه إذا بلغت هذه فلا حاجة لي بها، ثم طرحها من يده. إلى ها هنا حديث عمرو بن شعيب.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله أبن أبي بكر، قال: أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم- وكانوا أشرافاً من أشراف الناس يتألفهم ويتألف به قلوبهم- فأعطي أبا سفيان بن حرب مائة بعير، وأعطي أبنه معاوية مائة بعير، وأعطي حكيم أبن حزام مائة بعير، وأعطي النضير بن الحارث بن كلدة بن علقمة أخا بني عبد الدار مائة بعير، وأعطي العلاء بن جارية الثقفي حليف بني زهرة مائة بعير، وأعطي الحارث بن هشام مائة بعير، وأعطي صفوان بن أمية مائة بعير، وأعطي سهيل بن عمرو مائة بعير، وأعطي حويطب بن عبد العزي بن أبي قيس مائة بعير، وأعطي عيينة بن حصن مائة بعير، وأعطي الأقرع أبن حابس التميمي مائة بعير، وأعطي مالك بن عوف النصري مائة بعير، فهؤلاء أصحاب المئين؛ وأعطي دون المائة رجالاً من قريش؛ منهم مخرمة أبن نوفل بن أهيب الزهري، وعمير بن وهب الجمحي، وقد عرف فيما زعم أنها دون المائة- وأعطي سعيد بن يربوع بن عنكته بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل، وأعطي السهمي خمسين من الإبل، وأعطي عباس بن مرداس السلمي أبا عر فنسخطها ، وعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

 

 

كانت نهـابـاً تـلافـيتـهـا بكري على المهر في الأجرع

وإيقاظي الـقـوم أن يرقـدوا إذا هجع الناس لـم أهـجـع

فأصبح نهبي ونهب الـعـبـيد د بـين عـيينة والأقـــرع

وقد كنت في الحرب ذا تدرا فلم أعط شـيئاً ولـم أمـنـع

إلا أفـائل أعـطـيتـهـــا عديد قـوائمـهـا الأربــع

وما كان حصـن ولا حـابـس يفوقان مرداس في المجمـع

وما كنت دون أمرئ منهـمـا ومن تضع الـيوم لا يرفـع

 

 

قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذهبوا فأقطعوا عني لسانه؛ فزادوه حتى رضي؛ فكان ذلك قطع لسانه الذي أمر به .

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبراهيم بن الحارث، أن قائلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه: يا رسول الله، أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة، وتركت جعيل بن سراقة الضمري! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والذي نفسي بيده، لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض، كلهم مثل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس؛ ولكني تألفتهما ليسلما، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني أبو عبيدة بن محمد، عن مقسم أبي القاسم مولي عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله أبن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقاً نعليه بيده، فقلنا له: هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين؟ قال: نعم، أقبل رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة، فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعطي الناس، فقال: يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم! فقال رسول الله: أجل؛ فكيف رأيت؟ قال: لم أرك عدلت! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ويحك! إذا لم يكن العدل عندي، فعند من يكون! فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، ألا نقتله! فقال: لا، دعوه؛ فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يوجد شيء، ثم في القدح فلا يوجد شيء؛ ثم في الفوق فلا يوجد شيء؛ سبق الفرث والدم.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي مثل ذلك؛ وسماه ذا الخويصرة التميمي.

 

قال أبو جعفر: وقد روى عن أبي سعيد الخدري أن الذي كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام؛ إنما كلمه به في مال كان علي عليه السلام بعثه من اليمن إلى رسول الله، فقسمه بين جماعة؛ منهم عيينة بن حصن، والأقرع، وزيد الخيل؛ فقال حينئذ ما ذكر عن ذي الخويصرة أنه قاله رجل حضره.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد معه حنيناً، قال: والله إني لأسير إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة لي، وفي رجلي نعل غليظة، إذ زحمت ناقتي ناقة رسول الله، ويقع حرف نعلي على ساق رسول الله فأوجعه، قال: فقرع قدمي بالسوط، قال: أوجعتني فتأخر عني، فانصرفت؛ فلما كان من الغد إذا رسول الله يلتمسني، قال: قلت: هذا والله لما كنت أصبت من رجل رسول الله بالأمس. قال: فجئته وأنا أتوقع، فقال لي: إنك قد أصبت رجلي بالأمس فأوجعتني فقرعت قدمك بالسوط، فدعونك لأعوضك منها؛ فأعطاني ثمانين نعجة بالضربة التي ضربني.

 

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عاصم أبن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد الخدري، قال: لما أعطي رسول الله ما أعطي من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت منهم القالة؛ حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله قومه! فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله؛ إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت؛ قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء، قال: فأين أنت من ذلك يا سعد! قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي! قال: فأجمع لي قومك في الحظيرة، قال: فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، قال: فجاءه رجال من المهاجرين، فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا إليه أناه سعد فقال: قد أجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثم قال: يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتني عنكم، وموجدة وجدتموها في أنفسكم! ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله؛ وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم! قالوا: بلى، لله ولرسوله المن والفضل! فقال: ألا تجيبوني يا معشر الأنصار! قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله، لله ولرسوله المن والفضل! قال: أما والله لو شئتم لقلتم فصدقتم، ولصدقتكم؛ أتيتنا مكذباً فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسيناك؛ وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم! أفلا ترضون يا معشر الأنصار؛ أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم! فو الذي نفس محمد بيده؛ لولا الهجرة لكنت أمرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً، لسلكت شعب الأنصار! اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار! قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً وجظاً، ثم أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا".

 

ورد في كتاب "فتوح البلدان" للبلاذري:

 

" قال: لما هزمت هوازن يوم حنين وقتل دريد بن الصمة أتى فلهم أوطاس. فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الأشعري فقتل. فقام بأمر الناس أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري. وأقبل المسلمون إلى أوطاس، فلما رأى ذلك مالك بن عوف بن سعد، أحد بنى دهمان بن نصر ابن معاوية بن بكر بن هوازن -وكان رئيس هوازن يومئذ - هرب إلى الطائف فوجد أهلها مستعدين للحصار، قد رموا حصنهم وجمعوا فيه الميرة. فأقام بها، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين حتى نزل الطائف، فرمتهم ثقيف بالحجارة والنبل، ونصب رسول الله صلى الله عليه وسلم منجنيقاً على حصنهم، وكانت مع المسلمين دبابة من جلود البقر، فألقت عليها ثقيف سكك الحديد المحماة فأحرقتها، فأصيب من تحتها من المسلمين، وكان حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف خمس عشرة ليلة. وكان غزوه إياها في شوال سنة ثمان.

 

قالوا: ونزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق من رقيق أهل الطائف، منهم أبو بكرة بن مسروح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه نقيع، ومنهم الأزرق الذي نسبت الأزارقة إليه كان عبداً رومياً حداداً، وهو أبو نافع بن الأزرق الخارجي. فأعتقوا بنزولهم. ويقال إن نافع بن الأزرق الخارجي من بنى حنيفة، وأن الأزرق الذي نزل من الطائف غيره. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى الجعرانة ليقسم سبى أهل حنين وغنائمهم. فخافت ثقيف أن يعود إليهم. فبعثوا إليه وفدهم فصالحهم على أن يسلموا ويقرهم على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم، واشترط عليهم أن لا يربوا ولا يشربوا الخمر، وكانوا أصحاب ربا. وكتب لهم كتابات قال: وكانت الطائف تسمى وج، فلما حصنت وبنى سورها سميت الطائف.

 

حدثني المدائني عن أبي اسماعيل الطائفي عن أبيه، عن أشياخ من أهل الطائف قال: كان بمخالف الطائف قوم من اليهود طردوا من اليمن ويثرب، فأقاموا بها للتجارة، فوضعت عليهم الجزية، ومن بعضهم ابتاع معاوية أمواله بالطائف.

 

قالوا: وكانت للعباس بن عبد المطلب رحمه الله أرض بالطائف. وكان الزبيب يحمل منها فينبذ في السقاية للحج، وكانت لعامة قريش أموال بالطائف يأتونها من مكة فيصلحونها، فلما فتحت مكة وأسلم أهلها طمعت ثقيف فيها، حتى إذا فتحت الطائف أقرت في أيدي المكيين، وصارت أرض الطائف مخلافاً من مخاليف مكة. قالوا: وفي يوم الطائف أصيبت عين أبي سفيان بن حرب.

 

حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا الواقدي عن محمد بن عبد الله عن الزهري عن ابن المسيب. عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تخرص أعتاب ثقيف كخرص النخل، ثم تؤخذ زكاتهم زبيباً كما تؤدي زكاة النخل.

 

قال الواقدي: قات أبو حنيفة لا يخرص، ولكنه إذا وضع بالأرض أخذت الصدقة من قليله وكثيره. وقال يعقوب إذا بالأرض فبلغت مكيلته خمسة أوسق ففيه الزكاة العشر أو نصف العشر. وهو قول سفيان بن سعيد الثوري، والوسق ستون صاعاً.

 

حدثنا شيبان بن أبي شيبه قال: حدثنا حماد بن سلمى قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عمر أنه جعل في العسل العشر.

حدثنا داود بن عبد الحميد قاضي القة عن مروان بن شجاع عن خصيف، عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله على مكة والطائف: إن في الخلايا صدقة فخذوها منها قال: والخلايا الكوثر.

 

وقال الواقدي: وروى عن ابن عمر أنه قال: عمر أنه قال: ليس في الخلايا صدقة.

 

وقال مالك والثوري: لا زكاة في العسل وإن كثر، وهو قول الشافعي.

 

وقال أبو حنيفة: في قليل العسل وكثيره إذا كان في أرض العشر العشر، وإذا كان في ارض الخراج فلا شيء عليه، لأنه لا يجتمع الزكاة والخراج في رجل.

 

وقال الواقدي: أخبرني القاسم بن معن ويعقوب، عن أبي حنيفة أنه قال في العسل، يكون في أرض ذمى وهي من أرض العشر، إنه لا عشر عليه، وعلى أرضه الخراج. وإذا كان في أرض تغلبي أخذ منه الخمس. وقول زفر مثل قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا كان العسل في أرض الخراج فلا شيء فيه وإذا كان في أرض العشر ففي كل عشرة أرطال رطل.

 

وقال محمد بن الحسن: ليس فيما دون أفراق صدقة وهو قول ابن أبي ذئب.

 

وروى خالد بن عبد الله الطحان، عن ابن أبي ليلى أنه قال: إذا كان في أرض الخراج أو العشر ففي كل عشرة أرطال رطل. وهو قول الحسن بن صالح بن حي.

 

وحدثني أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي، عن الزهري قال: في كل عشرة زقاق زق.

 

وحدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرقاشي عن جعفر بن نجيح المديني، عن بشر بن عاصم وعثمان بن عبد الله بن أوس أن سفيان بين عبد الله الثقفي كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان عاملاً له على الطائف، يذكر أن قبله حيطاناً فيها كروم وفيها من الفرسك والرمان وما هو أكثر غلة من الكروم أضعافاً، وستأمره في العشر. قال: فكتب إليه عمر: ليس عليها عشر.

 

قال يحيى بن آدم: وهو قول سفيان بن سعيد سمعته يقول: ليس فيما أخرجت الأرض صدقة إلا أربعة أشياء: الحنطة والشعير والتمر والزبيب، أذا بلغ كل واحد من ذلك خمسة أوسق.

 

قال: وقال أبو حنيفة فيما أخرجت أرض العشر العشر ولو دستجة بقل. وهو قول زفر.

 

وقال مالك وابن أبي ذئب ويعقوب: ليس في البقول وما أشبهها صدقة.

 

وقالوا: ليس فيما دون خمسة أو سق من الحنطة والشعير والذرة والسلت والزوان والتمر والزبيب والأرز والسمسم والجلبان وأنواع الحبوب التي تكال وتدخر مع العدس واللوبيا والحمص والماش والدخن صدقة، فإذا بلغت خمسة أو سق ففيها صدق. قال الواقدي: وهذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن.

 

وقال الزهري: التوابل والقطانى كلها تزكى.

 

وقال مالك: لا شيء في المثرى، ولفرسك وهو الخوخ، ولا في الرمان وسائر أصناف الفواكه الرطبة من صدقة. وهو قول ابن أبي ليلى.

قال أبو يوسف: ليس الصدقة إلا فيما وقع عليه القفيز وجرى عليه الكيل.

 

وقال أبو الزناد وابن أبي ذئب وابن أبي سبرة: لا شيء في الخضر والفواكه من صدقة، ولكن الصدقة في أثمانها ساعة تباع.

 

وحدثني عباس بن هشام عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عثمان بن أبي العاص الثقفي على الطائف.