البو محمد

اتعود جذور هذه القبيلة الى قبيلة زبيد العربية. وتقول بعض المصادر إن جدهم الاعلى كان محمد بن سعد بن مروح العزاوي الزبيدي. وكان هذا الشخص قد نزح من شمال شرقي بغداد حوالي سنة 15122 م على أثر نزاع بينه وبين ابن عمه فقتله وانهزم شطر الجنوب الشرقي ابتغاء الاعتصام بمن يقيه العقوبة حتى وصل الى قرية يقال لها أم جمل في لواء العمارة في محافظة ميسان العراقية. ولما سأل عن أهل القرية قيل له إنهم الدراميون وهم فرع من بني مالك هوزان، واحد الدعائم الثلاث في نظام المنتفق العشائري، بعد دعامتي بني سعيد وآل أجود. وبسؤاله عن رئيس القرية قيل انه إنه فرج الذي تفرعت منه عشيرة الفريحات فقصد محمد محل فرج ودخله ضيفاً فأكرم. ولما عرف فرج قصة محمد طلب من هذا الاخير ان يبقى عنده وعرض عليه ان يأخذه ولداً له. 


بقي محمد العزاوي في بيت فرج وقام بتمثيل دور الابن لهذا الشيخ الذي كان له اربعة اولاد ذكور وبنت واحدة اسمها الكوشة . ولما شب محمد طلب ان يتزوج الكوشة فأجيب الى طلبه وتزوج بنت الشيخ وأصبح صاحب البيت، القائم بإدارة العائلة. ولد لمحمد ثلاثة اولاد ذكور هم كامل وعبود وشدود وبنت اسمها باشه. ومنذ ذلك الوقت أصبح البو محمد يلقبون بأولاد الكوشة واخوة باشه.

 

وتميزت الاراضي التي كانت تابعة لهم بوفرة مائها وخصبة ارضها. فهي كانت تقع على نهر الكحلاء الذي يأخذ ماءه من دجلة عند مدينة العمارة وينقسم عند الكحلاء الى فرعين هما الزبير والحيسجي. وبينما يمضي النهر الاول جنوباً ليتفرع منه نهر الأعوج ونهر العديل ونهر العدل ثم يصب في الهور الواسع الذي يلتقي بهور الجويزة المشترك بين العراق وايران . اما الثاني اي نهر الحيسجي فانه يتخذ اسم أم الطوس بعد بضعة كيلومترات ثم يتفرع الى الشنشيلي وأم ساعة قبل ان يصب في الهور عند مصب نهر الزبير. 

كانت عشيرة البو محمد من العشائر العربية العراقية التي قاومت الدولة العثمانية التي كانت بدورها توجه حملات القمع والارهاب ضد هذه العشيرة . وتشير السجلات التاريخية الى ان تلك الاضطرابات استمرت اكثر من نصف قرن واشتركت فيها عشائر اخرى في منطقة الفرات الاوسط ووسط وغرب العراق الى جانب البو محمد. وفي عام 1855 م قامت البو محمد بثورة عارمة ضد العثمانيين وتمكنت من ان توقف حركة الملاحة النهرية في دجلة لمدة تسعة أشهر. ثم عاودت مع العشائر المتضامنة معها تمردها سنة 1878 م حيث تمكن احد شيوخها، الشيخ صهيود بن منشد ان يهرب الى الاهوار حاملاً كامل ضرائب وديون سنة ونصف سنة مستحقة للدولة رافضاً تسليمها. وهكذا انقطعت العلاقات بين البو محمد والحكومة العثمانية وقام الشيخ صهيود بغارات متواصلة على البواخر المارة في نهر دجلة بين بغداد والبصرة .

 

ولما كانت الدولة العثمانية مشغولة آنذاك بحربها مع روسيا فأنها غضت الطرف عن الشيخ صهيود مما شجع هذا الاخير على اقامة كيان مستقل عن السلطة العثمانية، واتخذ من جزيرة البو شذر في قلب الاهوار مقراً لإقامته. ومن هناك راح يوجه حملاته ضد الحكومة العثمانية مما حمل هذه الحكومة على تحريض وادي بن منشد، وهو احد اخوة صهيود الثلاثة على محاربته. وقامت السفن العثمانية بإغلاق مصبات الانهار وتمكنت من ان ترسل اليه، اي لوادي ، قوات كبيرة لمساعدته ضد اخيه صهيود . وقد تمكنت هذه القوات من اجتياح مقر صهيود وهدم قلعته، لكنها لم تجده بسبب فراره.

 

قام صهيود بثورة جديدة ضد الاتراك سنة 1881 م . وكان منذ فراره قد اقام في الهور حيث بنى لنفسه قلعة حصينة على بعد كيلومترات قليلة من قلعة صالح وأخذ يتعرض للسفن التجارية المارة بنهر دجلة عند مصب قصبتي قلعة صالح والقرنة من دون ان يتعرض للسفن البريطانية. لكن ثورة صهيود اخمدت بسرعة بعد انضمام يسر بن فيصل الى العثمانيين والقاء القبض على فالح بن صهيود وعريبي بن وادي بن منشد واخذهما رهينتين الى اسطنبول . ولما حاولت السلطات العثمانية سلخ اراضي البو محمد واعطائها الى عشيرة آل إزيريج عم السخط والتذمر فواجهت السلطات الموقف بحزم وأمعنت بالقبيلة تقتيلاً .

كانت عشيرة البو محمد مستهدفة من الدولة العثمانية ومن العشائر المجاورة لها فحدثت معركة رهيبة بينها وبين عشيرة السودان التي كانت تقطن البحاثة فانهزم هؤلاء وهاجروا الى منطقة اخرى ، لكنهم اعادوا جمع صفوفهم وهاجموا البو محمد واستعادوا اراضيهم .

توفى صهيود بن منشد سنة 1908 م مخلفاً ولديه عبد الكريم وفالح اللذين لم يستطيعا سداد ديونهم المتراكمة للدولة العثمانية فطردا من المجر الكبير ولجأ الى الشيخ خزعل امير المحمرة وطلبا منه السكن في الحويزة . 

وقف شيوخ البو محمد الى جانب الاتراك عند اندلاع الحرب العالمية الاولى ، من غير ان يكونوا متحمسين في موقفهم هذا . وعندما احتلت القوات البريطانية العمارة سنة 1916 م جاء هؤلاء الشيوخ الى السلطات البريطانية واعلنوا ولاءهم لها . الا أن واحداً منهم رفض الولاء للإنكليز ، وهو زبون بن عبد الكريم الصهيود ، والتحق بالأتراك .

شيخ البو محمد اليوم هو محمد بن عباس بن محمد بن عريبي بن وادي وصولاً الى الجد الاعلى بن محمد . وكان من ابرز شيوخ البو محمد المعاصرين الشيخ محمد العريبي الذي كان عضواً في مجلس الاعيان في العهد الملكي.

 

أما فرق البو محمد فهي : لويلوا، البو عبود، الشدة والبطابطة . غير ان عشيرة البو محمد الاساسية ظلت متركزة في محافظة ميسان. وكانت هذه العشيرة قد نشأت منها عشائر عديدة منها : بيت منشد ، بيت فيصل ، بيت مشتت ، بيت موزان، بيت دهام ، بيت عرمش ، الحمران ، البو عبود، الشموس ، البطابطة ، بيت نويصر ، بيت صكر ، العشمان ، بيت فياض ، بيت ضمد ، بيت غضب ، البو غنام ، البو بخيت ، النوافل ، البو سليم ، بيت صحن ، بيت غافل ، بيت عجيل ، بيت شيخ زيني ، آل حميد ، السويديون ، الفريحات .

 

 

 



زبيد
بغداد
السودان