البلور التونسي

يُعتَبر تعاطي صناعة البلّور من الأنشطة العريقة والمُتجذّرة في التّاريخ الثقافي التّونسي.

ورث البونيون هذا النّشاط عن أجدادهم الفينيقييّن حيث اعتمدوه وطوّروه في قراح وكركوان. وبعد انحلال الإمبراطورية العثمانية، واصل المُختصّون التّونسيّون في صناعة البلور الإنتاج، وحسب الطرق التّقليدية: النّفخ في الهواء الطّلق أو داخل القالب.

شهد وسط العصر الإسلامي ظهور صناعة البلّور في تونس وعرف إنطلاقةً خاصّةً على غرار البُلدان الأخرى ذات الزخرفة الإسلامية: رشاقة زينة القوالب والنّحوت، وخاصّةً ثراء الزّخارف المُذهّبة والمُطليّة في عديد الأعمال.

وكانت الخلافة الأغلبية والفاطمية والزّريد قد سعت لمنافسة المُستوى المرموق الذي شهدته بغداد في هذا الميدان، حيث قامت بتطوير صناعة البلّور منذ القرن الرّابع الهجري، وبقيت هذه الصّناعة نشيطةً إلى القرن الرّابع عشر، حيث تمّ التخلي عن النّفخ بالفم في منتصف القرن العشرين ليحلّ محلّه الإنتاج المُصنّع. وبعد إختفاءٍ دام آلاف السّنين، يظهر البلور من جديدٍ في تونس بفضل الدّيوان الوطني للصّناعات التّقليدية الذي أعاد استعمال التقنيات التقليديّة؛ ثم واصل الحرفيّون المبتكرون العمل في عدّة اختصاصاتٍ جمعت بين التقاليد العريقة والتّطبيق العصري.