جزر أم القماري

تقع محميّة جزر أم القماري جنوب غربي مدينة القنفذة في البحر الأحمر، على الساحل الغربي للملكة العربية السعودية . وتعتبر هذه المحميّة من المواطن الهامة لتكاثر طيور القماري، كما أنها محطة لرسوّ بعض الطيور البحرية الأخرى كالبجع والبلشونات والنوارس. وهي محميّة ذات طبيعة خاصة تتألّف من جزيرتين هما أم القماري البرّانية وأم القماري الفوقانيّة. ويبلغ مجموع مساحة الجزيرتين حوالي 182500 متر مربّع.. أي أقل من كيلومتر مربع واحد. وقد سُمّيت بأمّ القماري بسبب كثرة طيور القماري الافريقية المطوقة التي تتخذ من هذه الجزر الصغيرة موطنا مؤقتا لها في طريق هجرتها إلى إفريقيا.  
جزر أم القماري ليست فقط ذات أهمية بيئية محلية وإنما تعود أهميتها أيضا لكونها جزراً مضيافة للعديد من الكائنات الفطرية المهاجرة؛ وكأنما شربت رمالها من طباع الأجداد فأصبحت تأوي أعدادا كثيرة من أسراب الطيور المهاجرة التي يجبرها صقيع الشتاء في شمال الكرة الأرضية على الهجرة في اتجاه الجنوب. وتوفر بذلك ملاذا آمنا لها للتكاثر وتوفيرها لمحبي مشاهدتها أو الانتفاع بها أينما وجدت خارج نطاق المحميات الطبيعية وفي المواسم المحددة لذلك.
يتكوّن سطح الجزيرتين من أحجار كلسيّة شعابيّة ورمال ساحليّة بيضاء نتاج تحطم الأصداف البحرية؛ ويبلغ متوسّط ارتفاعها عن سطح البحر ثلاثة أمتار. وهناك غطاء نباتي كثيف وسط الجزيرتين يحوي أنواعا أهمها أشجار الأراك والسّواد والصّبار والثّندة والرّغل التي تمثل مصدر الغذاء والمأوى لبناء أعشاش الطيور. ويوجد على سواحلها، إضافة إلى طيور القماري المهاجرة والمقيمة، أنواع كثيرة من الطّيور البحريّة والطّيور الشاطئيّة مثل العقاب النّساري ومالك الحزين والبلشون الأبيض. أما الحياة البحرية فتمتاز بتنوع هائل من الشّعاب المرجانيّة والحيوانات اللاّفقّاريّة البحريّة. وتمتاز الشّعاب المرجانيّة بجزيرة أم القماري البرّانية بكونها في حالة أحيائية جيدة لم تتأثر بعوامل التدمير فضلا عن كونها متنوّعة ممّا يجعلها متميّزة للدّراسة والبحث العلمي.
لكن أهمية جزر أم القماري تتخطى كون تلك الجزر مجرد جزيرتين صغيرتين حينما أصبحتا موقع اهتمام هيئات دولية عديدة معنية بهجرة الطيور خاصة بعد أن امتدت إليها يد الحفاظ والنماء بضمها إلى قائمة المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية.
ويزيد من جمال الصورة أن الشعاب المرجانية المحيطة بالجزيرتين يمكن مشاهدتها في المياه الصافية على عمق نصف متر تحت سطح الماء. إذ تضم أسماكا مرجانية ولافقاريات ترسم لوحة ربانية رائعة تزينها السلاحف خطافية المنقار والسلاحف الخضراء وربما عرائس البحر (الأطوم). وفي نفس الوقت توفر زادا قريب المنال للطيور المقيمة والمهاجرة كالبلشونات والنوارس والخرشنات والطيور الخواضة. أما العقاب النساري الذي يسكن أم القماري فهو يعتمد على الأسماك التي تحفل بها مناطق الشعاب المرجانية الضحلة حول الجزر؛ وهو يبني أعشاشا كبيرة إما على مرتفع من الأرض أو على الأشجار .

ولأم القماري موعد لا تخطئه مع تجمعات القماري المهاجرة التي تفد إليها في شهر فبراير من كل عام بأعداد كبيرة تفوق أية تجمعات للقماري في المملكة العربية السعودية، وتبقى في الجزر بين شهري مارس ومايو لتضع بيضها وتحتضنه حتى يفقس، ثم ترعى فراخها إلى أن تقدر على الطيران وتستكمل مسيرة حياتها.  
ومحمية جزر أم القماري بيئة طبيعية ثرية ومتكاملة في توازنها البيئي الذي يوفر الجمال والمتعة للزائر والدارس؛ ومن ثم كانت جديرة بالرعاية والحماية. لقد كان الحفاظ على ذلك النظام البيئي الفريد هو مطمح الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها عندما وضعتها على قائمة المحميات. لكن نفع الإنسان وإفادته صار هدفا مساويا تماما في قيمته للمحافظة على النظام البيئي إذا لم يكن كلا الهدفين مجتمعين في غرض واحد هو التنمية المستدامة للبيئة الطبيعية.
ولا شك أن المناطق المحمية تعد بمثابة بنوك وراثية طبيعية تساعد على انتشار التنوع الاحيائي ليس فقط في ربوع المناطق المحمية بل وفي المناطق المجاورة خارج حدودها بما يبشر بمزيد من الخير من حيث تمكين المستفيدين من التراث الطبيعي من حقوقهم في ذلك وهواة الصيد من ممارسة هواياتهم في حدود الاعتدال في المناطق المسموح بها بعيدا عن المناطق المحمية.

 

المصدر: http://www.al-jazirah.com.sa/magazine      



السعودية