ألا عم صباحاً أيها الربع وانطقِ |
وَحدِّثْ حديثَ الركبِ إن شئتَ وَاصْدقِ |
وَحدِّثْ بأنْ زَالَتْ بلَيْلٍ حُمولُهمْ |
كنَحلٍ من الأعرَاض غيرِ مُنَبِّقِ |
جَعَلنَ حَوَايَا وَاقْتَعَدنَ قَعَائِداً |
وخففنَ من حوك العراقِ المنمقِ |
وَفَوْقَ الحَوَايَا غِزْلَة ٌ وَجَآذِرٌ |
تضَمّخنَ من مِسكٍ ذكيّ وَزَنبَقِ |
فأتبعهم طرفي وقد حال دونهم |
غورابُ رملٍ ذي آلاءٍ وشبرق |
على إثر حيّ عامدين لنية ٍ |
فحلوا العقيق أو ثنية مطرِق |
فعَزّيتُ نَفسي حِينَ بَانُوَا بجَسْرَة ٍ |
أمونٍ كبنيان اليهودي خيفقِ |
إذا زُجِرَتْ ألفَيْتُهَا مُشْمَعِلّة ً |
تنيفُ بعذقٍ من غروس ابن معنق |
تَرُوحُ إذا رَاحَتْ رَوَاحَ جَهَامَة ٍ |
بإثْرِ جَهَامٍ رَائِحٍ مُتَفَرِّقِ |
كَأنّ بهَا هِرّاً جَنِيباً تَجُرُّهُ |
بكل طريق صادفته ومأزقِ |
كأني ورحلي والقرابَ ونمرقي |
على يرفئي ذي زوائدَ نقنق |
تروح من أرضٍ لأرض نطية ٍ |
لذِكرَة ِ قَيضٍ حوْلَ بَيضٍ مُفلَّقِ |
يجول بآفاقِ البلاد مغرباً |
وتسحقه ريح الصبا كل مسحقِ |
وَبَيتٍ يَفُوحِ المِسْكُ في حَجَرَاتِهِ |
بعيدٍ من الآفات غير مروق |
دَخَلتُ على بَيضَاءَ جُمٍّ عِظَامُهَا |
تعفي بذيل الدرع إذا جئتُ مودقي |
وَقَد رَكَدَتْ وَسْطَ السماءِ نجومُهَا |
ركودَ نوادي الربربِ المتورق |
وَقد أغتدي قبلَ العُطاسِ بِهَيْكَلٍ |
شديدِ مَشَكّ الجنبِ فعَمِ المُنَطِّقِ |
بعثنا ربيئاً قبل ذاك محملاً |
كذِئبِ الغَضَا يمشي الضَّراءَ وَيتّقي |
فَظَلَّ كمِثلِ الخشْفِ يَرْفَعُ رَأسَهُ |
وَسَائِرُهُ مِثلُ التُّرَابِ المُدَقِّقِ |
وجاء خفيفاً يسفنُ الأرض ببطنه |
ترى التربَ منه لاصقاً كل ملصقِ |
وقال ألا هذا صوارٌ وعانة ٌ |
وَخَيطُ نَعَامٍ يَرْتَعي مُتَفَرِّقِ |
فقمنا بأشلاء اللجام ولم نقد |
إلى غُصْنِ بَانٍ نَاصِرٍ لم يُحرَّقِ |
نُزَاوِلُهُ حَتى حَمَلْنَا غُلامَنَا |
عَلى ظَهْرِ سَاطٍ كالصَّليفِ المُعَرَّقِ |
كَأنّ غُلامي إذْ عَلا حَالَ مَتْنِهِ |
عَلى ظَهْرِ بَازٍ في السّماءِ مُحَلِّقِ |
رَأى أرْنَباً فانقَضّ يَهْوِي أمَامَهُ |
إلَيْهَا وَجَلاّهَا بِطَرْفٍ مُلَقلَقِ |
فقُلتُ لَهُ: صَوِّبْ وَلا تَجْهَدَنّهُ |
فيذرك من أعلى القطاة ِ فتنزلق |
فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه |
بجِيدِ الغُلام ذِي القميصِ المُطوَّقِ |
وَأدرَكَهُنّ ثَانِياً مِنْ عِنَانِهِ |
كغيثِ العشيّ الأقهبِ المتودّق |
فصاد لنا عيراً وثوراً وخاضباً |
عِدَاءً وَلمْ يَنضَحْ بماءٍ فيعرَقِ |
وَظَلّ غُلامي يُضْجِعُ الرُّمحَ حَوْله |
لِكُلّ مَهَاة ٍ أوْ لأحْقَبَ سَهْوَقِ |
وقام طوال الشخص إذا يخضبونه |
قِيَامَ العَزِيزِ الفَارِسيِّ المُنَطَّقِ |
فَقُلنَا: ألا قَد كانَ صَيْدٌ لِقَانِصٍ، |
فخَبّوا عَلَينا كُلَّ ثَوْبٍ مُزَوَّقِ |
وَظَلّ صِحَابي يَشْتَوُون بنَعْمَة ٍ |
يصفون غاراً باللكيكِ الموشق |
ورحنا كأناً من جؤاثي عشية ٌ |
نعالي النعاجَ بين عدلٍ ومشنق |
ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا |
تصوبُ فيه العين طوراً ونرتقي |
وَأصْبَحَ زُهْلُولاً يُزِلُّ غُلامَنَا |
كَقِدحِ النَّضيّ باليَدَينِ المُفَوَّقِ |
كأن دماء الهدايات بنحرهِ |
عُصَارَة ُ حِنّاءٍ بِشَيْبٍ مُفَرَّقِ |