من آل مية رائح، أو مغتد، النابغة الذبياني

مِنَ آلِ مَيّة َ رائحٌ، أو مُغْتَدِ،

عجلانَ ، ذا زادٍ ، وغيرَ مزودِ

أَفِدَ التّرَحّلُ، غير أنّ ركابنا

لما تزلْ برحالنا ، وكأنْ قدِ

زَعَمَ البَوارِحُ أنّ رِحْلَتَنا غَداً،

و بذاكَ خبرنا الغدافُ الأسودُ

لا مرحباً بغدٍ ، ولا أهلاً بهِ ،

إنّ كانَ تَفريقُ الأحبّة ِ في غَدِ

حانَ الرّحيلُ، ولم تُوَدِّعْ مهدَداً،

والصّبْحُ والإمساءُ منها مَوْعِدي

في إثْرِ غانِيَة ٍ رَمَتْكَ بسَهَمِها،

فأصابَ قلبَك، غير أنْ لم تُقْصِدِ

غنيتْ بذلك ، غذ همُ لكَ جيرة ٌ ،

منها بعَطْفِ رسالَة ٍ وتَوَدُّدِ

ولقد أصابَتْ قَلبَهُ مِنْ حُبّهَا،

عن ظَهْرِ مِرْنانٍ، بسَهمٍ مُصردِ

نَظَرَتْ بمُقْلَة ِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ

أحوى ، أحمَّ المقلتينِ ، مقلدِ

و النظمُ في سلكٍ يزينُ نحرها ،

ذهبٌ توقَّدُ، كالشّهابِ المُوقَدِ

صَفراءُ كالسِّيرَاءِ، أكْمِلَ خَلقُها

كالغُصنِ، في غُلَوائِهِ، المتأوِّدِ

والبَطنُ ذو عُكَنٍ، لطيفٌ طَيّهُ،

والإتْبُ تَنْفُجُهُ بثَدْيٍ مُقْعَدِ

محطُوطَة ُ المتنَينِ، غيرُ مُفاضَة ٍ،

ريّا الرّوادِفِ، بَضّة ُ المتَجرَّدِ

قامتْ تراءى بينَ سجفيْ كلة ٍ ،

كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ

أوْ دُرّة ٍ صَدَفِيّة ٍ غوّاصُها

بهجٌ متى يرها يهلّ ويسجدِ

أو دُميَة ٍ مِنْ مَرْمَرٍ، مرفوعة ٍ،

بنيتْ بآجرٍ ، تشادُ ، وقرمدِ

سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ،

فتناولتهُ ، واتقنا باليدِ

بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ

عنمٌ ، يكادُ من اللطافة ِ يعقدُ

نظرَتْ إليك بحاجة ٍ لم تَقْضِها،

نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العودِ

تَجْلُو بقادِمَتَيْ حَمامة أيكَة ٍ،

برداً أسفّ لثاتهُ بالإثمدِ

كالأقحوانِ، غَداة َ غِبّ سَمائِه،

جفتْ أعاليهِ ، وأسفلهُ ندي

زَعَمَ الهُمامُ بأنّ فاها بارِدٌ،

عذبٌ مقبلهُ ، شهيُّ الموردِ

زَعَمَ الهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ

عذبٌ ، غذا ما ذقتهُ قلتَ : ازددِ

زَعَمَ الهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ

يشفى ، بريا ريقها ، العطشُ الصدي

أخذ العذارى عِقدَها، فنَظَمْنَهُ،

مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ، مُتَسَرِّدِ

لو أنها عرضتْ لأشمطَ راهبٍ ،

عبدَ الإلهِ ، صرورة ٍ ، متعبدِ

لرنا لبهجتها ، وحسنِ حديثها ،

و لخالهُ رشداً وإنْ لم يرشدِ

بتَكَلّمٍ، لو تَستَطيعُ سَماعَهُ،

لدنتْ لهُ أروى الهضابِ الصخدِ

و بفاحمٍ رجلٍ ، أثيثٍ نيتهُ ،

كالكرمِ مالَ على الدعامِ المسندِ

فإذا لَمستَ لمستَ أجخثَمَ جاثِماً،

متحيزاً بمكانهِ ، ملءَ اليدِ

و إذا طَعَنتَ طعنتَ في مستهدفٍ ،

رابي الَمجَسّة ِ، بالعَبيرِ مُقَرْمَدِ

و إذا نزعتَ نزعتَ عن مستحصفٍ

نَزّعَ الحَزَوَّرِ بالرّشاءِ المُحْصَدِ

و إذا يعضّ تشدهُ أعضاؤهُ ،

عضّ الكَبيرِ مِنَ الرّجالِ الأدردِ

ويكادُ ينزِعُ جِلدَ مَنْ يُصْلى به

بلوافحٍ، مثلِ السّعيرِ المُوقَدِ

لا واردٌ منها يحورُ لمصدرٍ

عنها ، ولا صدرٌ يحورُ لموردِ