بِمِنىً تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فرِجَامُهَا
|
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلّهَا فَمُقَامُهَا
|
خَلَقاً كما ضَمِنَ الوِحيُ سِلامُهَا
|
فَمَدافِعُ الرّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا
|
حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُها وَحَرامُها
|
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِها
|
وَدْقُ الرَّوعِدِ جَوْدُهَا فَرِ هَامُها
|
رُزِقَتْ مَرابِيعَ الْنُّجومِ وَصَابَها
|
وَعَشِيَّةٍ مُتَجَاوِب إِرزَامُهَا
|
مِنْ كُلِّ سارِيَةٍ وغَادٍ مُدْجِنٍ
|
بالَجلْهَتَيْنِ ظِباؤُها وَنَعامُها
|
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهَقانِ وَأَطْفَلَتْ
|
عُوَذاً تَأجَّلُ بالفَضاءِ بِها مُها
|
وَالْعَيْنُ ساكِنَةٌ على أَطْلائِها
|
زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَها أَقْلامُها
|
وَجَلا السّيُولُ عَنِ الْطّلولِ كأنّها
|
كِفَفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وَشامُها
|
أَوْ رَجْعُ وَاشِمَة أُسِفَّ نَوُورهُا
|
صُمّاً خَوَالِدَ ما يَبِينُ كلامُها
|
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُها، وَكيفَ سُؤالُنا
|
مِنْها وَغُودِرَ نُؤْيُها وَثُمامُها
|
عَرِيَتْ وكانَ بها الَجمِيعُ فَأبْكَرُوا
|
فتَكَنَّسوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُها
|
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حينَ تَحَمَّلوا
|
زَوْجٌ عَلَيْه كِلةٌ وَقِرَامُها
|
مِنْ كلُّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّةُ
|
وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفاً أَرْآمُها
|
زُجُلاً كأَنَّ نِعَاجَ تُوضِحَ فَوْقَها
|
أَجْرَاعُ بِيشَةَ أَثْلُها وَرِضَامُها
|
حُفِزَتْ وَزَايَلَها السَّرَابُ كأْنها
|
وَتَقَصَّعَتْ أَسْبَابُها وَرِمَامُها
|
بَلْ مَا تَذَكّرُ منْ نَوَارَ وَقَدْ نَأَتْ
|
أَهْلَ الْحِجَارِ فأْيْنَ مِنْكَ مَرَامُها
|
مُرِّيَّةٌ حَلّتْ بِفَيْدَ وَجَاوَرَتْ
|
فَتَضَمَّنَتْها فَرْدَةٌ فَرُخَامُهَا
|
بِمشَارِق الْجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّر
|
فبها وَحَافُ الْقَهْرِ أَوْ طِلْخَامُها
|
فَصُوَائِقٌ إِنْ أَيْمَنَت فِمظَنَّةٌ
|
وَلشَرُّ واصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُهَا
|
فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنَ تَعَرَّضَ وَصْلُةُ
|
باقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوامُهَا
|
وَأحْبُ الُمجَامِلَ باَلجزيلِ وَصَرْمُهُ
|
مِنْها فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وَسَنامُهَا
|
بِطَلِيحِ أَسْفَارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّةً
|
وَتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَا
|
وَإِذَا تَغَالَى لَحْمُهَا وَتَحَسَّرَتْ
|
صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الْجَنُوبِ جِهَامُهَا
|
فَلَهَا هِبَابٌ في الزِّمَامِ كأَنَّها
|
طَرْدُ الْفُحُولِ وَضَرْبُهَا وَكِدامُهَا
|
أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاَحهُ
|
قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحامُهَا
|
يَعْلُو بِهَا حَدَبَ الإِكَامِ مُسَتْحَجٌ
|
قَفْرَ الَمراقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَا
|
بِأَجِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا
|
جَزَآ فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا
|
حَتَّى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً
|
حَصِدٍ وَنُجْعُ صَرِيَمةٍ إِبْرَامُهَا
|
رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلَى ذِي مِرَّةٍ
|
رِيحُ الَمصَايِفِ سَوْمُهَا وَسِهامُهَا
|
وَرَمَى دَوابِرَهَا السَّفَا وَتَهَيَّجَتْ
|
كَدُخَانِ مُشْعَلةً يُشَبُّ ضِرامُهَا
|
فَتَنَازَعَا سَبِطاً يَطِيرُ ظِلالُهُ
|
كَدُخَانِ نارٍ ساطِعٍ أَسْنَامُهَا
|
مَشْمُولَةٍ غُلِئَتْ بِنَابِتِ عَرْفَجِ
|
مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُهَا
|
فَمضَى وَقَدَّمَهَا وكانَتْ عادَةً
|
مَسْجُورَةً مُتَجَاوِراً قُلاُمها
|
فَتَوَ سَّطا عُرْضَ الْسّرِيِّ وَصَدَّعَا
|
مِنْهُ مُصَرَّعُ غابَةٍ وَقِيَامُها
|
مَحْفُوفَةً وَسْطَ الْيَرَاعِ يُظِلّهَا
|
خَذَلَتْ وَهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوامُهَا
|
أَفَتِلْكَ أَمْ وَحشِيَّةٌ مَسْبَوعَةٌ
|
عُرْضَ الْشَّقَائِقِ طَوْفُهَا وَبُغَامُهَا
|
خَنْسَاءُ ضَيَّعَتِ الْفَرِيرَ فَلَمْ يَرِمْ
|
غُبْسٌ كَواِسبُ لا يُمَنَّ طَعامُها
|
لِمعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعُ شِلْوَهُ
|
إِنَّ الَمنايَا لا تَطِيشُ سِهَامُها
|
صَادَفْنَ منهَا غِرَّةً فَأَصَبْنَهَا
|
يُرْوِي الْخَمائِلَ دائِماً تَسْجَامُها
|
بَاَتتْ وَأَسْبَلَ وَاكِفٌ من دِيَمةٍ
|
فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُها
|
يَعْلُو طَرِيقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِرٌ
|
بعُجُوبِ أَنْقَاءِ يَميلُ هُيامُها
|
تَجَتَافُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً
|
كَجُمَانَةِ الْبَحْرِيِّ سُلَّ نِظامها
|
وَتُضِيءُ في وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيرَةً
|
بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلاُمها
|
حَتَّى إِذَا انْحَسَرَ الْظلامُ وَأَسْفَرَتْ
|
سَبْعاً تُؤاماً كاملاً أَيَّامُها
|
عَلِهَتْ تَرَدَّدُ في نِهاءِ صُعَائِدٍ
|
لم يُبْلِهِ إِرْضَاعُها وَفِطامُها
|
حتى إِذا يَئِسَتْ وأَسْحَقَ خَالِقٌ
|
عنْ ظَهْرِ غَيْبٍ وَالأَنِيسُ سقامُها
|
فَتَوَّجستْ رِزَّ الأَنِيسِ فَراعَها
|
مُوْلُى الَمخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُها
|
فَغَدَتْ كِلا الْفَرْجَيْنِ تَحْسبُ أَنَّهُ
|
غُضْفاً دَوَاجِنَ قافِلاً أَعْصامُها
|
حتى إِذا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا
|
كالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّهَا وَتَمامُها
|
فَلَحِقْنَ وَاعْتَكَرَتْ لها مَدْرِيَّةٌ
|
أَنْ قَدْ أَحَمَّ مِنَ الحُتُوفِ حِمامُها
|
لِتَذُودَهُنَّ وَأَيْقَنَتْ إِنْ لم تُذُدْ
|
بِدَمٍ وَغُودِرَ في الَمكَرِّ سُخَامُها
|
فَتَقصَّدَتْ مِنْهَا كَسَابِ فَضُرِّجَتْ
|
وَاجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرابِ إِكامُهَا
|
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامعُ بالضُّحى
|
أَوْ أَنْ يَلُومَ بحاجَةٍ لَوَّامُها
|
أَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَرِّطُ رِيبَةً
|
وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُها
|
أَوَ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارُ بأنَّني
|
أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حمَامُها
|
تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذا لمْ أَرْضَها
|
طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُهَا
|
بلْ أَنْتِ لا تَدْرِينُ كَمْ مِن لَيْلَةٍ
|
وَافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدَامُها
|
قَدْ بِتُّ سامِرَها وَغَايَةَ تاجرٍ
|
أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وَفُضَّ خِتامُها
|
أُغْلي السِّباءَ بكُلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ
|
بِمُوَترٍ تَأْتَاُلهُ إِبْهَامُها
|
بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وَجَذْبٍ كَرِينَةٍ
|
لاِ عَلِّ مِنهَا حينَ هَب نِيامُها
|
باكَرْتُ حاجَتَها الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ
|
قد أَصْبَحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمامُها
|
وَغَدَاةَ رِيحٍ قَدْ وَزَعْتُ وقِرَّةٍ
|
فُرْطٌ وِشاِحي إِذْ غَدَوْتُ لِجامُها
|
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تحْمِلُ شِكَّتي
|
حَرْجٍ إِلَى أَعْلاَمِهِنَّ قَتامُها
|
فَعَلَوْتُ مُرْتَقَباً على ذِي هَبْوَةٍ
|
وَأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغورِ ظَلامُها
|
حتّى إِذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ
|
جَرْداءَ يَحْصَرُ دُونَها جُرَّامُها
|
أَسْهَلْتُ وَانْتَصَبَت كَجِذْعِ مُنِيفَةٍ
|
حتّى إِذا سَخِنَتْ وَخَفّ عِظامُها
|
رَفّعْتُها طَرْدَ النّعامِ وَشَلهُ
|
وَابْتَلَّ مِن زَبَدِ الحَمِيمِ حزَامُها
|
قَلِقَتْ رِحَالَتُها وَأَسْبَلَ نَحْرُها
|
ورْدَ الْحَمامَةِ إِذْ أَجَدَّ حمامُها
|
تَرْقَى وَتَطْعَنُ في الْعِنانِ وَتَنْتَحِي
|
تُرْجَى نَوَافِلُها ويُخْشى ذَامُها
|
وَكَثِيرَةٍ غُربَاؤُها مَجْوُلَةٍ
|
جِنُّ الْبَدِيِّ رَوِاسياً أَقْدَامُها
|
غُلْبٍ تَشَذَّرُ بالدُخولِ كأنّها
|
عِندِي ولم يَفْخَرْ عَلَيَّ كِرامُها
|
أَنْكَرْتُ باطِلَها وُبؤْتُ بِحَقِّها
|
بِمَغَالِقٍ مُتَشابِهٍ أَجْسامُها
|
وَجزُورِ أَيْسارٍ دَعَوْتُ لِحَتْفِها
|
بُذِلَت لجيرانِ الَجميعِ لحِامُها
|
أَدْعُو بِهِنَّ لِعَاقِرٍ أَوْ مُطْفِلٍ
|
هَبَطَا تَبالَةَ مُخْصِباً أَهْضامُها
|
فَالضَّيْفَ وَالجارُ الَجنِيبُ كَأَنَّما
|
مِثْلِ الْبَلِيَّةِ قالِصٍ أَهْدامُها
|
تأوِي إِلى الأطْنابِس كلُّ رِذِيَّةٍ
|
خُلُجاً تُمَدُّ شَوارِعاً أَيْتامُها
|
وُيكَلِّوُنَ إِذَا الرِّيَاحُ تَناوَحتْ
|
مِنّا لزِازُ عَظِيمَةٍ جَشَّامُها
|
إِنّا إِذا الْتَقَتِ المجامِعُ لَمْ يَزلْ
|
ومُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِها هَضّامُها
|
وُمقَسِّمٌ يُعْطِي الْعشِيرةَ حَقَّها
|
سَمْحٌ كَسُوبُ رَغائِبٍ غَنّامُها
|
فَضلاً وذُو كرمٍ يُعِينُ على النَّدى
|
ولِكُلِّ قَوْمٍ سُنّةٌ وإِمامُها
|
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آباؤهُمْ
|
إِذْ لا يَميلْ مَعَ الْهوى أَحْلامُها
|
لا يَطْبَعُون ولا يَبُورُ فَعالُهُمْ
|
قَسَمَ الَخلائِق بَيْنَنا عَلاُمها
|
فَاقْنَعْ بما قَسَمَ الَملِيكُ فإِنّما
|
أَوْفَى بِأوْفَرِ حَظّنا قَسّامُها
|
وَإِذا الأَمانةُ قُسِّمَتْ في مَعْشَر
|
فَسَما إِلَيْهِ كَهْلُها وغُلامُها
|
فَبَني لَنا بَيْتاً رَفِيعاً سَمْكُهُ
|
وهُمُ فَوارِسُها وَهُمْ حُكّامُها
|
وهُمُ السّعادةُ اذَا الْعَشيرَةُ أُفْظِعَتْ
|
والُمرْمِلاتِ إِذا تَطاوَلَ عامُها
|
وهُمُ رَبيعٌ للْمُجاوِرِ فِيهِمُ
|
أَوْ أَنْ يَميلَ مَعَ الْعَدُوِّ لِئَامُها
|
وهُمُ الْعَشِيرَةُ أَنْ يُبَطِّىْءَ حاسِدٌ
|