أعاذلَ قُومي فاعذلي الآنَ أوْ ذَري |
فلستُ وإنْ أقصرتِ عنّي بمقصرِ |
أعاذِلَ لا واللهِ ما منْ سلامة ٍ |
وَلَوْ أشفقتْ نَفْسُ الشّحيحِ المُثمِّرِ |
أقي العِرْضَ بالمَالِ التِّلادِ وأشْتَري |
بهِ الحَمدَ إنَّ الطّالبَ الحمدَ مُشترِي |
وكَمْ مُشترٍ من مالِهِ حُسنَ صِيِتهِ |
لأيّامِهِ في كُلِّ مَبْدى ً ومَحْضَرِ |
أُباهي بهِ الأكفاءَ في كلِّ مَوْطِنٍ |
وأقضي فُرُوضَ الصَّالحينَ وَأقْتَرِي |
فإمّا تريني اليومَ عندكِ سالِماً |
فلستُ بأحْيا مِنْ كلابٍ وجعفرِ |
وَلا منْ أبي جزءٍ وجاريْ حمومة ٍ |
قَتيلِهِمَا والشّارِبِ المُتَقَطِّرِ |
ولا الأحْوَصينِ في لَيالٍ تتابعَا |
وَلا صاحبِ البَّراضِ غيرِ المغمَّرِ |
وَلا مِنْ رَبيعِ المقترينَ رزئْتُهُ |
بذي علقٍ فاقنيْ حياءَكِ واصْبرِي |
وقيسِ بنِ جزءٍ يومَ نادى صحابهُ |
فعاجُوا عليهِ من سواهمَ ضمَّرِ |
طوتْهُ المَنَايَا فوقَ جرداءَ شطبة ٍ |
تَدِفُّ دَفيفَ الرَّائحِ المُتَمَطِّرِ |
فباتَ وَأسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَيلِهِمْ |
وما كانَ وقّافاً بدارِ معصّرِ |
وبالفُورَة ِ الحَرَّابُ ذو الفَضْلِ عامِرٌ |
فَنِعْمَ ضِياءُ الطّارِقِ المُتَنَوِّرِ |
ونِعْمَ مُنَاخُ الجارِ حَلَّ بِبَيْتِهِ |
إذا ما الكعابُ أصبحتْ لم تسترِ |
ومَنْ كانَ أهلَ الجودِ والحزْمِ والندى |
عُبَيْدَة ُ والحامي لَدَى كلِّ محْجَرِ |
وَسَلْمَى ، وسَلمَى أهلُ جودٍ ونائلٍ |
متى يدعُ مولاهُ إلى النصرِ ينصرِ |
وبَيْتُ طُفَيْلٍ بالجُنَيْنَة ِ ثاوِياً |
وبَيتُ سُهَيْلٍ قد علِمتِ بصَوْءَرِ |
فلمْ أرَ يوْماً كانَ أكثرَ باكياً |
وحسناءَ قامتْ عن طرافٍ مجوّرِ |
تَبُلُّ خُمُوشَ الوَجهِ كلُّ كريمَة ٍ |
عَوانٍ وبِكْرٍ تَحْتَ قَرٍّ مُخَدَّرِ |
وبالجرِّ مِنْ شرقيِّ حرسٍ مُحاربٌ |
شُجاعٌ وذو عَقْدٍ منَ القَوْمِ مُحتَرِ |
شهابُ حُروُبٍ لا تَزالُ جِيادُهُ |
عَصائبَ رهْواً كالقَطا المُتَبَكِّرِ |
وصاحبُ ملحوبٍ فجعنَا بيومهِ |
وعندَ الرّداعِ بيتُ آخرَ كوثرِ |
أُولئِكَ فابكي لا أبَا لَكِ وانْدُبي |
أبَا حازِمٍ في كُلِّ يَوْمٍ مُذَكَّرِ |
فشَيَّعَهُمْ حَمْدٌ وزانَتْ قُبورَهُمْ |
سرارة ُ ريحانٍ بقاعٍ منوّرِ |
وشمطَ بني ماءِ السماءِ ومردَهُمْ |
فهَل بَعْدَهُمْ مِنْ خالدٍ أوْ مُعَمَّرِ |
وَمَنْ فادَ مِن إخوانِهِمْ وبَنيهِمِ |
كهولٌ وشبّانٌ كجنّة ِ عبقرِ |
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السّبيلِ عَلَيهِمِ |
بهيٌّ منَ السّلاّفِ ليسَ بحيدرِ |
فكائِنْ رَأيْتُ مِنْ بَهاءٍ ومَنْظَرٍ |
ومفتحِ قيدٍ للأسيرِ المكفّرِ |
وكائنْ رأيْتُ منْ ملوكٍ وسوقَة ٍ |
وراحلة ٍ شدّتْ برحْلٍ محبّرِ |
وأفنى بَناتُ الدّهرِ أرْبابَ ناعطٍ |
بمُسْتَمَعٍ دونَ السّماء ومَنْظَرِ |
وبالحارِثِ الحرابِ فجعنَ قومَهُ |
ولَوْ هاجَهُمْ جاءُوا بنَصْرٍ مُؤزَّرِ |
وأهلَكْنَ يوماً ربَّ كندَة َ وابنهُ |
وربَّ مَعَدٍّ بينَ خَبْتٍ وعَرْعَرِ |
وأعوَصْنَ بالدُّوميّ من رَأسِ حِصْنِهِ |
وأنزلْنَ بالأسبابِ ربَّ المشقرِ |
وأخلَفْنَ قُسّاً ليتني ولوَ أنّني |
وأعْيا على لُقْمَانَ حُكْمُ التّدَبُّرِ |
فإنْ تسألِينا فيمَ نحنُ فإنّنَا |
عَصافيرُ مِنْ هذا الأنامِ المُسَحَّرِ |
عَبيدٌ لحيّ حِمْيَرٍ إنْ تَمَلّكُوا |
وتَظلِمُنا عُمّالُ كسْرَى وقَيصرِ |
وَنَحْنُ وَهُمْ ملكٌ لحِميرَ عَنْوَة ً |
وما إنْ لَنا مِنْ سادَة ٍ غير حِميرِ |
تبَابِعَة سَبْعُونَ مِنْ قَبلِ تُبَّعٍ |
تولّوا جميعاً أزهراً بعدَ أزهَرِ |
نَحُلُّ بِلاداً كُلُّهَا حُلَّ قَبْلَنَا |
ونَرْجُو الفَلاحَ بَعْدَ عَادٍ وحِمْيرِ |
وإنّا وإخواناً لَنا قدْ تتابعُوا |
لكالمغتدي والرّائحِ المتهجّرِ |
هَلِ النّفْسُ إلاَّ مُتعَة ٌ مُستَعارة ٌ |
تُعَارُ فَتأتي رَبَّها فَرْطَ أشهُرِ |