محمد بن بطوطة

1304 ـ 1377م

هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن يوسف اللّواتي الطنجي، المعروف بابن بَطوطة. رحّآلة ومؤرخ وقاضي وفقيه مغربي لقب بامير الرحالين المسلمين. 

 

وُلِدَ في مدينة طنجة في المغرب، يوم الإثنين في 17 رجب سنة 703هـ (24 شباط) لعائلة عرف عنها عملها في القضاء.  

 

في فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325 وهو ابن 20 عاماً، أن يخرج حاجاً كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد الاسلام. وخرج من طنجة سنة 725 هـ فطاف بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن والبحرين و تركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين والجاوة وبلاد التتار وأواسطط  أفريقيا. واتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم - وكان ينظم الشعر - وأستعان بهباتهم على أسفاره. 

 

رحل ابن بطوطة ثلاث رحلات: أوّلها، وهي أطولها، بدأها في يوم الخميس الثاني من رجب سنة 725هـ (1325م) وانتهى منها يوم الجمعة أواخر شعبان، سنة 750 هـ.

 

في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر وفلسطين وسوريا و منها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة: 

"كان خروجي من طنجة مسقط رأسي في" يوم الخميس 2 رجب 725هـ / 1324م" معتمداً حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، منفرداً عن رفيق آنس بصحبته، وركب أكون في جملته، لباعث على النفس شديد العزائم، وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة... فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور، وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور، وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصباً، ولقيت كما لقيا نصباً." 

 

وينكفىء ابن بطوطة راجعاً من رحلته الأولى عن طريق سومطرة، فالهند، فاليمن، فبلاد العجم، فالعراق، فالشام، فمصر، إلى أن يصل مكة في 22 شعبان سنة 749 هـ، فيقيم فيها إلى موسم الحجّ. ويحجّ للمرة السادسة، ثم يسافر إلى المدينة المنوّرة، ومنها إلى القدس.  

 

من خلال زيارته للقدس، ذكر المسجد المقدس خلال قوله: "وهو من المساجد العجيبة الرائقة الفائقة الحسن، يقال: إنه لا يوجد على وجه الأرض مسجد أكبر منه، وإن طوله من شرق إلى غربي سبعمائة واثنتان وخمسون ذراعاً بالذراع المالكية وعرضه من القبلة إلى الجوف أربعمائة ذراع وخمس وثلاثون ذراعاً في جهاته الثلاث، وأماالجهة القبلية منه فلا علم بها إلا باباً واحداً، وهو الذي يدخل منه الإمام، والمسجد كله فضاء وغير مسقف في النهاية من إحكام الفعل وإتقان الصنعة مموه بالذهب والأصبغة الرائقة، وفي المسجد مواضع سواه مسقفة". 

 

وذكر قبة الصخرة بقوله: "وهي من اعجب المباني وأتقنها وأغربها شكلاً. وقد توفر حظها من المحاسن، وأخذت من كل بديعة بطرف، وهي قائمة على نشز في وسط المسجد، يصعد إليها في درج رخام. ولها أبواب. والدائر بها مفروش بالرخام أيضاً محكم الصنعة، وكذلك داخلها في ظاهرها وباطنها من أنواع الزواقة ورائق الصنعة ما يعجز الواصف.. وأكثر ذفك مغشى بالذهب فهي تتلألأ أنوارأص، أو تلمع لمعان البرق. يحار بصر متأملها في محاسنها، ويقصر لسان رائيها عن تمثيلها. وفي وسط القبة الصخرة الكريمة إلتي جاء ذكرها في الآثار. فإن النبي صلى الله عليه وسلم عرج منها إلى السماء. وهي صخرة صماء، ارتفاعها نحو قامة. وتحتها مغارة مقدار بيت صغير. ارتفاعها نحو قامة أيضاً ينزل إلها على درج. وهنالك شكل محراب. وعلى الصخر شباكان اثنان محكما العمل، يغلقان عليهما أحدهما، وهو الذي يلي الصخرة من حديد بديع الصنعة والثاني الخشب. وفي القبة درقة كبيرة من حديد، معلقة هنالك. والناس يزعمون أنها درقة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه".  

 

ومن البيت المقدس انتقل ابن بطوطة إلى مصر وينتهي عائداً إلى المغرب بعد أن غاب عنه 25 سنة، فيدخل فاس في أواخر شعبان عام 1349م. 

 

لم يستقرّ ابن بطوطة بعد رحلته الأولى هذه، حتى عاد، فبدأ رحلته الثانية في مملكة غرناطة بالأندلس. 

 

خرج ابن بطوطة في هذه الرحلة من بلدة طنجة، فمرّ بِسَبْتَة وجبل طارق ولقي بها من الأعلام أبا القاسم الشريف، وأبا سعيد بن لب وأبا البركات بن الحاج، وأبا القاسم بن عاصم وغيرهم. 

 

وعاد ابن بطوطة إلى فاس، فلم يلبث أن شرع في رحلته الثاّلثة إلى بلاد السودان. وفي سجلماسة أخذ أهبته لهذه الرحلة، وذلك في غرة محرم فاتح سنة 753 هـ. فبعد 25 يوماً، وصل إلى تغازي، وهي قرية الملح، بناؤها من أحجار الملح المسقّفة بجلود الجمال. وبعد استراحة عشرة أيام استأنف الرحلة عبر الصحراء، وكانت رحلته شاقّةً ومحفوفةً بالمخاطر، وأخيراً وصل إلى مدينة أبو الأتن، أول عمالة السودان، ثم خرج منها، متوجّهاً صوب مالي عاصمة البلاد، ثم توجه إلى تمبكتو، ومنها إلى تكدا، ووصل في تنقلاته بين هذه المدن إلى نهر النيجر. 

 

وبينما هو في تكدا، وافاه أمر السلطان أبي عنان بالرّجوع إلى المغرب، فَكَرَّ راجعاً إلى سجلماسة من طريق توات. وفي نهاية عام 754هـ وصل إلى فاس بعد أن قضى في هذه  الرحلة عامين كاملين. 

 

أمره السّلطان بإملاء رحلته على الكاتب أبي عبد الله بن جزي، فقام هذا بما كُلّف به من ضمّ أطراف الرحلة وترتيبها وتصنيفها وتهذيبها، وسمّاها: " تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".

 

سافر ابن بطوطة ما مجموعه تقريباً (120.701 كم) ، وهذه قائمة بالأماكن التي زارها : 

المغربطنجة ، فاس  

الجزائرتلمسان ، مليانة ، الجزائر ، ميتيزا ، جرجورة ، بيجاية ، قسنطينة ، عنابة  

تونستونس - في ذلك الوقت أبو يحيى (ابن أبو زجاريا) كان سلطان تونس، صفاقس ، سوسة ، قابس  

مصرالأسكندرية ، قرية تروجة "علي مسيرة نصف يوم من الأسكندرية" ، دمنهور ، فوه "وهذة مدينة عجيبة المنظر حسنة المخبر بها البساتين الكثيرة بها قبر الولي أبي النجاة  " ، دمياط ، فارسكور ، اشمون الرمان "نسبة الي الرمان لكثرة بها" ، سمنود ، القاهرة "كانت تدعي مصر في سيرة ابن بطوطه"  

 

الجزيرة العربية: جدة - ميناء مهم للحجاج إلى مكة، مكة - المخطط الرئيسي لرحلة ابن بطوطة كان للحج إلى مكة. وفي ذكره مدينة مكة المعظمة في كتابه: "وهي مدينة كبيرة متصلة البنيان مستطيلة، في بطن وادٍ تحف به الجبال، فلا يراها قاصدها حتى يصل إليها. وتلك الجبال الملطة عليها ليست بمفرطة الشموخ. والأخشبان من جبالها هما جبل أبي قبيس، وهو في جهة الجنوب والشرق منها، وجبل قعيقعان، وهو في جهة الغرب منها، وفي الشمال منها الجبل الأحمر. ومن جهة أبي قبيس أجياد الأكبر، وأجياد الأصغر، وهما شعبان والخندمة، وهي جبل، وستذكر. " والمناسك كلها: منى وعرفة والمزدلفة " بشرقي مكة شرفها الله. ولمكة من الأبواب ثلاثة: باب المعلى بأعلاها، وباب الشبيكة من أسفلها، ويعرف أيضاً بباب العمرة، وهو إلى جهة المغرب، وعليه طريق المدينة الشريفة، ومصر والشام وجدة. ومنه يتوجه إلى التنعيم، وسيذكر ذلك،وباب المسفل، وهو من جهة الجنوب، ومنه دخل خالد بن الوليد رضي الله عنه يوم فتح مكة شرفها الله، كما أخبر الله في كتابه العزيز حاكياً عن نبيه الخليل بوادٍ غير ذي زرع. ولكن سبقت لها الدعوة المباركة، فكل طرفة تجلب إليها، وثمرات كل شيء تجبى لها. ولقد أكلت بها من الفواكه العنب والتين والخوخ والرطب ما لا نظير له في الدنيا، وكذلك البطيخ المجلوب إليها لا يماثله سواه طيباً وحلاوة، واللحوم بها سمان لذيذات الطعوم. وكل ما يفترق في البلاد من السلع، فيها اجتماعه. وتجلب لها الفواكه والخضر من الطائف ووادي نخلة وبطن مر، لطفاً من الله بسكان حرمه الأمين ومجاوري بيته العتيق". 

 

المدينة المنوّرة - المكان الذي زار ابن بطوطة قبر الرسول محمد ، رابغ - مدينة صغيرة شمال جدة على تطل على البحر الأحمر، ظفار ، البحرين ، الأحساء ، مضيق هرمز  

تركيا و شرق أوروبا: قونية ، أنطاليا ، بلغاريا - هدفه في الرحلة ، كما يذكر في كتابه أنه يود الذهاب إلى أرض الضلمات ، أزوف ، قازان ، نهر الفولغا ، اسطنبول  

ليبياطرابلس  

أسيا الوسطى : خورازم، خراسان ، كابول، البنجاب  

الهند: دلهي : عليباج - ابن بطوطة كان معجب بهذه المنطقة كما ذكر في كتابه.  

 

أماكن أخرى في أسيا: مينامار ، المالديف ، سريلانكا ، شاطئ الكورمانديل - في الهند ، نهر البراهمبوراتا - زار ابن بطوطة هذه المنطقة في طريقه إلى الصين ، نهر الميغنا - قرب دكا عاصمة بنغلاديش، سومطرة ، شبه جزيرة الملايو  

 

الصين: غوانغ جو  في إقليم غوانغ دونغ - كما أسماها في كتابه بمدينة الزيتون، هانغ جو  - في إقليم جه جيانغ - وقد أسماها في كتابه بمدينة الخنساء ، و قد ذكر أيضاً أنها أكبر مدينة في العالم في ذلك الوقت ، وقد إستغرق عبوره خلال المدينة ثلاثة أيام ، وهو شيء كبير حتى بالمقاييس الحاليّة، بكين - و قد ذكر ابن بطوطة في كتابه عن ترتيب المدينة ، و أناقتها الكبيرتان.  

 

الصومال: مقديشو  

جنوب أفريقيا: كلوة 

مالي: والاتا ، تمبكتو ، جاو 

 

من أخلاقه الأصيلة أنه كان سريع التّأقلم، ونعني به التّكيّف بطبيعة الإقليم الذي يستقرّ فيه، والإندماج في أهله ومجاراتهم في عاداتهم وتقاليدهم.

 

المراجع: كتاب: رحلة ابن بطوطة لابن بطوطة

 



طنجة
قبة الصخرة
فلسطين
القدس